الدعاية الكاذبة في الصحف اللبنانية مدعاة للسخط والاستغراب

بعد إعلان بروتوكولات تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا بدأت موجة من الدعاية الكاذبة في الصحف اللبنانية.

رغم أن تلك الدعاية تتم أحياناً عبر الإعلام دون أي تعليق، مع ذلك فالأمر يثير السخط إضافة الى أنه أمر مستغرب، بأن الصحف اللبنانية تصدر قبل أن يتم التأكد من مصداقية معلوماتها. فمن الواضح أن المصادر الوحيدة للصحافة اللبنانية هي وسائل الإعلام التركية والأذرية. ولكن يبقى على رؤساء تحرير الصحف اللبنانية ومسؤوليها التأكد قبل إصدارها.

أضف الى ذلك المقالة الصادرة يوم الأحد الماضي عن جريدة “النهار” بقلم الخبير الاقتصادي اللبناني مروان اسكندر حيث بدأ رحلته من بريطانيا منذ أيام وينستون تشرتشل الى أن وصل الى الأزمة اللبنانية الحالية ثم تركيا وأوضاعها الداخلية وثم مقارنات بين الأنظمة في لبنان وتركيا، وبعدها انتقل الى العلاقات الأرمنية – التركية والمبادرات الايجابية التي اتخذتها تركيا مع جيرانها وخاصة مع سوريا وأرمينيا وإقامة علاقات جيدة وحل المشاكل. فكتب يقول: “بادرت الحكومة التركية الى اتخاذ مبادرات مهمة على صعيد علاقات تركيا مع جيرانها، وأخصها سوريا، ومع المشاكل العالقة منذ 90 سنة مع الشعب الارمني، فوقعت اتفاقاً مع جمهورية أرمينيا سيمهد لعلاقات دبلوماسية طبيعية بينهما. وجدير بالذكر في هذا المجال ان اتفاق تركيا وجمهورية ارمينيا يؤدي الى تسوية أوضاع منطقة ناغورني – كاراباخ التي شهدت حربا شعواء بين أرمينيا واذربيجان عام 1992 ارتكب خلالها الأرمن مجازر حقيقية في حق الشعب الاذري المسلم”. ثم تحدث مروان اسكندر عن موضوع تأثيرات الاتفاق بين أرمينيا وتركيا ملمحاً الى مسألة اتفاقات تتيح مد خطوط نفط من أذربيجان مرتبطة بشبكة خطوط النفط الروسية الى تركيا ليصل الغاز والنفط الروسي الى البلدان الاوروبية، وحتى الى بلدان الشرق الاوسط مثل سوريا ولبنان.

وحاول الكاتب عبثاً أن يجد صلة وصل بين رئيس وزراء بريطانيا وينستون تشرتشل والوزير المكلف بشؤون الاتصالات جبران باسيل. وبذلك أشار الى أنه بالرغم من دور تشرتشل في تأمين الانتصار بعد الحرب العالمية الثانية إلا أنه خسر الانتخابات وغاب عن شاشة السياسة البريطانية.

ثم انتقل كاتب المقالة للحديث عن لبنان وخاصة عن جبران باسيل الذي يحظى، في نظر الجنرال ميشال عون، بتقدير يفوق أي تقدير حظي به تشرشل، – برأي اسكندر.

ثم مدح الكاتب تركيا واعتبرها دولة متقدمة حيث يحكم تركيا حزب حاز على نسبة 55 في المئة من الشعب إلا أنه لم يتمكن من اتخاذ قرارات حاسمة.  

بذلك حاول الكاتب المقارنة بين الأنظمة في لبنان وتركيا متأسفاً بأن الأكثرية في لبنان لا تستطيع اتخاذ قرارات هامة بشأن الأمن والاستقرار في البلد كمثيلتها في تركيا.

إضافة الى أن المقالة تلامس حد عدم الفهم والخلط بالأفكار والآراء، فهي مليئة بوجهات نظر أحادية الطرف وتناقضات ومواقف غير منطقية.

ولكن قبل كل ذلك، تتسلط الأضواء على جملة “ارتكب الأرمن مجازر حقيقية في حق الشعب الاذري المسلم”. إن نشر هذا السطر بالذات يعتبر خطأ فادحاً بالنسبة للصحافة اللبنانية، خاصة وأن الصحافة العالمية قد تطرقت الى نزاع ناغورني كاراباخ وحقائق هذه الحرب.

لكن الغريب في الأمر أن الخبير الاقتصادي اللبناني مدح تركيا متناسياً أن تركيا هي ذاتها التي قتلت شعبه وسيطرت على أراضيه.

إنه أمر مثير للسخط أيضاً لأن مروان اسكندر يظهر في موقع المتأسف لأذربيجان معتبراً الأرمن مرتكبي مجازر، بينما يبدو هو غير ملمّ بنزاع كاراباخ، كما أنه يعيش جنباً الى جنب مع عدد كبير من الأرمن لم يرفعوا السلاح ولا مرة في وجه إخوانهم، بل قاموا ببناء لبنان …

ن. ب.
ترجمة أزتاك الملحق العربي

Share This