عندما ينقلب الجاني على الضحية في الإعلام

قام 50 عضواً من شبان المنظمات الشبابية الأرمنية في لبنان، يوم السبت 12 شباط 2011، بالدخول الى صالات معرض للمنتجات النسيجية في “البيال”، ووزعوا على الحضور منشورات تشجع المنتجات الوطنية المحلية، وتحث على مقاطعة المنتجات التركية.

وخلال ذلك، وأمام هذا التعبير الحضاري من قبل الشبان الأرمن للتعبير عن موقفهم من التغلغل التركي في لبنان والبلاد العربية، قام عدد من رجال الأعمال الأتراك بالرد على طريقتهم باسلوبهم الهمجي والمواجهة والتدافع أمام أعين قوى الأمن اللبنانية.

وجاء على موقع “للنشر” اللبناني أنه “… دخل الى المعرض مجموعة من الشبان والشابات الأرمن مرتدين قمصان مكتوب عليها عبارات تؤيد القضية الأرمنية ليقوموا بتوزيع عدد من المناشير على الحاضرين إثباتاً لوقفهم الرافض لعدم إعتراف الأتراك بالمجزرة الأرمنية.. وعلى الأثر تدخل عدد من رجال الأمن من البيال ليقوموا بالاعتداء على شباب عزّل أرادوا إيصال الصوت بشكل ديمقراطي! وبعدها قام رجال الأمن بطرد هؤلاء الشباب بأسلوب غير لائق وأمام أنظار عناصر قوى الأمن الداخلي الذين لم يتحرّكوا لردع الاعتداء على الشباب..”.

كما أوردت “النشرة” اللبنانية تحت عنوان “تجار أتراك يعتدون على شباب أرمن بـ”البيال” بسبب توزيع مناشير” أنها علمت بأن 50 شاباً من حزب “الطاشناق” حضروا الى قاعة المعارض في “البيال” حيث كان هناك معرض للمنتوجات التركية ووزعوا مناشير لتشجيع الصناعة الوطنية اللبنانية وبحسب المعلومات، فأثناء التوزيع بدأ عدد من التجار الأتراك بضرب شباب “الطاشناق” أمام أعين رجال الأمن وأوقعوا منهم 3 جرحى”. وما يهمنا هو التوصيف السليم لحالة الشبان هنا وتصرفهم السلمي بالجملة التالية: “…وبحسب المصادر، تمكن الشباب من تسجيل صوتهم لتشجيع الصناعة اللبنانية ومقاطعة البضائع التركية”.

إلا أن العديد من الصحف والمواقع العربية والأجنبية أوردت الخبر كما يروق لها. تارة بموضوعية، وتارة أخرى دون إنصاف مع قلب الأدوار بين الجاني والضحية.

وهنا لا بد لنا أن ندرك مدى تأثر الاعلام العربي بالمصادر غير الموثوقة، وتأثريه في قلب الحقائق وتجاهله للأحداث أم جهله!.

فعلى سبيل المثال كتبت “الأنباء الكويتية” أن “رجال أعمال أتراك يتعرضون للهجوم من جانب أرمن في لبنان”. ويضيف الخبر أن صحيفة «ميلليت» التركية كشفت عن تعرض وفد من رجال الأعمال الأتراك للهجوم من جانب مجموعة من الأرمن في لبنان. وقالت الصحيفة أن مجموعة من الأرمن هاجمت معرض المنسوجات التركي، الذي أقيم في بيروت في الفترة من 10 إلى 12 فبراير الجاري، وأن المجموعة تتألف من نحو 60 شخصاً من الأرمن قامت بالاعتداء على رجال الأعمال الأتراك والعاملين بالمعرض في اليوم الأخير منه”.

في الحقيقة، لولا تدخل التجار الأتراك وتصرفهم الهمجي لما تطور الأمر من احتجاج شبابي سلمي الى إشكال وتضارب ووقوع جرحى. علماً أن الشباب كانوا يحملون منشورات كتب عليها عبارات حملت عناوين منها: “صنع في تركيا الإبادة والإجرام”، “قاطع البضائع التركية وساهم بدعم الاقتصاد اللبناني”، “أرفض التدخل التركي بالشؤون اللبنانية”.

وأمام هذا المشهد السلمي الحضاري من الشباب، بدأ الاعلام التركي والأذري يقلب الأحداث ويتبادل الأدوار من الجاني الى الضحية، ليبرز الحدث على نحو محرّف. وبعناوين كبيرة مثل “الأرمن يعتدون على الأتراك” حيث كتب أن الشبان الأرمن هم الذين اعتدوا على التجار الأتراك خلال المعرض، حتى أنه جرح أحد التجار، وأن الشرطة اعتقلت الشبان. هذا ما أوردته الصحافة التركية والأذرية… وما تناقلته بعض الصحف العربية، وللأسف حتى بعض الصحف الأرمنية منها… فكم يحتاج الاعلام الى الدقة والمصداقية لإبقاء الأدوار في أمكنتها دون قلبلها لئلا يحرف بذلك حقائق تاريخية…

17 شباط 2011

ملحق “أزتاك” العربي

Share This