حوار مع سفير جمهورية أرمينيا في لبنان

“ما يدعي للسخرية هو أن الإعلام الأذري يحاول دائماً

أن يرسم صورة أرمينيا وكاراباخ على أنها المعتدي والمهاجم”.

يقول سفير جمهورية أرمينيا في لبنان لجريدة “أزتاك”

عشية ذكرى أحداث سومغايت حاورت “أزتاك” سفير جمهورية أرمينيا في لبنان السيد أشود كوتشاريان، وكان الحوار التالي:

“أزتاك”- ماذا يعني تاريخ 1988 للشعب في كاراباخ الجبلية؟

أشود كوتشاريان – لقد سجل عام 1988 تحولاً كبيراً في تاريخ كاراباخ الجبلية. حيث رفع الشعب في أرتساخ صوته ليدافع عن حقوقه وحريته. لكن تلك الخطوات الحضارية والقانونية كان يتبعها ممارسات للعنف وخرق لحقوق السكان الأرمن بشكل واسع وعمليات قسر ومذابح وتعدي للديمقراطية وحصار اقتصادي. لقد شهدنا سياسة أعنف أشكال التطهير العرقي والتهجير. اضطر الشعب في كاراباخ الجبلية أن يدافع عن حقه في العيش الحر بالدم خلال الحرب المفروضة عليه.

لقد بدأ نزاع كاراباخ الجبلية قبل 23 عاماً، بالاحتجاجات السلمية من قبل الأرمن الذين أرادوا تقرير مصيرهم وحياتهم خارج سيادة أذربيجان. لقد غير الاضطهاد ضد الأرمن في سومغايت طبيعة النزاع في كاراباخ الجبلية.

“أزتاك”- وماذا حدث في سومغايت قبل 23 عاماً؟

أشود كوتشاريان – إن المذابح الذي جرت في 26-28 شباط من عام 1988 بحق السكان الأرمن في المدينة الصناعية الأذربيجانية سومغايت، هي النموذج لأول تجسيد لسياسة التطهير العرقي على الأراضي السوفيتية. لقد حدثت الجرائم ضد الأرمن قبل حتى حدوث المصيبة في البلقان. وخلفّت الهجمات البربرية والانتهاكات العشرات من القتلى. المئات من السكان الأبرياء جرحوا وأصيبوا بالتشوهات. اغتصبت النساء والفتيات القاصرات، وهجم الغوغائيون على مئات البيوت للعائلات الأرمنية، وسرقوا ونهبوا المحلات والمتاجر. وأتيحت الفرص لتغطية الجرائم المرتكبة وطمسها. لكن الدلائل الوثائقية وإفادات شهود العيان والوثائق تؤكد الخلاصة التي لاتقبل الدحض: بأن المذابح والجرائم  والاعتداءات جرت من قبل السلطات الأذربيجانية.

“أزتاك”- وهل لاقى ما جرى أصداء دولية؟

أشود كوتشاريان – طبعاً، كان من المستحسن أن يقوم الاتحاد السوفيتي المنهار بتقييم ذلك. للأسف، اكتفى نظام كورباتشوف بتقييم ما جرى على أنها “عمليات قام بها الغوغائيون”.

طبعاً، لاقت الأحداث بعض الأصداء من قبل باحثين معروفين وسياسيين وهيئات دولية. وعلى وجه الخصوص، فقد أدانت المحكمة الأوروبية التطهير العرقي ضد الأرمن في سومغايت وباكو. وفي عام 2006، تبنت قراراً يدين إتلاف الآثار الدينية والثقافية الأرمنية في ناخيتشيفان التي كان يقطنها الأرمن في السابق.

وأعلن جورج سوروس أن المذابح ضد الأرمن في أذربيجان تم تأجيجها من قبل مجموعات محلية منظمة من قبل رئيس أذربيجان لاحقاً حيدر علييف. وقال أندري ساخاروف المشهور عالمياً: “لا بد من محكمة عادلة لمجرمي سومغايت، ليس فقط من أجل إنقاذ جمهورية أذربيجان السوفيتية من المذلة، بل من أجل إنقاذ مستقبل البلد بأكمله”.

“أزتاك”- كيف جرت الأحداث اللاحقة؟

أشود كوتشاريان – استمرت الهجمات الأذربيجانية ضد السكان الأرمن على كافة أراضي البلاد. في أيار من عام 1988 تم تنظيم عمليات تهجير الأرمن من شوشي، التي كان ينطلق منها الضربات المدفعيو على استيباناكيرد على مدى السنوات اللاحقة. وفي شهري تشرين الثاني وكانون الأول عام 1988، جرت المذابح في باكو وكيروفاباد-كانتشا، شيماك وشيماكور وناخيتشيفان وغيرها. قتل الأرمن وجرح العديد منهم في قرية خوجالو. كانت الصحافة السوفيتية تصف هجوم المجرمين في دار العجرة في كيروفاباد وقتل العجزة العزل والمقعدين. في بداية عام 1990 أضحت عمليات الملاحقة والمذابح ضد الأرمن أكثر تنظيماً في باكو. وتم قتل المئات من السكان الأبرياء، وكانت الصحف يومياً تورد أنباء عن الفظائع التي لا توصف. كان القتل يجري يومياً أمام أعين السلطات المحلية. وكان عدد الأرمن اللاجئين والمهجرين من أذربيجان أكثر من 400 ألف. وكانت الأحوال تسوء في كاراباخ الجبلية و المناطق الأرمنية المجاورة. والجدير بالذكر عملية “الطوق” كإحدى الوسائل التأديبية ضد الشعب الأرمني الذي تم تنفيذه في نيسان عام 1991 من قبل كتائب القوات خاصة الأذربيجانية وقوى وزارة الداخلية في الاتحاد السوفيتي. وبحجة “تفتيش حالة الهويات” تم تنفيذ جريمة ارهاب دولة، التي كانت تهدف إزالة حركة كاراباخ وإفشال الوحدة الوطنية. و الضحايا كانوا من سكان قرى كيداشين وماردوناشين في منطقة خانلار. حيث جرت عمليات سلب ونهب وانتهاكات. تم تهجير سكان 24 قرية في كاراباخ خلال ثلاثة أسابيع. حدث الأمر ذاته في قريتين في خانلار و3 قرى في شاهوميان و15 قرية في هادروت و4 قرى في شوشي. قتل أكثر من مئة شخص في المنطقة الحدودية بين كاراباخ وأرمينيا، وتم أسر المئات غيرهم.  وفي السنوات اللاحقة، حاولت أذربيجان اجراء عمليات عسكرية واسعة ضد كاراباخ لكن فشلت في خططها المخادعة. فقد ردت القوى الدفاعية في كاراباخ على الجيش الأذري. الخسارة العسكرية أجبرت الأذريين التوقيع على اتفاقية وقف اطلاق النار مع أرمينيا وكاراباخ الجبلية، في بيشكيك عاصمة قرغزستان في 12 أيار عام 1994.

“أزتاك”- بعد كل ذلك، كيف يتم تقييم موقف أذربيجان الرسمي؟

أشود كوتشاريان – ما يدعي للسخرية هو أن أذربيجان بعد استقلالها مباشرة أفرجت عن المجرمين المحكومين وأعلنتهم أبطالاً قوميين بشكل علني. وكذلك ما يدعي للسخرية هو أن الإعلام الأذري يحاول دائماً أن يرسم صورة أرمينيا وكاراباخ على أنها المعتدي والمهاجم، وهم الذين اضطروا حمل السلاح لكي لا يقتلوا. الحقيقة هي أن الشعب الذي يعيش في كاراباخ مستعد دائماً للدفاع عن حق وجوده وقيمه وكنائسه وصلبانه الحجرية. اليوم، كاراباخ الجبلية هي دول ذات سيادة. ورغم كل الصعاب، والتجارب الصعبة يعيش كاراباخ وينمي مؤسساته الديمقراطية ويتطور في مجال الاقتصاد والثقافة ويدافع عن السلام. لابد أن يتوضح أمام المجتمع الدولي أن أذربيجان بدأت بالاعتداء العسكري ضد الشعب في كاراباخ الجبلية.

وبعد مرور 23 عاماً، نحني رؤوسنا أمام ذكرى ضحايا سومغايت الأبرياء، ونؤكد قناعتنا بأن الانسانية جمعاء سوف تقيّم بشكل لائق وتدين الفظائع والجرائم المرتكبة ضد الأرمن.

Share This