في ذكرى مجازر “خوجالي” المرتكبة بحق الأرمن عندما تحاك المجازر في الخفاء وتبث الإدعاءات المضللة

أورد موقع “ترند” الأذربيجاني خبراً على القسم الانكليزي مفاده أن سفارة أذربيجان في سوريا أقامت في 24 شباط احتفالاً بمشاركة ممثلين من الجالية الأذربيجانية والطلاب الأذريين الدارسين في سوريا، وذلك لإحياء الذكرى 19 لمأساة “خوجالي”.

ثم يأتي الخبر على ذكر معلومات مغالطة بأن القوات العسكرية الأرمنية اقترفت إبادة في خوجالي، وأن أكثر من 600 شخص قتلوا. وأنه تم اعتقال أكثر من ألف من السكان، إضافة الى أن المذبحة خلفت العديد من المفقودين والمصابين.

والمثير في الأمر أن الخبر جاء تحت عنوان “سوريا تكّرم ضحايا خوجالي”. والحقيقة هي أنه لم يكن يوجد أي حضور أو مشاركة لسوريا في الاحتفال. إنما الهدف من العنوان – وكالعادة- هو تهويل المذابح وإثارة فضول القراء وإقناعهم بأن العالم كله يحترم ويكرم الضحايا الأذريين الأبرياء.

وبعيداً عن التضليل الاعلامي، يمكن استخلاص ما يلي من تلك الأحداث التي دارت في شباط عام 1992:

  • استخدمت القيادة الأذرية خوجالو لقصف أهداف مدنية بالمدفعية وبشكل عشوائي.
  • تعمدت القيادة الأذرية منع المدنيين من مغادرة القرية.
  • فشلت القيادة الأذرية إعادة المدنيين القاطنين الى القرية، بعدما أعلنت عن اندلاع عملية عسكرية وشيكة
  • تبادلت القوات الأذرية إطلاق النار مع قوات الدفاع في كاراباخ الجبلية، ما أسفر عن وقوع جرحى في كلا الطرفين
  • أذربيجان هي المسؤول الوحيد عن قتل مئات المدنيين وتشويه الجثث الذي حدث في أغدام (قرب خوجالو) وهي منطقة تحت سيطرة القوات الأذرية.

أما دبلوماسياً، فلا بد التعرف الى بعض التفاصيل الهامة في الكتاب الذي أرسله السفير والممثل الدائم لأرمينيا أرمين مارتيروسيان إلى الأمين العام للأمم المتّحدة بتاريخ 8 آذار 2005. حيث قال: ” أكتب إليكم جواباً على الكتاب المؤرخ في 24 شباط 2005، والمرسل من قبل الممثل الدائم لأذربيجان إلى الأمم المتحدة بخصوص المأساة في خوجالي، والمتداول كوثيقة من وثائق الجمعية العامة ومجلس الأمن (1/59/713-س/2005/125). مرة جديدة تورط سفير أذربيجان، عبر نموذج من مسلك مألوف بقدر ما هو بغيض، في نشر نبأ مختلق وخادع كلّياً في شأن مأساة خوجالي، الهدف منه هو إخفاء الحقيقة وسياسة ارتكاب المجازر بحق الأرمن، التي خطط لها ببالغ الدقة ونفذها زعماؤها من 1988 إلى 1990 في كل من سومغايت، وكيروفاباد (كنجا) وباكو. في محاولة غدت ماركة مسجلة للزعامة الآذرية وارتقت إلى مصاف سياسة دولة، فإن الممثل الدائم لأذربيجان يتقدم باتهامات ملتوية ولا أساس لها من الصحة ضد بلادي، ناسياً بسهولة تامّة ان أحداث تلك السنوات وثّقها بوضوح شهود عيان، والآذري هو واحد منهم. كما صرّحت أرمينيا في مناسبات عدّة، وكما أود أنا أن أكرر هنا، فإن قوات جمهورية أرمينيا المسلحة لم تشارك قط في النزاع في كاراباخ الجبلية وحولها. إضافة إلى ذلك، لا يمكن أن تكون قوات مسلحة تابعة لأرمينيا المستقلة حديثاً قد شاركت في أحداث خوجالي في وقت لم تكن فيه تلك القوات تشكّلت بعد في 1992. إن استغلال ذاكرة الضحايا وعذاب الذين ظلوا أحياء، مهما بدا حقيراً وتجلى مخلاً بالآداب، بات الأداة الرئيسية للتركيبة الآذرية في مسعاها العقيم لستر حماقتها وعدم استعدادها للتفاوض بجدية بغية عقد اتفاقية سلام، من شأنها وضع حدّ نهائي للنزاع. أما بالنسبة لحقيقة ما جرى في خوجالي فقد تم تبيانه بوضوح في تقارير الآذريين الذين غطوا الحدث وكرّسوا وقتهم لها. وفي مقابلة أجرتها الصحافية التشيكية جانا مازالوفا في آذار 1992، صرّح رئيس أذربيجان يومذاك:“لقد حيكت المجازر في الخفاء“. أما في ما يخص ادعاء “التطهير العرقي” غير المثبّت والمسوق ضد أرمينيا والأرمن، فأود أن أعرض مثالاً واحداً يغني عن الكلام في حدّ ذاته. كانت خوجالي، استناداً إلى الاحصاء السوفياتي لعام 1926، قرية أرمنية بكاملها تضم 888 نسمة. في الستينات من القرن الماضي، ظهر السكان الآذريون الأوائل في خوجالي الأرمنية. وفي 1988، قتل من تبقى من الأرمن بصورة وحشية واقتيدوا خارج خوجالي. ووفقاً لإحصاء 1989، أصبحت خوجالي قرية آذرية بمجملها، وبلغ عدد سكانها 1661 نسمة. وكما صرّح عارف يونسوف في “مأساة خوجالي” في جريدة زركالو، من 13 إلى 19 جزيران 1992، كانت خوجالي مركز برنامج لإسكان آذري واسع (توماس ده فال، بلاك غاردن، “أرمينيا وأذربيجان في الحرب وفي السلم”، مطبعة جامعة نيويورك، 2003، ص 170). ان السياسة والإيديولوجيا الكامنتين وراءها كشف النقاب عنهما علييف، آخر رئيس لأذربيجان، أبان لقائه الصحافيين الآذريين في 22 تموز 2002، إذ قال: “لقد كنت أعمل على تغيير الوضع السكاني في كاراباخ الجبلية”…”.

في الحقيقة، ومنذ ذلك الحين، أخذت باكو على عاتقها تزوير كل الحقائق والوثائق المتعلقة بالكارثة الانسانية، ونشرت الرعب والكراهية ضد الأرمن أمام أعين المجتمع الدولي.

ومن الوسائل التي استخدمتها أذربيجان تزوير الصور، ما يثير التساؤل عن رغبتها في تسوية النزاع، وبذل الجهود للتواصل بين الشعبين الأذري والأرمني من أجل إحلال السلام بين أذربيجان وكاراباخ الجبلية.

فقد استخدمت أذربيجان صوراً من كوسوفو وضحايا الزلزال في تركيا عام 1983، وصور أصلية لأطفال جياع في أفغانستان، وكذلك صورة أصلية من مقاتلي حماس في فلسطين، ونشرتها على أنها صور لضحايا أذريين قتلوا على أيدي الأرمن.

في بداية 1992، استغلت أذربيجان منطقة “خوجالو” لقصف استباناكيرد، عاصمة جمهورية كاراباخ الجبلية، حيث دمرت المنازل والمدارس والمشافي والمباني الحكومية.

لقد حولت أذربيجان منطقة “خوجالو” الى منبر للقصف العشوائي. وبذلك منعت الوصول الى مطار كاراباخ، وهو المنفذ الوحيد الى الخارج، حيث يمكن استلام الأدوية والمؤن وغيرها.

والأهم أن خوجالو كانت تستخدم كنقطة مرتفعة من أجل سهولة ضرب المناطق المنخفضة في استيباناكيرد والقرى الأرمنية المأهولة. وبالتالي أضحت خوجالو هدفاً عسكرياً شرعياً بالنسبة لقوات الدفاع الأرمنية في كاراباخ من أجل إنقاذ المناطق المدنية الأرمنية.

من الواضح أن وسائل الإعلام الأذري -إضافة الى السفارات- تسعى جاهدة الى تضليل الإعلام عن الجرائم التي ارتكبتها أذربيجان في “أغدام” و”خوجالي”، وإبطال عملية الاعتراف الدولية بالإبادة ضد الأرمن. كان من الأجدر للموقع اختيار عنوان آخر للخبر دون تضليل ونفاق. ويبقى على القارئ العربي والغربي عدم الانجرار وراء الإعلام الكاذب والادعاءات التي تعتمدها أذربيجان لطمس الحقائق.

ملحق “أزتاك” العربي

27 شباط 2011

Share This