من أشهر نماذج الإبادة الجماعية والتطهير العرقي: مذابح الأرمن الأمم المتحدة تحيي اليوم الدولي لتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية

download

تحيي الأمم المتحدة لأول مرة اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة، ففي ايلول 2015 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتماد يوم 9 كانون الأول بوصفه يومًا دوليًا لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة. كما أن 9 كانون الأول يصادف الذكرى السنوية لاعتماد اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها. ويهدف هذا اليوم إلى زيادة الوعي باتفاقية منع الإبادة الجماعية وللإحتفاء بدورها في مكافحة ومنع هذه الجريمة ولتكريم ضحاياها.

وقد تم الاتفاق على قرار الجمعية العامة بإنشاء هذا اليوم بدون تصويت، حيث أجمعت الدول الأعضاء الـ193 على أن تأخذ كل دولة على عاتقها حماية سكانها من الإبادة الجماعية، والذي ينطوي على منع مثل هذه الجريمة ومنع التحريض عليها.

وأشار بان كي مون في رسالته بهذه المناسبة إلى أن اليوم، نحتفل لأول مرة من نوعه باليوم الدولي لإحياء وكرامة ضحايا جريمة الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة. وتتزامن هذه المناسبة أيضا مع الذكرى السنوية لاعتماد اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية في عام 1948.

وهذا هو الوقت المثالي لإعادة تأكيد التزامنا لمنع هذه الجريمة الدولية الخطيرة، تكريما لذكرى الضحايا، والتأكيد على الحق في سبل الانصاف والجبر، والمعترف بها في القانون الدولي.. إن منع الإبادة الجماعية يعني دفع المزيد من الاهتمام لعلامات التحذير، ويجري على استعداد لاتخاذ إجراءات فورية لمعالجتها، هذه هي روح حقوق الإنسان.إن الإبادة الجماعية وبعد كل شئ ليست جزءا من “تداعيات” عرضية للصراع؛ وفي معظم الأحيان هو منهجي ومخطط له مع أهداف محددة، ويمكن أيضا أن يأخذ مكان خارج حالات النزاع على مر الزمن.

وأضاف مون أن التعصب وكراهية الأجانب آخذة في الارتفاع في جميع أنحاء العالم اليوم لمرحلة خطير جدا. ونحن مقبلون على ديناميكية غالبا ما تستغل لتبرير استبعاد المجتمعات على أساس الأشكال المختلفة للهوية مثل الدين أو العرق أو غيرها، وإنكار المساعدة وتقييد حقوق الإنسان وارتكاب أعمال فظيعة من العنف.

إن منع الإبادة الجماعية هو التزام محدد بموجب القانون الدولي، كذلك جعلت محكمة العدل الدولية والهيئات القضائية الأخرى من هذا واضح جدا.. يجب على الحكومات أن تتصرف على هذا الإلزام من خلال الاستثمار في مجال الوقاية واتخاذ إجراءات وقائية.

ودعا مون في هذا الاحتفال الدولي الجديد، علينا أن ندرك ضرورة العمل معا على نحو أكثر تضافرا لحماية الأفراد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان واحترام إنسانيتنا المشتركة.

والابادة الجماعية مصطلح يطلق على سياسة القتل الجماعي المنظمة ـ وعادة ما تقوم به حكومات وليست أفرادً ـ ضد مختلف الجماعات..على المستويين الداخلي ضد شعوبها والخارجي ضد الشعوب الأخرى..ولم تختص جرائم الابادة الجماعية بديانة بعينها أو جنس بعينه.

اما التطهير العرقي فهو مصطلح يطلق على عملية الطرد بالقوة لسكان غير مرغوب فيهم من إقليم معين على خلفية تمييز ديني أو عرقي أو سياسي أو إستراتيجي أو لاعتبارات ايدولوجية أو مزيج من الخلفيات المذكورة،من خلال السجن، القتل أو التهجير الذي تقوم به مجموعة عرقية تشكل الغالبية على مجموعة عرقية أخرى تشكل الأقلية من أجل الحصول على مناطق تقطنها المجموعة الثانية التي تنتمي لها الأغلبية. وقد تكون عمليات التطهير العرقي وفي حالات عديدة مرافقة لمجازر ترتكب ضد الأقلية المستهدفة.

والفظاعات التي ارتكبت أثناء محاولات الإبادة لطوائف وشعوب على أساس قومي أو عرقي أو ديني أو سياسي، صنفت كـجريمة دولية في اتفاقية وافقت الأمم المتحدة عليها بالإجماع سنة 1948 ووضعت موضع التنفيذ 1951 بعد أن صادقت عليها 20 دولة.

وحتى الآن صادقت 133 دولة على الاتفاقية من بينها الاتحاد السوفيتي 1954، والولايات المتحدة، ومن الدول العربية صادقت المملكة العربية السعودية ومصر والعراق والأردن والكويت وليبيا والمغرب وسوريا وتونس.. ولم تصادق 50 دولة بينها قطر والإمارات العربية المتحدة وعمان وموريتانيا وتشاد.

وتتضمن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 (المادة 2) تعريفا للإبادة الجماعية بأنها أيا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بما في ذلك: قتل أعضاء من الجماعة؛ إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة ؛ إخضاع الجماعة، عمدًا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا؛ فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة؛ نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.

وتؤكد الاتفاقية أن الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في زمن السلم أو الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد الأطراف بمنعها والمعاقبة عليها (المادة 1). وتقع المسئولية الأساسية في منع الإبادة الجماعية ووقفها على عاتق الدولة التي تقع فيها هذه الجريمة.

وقام المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية بجمع قائمة بعلامات الإنذار التي تشير إلى تعرض مجتمع من المجتمعات لخطر الإبادة الجماعية أو الفظائع المشابهة.. وهي تشمل ما يلي: أن تكون للبلد حكومة شمولية أو قمعية لا تقبض على زمام السلطة فيها إلا فئة واحدة ؛ أن يكون البلد في حرب أو أن تسوده بيئة من عدم احترام القوانين يمكن أن تحدث فيها المذابح بدون أن تلاحظ بسرعة أو توثق بسهولة ؛ أن تكون جماعة أو أكثر من الجماعات الوطنية أو العرقية أو العنصرية أو الدينية هدفًا للتمييز أو تستخدم كبش فداء لتحميلها مسئولية الفقر أو غيره من المشاكل الاجتماعية التي تواجه البلد حاليًا ؛ أن يوجد اعتقاد أو نظرية تقول بأن الجماعة المستهدفة أقل من مستوى البشر، فهي “تجرد من الإنسانية” أعضاء هذه الجماعة وتبرر ارتكاب العنف ضدهم.

وتنشر الرسائل والدعاية التي تدعم هذا الاعتقاد من خلال وسائل الإعلام أو في التجمعات (“تجمعات الكراهية”) و”رسائل الكراهية”؛ أن يوجد قبول متزايد للانتهاكات المرتكبة ضد حقوق الإنسان للجماعة المستهدفة أو أن يوجد تاريخ من الإبادة الجماعية والتمييز ضدها. ويؤدي هذا إلى الاعتقاد بأنه إذا أفلت الآخرون بارتكاب الإبادة الجماعية في الماضي، فلن يكون هناك عقاب هذه المرة. وقد حددت منظمة رصد الإبادة الجماعية، وهي منظمة غير حكومية دولية، ثماني مراحل تؤدي إلى الإبادة الجماعية، تقول المنظمة “إن من الممكن اتخاذ تدابير وقائية خلالها جميعا”.
وترجع بدايات الحديث عن الجرائم ضد الإنسانية إلى الحرب العالمية الأولى، لكنها لم تصبح جزءا فعليًا من القانون الدولي إلا بعد الحرب العالمية الثانية، نتيجة للفظائع التي ارتكبت في هذه الحرب، مع أن الجرائم ضد الإنسانية، كما هي معروفة اليوم، هي ممارسات قديمة موغلة في قدمها في التاريخ، لكن محاولة تلمس طريقة لوقفها بدأت في الحرب العالمية الأولى.

إن تطور مصطلح الإبادة الجماعية مر بمراحل مختلفة تطور خلالها المصطلح، ففي عام 1900 ولد رافائيل ليمكين، والذي صاغ فيما بعد مصطلح الإبادة الجماعية. وتشير مذكراته إلى أن التعرض لتاريخ الهجمات العثمانية ضد الأرمن والتي تمثل في نظر الكثير من العلماء إبادة جماعية، والبرامج المضادة للسامية وحالات العنف ضد المجموعات، في المراحل المبكرة من حياته ساهم في تشكيل معتقداته حول الحاجة إلى الحماية القانونية للمجموعات.
وكان تولي أدولف هتلر لمنصب مستشار ألمانيا في 30 يناير 1933 إيذانا بسيطرة الحزب النازي على مقاليد الحكم في ألمانيا. وفي أكتوبر من نفس العام انسحبت الوفود الألمانية من مباحثات نزع السلاح في جنيف وأعقب ذلك انسحاب ألمانيا النازية من عصبة الأمم المتحدة.. وفي أكتوبرفي مؤتمر القانون الدولي بمدريد، اقترح رافائيل ليمكين تدابير قانونية لحماية المجموعات، غير أن اقتراحه لم يجد الدعم.

ونشبت الحرب العالمية الثانية في 1 سبتمبر 1939 إثر قيام ألمانيا بغزو بولندا مؤدية إلى إعلان كل من إنجلترا وفرنسا بموجب معاهدة بينهما الحرب على ألمانيا. وفي 17 سبتمبر من عام 1939، احتل الجيش السوفيتي النصف الشرقي من بولندا. فر ليمكين من بولندا عبر الاتحاد السوفيتي ليصل أخيرا إلى الولايات المتحدة. وفي 22 يونيو من عام 1941 غزت ألمانيا النازية الاتحاد السوفيتي.

ومع تقدم القوات الألمانية باتجاه الشرق، نفذت القوات العسكرية والبوليس والقوات الخاصة أعمالًا وحشية دفعت رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت، ونستون تشرشل، إلى أن يصرح في أغسطس 1941 قائلًا “نحن أمام جريمة لا أجد لها تسمية”. وفي ديسمبر 1941، دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء. وقد سمع ليمكين الذي وصل في عام 1941 إلى الولايات المتحدة كلاجئ حديث تشرشل، وقال فيما بعد /أن إدخاله لكلمة “إبادة جماعية” كان في جزء منه مدفوعًا بمقولة تشرشل/.

ولجأت القيادة النازية إلى مجموعة من السياسات المتعلقة بالكثافة السكانية والتي كانت تهدف إلى إعادة بناء التكوين العرقي لأوربا بالقوة، وذلك باستخدام القتل الجماعي كأداة.. وقد شملت هذه السياسات والتي من بينها القتل الجماعي محاولة قتل كل اليهود الأوروبيين، وهو ما يشار إليه الآن بالهولوكوست، ومحاولة قتل غالبية الغجر (روما) من سكان أوربا، ومحاولة التصفية الجسدية للطبقات القيادية في بولندا والاتحاد السوفيتي السابق.
كما تضمنت هذه السياسات العديد من سياسات إعادة التوطين محدودة النطاق والتي اشتملت على الاستخدام الوحشي للقوة والقتل واللذين ينظر إليهما الآن كشكلين من أشكال التطهير العرقي. وفي عام 1944 صاغ رافائيل ليمكين، والذي كان قد انتقل إلى واشنطن العاصمة وعمل مع وزارة الدفاع الأمريكية، مصطلح الإبادة الجماعية في مؤلفه حكم المحور في أوربا المحتلة وقد سجل هذا المؤلَف صور التدمير والاحتلال عبر المناطق التي استولت عليها ألمانيا.
وقامت المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرج في الفترة ما بين 20 نوفمبر 1945 و1 أكتوبر 1946 بمحاكمة 22 من كبار القادة الألمان النازيين بتهم الجرائم ضد السلام وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتآمر لارتكاب كل واحدة من هذه الجرائم. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها المحاكم الدولية كآلية لما بعد الحرب تعمل على إحضار القادة الوطنيين أمام العدالة… وقد كانت كلمة “إبادة جماعية” ضمن عريضة الاتهام، لكنها كانت مصطلحا وصفيا وليس قانونيا.

وكان رافائيل ليمكين قوة هامة في إدخال مصطلح “الإبادة الجماعية” أمام منظمة الأمم المتحدة المنشأة حديثا في ذلك الوقت، حيث كانت الوفود من أرجاء العالم تناقش مصطلحات لقانون دولي حول الإبادة الجماعية. وفي 8 ديسمبر 1948، تم تبني النص النهائي بالإجماع. وقد أصبحت اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع ومعاقبة الإبادة الجماعية سارية المفعول في 12 يناير 1951، بعد تصديق أكثر من 20 بلدًا حول العالم عليها.

وكانت الجرائم الشاملة ضد السكان المدنيين شائعة على نطاق واسع في الأعوام التي تلت الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب الباردة.. ونادرا ما كان يتم التطرق من قبل البلدان التي تعهدت بمنع ومعاقبة هذه الجريمة من خلال انضمامها إلى اتفاقية الإبادة الجماعية إلى ما إذا كانت هذه الجرائم تمثل إبادة جماعية.
وفي 5 نوفمبر من عام 1988، وقع الرئيس الأمريكي رونالد ريجان على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع ومعاقبة الإبادة الجماعية.. وكان هناك معارضون لهذه الاتفاقية بزعم أنها تنتهك السيادة الوطنية الأمريكية كما كان لها مؤيدوها. وكان السيناتور وليام بروكسماير من ويسكونسن من المؤيدين للاتفاقية بشدة وقد ألقى ما يزيد على 3000 خطاب مناصر للاتفاقية في الكونغرس في الفترة 1968-1987.

وردًا على الأعمال الوحشية التي ارتكبت في البوسنة، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 827، والذي يقضي بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة (ICTY) في لاهاي. وكانت هذه هي أول محكمة جنائية دولية منذ محكمة نورمبرج.. والجرائم التي يمكن للمحكمة نظرها والبت فيها هي، الانتهاكات الخطيرة لاتفاقيات جنيف 1949؛ وانتهاكات قوانين وأعراف الحرب ؛ والإبادة الجماعية ؛ والجرائم ضد الإنسانية. ويقتصر نطاق سلطة الاختصاص القضائي لدى هذه المحكمة على الجرائم التي ارتكبت في منطقة يوغسلافيا السابقة.
وتأسست المحكمة الجنائية الدولية سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء.. ويقع المقر الرئيسى للمحكمة في هولاندا لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاتها في أي مكان.. وتعمل المحكمة الجنائية الدولية على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخير.

فالمسئولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو 2002، تاريخ إنشائها، عندما دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ. وهي منظمة دولية دائمة، تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة فالمحكمة الجنائية الدولية هي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري.

وبلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة 121 دولة حتى 1 يوليو 2012 “الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس المحكمة”، وقد تعرضت المحكمة لانتقادات من عدد من الدول منها الصين والهند وأمريكا وروسيا، وهي من الدول التي تمتنع عن التوقيع على ميثاق المحكمة.تعد المحكمة الجنائية هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة، من حيث الموظيفين والتمويل، وقد تم وضع اتفاق بين المنظمتين يحكم طريقة تعاطيهما مع بعضهما من الناحية القانونية.

ومن أشهر نماذج للابادة الجماعية والتطهير العرقي: “مذابح الأرمن”، لا يزال ما تعرض له الأرمن في تركيا مطلع القرن الماضي مع بداية انهيار الإمبراطورية العثمانية، محل جدل واسع. ويطلق الأرمن على عمليات القتل التي تعرضوا لها آنذاك، وصف الإبادة الجماعية في حين ترفض تركيا هذا التوصيف.

وترفض تركيا حتى الآن الاعتراف بأن المجازر التي راح ضحيتها 1.5 مليون شخص، كانت عملية تصفية ممنهجة نفذتها السلطنة العثمانية، كما ترفض وصفها بـالإبادة. وتؤكد تركيا أن عدد الأرمن الذين قضوا في تلك الفترة يقارب نصف مليون، وأنهم قضوا نتيجة للجوع أو في معارك وقفوا فيها مع روسيا، عدوة السلطنة العثمانية، في الحرب العالمية الأولى.

وهناك تاريخ طويل لإنكار الأتراك لمذابح الأرمن، سواء قبل أو بعد إعلان الجمهورية التركية عام 1923. وفي حال اعترفت تركيا بأنها ارتكبت مذابح سيكون لزاما عليها صرف “تعويضات بالأراضي” في شرق تركيا للأرمن، إلى جانب التعويضات المادية، ومن الممكن في هذه الحالة أن يكون هناك تواصل بين حدود أرمينيا وبعض الأراضي التركية في الشمال الشرقي وفي الشرق، وهذا بالطبع سيهدد وحدة الأراضي التركية”.

الهولوكوست “محرقة اليهود”، يرى أصحاب أسطورة الـهولوكوست بأن النازيين قاموا بإبادة اليهود في أوربا الشرقية خلال الحرب العالمية الثانية بواسطة أفران غاز كبيرة، وتم حرق وإبادة نحو 6 ملايين يهودي، إلا إن الادعاء لا يستند على أي دليل. فيما يرى بعض المؤرخين أن الهولوكوست كانت حملة منظمة على نطاق واسع استهدفت من تم اعتبارهم دون البشر في عموم أوربا التي كانت تحت الهيمنة النازية، وقد ارسلوا إما إلى معسكرات العمل أو معسكرات الإبادة، وهناك أرقام عليها الكثير من الجدل وهي من 5 إلى 7 ملايين يهودي منهم 3 ملايين في بولندا وحدها.
ورغم استخدام الإبادة النازية ليهود أوربا بين مبررات أخرى لإقامة دولة إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، فهي جريمة ضد الإنسانية، لا يقلل من بشاعتها عدد أقل من الضحايا، فالعدد دائمًا مسألة خلافية غير محسومة لصعوبة الوصول للأعداد الحقيقية. كما لا يقلل من بشاعة الجريمة أنها لم تكن موجهة لليهود فقط، أو نوعية الوسائل المستخدمة في القتل، بالغاز أو بالحرق أو رميًا بالرصاص أو بالغارات الجوية، أو ترك الأسرى للجوع والعطش في معتقلات تفتقد جميع الخدمات الصحية، مما أدى لفتك الأوبئة بهم.

“مجزرة هيروشيما ونجازاكي”، في شهر أغسطس عام 1945 ومع قرب نهاية الحرب العالمية الثانية، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بقصف مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين بالقنابل النووية.. هذه العملية جاءت نتيجة لرفض رئيس الوزراء الياباني تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام الذي يشير إلى إعلان اليابان استسلامها بشكل كامل دون أي شروط.
قام الرئيس الأمريكي هاري ترومان بإصدار أمر بإلقاء قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما ونجازاكي لإجبار اليابان على قبول شروط المؤتمر. تسببت القنبلتان في مقتل 140 ألف شخص في مدينة هيروشيما و80 ألف شخص في مدينة نجازاكي، نصف هؤلاء ماتوا نتيجة لحظة الانفجار، فيما مات 20% منهم نتيجة تأثرهم بالجروح والحروق والصدمات المختلفة. أما الباقي فمات نتيجة التسمم الإشعاعي وظهور السرطانات المختلفة.

وبالفعل أعلنت اليابان استسلامها بشكل تام بعد القنبلة الثانية على نجازاكي لتنتهي الحرب العالمية في منطقة المحيط الهادي بشكل رسمي. العديد من المنتقدين رأوا أن اليابان كانت ستستسلم عاجلًا أو آجلًا دون الحاجة لإطلاق القنبلتين النوويتين وقتل مئات الآلاف من المدنيين، حيث يرى هؤلاء أن هذا الأمر يرقى إلى جريمة حرب غير أخلاقية ويعتبر أحد أشكال الإرهاب الدولي.

“مذابح سيفو”، شنت القوات العثمانية سلسلة من العمليات الحربية بمساعدة مجموعات مسلحة شبه نظامية كردية استهدفت الآشوريين والكلدان والسريان في مناطق شرق تركيا وشمال غرب إيران. قتل في هذه العمليات مئات الآلاف من الآشوريين، كما نزح العديد من مناطقهم. يقدر الباحثون العدد الكلي للضحايا بنحو 250 – 500 ألف قتيل. نتيجة عدم وجود كيان سياسي يمثل الآشوريين في المحافل الدولية فإن هذه المجازر لم تحظَ بنفس الاهتمام الدولي الذي نالته مذابح الأرمن. تسمية هذه المجازر باسم “سيفو” والذي يعني في اللغة السريانية “السيف” جاءت كرمز للطريقة التي تم قتل بها غالبية الآشوريين المسيحيين.

جدير بالذكر أن مجازر الأرمن والآشوريين ونزوح غالبيتهم إلى مناطق مجاورة ساهم في تقليص عدد المسيحيين في تركيا من 33% إلى نحو 0، 1 %.

“مذابح القوزاق “، خلال الحرب الأهلية الروسية شارك البلاشفة في عملية إبادة جماعية ضد القوزاق البالغ عددهم نحو 3 مليون نسمة. التقديرات تشير إلى أن عدد القتلى وصل إلى 300 – 500 ألف نسمة. السياسة البلشفية خلال هذه الفترة تميزت بسياسة القمع والإبادة الجماعية للقوزاق، خصوصًا في منطقتي دون وكوبان. في الفترة بين عامي 1917 – 1933، هدفت هذه السياسة إلى إزالة القوزاق عرقيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا من الوجود.. وقد ذكر بعض المؤرخين أن عملية الإبادة الجماعية للقوزاق كانت محاولة جذرية للقضاء على الفئات الاجتماعية غير المرغوب فيها….

إن الخطوة الحاسمة على طريق منع الإبادة الجماعية إنما تتمثل في تحديد العوامل (أي الممارسات التمييزية) الموجودة في حالة معينة التي تؤدي إلى تفاوتات حادة في طرق إدارة مجموعات متنوعة من السكان، والبحث عن سبل للحد من هذه الأسباب، والقضاء في نهاية المطاف على الأسباب المحتملة للعنف الذي يفضي إلى الإبادة الجماعية. وحيث أن ما من بلد يتسم بالتجانس التام، فإن الإبادة الجماعية تشكل تحديا عالميا حقا.

البوابة نيوز

Share This