فيلم “مذكرات الريح” .. رحلة معاناة أرمينية بين تركيا والاتحاد السوفياتي

memoriesofthewind_595470397

أفادت الجريدة الالكترونية المغربية Hespressبقلم الشيخ اليوسي أنه في آخر أيام المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، عرض فيلم “مذكرات الريح”، للمخرج التركي، أوزكان ألبير، ويحكي قصة “آرام”، المترجم والرسام، الأربعيني من أصل أرميني، في عز الحرب العالمية الثانية، حيث يضطر آرام للهرب إلى اسطنبول خوفا على حياته، فيختبئ في قرية غابوية بالقرب من الحدود السوفياتية، وتحديد جورجيا، غير أنه يقع في غرام زوجة المزارع الذي يستضيفه.

فبعد الملاحقات المتكررة واقتحام المطبعة التي كان يديرها هذا الأرميني الشيوعي، وضغط السلطات على المعارضين والأقليات من الأرمن واليهود، لدفع الضريبة على الثروة تحت طائلة التهديد بإرسالهم إلى معسكرات الأشغال الشاقة في عشقال وغيرها في حالة الامتناع عن دفع هذه الضريبة التي قد تتجاوز ثمن المنشأة نفسها، يضطر “أرام”، بمساعدة بعض أصدقائه، إلى الهرب إلى الحدود مع جورجيا، بعد يوم كامل من الإبحار بقارب صغير.

يصل “آرام” إلى قرية حدودية ويقيم عند المزارع ميكائيل، في بيت خشبي متواضع قرب النهر، قريبا من الحدود، على أمل التحاق صديقه به وعبور الحدود معا، لكن الظروف المناخية السيئة والأيام الماطرة حالت دون ذلك، ما اضطر “أرام”، الذي أعطاه مضيفه اسم “أحمد”، تمويها، إلى تمديد إقامته في القرية، فينغمس في استرجاع ذكريات طفولته والموت المفجع لأخته الصغرى “سوسن”، واعتقال والده، واكتشافه لخيانة والدته، محوّلا كل هذه الذكريات إلى لوحات فنية يطبعها الحزن، ويشتغل على الترجمة وتدوين مذكراته وبعض الشعر، وظن “آرام”، في البداية، أن الشابة الجملية “مريم”، التي تقيم مع مكائيل، هي ابنته، لفارق السن الكبير بينهما، لكنه اكتشف فيما أنها زوجته.

في إحدى المرات التي عزم فيها على الرحيل، وسار ومضيفه مسافة طويلة للتسلل إلى الحدود، اضطرته الثلوج والتعب الشديد، حد الإغماء، إلى العودة إلى بيت “مكائيل”.

وفي أحد الأيام ذهب “مكائيل” إلى المدينة للتبضع، وترك ضيفه مريضا مع زوجته التي اعتنت به، وأخذت تبحث في أمتعته، في غفلة منه، فوجدت أوراق هويته ورسوماته وصوره الشخصية والعائلية. وبعدما كان يكتفيان بالنظرات فقط في المرات القليلة التي التقيا فيها، ففي هذه الليلة الماطرة أخذت “مريم” تعزف على آلة موسيقية وتغني، وظل “آرام” يسترق السمع، إلى أن انتبهت لوجوده فتوقفت وارتبكت.

وبعدما قدمت له العشاء، وعلى ضوء مصباح تقليدي وموقد نار، جلست، فجلس إليها وتحدثا عن الجو السيئ المعيق لهروبه، فتسللت الألفة إليهما. وقْع أقدام، وصوت صهيل فرس “مكائيل” الذي عاد وحيدا، بعدما سقط صاحبه من عليه، غير بعيد من البيت، اضطرتهما إلى الخروج لاستقبال “مكائيل”، وإنهاء الحديث بينهما، عند هذا الحد.

تعذر على “آرام” السفر لأسبوع آخر، وتغير تعامل “مكائيل” مع زوجته، حيث بدأ يمنعها من الاستماع للموسيقى عبر أثير الراديو، والاكتفاء بالأخبار، بدعوى عدم استهلاك البطاريات.

بعد اعتقال بعض سكان القرية المهربين الصغار، بدعوى التجسس لصالح روسيا، وخوفا من انكشاف أمره الذي أخفاه عن الجميع، اضطر “مكائيل” إلى تدبر إقامة “آرام” في كوخ غابوي في ملكه، حيث الذئاب والكلاب تحيط به، فأعطاه مسدسا وأوصاه بالحذر، لأن السلطات حذرت سكان القرية، وأوصتهم بضرورة التبليغ عن كل غريب يظهر فيها، بدعوى أن عملاء روسيا أصبحوا كثرا وباتوا يتسللون لهذه المناطق.

أصبح “آرام” يبيت لياليه مفزوعا، في هذا الكوخ، وظل “مكائيل” يزوره ويزوده بالطعام والسجائر. يستبد الخوف بالمضيف، خوفا على ضيفه وعلى نفسه من الاعتقال بعدما طال زمن مكوثه عنده أكثر مما توقع.

في غيبة زوجها، تأخذ مريم الطعام وتذهب إلى “آرام”، لتجده شبه مغمى عليه، فتعتني به، وفي غمرة هذه العناية الخاصة من “مريم”، مارسا الجنس، في نشوة غامرة، وطدت الحب الذي نما بينهما.

عادت مريم إلى بيتها لتخبر زوجها برغبتها في عبور الحدود، المغلقة بسبب الحرب، مع “آرام” لرؤية والديها، ليستشيط عضبا، ويخبرها بتعذر ذلك، وبإمكانية أن يكون والديها قد رحلوا عن مقر إقامتهم بسبب ظروف الحرب. لكن “مريم” أخبرت “آرام”، في لحظة بوح، أنها لولا الظروف السيئة على الحدود، ما كانت لتبقى مع زوجها، الذي كانت تضمر له الكره.

على صفحات إحدى الجرائد التي لفت فيها الطعام، يقرأ “آرام” خبر موت أحد أصدقائه بمخفر الشرطة التركية، فتنتابه نوبة صرع، لا يستفيق منها إلا ليرسم ويتذكر ذكريات طفولته الحزين.

يهاجم جنود الحدود بيت “مكائيل”، بعد وشاية من أحد أفراد القرية، الذي كان برفقتهم، ليتبادل معهم “مكائيل” إطلاق النار، فيما أمر زوجته “مريم” بالتسلل من الباب الخلفي للبيت، واللحاق بـ”آرام” في الكوخ والهرب معه قبل حلول الجنود، مخبرا إياها بأن عبور الحدود أصبح ممكنا. يفارق “ميكائيل” الحياة إثر إصابته برصاصة في صدره، فتلتحق “مريم” بـ”آرام”، ويغادران في قارب صغير، لكن الجنود لحقوا بهما، وأطلقوا عليهما النار وهما يحاولان الابتعاد، فأصيبا وماتا متعانقين على متن القارب في عمق النهر.

Share This