فائز الغصين

فائز الغصين

يعتبر المحامي السوري فائز بن زعل الغصين (1883-1968) بحق رائد التاريخ لوقائع الإبادة الأرمنية عام 1915، إذ أن كتابه »المذابح في أرمينيا«1 صدر قبل مؤلفات برايس وتوينبى وغيرهما من شهود عيان للإبادة الأرمنية. وكرس لنفس الموضوع بعض الصفحات في كتابه الثاني »مذكراتي عن الثورة العربية«2. وبدون مبالغة يجب الإشارة أن معلومات فائز الغصين تعتبر حتى وقتنا هذا من أهم المراجع المكتوبة باللغة العربية.

ولد فائز الغصين في حوران بمنطقة اللجاة، وهو نجل رئيس عشيرة الصلوت، تلقى الدراسة الابتدائية في دمشق، ثم واصل تعليمه في الآستانة في مدرسة العشائر والمدرسة الملكية.

حتى الحرب العالمية الأولى عمل لبعض الوقت في مكتب والي دمشق، وتم بعدئذٍ تعيينه قائم مقام في ولاية خربوط (خاربيرت) معمورة العزيز3. بعد توليه لهذا المنصب بحوالي ثلاثة سنوات ونصف، عمل محامياً في دمشق، ثم انتخب في المجلس العام بدمشق كممثل حوران، وفيما بعد أصبح عضواً في لجنة المجلس المذكور. بعد إعلان الحرب العالمية الأولى عرضت عليه وظيفة القائم مقام السابق، لكنه رفض4.

في حزيران 1915 اعتقل بتهمة انتسابه لمنظمة سرية عربية معادية للأتراك العثمانيين. ومن أجل التحقيق في قضيته تم نقله إلى لبنان (بلدة عاليه)، حيث كانت المحكمة العرفية للإمبراطورية. وتم إطلاق صراحه لعدم وجود أدلة كافية ضده، وأسقطت الدعوى الجنائية بحقه، ولكن بأمر من جمال باشا تم نفيه إلى أرضروم.

مع اقتراب القوات الروسية من أرضروم، قرر والي دياربكر، رشيد بك بالاتفاق مع جمال باشا بإبقاء الغصين في دياربكر. وذلك في 12 آب عام 1915 حسب ما ذكره، حيث أمضى اثنين وعشرين يوماً في السجن. وبعد تقديمه للمحكمة العليا عدة مرّات تم إطلاق سراحه، ولكنه عدّ منفياً، وسمح له باستئجار بيت في دياربكر بشرط عدم مغادرة المدينة. وهناك عاش ستة أشهر ونصف حتى 27 شباط 19165.

خوفاً من انتقام جمال باشا وبعض الأتراك المتعصبين قرر فائز الغصين الهروب، وبعد مواجهته لمصاعب كبيرة وصل إلى ديرالزور، ومنها إلى بصرة وحتى الهند6. ثم عاد إلى الحجاز، وباشر نضاله ضد الحكم العثماني.

خلال الانتداب الفرنسي عمل الغصين في الهيئات القضائية بدمشق، وبعد تقاعده، عمل في مهنته المحاماة7.

في الهند، كما يبدو، بدأ بكتابة مؤلفه “المذابح في أرمينيا”، والذي لقي مباشرةً اهتمام خبراء الأرمن والأجانب المهتمين بموضوع الإبادة الأرمنية. وليس من المفاجأة أنه في فترة وجيزة تمت ترجمته إلى لغات أوروبية مختلفة ونشره بشكل واسع.

في هذا الخصوص كتب الباحث المصري في الشؤون الأرمنية الدكتور محمد رفعت الإمام أن هذا المؤلف للشاهد العيان فائز الغصين نشر في القاهرة في خريف عام 19168. وبهذا الصدد يذكر الغصين أنه خلال زيارته للقاهرة في شهر كانون الأول عام 1916، اهتم بطباعة هذا الكتاب9. الأمر الذي يؤكد افتراضنا أن هذا الكتاب نشر اولاً في القاهرة باللغة العربية، ومن ثم طبع بمختلف اللغات. وبعد إصداره ترجم في عام 1917 إلى اللغة الفرنسية في بومباي10، وبعد ذلك نشر في عشرينيات القرن الماضي عدة مرات باللغة الأرمنية. وآخر ترجمة من الفرنسية كانت للباحث الأرمني المصري ك. باصماجيان11.

مقتطف من كتاب شهود عيان عن الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية (مجموعة وثائقبمناسبة ذكرى مرور مئة سنة على الإبادة الأرمنية (1915-2015)”، إعداد وإشراف ودراسةالبروفيسور الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق-2014، حيث ينفرد موقع أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر مقتطفات منه.

1  فائز الغصين، المذابح في أرمينيا، حلب، 1991.

2  فائز الغصين، مذكراتي عن الثورة العربية، ج1، دمشق، 1956.

3 نفس المرجع، ص 35.

4 فائز الغصين، المذابح في أرمينيا، ص7.

5 فائز الغصين، مذكراتي، ج1، ص 73-78.

6 نفس المرجع، ص 159-160.

7 خير الدين الزركلي، الاعلام، ج5، بيروت 2002، ص125.

8 الدكتور محمد رفعت الإمام، القضية الأرمنية في المصادر العربية، 1878-1923. www.ancme.net/studies.407

9 فائز الغصين، مذكراتي، ج2، دمشق، 1970، ص308.

10 Faiez El-Ghocein, Temoignage d’un Arabe musulman Surl’innocence et le massacre des Armeniens. Trad. De l’Arabe par A. El-G, Bombay, 1917, 46p.

11 انظر، ترجمة ك.باصماجيان، القاهرة، 1960، ص46 (باللغة الأرمنية).

Share This