تحية لك يا حلب

download 

تحية لكم يا أيها الذين فضلتم البقاء بعناد وكبرياء متمسكين بتراب الوطن رغم أوجاعكم اليومية نتيجة قسوة المحنة المستمرة.

تحية لكم يا من تؤمنون بأن الأيام العسيرة تأتي وتنقضي.

تحية لكم يا من خصصتم في وجدانكم مكاناً واسعاً للموقف الانساني وأقنعتم أنفسكم وما زلتم بأن هجرتكم للبلد قد يكون فيها تخل عن والدين او صديق او عاجز تعرفونه او جار أو عزيز لكم.

تحية لكم أيها الأباء (الأرباب) الذين ما زلتم متمسكين ببيوتكم ودياركم وأشغالكم ومصدر رزقكم الحلال ومعيشتكم التي تعودتم عليها.

تحية لكن أيتها الأمهات المقاومات اللواتي تقفن الى جانب أزواجكن بكل تفانٍ وإخلاص في سبيل الحفاظ على عائلاتكن وحفظ سقوفكن وحماية مكتسباتكن.

تحية لكم يا أيها الذين ادركتم أن غالبية الذين غادروا الوطن يعانون بشدة وغير سعيدين في مكان إقامتهم الجبرية ويحلمون بالعودة الى أعشاشهم.

تحية لكم يا أصحاب النفوس النبيلة أصحاب المناصب والأفراد الذين تؤمنون ومقتنعون بأنكم في مغادرتكم تتخلون عن المنجزات العظيمة الذي تم إنشاؤها وتجهيزها بتعب ومشقة هائلتين خطوة خطوة وحجراً فوق حجر، لبناء المدارس والمنشآت الثقافية والدينية والملاعب والحياة الإجتماعية، وتخشون أن تكونوا مشاركين في إخماد المجتمع الناشط.

تحية خاصة لرواد التربية والتعليم الذين بقوا في مراكزهم حراساً لطلابنا وطالباتنا وفلذات أكبادنا الندية خوفاً من ضلالهم وتشتتهم وحفظاً لقيمهم المادية والمعنوية وسلامة الصحة النفسية وإحياء آمال المستقبل للجيل الصاعد في مواجهة الهمجية التي لم يحدث مثيل لها في التاريخ.

تحية لكم يا قادة الطائفة المدنية أو الدينية الذين وقفتم وصمدتم مع الشعب.

الدعوات بالرحمة والصلوات على أرواح إخواني واخواتي الشهداء الذين قضوا بسبب ويلات الحرب أو تمزقوا من تأثير الأسلحة المجنونة. فلترقد أرواحهم بسلام وتبقى ذكراهم خالدة.

تحية لكم يا إخواني الــــسوريين أينما كنتم صامدين في أرض الوطن على رغم ظروف الحياة الكارثية اليومية وما زلتم متمسكين بإرث أجدادكم والحضارة التي بنيت من آلاف السنين، وبهذا الوطن الذي يستحق التضحيات الجليلة منا جميعاً والذي أعطانا الكثير، وأخصكم أنتم يا إخواني الحلبيين الذين تعيشون في بؤرة النار المؤججة منذ سنوات وكأنها الدهر فالف قبلة محبة لكم.

أما انتِ يا فؤادي، يا مسقط رأسي وملعب طفولتي وذكريات شبابي، يا مدينة حلب الشهباء يا فاتنة المدن. أنت التي نهلنا من صدرك الحنون الحليب المطعم بالعسل مع شعوب الانسانية طوال قرون. أنت التي كنت نموذجاً للوفرة والكرم والرقي، والتي أصبحت ضحية المتخاصمين. انت التي حتماً ستقومين من جديد مثل طير الفينيق وتحلقين في سماء المدن المتحضرة البهية. انت التي كنت العش الدافئ والحامي الأمين لطائفتي الأرمنية المنكوبة منذ مئة سنة. أنت يا حبيبتي يا حلب يا أم المدن العتيقة… ألف سلام لك.

كارو قيومجيان

الحياة

Share This