“أردو أندونيان” أول مصور عمل بجريدة “الجماهير”

كان لمهنة التصوير في حياته المكانة الأسمى، انتقل من استديو التصوير إلى جريدة الجماهير بـ “حلب” ليكون من بين أسرة تحريرها كمصور صحفي. “أردو أندونيان” المصور الذي تقاضى على أول صورة صحفية مبلغ ليرة سورية.

وللحديث عن المصور “أردو” وأهم المحطات التي عايشها في جريدة الجماهير منذ تأسيسها، التقينا السيد “عطا بنانة” رئيس القسم الرياضي سابقاً بجريدة “الجماهير” الذي تحدث عن بداية عمل المصور “أردو” بالقول: بدأت العمل عام 1963 ولم تكن آنذاك هناك جريدة الجماهير وإنما كانت مركزاً للأخبار تبثها بالهاتف إلى جريدة الثورة بدمشق، وفي عام 1964 صدر قرار من وزير الإعلام بإحداث جريدة الجماهير.

وفي ذلك الوقت كنا نتعامل مع المصور “نوبار شاهنيان” ولم يكن موظفاً رسمياً في الجريدة وكان عنده مصور اسمه “أردو أندونيان” وبعد فترة قرر المصور “نوبار” السفر إلى خارج البلاد وأوكل مهام التصوير للمصور “أردو” في السبعينيات من القرن المنصرم وعمل المصور “أردو” مع الجريدة في بادئ الأمر على نظام البون بأن يدفع له عن كل صورة يتم تسليمها للجريدة ليرة سورية، وبعد فترة قصيرة صدر قرار بتعيينه واعتبر أول مصور لجريدة “الجماهير” بشكل رسمي.

وعن الشخصية التي كان يتمتع بها المصور “أردو” أجاب “بنانة”: “لقد عاش في أسرة متوسطة في منطقة “السيد علي” ومعروف عنه أنه هادئ ومتزن وكان متفانياً بعمله لدرجة أن حصل على العديد من المكافآت لاجتهاده في عمله، فكان يعمل ليلاً ونهاراً وخاصة في المهمات الصحفية التي تقتضي العمل في الليل فيذهب إلى المعسكرات الطلابية والشبابية والجامعية.

فحينما قرّرت أسرة تحرير الجماهير اعتباره مصور الجريدة الرسمي كان لابد أن يتمتع بخبرة فنية تميزه عن المصورين الآخرين وحول هذا قال “بنانة”: «تميزه كان في تصوير المباريات بالملاعب لدرجة أنه عندما يتغيب عن تصوير إحداها ولأسباب خارجة عن إرادته، كنت أستعين بمصورين من جريدة الثورة أو حتى من الصور الأجنبية، لعزوف الآخرين عن تصوير ذلك الحدث الرياضي لكونه يحتاج إلى دقة واحتراف في العمل مثل تصوير الملعب من زاوية معينة أو أخذ لقطة تكون أشد اللقطات حماسة، ولم أعرف يوماً بأنه ضعف أمام شخص لرفضه لالتقاط صورة لكون الخبرة التي اكتسبها من المؤسسات التي تعامل معها مسبقاً قد صقلت موهبته في فن التخاطب مع الناس.

من المعروف أن عالم التصوير لابد أن تكون هناك لقطات عفوية جميلة أو احترافية لكون الكاميرا تعمل على التقاط حدث عفوي إنساني وحول هذه اللقطات أجاب “بنانة”: «في إحدى المباريات كانت هناك لقطة لحارس مرمى وهو “عمر سواس” بفريق “الاتحاد” تبين فيها كيف أن الحارس استطاع أن يمسك بالكرة في أصعب الزوايا وكانت هذه الصورة من أفضل الصور الرياضية التي التقطها وفوجئت حينها عندما علّقتْ هذه الصورة في العديد من المحلات في شارع “القوتلي” ولاقت صدى كبيرا عند مشجعي نادي الاتحاد، إضافة لكونه كان يأخذ صوراً احترافية عندما كنا نجري تحقيقاً وكانت أدق الأمور التي نريد تسليط الضوء عليها تظهر من خلال الصور الملتقطة، ورغم هذا كانت كاميرته عادية لكن عينه الصحفية كانت تفي بالغرض تماماً.

من إحدى عوامل نجاح العاملين بالحقل الصحفي أن يتمتعوا بالعلاقات الاجتماعية فهل حقق المصور “أردو” تلك العلاقة الناجحة؟ عن ذلك قال “بنانة”: «العديد من الأشخاص الذين عملوا معه كانوا يريدون أن يرافقوا “أردو” بالعمل لكونه كان شخصاً اجتماعيا ولطيفاً ولم أعرف يوماً أنه وضع نصب عينه أي مردود مادي بل على العكس كان يأخذ تكاليف الصورة التي قام بدفعها في بعض الأحيان.

ومن المؤسسات التي قامت بتكريمه أجاب “بنانة”: «اتحاد الصحفيين ومجلس المحافظة وفي العديد من الحفلات التي تكرّم فيها الجريدة كان يكرم فيها أيضاً.

ومن الصحفيين الآخرين ممن عملوا معه في جريدة الجماهير لعشرين عاماً “عمر مهملات” تحدث عن الفترة التي قضاها معه قائلاً: «بدأت العمل في الجريدة عام 1972 وفي الأسبوع الأول كان “أردو” يتردد بالذهاب معي في أي تغطية صحفية لكوني أصغر منه وأقل خبرة بالعمل ثم ما لبث وبعد الأسبوع الأول أن كسر حاجز الجليد بيننا وأصبح الأمر بسيطا، لكن ما لفت انتباهي في تلك الفترة أنه المصور الوحيد بالجريدة وكان الأجر الذي يتقاضاه عن كل صورة ليرة سورية وما أدهشني أكثر أنه في بعض الأوقات كان يتقاضى أجر تصوير الصورة وإحضارها دون أن يكون له أي ربح في ذلك»..

وأضاف بالقول: «هو لم يكن مختصاً بتصوير أي زاوية من زوايا الجريدة لكونه الوحيد في تلك الفترة التي عمل مصوراً فيها.

وعن الاهتمامات التي كان يفضلها “أردو” وخصوصاً في المهام التي يكلف فيها أجاب “مهملات” قائلاً: «كان مهتماً بتصوير الآثار حينما يرافق جمعية العاديات فيأخذ اللقطات الفريدة وبحالات متعددة لكي يضمن مضمون الصورة التي رغب بتصويرها ورغم هذا كان لا يهمه وقت العمل سواء بالليل أو النهار وهذا عائد لهواية التصوير التي أحبها حينما عمل في استديو المصور “نوبار” في السابق.

إن ما يميز عمل المصور وخصوصاً في الصحافة أن تلتقط عينه ما لا تلتقطه أعين الآخرين فهل امتاز بتلك الموهبة أجاب “مهملات”: «لقد تمتع بعين خاصة في أخذ بعض اللقطات وهذا ما جعل الاعتماد عليه بالبداية في اغلب المواضيع وخصوصاً في مواد التحقيقات التي تستوجب بعض اللقطات السلبية عن الموضوع الذي رغبنا بالعمل عليه والكشف عن مجرياته.

وختم “مهملات” قائلاً: رحل الزميل المصور “أردو أندونيان” عام 2010 عن عمر يناهز 71 عاماً إثر أزمة قلبية وهو من مواليد “حلب” عام 1939.

Your browser may not support display of this image. محمد فراس قدسي

Esyria.com

Share This