حياة مؤلف كتاب “المذابح في أرمينيا” في سطور

فائز-الغصين 

فائز بن زعل الغصين (1300-1387هـ ، 1883-1968) صاحب »مذكراتي عن الثورة العربية« ومن أعضاء جمعية »العربية الفتاة«. ولد في اللجاة، من أعمال حوران وتعلم بدمشق وأدخل مدرسة »العشائر« باسطنبول  وعاد فعين قائم مقام وأقيل، فافتتح مكتباً للمحاماة. واعتقل سنة 1333 هـ/1915 م بوشاية من رشيد بن سمير الدوخي (رئيس عشيرة ولد علي، من عنزة) وكانت بين عشيرته وعشيرة الغصين، في اللجاة، ضغائن. وسيق إلى ديوان الحرب العرفي في عاليه. وظهرت براءته فأطلق قبل إعدام القافلة الأولى من الشهداء بثلاثة أيام، وقد لقي أكثرهم عند مغادرته السجن، وفوجئ قبل الانطلاق بأنه منفي إلى ديار بكر. فرحل إليها وسجن 22 يوماُ وأطلق. وفر منها في رحلة شاقة منهكة إلى أن دخل بادية العراق. واستقر في البصرة 66 يوماً. ووجد الوسائل للسفر إلى جدة، فدخلها سنة 1916م،  بعد الثورة بقليل. ولحق بالشريف فيصل بن الحسين في ينبع فكان »سكرتيراً« له إلى دخول دمشق، وكان معه في مؤتمر الصلح. وعمل في العهد الفرنسي بسورية في القضاء إلى أن كان »مفتش عدلية« وأحيل إلى التقاعد، فعمل محامياً بدمشق إلى أن توفي.

من أعماله المطبوعة:

المذابح في أرمينية، مصر، 1917، له طبعات عديدة. وترجمات إلى الأرمنية والفرنسية والانكليزية والالمانية.

المظالم في سورية والعراق والحجاز، 1918.

مذكراتي عن الثورة العربية، دمشق، الجزء الأول، 1939.

مذكراتي عن الثورة العربية، دمشق، الجزء الثاني، 1970.

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة للمؤلف

كنت بدويا أحد أبناء رؤساء عشيرة الصلوت التي تخيم في اللجاة داخل قطعة حوران وقد دخلت مدرسة العشائر، ثم مدرسة الملكية. وأتممت تحصيلي وخرجت بمعية والي الشام وبقيت مدة طويلة ثم كنت قائمقاماً في ولاية معمورة العزيز (خربوط) وبقيت ثلاث سنوات ونصف بتلك الوظيفة ثم كنت محامياً في دمشق وشريكي شكري بك العسلي وعبد الوهاب بك الانكليزي. وكنت بعدها عضواً في مجلسها العمومي عن حوران ثم عضواً بلجنة المجلس المذكور. وبعد إعلان الحرب العامة كلفت بالرجوع لمسلكي القديم أي القائمقامية فلم أقبل لأنني وجدت المحاماة أنفع وأروح.

وقد وشى بي أحد الوشاة أنني أرسل من قبل جمعية تألفت في جبل لبنان غايتها الوصول لاستقلال الأمة العربية تحت حماية الانكليز والفرنسيين إلى العشائر كي أحرضهم. فألقت القبض علي ودخلت السجن ثم ارسلتني مكبلاً بالحديد مع ثلة من الشرطة والدرك إلى عاليه حيث يحاكم المتهمون بتهمة سياسية. وقد برأت ساحتي هناك على ما قيل لأن الحكومة لا تبغ القرار الصادر بحق المتهمين، إلا أن الحكومة التركية التي كانت تعمل على إبعاد المنـورين من أبناء الأمة العربية واهلاكهم مهما كلفهم الأمر، رأت من الضروري ارسالي إلى أرضروم. وقد أرسلني جمال باشا مع ضابط وخمسة من الجند النظامي. وعند وصولي إلى ديار بكر كان الروس ضيقوا على حصن قنعة في أرضروم. فأعطى أمر إلى والي ديار بكر بابقائي هناك فأخرجت من سجن ديار بكر بعد أن بقيت فيه اثنين وعشرين يوماً بدون سبب فاستأجرت داراً وأقمت في ديار بكر ستة أشهر ونصف. رأيت وسمعت فيها جميع ما جرى بحق الأرمن من أوثق المصادر. وأكثر النقلة هم من كبار المأمورين والضباط والوجهاء في ديار بكر وأعمالها وفي وان وبتليس ومعمورة العزيز وحلب وأرضروم، اذ أن أهل وان هم في ديار بكر منذ استولى الروس على بلدهم. وأهل بتليس ومأمورها قد هاجروا أخيراً كلهم إلى ديار بكر وكان يأتي كثير من ضباط أرضروم إلى ديار بكر لأشغال عسكرية أو عائلية. أما معمورة العزيزة فهي قرية من ديار بكر وكان يأتينا أناس كثيرون منها ونظراً لوجودي قبل مدة قائمقاماً بتلك الولاية كنت أعرف أناساً كثيرين هناك فكنت آخذ جميع الأخبار وخصوصاً اثناء وجودي في السجن مع كثير من رؤساء العشائر في ديار بكر،  جعلني أطلع على الحركة بحذافيرها ولابد أن تضع الحرب أوزارها بعد حين وينجلي لقراء هذا الكتاب أن كل ما كتب هو حقيقة وهو قليل من كثير من الفظائع التي ارتكبها الأتراك بحق الأمة الأرمنية المنكودة الحظ وكل آت قريب. وبعد أن أقمت هذه المدة في ديار بكر قررت الفرارمنها تخلصاً من الأسر وخوفاً مما توقعت من بعض الأتراك المتعصبين، فوصلت إلى البصرة بعد أن تكبدت مشاقاً جمة وكنت عرضة للموت والقتل مراراً. وفكرت في نشر هذا الكتاب خدمة للحقيقة ولأمة ظلمها الأتراك وخوفاً عمّـا سيرمي به الأوروبيون الدين الإسلامي من التعصب كما بينته في آخر الكتاب والله يهدينا إلى الصواب.

بيضت هذه المقدمة في بومباي – الهند – في ذي القعدة سنة 334-21 أيلول سنة 1916.

فائز الغصين

*مقطتف من كتاب “المذابح في أرمينيا” للمؤلف فائز الغصين، (حلب، 1991). (1)

ورد في كتاب “شهود عيان عن الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية (مجموعة وثائق) بمناسبة ذكرى مرور مئة سنة على الإبادة الأرمنية (1915-2015)”، إعداد وإشراف ودراسة: البروفيسور الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق-2014، حيث ينفرد موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر مقتطفات منه.

Share This