الإمارات العربية في مملكة البقرادونيين

Bagratuni_Armenia

استيطان القيسيين في منازكرت في حقبة آشوت الأول

إن القوات العربية المسلحة التي تمركزت في أرمينيا وعجزت عن إقامة حتى إمارة قوية راسخة واحدة في النصف الأول من القرن 9 م أصبح قوادها أصحاب مقاطعات ومدن عديدة بعد حملة بوغا. وكان أمراء منازكرت المنتمين إلى قبيلة سُليم (كانوا يُسمون بالقيسيين في المصادر الأرمنية) هم الذين حصلوا على حصة الأسد نتيجة هذه الحملة وأصبحوا أسياد منطقة سيونيك في ستينات هذا القرن. وكانت هذه الجماعة قد هاجرت إلى أرمينيا في حقبة هارون الرشيد في نهاية القرن 8 م على الأرجح ووسعت سيطرتها على منازكرت بعد حملة بوغا وأسر الأمراء الأرمن فقط. ومن الصعب مطابقتهم مع الجحافيين كما يؤكد بعض الباحثين. ومع ذلك ليس هناك أدنى ريب في وجود علاقات حميمة لهم مع قبيلة سُليم. وتتضارب نظرية التطابق هذه مع الحقيقة الأكيدة أن الأمير آشوت بقراتوني حارب الجحاف الشاب بعنف سنة 860 م واعترف في الوقت ذاته بالحكم الوراثي للأمير القيسي أبو الورد على منازكرت.

يذكر المؤرخ البيزنطي Constantine Porphyrogenitus في مؤلفه اعتراف آشوت الأول بأبي الورد. واستناداً إليه أيضاً قدم له هذا الأمير الأرمني، الذي كان يحكم جميع مقاطعات مملكة أرمينيا الكبرى، مدينة خلاط وبيركري وأرجيش.

يشوه هذا المؤرخ البيزنطي الحقائق بنَسْبِ بعض الأحداث اللاحقة إلى فترة أبكر. ومثالنا على ذلك: نعلم جيداً أن مدينة بيركري كانت من أملاك قبيلةUthmanids  العربية في حقبة الأمير آشوت الأول وحتى في عهد خليفته سمبات الأول بينما يضع المؤرخ البيزنطي هذه المدينة بين المدن التي قدمها آشوت الأول للقيسيين والسبب هو أن القيسيين أصبحوا أتباع بيزنطة إلى حد ما في القرن 9 م. لذلك فإن أية مدينة قدمها لهم الأمير آشوت رسمياً وطوعاً ستعزّز أهداف الديبلوماسية البيزنطية.

استخدم الباحث جوزيف ماركوارت اللفظ اليوناني لاسم أبو الورد Apelbard، كما جاء لدى المؤرخ البيزنطي قسطنطين، وهو تشويه طبعاً للاسم العربي الحقيقي. وهناك أمير قيسي آخر يدعى أبو الورد جاء ذكره في المصادر العربية. وفي هذه المرة أيضاً استخدمت المصادر البيزنطية اسمه بالشكل المشوّه أعلاه. تأكدنا من هذا التشويه لأن المؤرخ الأرمني كريكور ناريكاتسي يستخدم اسم الأمير العربي بشكله الصحيAblward .

أصبحت شخصية أبو الورد وحقبة حكمه وعلاقته بشيعة “التوندراكيين” الأرمن موضوع مناقشات مستفيضة من قبل المستشرقين في الآداب الأرمنية. يؤكد المؤرخ الأرمني المذكور عن العلاقة بين كتاب “الرسائل” وهذه الشيعة وأبي الورد قائلاً: “قتل الأمير أبو الورد وهو الرجل الباسل أسلاف هذه الشيعة الملعونة”.

*ينفرد موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر كتاب “الإمارات العربية في أرمينيا البقرادونية” للمؤلف المستشرق الدكتور البروفيسور آرام تير-غيفونديان، (الطبعة الثانية المنقحة)، ترجمه عن الإنكليزية: الدكتور ألكسندر كشيشيان، عضو اتحاد الكتاب العرب، رئيس تحرير “كتاب العاديات السنوي للآثار”، صدر الكتاب عن مؤسسة المهندس فاروجان سلاطيان، حلب 2013، وسيتم نشر فصول الكتاب تباعاً (8).

Share This