أرمن أرمن.. طيب ماله!

masialwom 

مضى 100 عام على أول إبادة عرقية في القرن العشرين، كما سجلها التاريخ فى العام 1915، حين أزهقت المجازر التى جرت بأيدي الأتراك أرواح مليون ونصف المليون من الأرمن، وسيق الأحياء منهم إلى الصحارى، وسُلبت أجزاء من وطنهم، وقد سبقتها عدة مجازر تعتبر صغيرة قياسا لما حدث، والغريب أننا وقد كنا آنذاك خاضعين بصورة أو أخرى للحكم التركى، إلا أن أول صوت من الشرق الأوسط خرج يندد بهذه المجازر كان من قلب «الأزهر» على لسان شيخه الجليل (سليم البشري)، الذي أصدر فتوى بحرمة الإبادة والتحذير من اقترافها، على نحو ما نشرته جريدة «المؤيد» فى يوم 28 إبريل من عام 1909، وبذلك لا يكون غريبا أن تستقبل مصر الأرمن الفارين من المجازر- رغم الضغوط التى مارستها تركيا على مصر لمنع استقبالهم أو تيسير الإقامة لهم- وأن يذوبوا فى نسيج الشعب المصرى ويصبحوا من أبنائه. على رأى الأستاذ «جارو يعقوب»، المحاسب المصرى الأرمنى ذى الست والثمانين سنة (مصر دي جنة.. مصر دي نعمة.. صدقونى والله ما فى أحلى منها)، وهو يتذكر صباه وحياته فيها وصعلكته فى وسط البلد ومشاهد عالقة بذهنه فى نادى الأرمن برمسيس والأندية الأخرى التابعة للجالية الأرمنية. وذلك في العدد الأول من مطبوعة «داليدا» التي توزع مجانا، والصادرة هذا الشهر بعدد خاص عن الأرمن، وسيصدر عددها الثاني قريبا عن حى «شبرا»، فتحية لكتابها ولمن أشرف عليها وفى مقدمتهم الأستاذ سامح الكاشف، رئيس التحرير، والأستاذ مصطفى طاهر، مدير التحرير.

فنانون وأعلام أرمن كثيرون اشتهروا في مصر وصاروا مصريين ويعلم بأمرهم الكثير، ومنهم على سبيل المثال.. نوبار باشا، رئيس وزراء مصر فى عهد محمد على، وبوغوص بك، وزير خارجية محمد على، ووزير ماليته فى الوقت نفسه (عام 1824)، وظل وزيرا فى خدمته حتى عام 1844.. ورائد فن الكاريكاتير المصرى صاروخان، والفنانة «نينوشكا مانوج كوباليان» واسم الشهرة لبلبة، وباقى عائلتها، ومنهم أختها فيروز وابنة خالتها نيللى، والمغنية «فرتانوس جاربيس سليم» وشهرتها أنوشكا، ثم الفنانة ميمى جمال وآخرون. أما المهن التى عمل بها الأرمن فى مصر وتميزوا فيها فهى: صياغة المجوهرات وبيعها، الخياطة، صناعة الفراء، الصباغة، النقاشة والرسم، صناعة الحرير، صناعة الخيش، إصلاح الساعات، أعمال النحت والبناء والرخام والبوية، أعمال الحدادة وصناعة المسامير، صناعة الأحذية والمراكيب، صناعة الحفر على الخشب والمعادن، هذا بالإضافة إلى أعمال الطحين والخبز، وصناعة الخمور والبوظة، والخردجية «الخردوات»، و«الضربخانة» صناعة النقود بدار السك، و«الصنبرجية» صناعة الأدوات الموسيقية. وبمناسبة الموسيقى كان للأرمن نشاط موسيقى رائع بمصر، من خلال تأسيسهم عدة فرق موسيقية أرمنية جذبت حفلاتها الجمهور المصري، وساهمت إلى حد ما فى تطور الموسيقى الشرقية، وتعد حفلة الموسيقار الأرمنى «آرام خاتشادوريان» فى مصر عام 1962 بمثابة حدث كبير، خاصة أن عبدالناصر منحه وسام الفنون من الدرجة الأولى ولم يحصل عليه أجنبى من قبل ولا بعد، ومن الموسيقيين الأرمن بمصر المؤلف الموسيقى «ألكسندر هاروتونيان» والموسيقار «إدوارد هاكوبيان».. والمدهش أن الموسيقي المصري الكبير «فؤاد الظاهري» الذي قام بعمل الموسيقى التصويرية لما يقرب من «270 فيلما سينمائيا»، والذي كرس حياته للتأليف الموسيقي والتدريس فى سبيل تطوير الموسيقى المصرية، حتى وفاته بمصر عام 1988، والذى قام بالتوزيع الأوكسترالي لكبار الموسيقيين من سيد درويش حتى محمد عبدالوهاب، هو فؤاد كرابيد بانوسيان أرمني الأصل.

مكاوي سعيد

المصري اليوم

Share This