إحتفال في كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس في ذكرى الإبادة…

13090042_1317869568239685_2040438418_n

وطنية – أقامت اللجنة التربوية في مطرانية الأرمن الأرثوذكس، احتفالا في الذكرى الأولى بعد المئة لإبادة الشعب الأرمني، في كاثوليكوسية الأرمن الارثوذكس في انطلياس، برعاية كاثوليكوس الأرمن الارثوذكس لبيت كيليكيا آرام الأول، وفي حضور المطران شاهي بانوسيان، السفير الأرميني سامفيل مكردشيان، النائب السابق ايلي الفرزلي وحشد من مديري المدارس والفاعليات التربوية الأرمنية والتلامذة.

بعد وضع وفود الطلاب أكاليل زهر أمام النصب التذكاري للشهداء وافتتاح المطران بانوسيان الاحتفال بتلاوة صلاة “الأبانا” متبوعة بدقيقة صمت إجلالا لشهداء الإبادة، ألقت الطالبة بيرلا باسط كلمة باللغة العربية باسم التلامذة، جاء فيها:
“مئة عام وعام وستمضي الأعوام، فالناس تتغير والزمن معا، وتبقى قضيتنا نفسها وإيماننا بها لم ولن يتزعزع. مئة عام ونحن متمسكون بالحق لأننا نعلم تماما أنه لا يموت حق وراءه مطالب”.

أضافت: “نتذكر ونطالب” شعار أطلق قبل سنة، لكنه كان قد تحول فعلا منذ الذكرى الخمسين للإبادة، عندما انتقل أرمن الشتات من مرحلة البكاء الى المطالبة بالأراضي المغتصبة”. وتابعت: “نحن لسنا طائفة وعبارة “الطائفة الأرمنية” يجب أن تختفي من القاموس اللبناني. نحن شعب له حضارة وتاريخ وأرض ورئيس واستقلال”، داعية وزير التربية الياس بو صعب الى “إدراج القضية الأرمنية في مناهج التاريخ”، ومصححة “كلمة مجازر غير الدقيقة، فالمجازر نفذت بهدف الإبادة”.

وإذ طالبت بمحاسبة الأتراك، توجهت الى اللبنانيين: “أيها اللبناني، الذي ذبحك ذبحني والذي شنقك شنقني والذي جوعك جوعني. فيتبادر الى ذهني سؤال، هو كيف سأطلب منك أن تتضامن معي ومع ذكرى الإبادة، وأنت غير متضامن مع نفسك في ذكرى شهداء 6 أيار؟” ودعت “جميع الأرمن المنتشرين الى التقدم أمام المجتمع الدولي ككتلة واحدة لنصل الى الأهداف، أي الإعتراف بالإبادة والإعتذار والتعويض عن الخسائر المادية والمعنوية”.
وكانت للفرزلي مداخلة قال فيها: “عندما أدعى لالقاء كلمة من على منبر يخص الجماعة الأرمنية، سواء كان منبرا مدنيا أو روحيا، كهذا المنبر الذي أفتخر اليوم باعتلائه، برعاية ومباركة من صاحب السيادة الجزيل الوقار والاحترام، أشعر بشيء من التهيب ممزوج بالفرح”.

وقال: “التهيب سببه أنني منذ نعومة أظفاري، وأنا على طاولة المدرسة، جنبا الى جنب مع التلاميذ الأرمن، كنت أرى في هذا التلميذ الأرمني، عنوان النظافة، الترتيب، الايمان، التصميم، الافتخار بالانتماء الى شعب حيوي، أقرأ على عينيه، ومن كلماته، ومن تصرفاته، ايمانا بالمستقبل، وتصميما، وادانة مستمرة لمجزرة حقيقية، وإبادة ارتكبت بحق الشعب الأرمني من قبل هذه الدولة العثمانية التركية”.

وأضاف: “الفرح، سببه أنه اذا كان قد كتب على الانسان أن ينتمي، ترى الطفل الجنين في رحم أمه، والطفل في حضن أمه، والشاب في حضن حبيبته، والرجل في حضن زوجته والأب والأم في حضن أولاده، اذا قدر لي وأعطيت شرف الاحتضان من قبل الجماعة الأرمنية لكي أقف على منابرها، متكلما ومحدثا وخطيبا، بربكم قولوا لي، ألا يستحق هذا أن أشعر بفرح عظيم لانتمائي بعطف من قبل هذا الشعب الأرمني العظيم؟” وتابع: “أما في ما خص الرسالة والغاية من وراء هذا الاجتماع الذي شاءت البطريركية الأرمنية بمبادرة من صاحب السيادة وبحضور سعادة سفير دولة أرمينيا، أن تقوى بوجود مدراء المدارس وقدس الأباء، أن نجتمع من اجله هو أن تبقى هذه المجزرة، هذه الابادة، تتذكرونها وتتوارثونها كذكرى وكرمز. تتوارثونها كابر عن كابر لكي تبقى حية، فتجبر الدولة التركية على الاعتراف بالابادة. هذا الشعب الأرمني العظيم، الذي بالرغم من هذه الابادة، لم تستطع هذه الابادة أن تنال منه ومن وجوده ومن عظمته”. وقال: “بالأمس، كنت أقرأ الصحافة اللبنانية، وإذ بي أقرأ مقالا، كعادتي، للكاتب الاستاذ جهاد الزين في جريدة النهار، يتحدث فيها عن الابادة الأرمنية، وتحدث عن مصالح الدول في ذلك الحين. الا أنه سها عن البال، كما يسهو عن البال عند كثير من الكتاب والآدباء، في الحديث عن الابادة الأرمنية، الحديث عن دور الصهيونية في التحريض لتحقيق هذه الابادة. ما الذي حدث يا سادة؟ الذي حدث أن وفدا من كبار الصهاينة زار السلطان في ذلك الحين، ليحدثه عن استعداد لدفع ديون الامبراطورية العثمانية مقابل أن يهدي السلطان قطعة أرض اسمها فلسطين. رفض في ذلك الحين السلطان باعتبار أن فلسطين هي أكثر من قطعة أرض، هي جزء من السماء. فكان على أثره أن نظمت الحركات السرية الذي قادها هؤلاء ومن ضمنهم طلعت باشا، واتخذ القرار بتهديم هذا الواقع وبالتحريض على كل الجماعات المسيحية، فكانت الابادة الأرمنية، وكانت الابادة السريانية”.

أضاف: “إلا أن هذه الابادة التي وقفنا بوجل واحترام أمام نصب تذكارها اليوم، نقول ونردد إن هذا الشعب الذي تعرض الى ما تعرض اليه، هو طغى الجور، فأباه وأهواهم السفاح فرذلوه، تماما كما الشعب اللبناني، أثناء التجويع، كما قالت الفتاة منذ قليل، التي وقفت متحدثة هنا، طغى الجور فأبوه، وأهواهم السفاح، فرذلوه، فضل حتى ضل بهم، فأمات الحق والعدالة. أخذكم بالطائفية، ما نالكم منها، ومهد للشهوات فانصرفتم عنها”.

وختم: “أنتم الشعب اللبناني الأرمني الأصيل. كان لبنان، يوم شاء الهي ان تكون الدنى ترابا وماء، جبلا أبيض العمامة حرا، ذا جلال يطاول الجوزاء، أخضر الفيء، عنبريا، يغذي غرسة الأرز في الأعالي علاء، أرزة مثلنا تعيش وتبقى رغم أنف الدهور، تأبى الفناء”.

وقال السفير مكردشيان: “نحن مجتمعون اليوم لإحياء ذكرى الإبادة الأرمنية وذكرى الشهداء حاضرة في قلوبنا، وتشير الأحداث التي وقعت أخيرا في ناغورنو كاراباخ الى أن مقاومتنا لم تنته بل هي مستمرة”. أضاف: “علينا ألا ننسى الماضي حتى نتمكن من بناء المستقبل، ووجودكم هنا خير دليل على أن المحاولات التي أقيمت لإبادة الشعب الأرمني قد باءت بالفشل”. وختم: “باستطاعتكم إبقاء تاريخكم حيا عبر نقله الى الأجيال الصاعدة، وعليكم أن تجتهدوا لكي تبنوا مستقبلا زاهرا”.

بدوره قال المطران بانوسيان: “نحن مجتمعون هنا لإحياء ذكرى شهداء الإبادة الأرمنية حتى نقطف القداسة، إذ إننا لسنا في حزن. فبعد مرور مئة عام وعام جاهدنا بمقاومتنا محاولين استعادة حقوقنا ومنتزعين الإعتراف الدولي بارتكاب هذه الإبادة”.

أضاف: “وجودنا هنا اليوم لكي نحيي مع تاريخنا وعدنا وعهدنا، وهذه المعرفة نبلغها من خلال تلامذتنا ومدارسنا الى الأجيال القادمة. ليقو الله مدارسنا وأجيالنا الصاعدة وينم فيها الإيمان والمعرفة”. وختم: “علينا أن نتحلى بالإرادة والإيمان لكي نتمكن من إحياء تاريخنا من جيل الى جيل”.

وتخللت الاحتفال وقفتان شعرية وغنائية قدمها التلامذة.

Share This