رواية “الطيور العمياء” للكاتبة ليلى قصراني

13100983_1320524767974165_140770605_n

عن دار المتوسط، صدرت للكاتبة ليلى قصراني رواية  “الطيور العمياء” وهي رواية تاريخية تدور أحداثها في قرية وهمية تبعد مسافة يوم عن دياربكر الواقعة في جنوب شرق تركيا.

سكان القرية الأرمن تعرضوا للتهجير سنة 1915، ليموت البعض منهم في البرية، والبعض وصل إلى الموصل والآخر إلى بلاد الشام، فيما الشخصية الرئيسية، كوهار(جوهر) تصبح مسبية عند رجل كردي، وذات فجر تهرب من عنده لكنها لا تقدر أن تهرب من قدرها.

يذكر أن الروائية ليلى قصراني، هي عراقية آشورية، ولدت في محافظة الأنبار سنة 1967، وتعيش حاليا في الولايات المتحدة الإمريكية. (تطلب الرواية من مكتبة الفرات في بيروت).

وإليكم مقطع من الرواية:

…ﺤﻠﻤت كوهار ﺒﺤﻘول اﻟﺤﻨطﺔ ﻓﻲ أطراف اﻟﻘرﯿﺔ واذا ﺒﻬﺎ ﻗد ﺘﯿﺒﺴت واﻤﺘﻸت ﺒﻘطﻊ ﻓﺨﺎر ﻤﻛﺴورة اﻤﺘدت ﺤﺘﻰ اﻷﻓق، ﻛﺎن ﻫﻨﺎك رﺠﺎل ﻤﻛوّمين ﻋﻠﻰ ﺠﺎﻨﺒﻲ اﻟطرﯿق ﻟم ﯿﺘﺒقَ ﻤﻨﻬم إﻻ ﺒﻘﺎﯿﺎ ﻤﻼﺒﺴﻬم اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﺒﻌظﺎﻤﻬم. أﻤﺎ واﻟدﻫﺎ ﻓﻘد ذوى ﻋودﻩ، واﺨﺘﻔﻰ ﻓﻲ اﻟطرﯿق اﻟوﻋرة. رﻛﻀت ﻛوﻫﺎر ﺒﺎﺤﺜﺔ ﻋﻨﻪ وﻫﻲ ﺘﺘﻌﺜر ﻓﻲ ﺨطواﺘﻬﺎ. ﺤﯿﻨﻤﺎ ﺴﻘطت اﻨﻘﻀّت ﻓوﻗﻬﺎ اﻟطﯿور اﻟﺠﺎرﺤﺔ وراﺤت ﺘﻨﻬش ﻟﺤﻤﻬﺎ. ﻗﻔزت ﻛوﻫﺎر ﻤن ﻓراﺸﻬﺎ ﻓزﻋﺔ ﻓﺘﺤﺴّست  ﺠﺴدﻫﺎ وﻋرﻓت ﺒﺄن ذاك ﻟم ﯿﻛن إﻻ ﻛﺎﺒوس ﻓﻌﺎدت إﻟﻰ ﻨوﻤﻬﺎ. ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح ﺴردت اﻟﻤﻨﺎم ﻟﺠدﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟت ﻟﻬﺎ وﻫﻲ ﺘﺨﻔﻲ ﻗﻠﻘﻬﺎ “أﻨت ﺘﺤﻠﻤﯿن ﻛﺜﯿرا ﻷﻨك ﺘﻨﺎﻤﯿن ﻛﺜﯿرا”. ﻟﻛن ﻛوﻫﺎر ﺘﺴﺎءﻟت “ﻫل ﺴﯿﺘرﻛﻨﺎ واﻟدي وﯿذﻫب ﺒﻌﯿدا؟”.

ﻛﺎﻨت ﻛوﻫﺎر ﻤﺘوﺠﺴﺔ وﻻ ﺘﻌرف ﻟﻤﺎذا ﺘﺘﻔوﻩ ﺒﻛﻼم ﻛﻬذا. ﻗﺎﻟت اﻟﺠدة ﻟﺤﻔﯿدﺘﻬﺎ ﺴﺎﺨرة”ﻤﻨﺎﻤك ﺒﺎطل، ﻷﻨك ﻟم ﺘﺤﻠﻤﻲ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺴﺎﻋﺎت اﻟﻔﺠر اﻟﻤﺒﻛرة، واﻟدك ﻟن ﯿﺘرﻛﻨﺎ، أﻨﺎ ﻤن ﺘرﻛﻨﻲ واﻟدي ورﺤل دون أن ﯿﺼل ﻋﻤرﻩ اﻟﺜﻼﺜﯿن، ﻛﻨت أﺤب أﺒﻲ وﻫو ﯿﺤﺒﻨﻲ، ﻗﺒل أن أوﻟد ﺒﺴﺎﻋﺎت،  ﺨﺎف ﻋﻠﻰ أﻤﻲ اﻟﻤﺘﺄﻟﻤﺔ ﺒوﻀﻊ اﻟوﻻدة اﻟﺨطر، وﺼﻌد إﻟﻰ اﻟﺴطﺢ، وﻤن اﻟﻔﺘﺤﺔ اﻟﻤﺴﻤﺎة ﯿردﯿك، رﻤﻰ ﺒﺒﯿﻀﺔ ﻋﻼﻤﺔ ﷲ ﻛﻲ ﺘﻠدﻨﻲ أﻤﻲ ﺒﺴﻼﻤﺔ.

ﻟﻘد وﻟدﺘﻨﻲ وﻫﻲ ﺠﺎﻟﺴﺔ ﻓﻲ اﻟوﻋﺎء اﻟﻤﺨﺼص ﻟﻠﻌﺠن اﻟﻤﻤﺘﻠﺊ ﺒرﻤﺎد اﻟﻔرن ﻛﻲ ﺘﺤلّ اﻟﺒرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿت، وﯿﻌمّ اﻟﺨﯿر ﻓﯿﻪ، ﺒﻌد ﺸﻬرﯿن ﻋﻤدّﻨﻲ اﻟﻘﺴﯿس ﻓﻲ اﻟوﻋﺎء ذاﺘﻪ. ﻫﻛذا ﻫﻲ اﻟﺒﻨت ﯿﺎ ﺼﻐﯿرﺘﻲ ﺘﺄﺘﻲ إﻟﻰ اﻟدﻨﯿﺎ وﺘﺠﻠب ﻤﻌﻬﺎ ﻛل اﻟﺨﯿر، ﺜم ﻛﺒرتُ وﺠﺎء ﺠدك ﻟﺨطﺒﺘﻲ ﻤﻊ واﻟدﻩ اﻟذي ﻗﺎل ﻷﺒﻲ “ﻓﻲ ﺤدﯿﻘﺘﻛم ﯿوﺠد وردة ﺠﻤﯿﻠﺔ وﻨﺤن ﻻ ﻨرﯿد ﺸﯿﺌﺎ ﻤﻨﻛم إﻻﻫﺎ. ﻟﻛﻨﻨﺎ ﻨﻌدﻛم ﺒﺄﻨﻨﺎ ﺴﻨﺤﺎﻓظ ﻋﻠﯿﻬﺎ، ﻟﻘد ﺠﺌﻨﺎ ﻟﻨﺄﺨذ ﺤﻔﻨﺔ ﻤن رﻤﺎد ﺘﻨورﻛم ﻟﻨﻀﻌﻪ ﻓﻲ ﺘﻨورﻨﺎ وﯿﺼﺒﺢ ﺒرﻛﺔ ﻟﻨﺎ “.ﻗﺎل ﻟﻪ أﺒﻲ ، ﺨذ اﺒﻨﺘﻲ، أﻤَﺘُك ﻫﻲ وﺨﺎدﻤﺔ ﻋﻨدك ﻤن اﻟﯿوم وﺼﺎﻋدا، ﺜم ﻗﺎل ﻟﻲ ﺒﻌد زواﺠﻨﺎ، ﻟو ﺨﺎﺼﻤتِ زوﺠكِ ﻓﻠﯿس ﻟك ﻤﻛﺎﻨﺎ ﻓﻲ ﺒﯿﺘﻨﺎ. ﻫﻛذا زوﺠّوﻨﻲ وﻟم ﯿﻛن ﺜدﯿﺎي ﻗد ﻨﺒﺘﺎ ﺒﻌد، ﻟﻛن ﺴرﻋﺎن ﻤﺎ ﺼﺎر ﻋﻨدي ولدي دﯿﻛران. ﻛﺎن ذﻟك ﻤن ﺴﻨوات ﻋدﯿدة وﻤﺎ زﻟت أذﻛر وﻛﺄﻨﻪ اﻟﺒﺎرﺤﺔ ﺤﯿﻨﻤﺎ ﻨﺎوﻟﻨﻲ اﻟﻘﺴﯿس ﺠرة ﺼﻐﯿرة ﻤن اﻟﻔﺨﺎر ، ﻛﺴرﺘﻬﺎ ﻋﻨد ﻋﺘﺒﺔ اﻟﺒﺎب ودﺨﻠتُ ﺒﯿت أﻫل زوﺠﻲ ﻷول ﻤرة.

 -“أﻛﻨت ﺘﺤﻠﻤﯿن ﺤﯿﻨﻤﺎ ﻛﻨت ﺒﻌﻤري؟”

-“طﺒﻌﺎ ﻛﻨت أﺤﻠم ﺒﺄﻨﻲ ﻗد ﻛﺒرت وﺘﺤوﻟت إﻟﻰ ﺸﺠرة ﺘﻔﺎح ذات أﻏﺼﺎن ﻓﺎرﻋﺔ ﺴﺄﻀرب ﺒﻬﺎ ﺤﻔﯿدﺘﻲ اﻟﺼﻐﯿرة ذات ﯿوم ﻋﻨدﻤﺎ ﻻ ﺘﺴﻤﻊ اﻟﻛﻼم وﻻ تمتثل لما أﻗول “…ﻫﻛذا ﻗﺎﻟت اﻟﺠدة ﻟﺘطرد ﻛل ﻓﻛرة ﺸرﯿرة ﻤن رأس ﺤﻔﯿدﺘﻬﺎ ﺜم ﻏﻨت ﻟﻬﺎ :

 -“ﻏدا ﺴﺘﻛﺒرﯿن أﯿﻀﺎ وﺘﺘزوﺠﯿن.

وﺴﯿوﻟد ﻟك ﺼﺒﻲﱞ أﻤﺎ أﻨﺎ ﻓﺘزوﺠت ﺼﻐﯿرة،

ﻤن ﺒﻌﯿد، ﺠﺎء رﺠل ﻟﺨطﺒﺘﻲ ﻤﻊ أﻤﻪ وأﺒﯿﻪ،

وواﻓق أﺒﻲ ﻻ أﻋرف ﻟﻤﺎذا،

رﺒﻤﺎ رﺸوﻩ ﺒﻘﺎرورة ﻨﺒﯿذ ﻤﻌﺘّق، وأﻤﻲ ﺒﺜوب ﻤطرز،

أﻤﺎ أﺨﻲ اﻟﺒﻛر ﻓﻀﺤﻛوا ﻋﻠﯿﻪ ﺒﺨﻨﺠر،

وأﺨﻲ اﻟﺼﻐﯿر ﺒﻘطﻊ اﻟﺴﻛﺎﻛر اﻟﺸﻬﯿﺔ،

رﺠل ﻏرﯿب ﺠﺎء ﻤن ﻤﻛﺎن ﺒﻌﯿد وأﺨذﻨﻲ ﻤن أﻫﻠﻲ ،

ﺜم ﺒﻛﯿت وﺒﻛﯿت، وﻗﻠت ﻷﻤﻲ ﻤن ﻫو ﻫذا اﻟﻐرﯿب اﻟذي ﺴﯿﺄﺨذﻨﻲ ﺒﻌﯿدا؟

ردّت أﻤﻲ ﻀﺎﺤﻛﺔ، ﻻ ﺘﺤزﻨﻲ ﯿﺎ اﺒﻨﺘﻲ،

ﺴﯿﺄﺘون ﺒك ﻓﻲ ﻋﯿد اﻟﻔﺼﺢ إﻟﻰ ﺒﯿت أﺒﯿك وﺒﯿن ذراﻋﯿك ﯿرﻗد ﺼﻐﯿرك”…

Share This