نجا من مجزرة العثمانيين بحق الأرمن وحفيده يروي القصة

anha 

آكري ابراهيم

درباسيه– عبي عبي كان من أحد الناجين من المجزرة التي ارتكبت بحق الأرمن على يد العثمانيين عام 1915، ومن خلال مجوعة من الشبان الكرد في منطقة ماردين بباكور كردستان تم تخليصه من المجزرة وهاجر في تلك الحقبة إلى روسيا لينتقل بعدها لروج آفا ويسكن فيها.

يروي قصة عبي عبي حفيده ماريو ياسو القاطن في إحدى القرى التابعة لمدينة درباسية، ويشبه ما تتعرض لها مناطق باكور كردستان بالمجزرة التي تعرض لها الأرمن في عهد العثمانيين.

أكثر من مليون ونصف فقدوا حياتهم في مجزرة الارمن

بتاريخ 24 نيسان من عام 1915 جمع العثمانيون المئات من الشخصيات الارمنية واعدمتهم في ساحات المدن لتكون من اكبر المجازر التي شهدها التاريخ، وتمت خلالها إبادة القرى الأرمنية الشرقية وارتكبت المجازر بحق الأرمن عن طريق القتل بمختلف الوسائل وبغض النظر عن العمر والجنس فالمجزرة لم تخل من اغتصاب النساء والتهجير والترحيل القسري أيضاً حيث أجبر العثمانيون الأرمن على السير لمئات الأميال في الصحراء في ظل حرمانهم من الغذاء والماء ، حيث وصل عدد ضحايا المجزرة لأكثر من مليون ونصف أرمني حسب إحصائية بعض المؤرخون الأرمن ، إلا أن الحكومة التركية لا تزال في دائرة عدم الاعتراف بالمجزرة وتعتبر ضحايا الأرمن في المجزرة ضحايا حرب بين طرفين.

نجا من الفرمان بمساعدة رفاقه

ويروي ماريو ياسو عبي حفيد الجد الناجي من المجزرة البالغ من العمر 40 عاماً يعيش في قرية سيكر التابعة لمدينة درباسية ، قصة جده عبي  بحسب المعلومات التي سمعه من والده.

فعبي عبي نجا من فرمان الأرمن بمساعدة بعض من رفاقه من الشبان الكرد من سكان منطقة ماردين بباكور كردستان بحسب ما قال ياسو لوكالة أنباء هاوار.

وقال ياسو في حديثه “لا يمكن للعين إلا أن تبكي بعد سماع قصة فرمان الأرمن والأحداث المأسوية التي عاشها ، وجدي كان من احد الناجين منها، ففي عام 1915 كان يبلغ من العمر 16 عاماً ومتزوجاً، عاش ظروف مأساوية قاسية جداً بعد تنفيذ قرار الفرمان وإبادة الأرمن بتهمة انهم كفار وأنهم يتعاملون مع الروس ، وكانوا في تلك الحقبة بحسب ما قاله جدي لوالي أنه روجوا أقاويلاً على أن كل من يقتل أرمنياً تكون مكانته الجنة”.

عبي عبي كان من سكان قرية كولية “أطلق على تلك القرية اسم القصور نسبة الى بناء البيوت على شكل القصور فيها”، وكانت تتبع لمنطقة ماردين وروى عبي عبي قصة المجزرة مراراً لأولاده وتناقله الأجيال حيث يرويها الآن حفيده لوكالة هاوار فيقول “قررت الدولة التركية (العثمانيين) إبادة الأرمن بتهمة تعاملهم مع الروس وتهمة أنهم كفار وخوفا من تسليمهم الحكم، وباشروا بارتكاب المجازر وقتل المئات من الأرمن، حيث كانوا يقومون بجمع  سكان القرية التي تتوجه لها الجندرمة التركية، وبغض النظر عن الجنس أو العمر كانوا يقتلون الأرمن بوسائل مختلفة وأغلب وسائلهم في القتل كانت السلاح الابيض لعدم كلفتها، كانوا يغتصبون النساء أمام الرؤى ثم قتلهم بأبشع الطرق، كما كانوا يجمعون عدداً كبيراً من الأرمن ويوجهونهم للصحراء ويقتلونهم إضافة لتوجيههم إلى البحار ثم ربطهم بالقيود ورميهم فيها”.

وتابع ياسو : “وقال جدي أنه قام الجنود الاتراك بجمع سكان قريتنا على شكل قافلتين وتقيدهم بالقيود والسلاسل وتفريقهم عن بعضهم دون النظر إلى العائلات أو الأطفال أو الشيوخ وقاموا بتفريقي عن زوجتي وعائلتي وعلامات العذاب من خلال الجروح جراء السيوف والسكاكين على فروة الرأس وجروح ناتجة عن آلات قطع ثقيلة مثل الفؤوس، كانت واضحة على جسد كل أرمني وكانوا يغتصبون النساء أمام عيوننا، وساروا بكل قافلة لجهة مختلفة لانعرف الى اين يوجهون بنا ودون ماء وغذاء ومات على إثرها المئات من الأطفال جوعاً وعطشاً، ويقومون بضرب كل من لم يعد يستطيع المشي أو يجلس لبرهة أو يطلب النجاة أو المساعدة ، كانوا يقومون بقتله ورميه بعيداً”.

هرب إلى روسيا خوفا من القتل

وبعد ان مرت قافلتنا بمدينة ماردين كان لي بعض الاصدقاء الكرد فيها، الذين ساعدوني لأهرب مع بعض من شباب الارمن نحو الحدود الروسية، دون ان اعرف ما حل بعائلتي وزوجتي ، وسمعت فيما بعد أن القافلة التي كنت أسير معهم تعرضت للقتل بعد سماعهم نبأ هروب بعض شباب الأرمن، وبوصولي لروسيا تبنتني عائلة روسية لمدة 5 أعوام، كنت كأحد افراد عائلتهم، الا انني كنت دائما أريد العودة الى تركيا او إلى شمال سوريا (روج آفا) لأبحث عن عائلتي”.

استقر في روج آفا

عاد عبي بعد 5 سنوات من الفرمان مختبئاً من الدولة العثمانية خوفاً من ان يقتلوه وتوجه الى شمال سوريا ، ليجد زوجته التي تزوجت من رجل آخر، لأنها اعتقدت بان زوجها ايضاً كان من ضحايا مجزرة الأرمن التي ارتكبتها الدولة العثمانية التركية، دون العثور على باقي أفراد عائلته متوقعاً أنهم قتلوا جميعهم في المجزرة، عبي كان الناجي الوحيد ضمن عائلته من المجزرة حسب توقعاته.

سكن عبي مع مجموعة من الأرمن الناجين من المجزرة في أحد المناطق الكردية في روج افا “منطقة سيكر التابعة لمدينة درباسيه على طريق الحسكة”، وتزوج والف أسرة مؤلفة من صبي وبنت ، واستطاع إعالة عائلته عن طريق الزراعة وتربية الحيوانات والاندماج مع السكان الكرد القاطنين في تلك المنطقة،  وتوفي بعمر يناهز 100 عام ودفن في منطقة سيكر، كان قد حاول عبي ايجاد أفراد عائلته وبحث عنهم كثيراً إلا أنه لم يلتقي بهم وتوفي على حسرة اللقاء بأهله وأخواته.

المجازر التي ترتكب بحق الكرد اليوم لا تختلف عن مجزرة الأرمن

وقال ماريو ياسو حفيد الجد الناجي من المجزرة وراوي قصة الجد “ما يعيشه اليوم الشعب الكردي من مجازر ترتكب بحقهم على يد الدولة التركية لا تختلف عن مجزرة الأرمن”، وانتقد ياسو الصمت الدولي والإقليمي تجاه ما تتعرض له الشعب الكردي في باكور من قصف ومجازر.

وتابع القول في هذا السياق “تعيد الدولة التركية تاريخها وترتكب مجزرة أخرى لأنهم لا يختلفون عن مرتزقة داعش بشيء ، وأن السبب الرئيسي لهجرة أبناء الدين المسيحي من مناطقهم هو نتيجة إرسال الدولة التركية لداعش على مناطقنا وقيامهم بأعمال تخريبية من سرق ونهب قبل الثورة”.

ANHA

 

Share This