حديث متصرف مع بنت أرمنية .. وعفة الأرمنيات

Armenian genocide photo3 

جاءت قافلة أرمن من رأس العين إلى دير الزور فأراد المتصرف أن يختار له خادمة من بين تلك الأرمنيات. فوقع نظره على بنت جميلة دنونا منها. ولكنه عندما دنا منها أصفرّ لونها وكادت أن تقع على الأرض. فقال لها: لا تخافي وأمر الخادم أن يأخذها لداره. وبعد أن رجع سألها عن سبب خوفها عندما اقترب منها فقالت أنها أرسلت هي وأمها من رأس العين مع نفر دركي من الشركس. وكان معهما نساء أرمنيات كثيرة. ولما وصلت تلك القافلة إلى محل من الطريق نادى الدركي أمها وطلب منها ان تعطيه دراهم وإلا قتلها. فقالت أنه لا يوجد معها دراهم. فعذبها فأعطته ست ليرات. فسألها أين كانت واضعة تلك الدراهم. فقالت له، أنها كانت وضعتها في فرجها. فقال أيتها الخائنة ألا تتركن الخيانة انك رأيت ما حلّ بالأرمن جميعهم ويحل بهم ولم تعتبري. فأنني سأربي بك جميع من يراك من الأرمن. فضربها بالخنجر على يدها فقطعها ثم قطع الثانية وقطع رجليها. كل ذلك على منظر مني ومرأي واخذني من يدي لمحل بعيد قليلاً عن النساء وافتض بكارتي ووالدتي بحالة النزاع تنظر إلي ودموعها تسيل على خديها تأثراً علي. ولما رأيتك تذكرت حالة والدتي فخفت منك ظناً بأنك ستفعل معي كما فعل ذاك الدركي بأمي أمام عيني وبي أمامها.

حديث شابة أرمنية

زرت يوماً أحد كبار المأمورين في ديار بكر وكان عنده شابة أرمنية تخدمه. وبعد أن ناولتنا القهوة وشربناها، أخذت الفناجين وذهبت. فقال لي ذلك المأمور: أتعلم ماذا تقول لي هذه البائسة أكثر الأوقات؟ فقلت ماذا تقول؟ قال: أنها تقول أن المأمورين والضباط والجند وجميع أهل ديار بكر حتى الأكراد الوحوش قد شبعوا من بنات الأرمن. فهل يترك الله تعالى لكم هذه الأفعال. عفواً، ولأن ترك قتل الرجال وفضيحة النساء فإنه لا يهمل مجازاة الذين أمروا بقتل هؤلاء الأطفال الذين قتلوا ظلماً وعدواناً.

 

جزاء استمار

كان الأتراك جمعوا الذين هم بسن الجندية و فرقوهم على التوابير ليكملوا خدمتهم العسكرية. ولما قررت الحكومة ابعاد الأرمن واهلاكهم كما بينت ذلك في بيانها الرسمي، أمرت قوادها بأن يجعلوا الأرمن الموجودين في الجيش توابير على حدة ويشغلونهم في الطرق وفي أعمال البلدية. فشكلت الحكومة منهم توابير أرسلتها للشغل في الطرق وفي الأعمال الشاقة الأخرى وقد شغلتهم الحكومة مقدار ثمانية أشهر في تلك الأعمال إلى أن بدأ الشتاء بأمطاره ورياحه المزعجة. ولم تقدر الحكومة التركية أن تستفيد منهم فأرسلتهم من أرضروم وطربزون وتلك المحال البعيدة إلى ديار بكر، الذي سماها أحد المنفيين قلعة الدماء. وقبل وصولهم أبرق القواد أن الجنود الأرمن توجهوا لديار بكر فأرسلت حكومة ديار بكر دركها مزودين بكثير من خراطيش البنادق لاستقبال هؤلاء التعساء. فكان أفراد الدرك يستقبلونهم رمياً بالرصاص. وكان آخر الأرمن الذين جيء بهم من هذا القبيل 840 شخصاً اتلفوا رمياً بالرصاص بالقرب من ديار بكر.

قافلة نساء

كنت جالساً في دكان في سوق ديار بكر حين رأيت كثيراً من أهاليها ذاهبين لخارج السور. وكان اثنان من أطباء المستشفى العسكري بديار بكر جالسين معي في الدكان، فسألنا عن الأمر فقيل لنا أن قطيعاً من النساء الأرمنيات جئن وهن خارج السور وسترسلهن الحكومة كما أرسلت القوافل التي قبلهن، وهم ذاهبون لكي يأخذوا منها بنات خادمات اذا اعجبهم منهن أحد. فقال أحد الأطباء لماذا لا نأخذ عشرين امرأة ممرضة للمستشفى ويخدمن. فاستحسن رفيقه هذا الأمر وذهب أحدهم وبعد مدة سألته فعلمت أنه أخذ المقدار الذي قال له عنه. وهكذا كان نصيب النساء الأرمنيات النهب كما تنهب العجماوات. ومن زاد عن الحاجة منهن فإلى القتل مصيره.

يبيت ليلة بخمسين ليرة

إن أكثر من أظهر فعالية في اتلاف الأرمن هو رشيد بك، والي ديار بكر. وقد نقلنا مقدار ما قتل داخل ولايته. ولما جاء خبر عزله عن ولاية ديار بكر، فرح البقية الباقية من الأرمن وسرّ جميع المسيحيين هناك. وكان بعض الأرمن اختفوا. وبعد شيوع عزل الوالي بقليل ظهروا من مخبئهم وبدأوا يتجولون في الأسواق. وأراد الوالي أن يخفي حقيقة عزله ويلقي الرعب في القلوب، فبدأ ينفي الأرمن بشدة زائدة، فعاد الأرمن للاختفاء    . وقد قال أحد الأشراف بديار بكر أن أحد الأرمن دفع خمسين ليرة عثمانية لأحد أهل ديار بكر ليخفيه في داره ليلة واحدة أي ليلة سفر الوالي. وقد قص علي آخر أن أرمنياً قال له أنه يدفع ثلاث ليرات عثمانية كل ليلة إلى أن يذهب الوالي فخاف من الحكومة ولم يقبله في داره.

عفة الأرمنيات

روى لي أحد المأمورين أنه رأى سفينة مشحونة ببنات الأرمن. فجاء لعندهن. وقال لهن أنه يريد تخليص واحدة منهن. فقلن له أن التي تتخلص منهن مستعدة لتقديم مقدار من الدراهم هدية له. فأجابهن أنه يريد شابة تكون مستعدة لخدمته وملاذه فأجبنه. أما للخدمة اينا تريد فاننا بخدمتك وأما الأشياء التي تمس شرفنا فاننا نفضل الموت ولا نقبلها. ولم تقبل واحدة منهن بالذهاب معه. وبعد مدة وجد عند أحد أفراد الدرك شابة أرمنية فأخذها لداره وبدأت تخدمه بكل اعتناء وتغسل ثيابه وثياب عائلته وتكوي له ولعائلته جميع ثيابهم. وصادف أنه سكر وجاء لداره متأخراً فوجد عائلته قد رقدت والأرمنية لم تزل تنتظره كي لا تقصر في خدمته وعندما دخل لحجرته وأعانته على خلع ثيابه. وقال، وأمرتني نفسي والنفس امارة بالسوء أن أفعل معها أمراً منكراً وقدمت لأقبلها فنفرت مني قائلة: أنني اليوم ضعيفة وانا ملتجئة إليك وأنني أعرف جيداً أنك ذو عفة وإن الذي ساقك لإظهار السوء نحوي ليست هي إلا الخمرة التي شربتها، فإنني أرجوك أن تقتلني ولا تكلفني بأمر يمس بشرفي ويدنس ثوب العفاف مني فإنني لا أريد أن أعيش بدون شرف وعفاف فتركها ولم يقدر أن ينال منها أربه.

*مقطتف من كتاب “المذابح في أرمينيا” للمؤلف فائز الغصين، (حلب، 1991). (13)

ورد في كتاب “شهود عيان عن الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية (مجموعة وثائق) بمناسبة ذكرى مرور مئة سنة على الإبادة الأرمنية (1915-2015)”، إعداد وإشراف ودراسة: البروفيسور الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق-2014، حيث ينفرد موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر مقتطفات منه.

 

Share This