الألمان والأرمن

genocide poladian book

كنت كلما صار البحث عن الأرمن ألوم الأتراك على عملهم. ويوماً بينما كنا نتكلم بهذه المسألة ونلوم الأتراك اذ قال أحد مأموري ديار بكر وهو أحد شبان الأتراك المتعصبين لجنسيتهم: لا لوم على الأتراك من هذه المسألة فإن الألمان هم من طبّق هذه المعاملة على البولونيين الذين هم تحت حكمهم وقد أجبر الأتراك على هذا العمل الألمان اذ أنهم قالوا للأتراك اذا لم تقتلوا الأرمن فإننا لا نتفق معكم وهكذا كانت تركيا مضطرة بعملها هذا.

هذا ما قاله الرجل التركي نقلناه ولم نزد عليه حرفاً. وقد تحقق عندي ذلك لما خطرت لي   قصة قصها علي أحد الأتراك الذي كان مسجوناً معنا في عاليه (جبل لبنان) بتهمة مخابرة مع عبد الكريم الخليل26. وقد قال لي ذلك التركي أنه مرّ على دمشق وزار وكيل قنصل ألمانيا فيها فأسرّ له أن (اوبنهايم) 27 جاء بمأمورية خاصة وهي تشجيع جمال باشا على الايقاع بالعرب لأجل القاء النفور بين الأمتين ليستفيدوا من العرب اذا خالفهم الأتراك في المستقبل وكانت هذه القصة قبل شنق عبد الكريم الخليل بمدة وجيزة.

قتل القائمقامين

لما اعطي الأمر من قبل الحكومة بديار بكر للعمال بقتل الأرمن، كان أحد أهالي بغداد قائمقاماً في قضاء (البشيري) داخل ولاية ديار بكر. وكان أحد الارناؤوط قائمقاماً في قضاء (ليجة) في تلك الولاية. فأبرقا للولاية أنه لما كان ضميرهما لا يقبلان أعمالاً كهذه فإنهم يستقيلان من وظيفتهما. فقبلت استقالتهما ولكنهما قتلا في الطريق سراً، وقد تحققت الأمر جيداً فوجدت أن العربي البغدادي يسمى ثابت بك السويدي، ولم أقدر أعرف اسم الارناؤوطي ويا للأسف لا اذكر لهما عملاً لأن عملهما يدل على وجدان طاهر وحمية شماء تخلد بهما اسماً في بطون التاريخ.

افتخار أحد القضاة بقتل الأرمن

بعد قتل قائمقام بشيري فوضت وكالة القائمقامية لقاضي الشرع فيها وهو تركي الأصل. فكان يحكي لأناس عندما كان في ديار بكر، في أحد الأيام وكنت في ذلك المجلس فقال أنه قتل أربعة من الأرمن بيده وقد وجدهم شجعان لا يهابون الموت، وقد قص هذه القصة اقراراً بشجاعة الأرمن وافتخاراً بشجاعته.

أمر سلطان

لما كنت في السجن، كان يأتي أحد قوميسيرية البوليس وهو من الأتراك لعند أحد أصحابه المسجونين. وكنت يوماً جالساً أنا وصاحبه في غرفتنا في السجن اذ جاء ليزور صاحبه وبدأنا البحث عن الأرمن وما حلّ بهم، فجعل القوميسير يشرح لنا كيف كان هو يقتل من الأرمن وأن كثيراً منهم التجأوا لمغارة خارج سور المدينة (ديار بكر). فذهب وأخرجهم و قتل منهم شخصين. فقال صاحبه: أما تخاف الله ومن أين يحق لك أن تقتل النفس التي حرّم الله قتلها. فأجابه أنه أمر السلطان وأمر السلطان من أمر الرب وتنفيذه فرض.

*مقطتف من كتاب “المذابح في أرمينيا” للمؤلف فائز الغصين، (حلب، 1991). (15)

ورد في كتاب “شهود عيان عن الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية (مجموعة وثائق) بمناسبة ذكرى مرور مئة سنة على الإبادة الأرمنية (1915-2015)”، إعداد وإشراف ودراسة: البروفيسور الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق-2014، حيث ينفرد موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر مقتطفات منه.

 

Share This