أرمن مظلوميان رئيس لجنة الدفاع عن القضية الأرمنية: نُرحِب بتفاعل أعضاء البرلمان المصري مع ملف مذابح الأرمن

928

أكد مُمثل الجالية الأرمنية بمصر، أرمن مظلوميان على متانة العلاقات الأرمنية المصرية منذ قديم الأزل، لدرجة انخراط الأرمنيين في الحياة المصرية بكُل تفاصيلها، مُشيدًا بخطوة النائب مصطفى بكري، بعرضه مشروع قرار للاعتراف بمذابح الأرمن على البرلمان المصري، ومُوافقة أكثر من 60% من أعضائه عليه.

كما أشار “مظلوميان” في حواره لـ«جورنال مصر»، إلى الجهود المُستمرة للجنة الدفاع عن القضية الأرمنية، التي يرأسها للاعتراف بحقوق الأرمن من قِبَل المُجتمع الدولي، موضحًا موقف الفاتيكان وألمانيا وغيرهما.

-كيف ترى مساعي البرلمان المصري للإعتراف بمذابح الأرمن؟

نُثمنها كثيرًا، وخاصة بعد موافقة أكثر من 60% من أعضاء البرلمان المصري على مشروع القرار الذي قدمه النائب مصطفى بكري، للاعتراف بمذابح الأرمن، ونتظر قرار البرلمان في هذا الشأن… وفي الواقع اعتبر تلك الخطوة وبعيدًا عن الإعتبارات السياسية؛ هامة جدًا، كمبدأ أخلاقي وإنساني قبل أى شئ.

وأنت ممثل عن الجالية الارمنية في مصر كيف ترى العلاقات المصرية – الأرمنية في الوقت الراهن؟

علاقات على أعلى مستوى؛ فهى قديمة وراسخة وبالأخص منذ العام 1991 حيث استقلال أرمنيا؛ فقد كانت مصر في مقدمة دول العالم، التي أقامت علاقات دبلوماسية مع أرمنيا من خلال فتح السفارات، فضلًا عن امتياز العلاقات الثقافية بين البلدين.. ولكن مع الأسف العلاقات على المستوى الاقتصادي لم ترتق حتى الآن إلى المستوى المقبول.. أيضًا لا يوجد طيران مباشر بين الدولتين بالاضافة إلى عدم وجود منفذ بحري لأرمنيا من شأنه أن يُسهل التعاملات التجارية بين البلدين، وهو ما يضطرنا إلى اللجوء لدولة وسيطة لإقامة أى تعامل تجاري، مثل روسيا أو جورجيا أو النمسا.
وأود أن أُشير أيضًا إلى السفير المصري الجديد بأرمنيا، طارق معاطي، حيث نشاطه وتفاعله الشديد، بشكل يجعلنا مُتفائلين بمُستقبل جيد من العلاقات الثقافية والتجارية بيننا.

-ما هى أبرز المشكلات التي تُواجه الجالية الأرمنية في مصر؟

رغم مُحاولتنا الدائمة للحفاظ على الهوية الأرمنية؛ إلا أننا اندمجنا في الحياة المصرية بتفاصيلها، فمثلًا شاركنا في ثورتي 25 يناير، و30 يونيو، كما أننا ندعم الإرادة المصرية في أى قرار تتخذه لتحديد مستقبل الشعب المصري.. وبشكل عام الجالية الأرمنية بمصر ليس لديها مشاكل كبيرة، ونُحاول دائمًا في توصيل شكرنا وامتناننا للشعب المصري؛ فمصر من أولى الدول التي استقبلت الأرمن بعد المذابح، خاصة في بورسعيد التي استضافت 4200 لاجئ، حتى ارتفع ال عدد وصل إلى 9 آلاف، كما أن مصر وفرت لهؤلاء اللاجئيين سبل الحياة المعيشية اللازمة.

-وماذا عن دور المؤسسات الدينية المصرية في وقت المذبحة، عندما استضافت الدولة المصرية الأرمن؟ 

لقد كان موقف كُلا من الكنيسة المصرية ومؤسسة الأزهر، وطني من الدرجة الأولى، وتعامل المصريون مع الأرمن دون تفرقة بين مُسلم ومسيحي، وتبرعوا للاجئين في المُخيمات دون النظر إلى ديانتهم، وهذا ما عهدناه من المصريين وطباعهم التي لا تُفرق بين شخص وآخر بحسب ديانته.. كما أننا لا ننسى فتوى شيخ الأزهر، الشيخ سليم البشري في عام 1909، والتي أدانت مذابح الأرمن في تركيا، أثناء مذابح أضنة، الأمر الذي يُعد وثيقة هامة جدًا بالنسبة لنا، كإعتراف بعملية الإبادة الجماعية.

-ما المجهودات التي تُقدمها لجنة الدفاع عن الجالية الأرمنية بمصر، للاعتراف بالإبادة الأرمنية؟

اللجنة تقوم بندوات في الجامعات والنوادي الثقافية؛ إلى جانب تقديم مجموعة من الكُتبيات التعريفية بتاريح مذابح الأرمن، تهدف إلى توضيح ماهية القضية الأرمنية بأبعادها المختلفة، إضافة إلى إزاحة المُلابسات التي يُمكن أن تؤثر على الرأى العام العربي.

كما أنتج المخرج محمد حنفي والإعلامية مريم ذكي، فيلمًا وثائقيًا عن الإبادة الأرمنية، بعنوان “من قتل الأرمن”، والذي يُعد أول فيلم من هذا النوع يُنتج باللغة العربية بالوطن العربي؛ وبالفعل حقق نجاحًا واسعًا، وحصلت الإعلامية مريم ذكي والمخرج محمد حنفي على أعلى وسام تقدير من رئيس أرمنيا سيرج سركسيان.

-هل ترى أن عام 2016 شهد حراكًا دوليًا تجاه قضية الأرمن؟

نعم.. العام الجاري شهد تحرُكًا أكبر منا أيضًا للحصول على إعتراف دولي بمذابح الأرمن والمُطالبة بالتعويضات.. وجاءت الخطوة الأهم بإعتراف البرلمان الألماني بعملية الإبادة الجماعية للأرمن، حيث أن ألمانيا كانت الحليفة الأكبر للدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى.

والجدير بالذكر أن موقف الفاتيكان قوى من الموقف الأرمني، لأن البابا لديه اثباتات ومعلومات تؤكد على ما حدث من إبادة في حق الأرمن، هذا إلى جانب اعتراف 24 دولة رسميًا بالمذابح على مدار الأعوام الماضية، وأنها مثلت عملية إبادة جماعية، ونتمنى أن يتجنب المجمتع الدولي الأمور السياسية والحسابات السياسية، ويعترف بالقضية الأرمنية كقضية حق بعيدًا عن الأمور السياسية التي تحكُمها المصالح.

-ماذا عن الموقف الأمريكي من القضية الأرمنية، في ظل حديث أمريكا الدائم عن حقوق الإنسان، وماذا قدمت وقت المذبحة؟ 

الجمعيات الخيرية الأمريكية قدمت كثيرًا في وقت المذبحة، وهدفنا هو اعتراف الكونجرس الأمريكي بذلك الحدث، وبالفعل اعترفت به 43 ولاية أمريكية، وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أعلن أثناء ترشُحه للرئاسة في برنامجه الانتخابي عن اهتمامه بقضية الأرمن والاعتراف بالمذابح، ولكنه أخلف بوعوده معنا.

-وما هى أخر تطورات النزاع القائم في قضية “ناجورنو كاراباخ” بين أرمينيا وأذربيجان؟

قضية ناجورنو كاراباخ, تاريخيًا كانت أرضًا أرمنية دائمًا، بعد نشر السلطة السوفيتية في القوقاز وخلافًا لإرادة سكان ناجورنو كاراباخ، وبتعليمات من ستالين، وعلى أساس القرار غير الشرعي للجنة الإقليمية للحزب الشيوعي في روسيا؛ تم وضعها قسرًا كإقليم ذي حكم ذاتي في إطار أذربيجان.

وفي عام 1988 قامت سلطات أذربيجان السوفيتية بتنظيم عمليات القتل والتصفية العرقية على نطاق واسع في ناجورنو كاراباخ، وذلك ردًا على الطلب العادل لسكانها حول تقرير المصير.

وفي النهاية ونتيجة إنهيار الإتحاد السوفيتي، وعلى أساس قوانينه ومعايير الحق الدولي أعلنت ناجورنو كاراباخ عن إستقلالها، وردت باكو على ذلك بعمليات حربية واسعة النطاق. ولكن شعب ناجورنو كاراباخ تمكن من المحافظة على سبيل الحرية والإستقلال الذي إختاره. وفي العام 1994 تم توقيع وقف اطلاق النار. وتم في عام 1992 في إطار منظمة الأمن والتعاون الأوروبي تشكيل مجموعة مينسك، التي تجري برعايتها مباحثات التسوية السلمية لنزاع ناجورنو كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجان حتى الآن، ويرأسها الولايات المتحدة وروسيا الإتحادية وفرنسا بالتناوب.

ومع الأسف فعلى الرغم من الجهود التي يتم بذلها، فإن تلك المباحثات لم تصل إلى أى نتيجة حتى الآن، لأن باكو ترفض بعناد قبول حق شعب ناجورنو كاراباخ في تقرير مصيره. وكانت الدول الرؤساء المشاركة لمجموعة منسك، قد أعلنت مرات عديدة بأنه ينبغي التوصل إلى تسوية النزاع عن طريق الوسائل السلمية والمفاوضات فقط، وذلك على أساس مبادئ القانون الدولي بما فيه عدم إستخدام القوة أو التهديد بها، والمساواة بين الشعوب وحق تقرير المصير ووحدة الأراضي. وأخيرًا، أتمنى أن ينتهي الصراع بالطُرق السلمية، دون إراقة دماء جديدة.

-هل تأثرت العلاقات بين الشعب الأرمني والتركي بالتوتر الذي تسببت به الحكومة التركية تجاه ملف قضية الأرمن؟

لا.. ليس لدينا أى مشاكل مع الشعب التركي، والنخبة التركية تدعم القضية الأرمنية، ونحن نعلن هذا بإستمرار؛ فمشكلتنا مع الحكومات التركية المُتعاقبة فقط، حيث إصرارها على إنكار عملية الإبادة بحق الأرمن، ولكن الشعب التركي جارنا منذ قرون، وتفاعلنا معه، وكان بعض الأرمنيين في أعلى المناصب التركية الوزارية والجيش، وما إلى ذلك… وأؤكد على أننا مُنفتحين ولدينا قابلية لأى مُباحثات ثنائية مع الدولة التركية، ولكن دون شروط مُسبقة.

Share This