الحدادة.. حرفة الأرمن التي تعلمها المصريون

%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d8%a7%d8%af 

نشرت “البديل” مقالاً تحدثت فيه عن مهنة الحدادة في مصر والتي تعلمها المصريون من الأرمن، وأشارت الى أن “الحدادة” تعد من أقدم وأهم الحرف التي عرفتها البشرية، فكانت مهنة النبي داود عليه السلام، ولكونها تعتمد على القوة البدنية والذهنية، فعلى من يرغب في تعلمها أن تتوافر فيه شروط خاصة.

وعندما نتحدث عن الشق الفني لهذه الحرفة، فإن الإبداع والنقش يتجلى في ”حدادة الأرمن” التي استوقفتنا لنعرف ماهيتها والمشاكل التي يعانيها ممارسوها في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، والتي جعلتهم يصطفون كل أمام ورشته يشكون وقف الحال.

يقول الحاج سعيد، ويعمل في حرفة الحدادة منذ 45 عامًا، حيث بدأ العمل بها منذ الثانية عشرة من عمره، إنه تخصص في حدادة الأرمن، وهي الحرفة التي يقوم فيها الحداد بصناعة الأبواب والنوافذ الحديدية، والتي تعلمها المصريون من الأرمن أثناء فترة وجودهم في مصر.

وأضاف أنه بالرغم من أن الحدادين يتبعون نقابة المهن الصناعية، إلا أنها لا تلتزم تجاه أعضائها بأي حقوق، بل وتلزمهم فقط بسداد اشتراك سنوي بقيمة 30 جنيهًا.

تحف المخاطر بالعاملين في ورش الحدادة، فهم يتعاملون مع النيران في صهر المعادن وإذابتها، وما ينجم عنها من احتمالية تطاير أجزاء منها أو الرايش من تقطيع الحديد، فضلًا عن الأدخنة المتصاعدة منها، والتي تتسبب في العديد من الأمراض الصدرية والعيون، فقد أصيب سعيد بشظية نارية جراء صهر الحديد، أحدثت عجز بنسبة 30% بالعين اليمنى، قدرتها الهيئة العامة للتأمين الصحي بمبلغ 11 جنيهًا كمعاش شهري، بالرغم من سداده 96 جنيهًا كقيمة اشتراك شهري للتأمينات الاجتماعية.

وأشار سعيد إلى أن نقابة المهن الصناعية تراقب مدى التزام الورش بأدوات الحماية، كمطفأة الحريق، القفازات، النظارة، الخوذة، والحذاء المصنوع بمزايا محددة، إلا أن تكلفتها المرتفعة جعلت أصحاب الورش يضعونها كديكور في محالهم، دون استخدامها؛ خوفًا من تلفها وشراء أخرى بديلة.

سوء الأوضاع الاقتصادية جعل عم سعيد يستعين بشقيقه ونجله في العمل دون اللجوء إلى صبية، فلا العائد يفي باليومية التي يطلبها الأخير، ولا الأخير يرضى بتلك التي حددها الأول، والتي تقل عن 80 جنيهًا، خاصة في ظل ارتفاع سعر طن الحديد الذي بلغ 1000 جنيه، بالإضافة إلى فواتير الكهرباء والغاز وإيجار الورشة المحدد بـ 106 جنيهات.

وأما عن فن صناعة الباب الحديدي المزخرف فقال سعيد إن الحديد يأتي على شكل خامة شبوكات، ثم يتم توظيفه وتصنيعه بحسب الشكل الذي يطلبه الزبون أو وفقًا للكتالوج، ليخرج في النهاية على شكل شبابيك أو أبواب حديدية، مضيفًا: “حديد الأرمن كان صناعة خواجات، والأرمن هم ملوك الصنعة دي، واحنا دلوقتي كحرفيين فيهم شيء من الصنعة الكويسة بنقول على نفسنا حداد أرمن”.

نوعا ما حدادة الأرمن تشهد رواجًا في الفترة الحالية، مقارنة بغيرها من الحرف اليدوية، نظرا للأوضاع الأمنية الراهنة، ويقول سعيد إن ما يميز الصنايعية عن الهواة هو الشكل النهائي للمنتج، والذي يجب أن يخلو من أي اعوجاج أو خطأ، أما الخامات فالعميل هو الذي يحددها وفقًا للسعر والمواصفات العامة المطلوبة.

ويعمل محمد جابر، 29 سنة، منذ تخرجه في قسم التاريخ بكلية التربية عام 2008، مع عمه بالورشة، ويقوم بصناعة الحديد وصهره على النار ولحامه وتشكيل الأبواب والنوافذ الحديدية، ويضيف أن اللجوء إلى الحرفة كعمل لم يعد مستحبًّا الآن، وأصبح البحث جاريًا عن العمل السهل الخفيف، أما اللياقة البدنية وسرعة البديهة فهما شرطان أساسيان فيمن يعمل بالمهنة.

Share This