القضية الأرمنية والمعاهدات الدولية (1916-1923) (2) بقلم الدكتور آرشاك بولاديان

ونوقشت القضية الأرمنية في مؤتمر السلام في باريس (كانون الأول 1919- كانون الأول 1920) الذي انعقد بمبادرة الدول المنتصرة في الحرب. وبالرغم من عدم تقديم دعوة للجمهورية الأرمنية لحضور المؤتمر، شارك في الوقت نفسه في شباط عام 1919 أعماله وفدان أرمنيان:

1- الوفد الوطني – برئاسة مؤسس الجمعية الخيرية الأرمنية بوغوص نوبار باشا.

2- وفد جمهورية أرمينيا – برئاسة رئيس المجلس الوطني الأرمني ورئيس مجلس جمهورية أرمينيا، الأديب آفيديس آهارونيان. واقترح وزير خارجية فرنسا على ممثلي الأرمن بعد تقديم الوفدين مطالب الأرمن خلال المؤتمر، تحضير مذكرة بهذا الصدد. ونصت المذكرة على اعتراف حقوق الأرمن على أراضيهم المسلوبة، وتوحيد الشطرين ضمن دولة واحدة مستقلة واستلام تعويضات من الحكومة التركية وعودة المهجرين قسرياً إلى أوطانهم، ومحاكمة المسؤولين عن الإبادة وغيرها من بنود تخص مسؤوليات الدول العظمى بشأن تنفيذ الوثيقة[1].

من المؤسف ما لقت هذه المذكرة ردود فعل، لأن مسائل ألمانيا المرتبطة مع تركيا، كانت تهم دول التحالف أكثر من القضية الأرمنية وتشكيل دولة أرمنية موحدة. وفي آخر المطاف اعترف المؤتمر في 19 شباط عام 1920 عملياً بجمهورية أرمينيا[2]. وشارك المبعوثان الأرمنيان بوغوص نوبار باشا وآفيديس آهارونيان في 19 نيسان 1920 في مدينة سان ريمو (إيطاليا) اجتماع المجلس الأعلى لدول الائتلاف لمناقشة مشروع معاهدة الصلح مع تركيا، الذي أسفر عن معاهدة  »سيفر«، التي رُفضت من حكومة سلطنة تركيا. وقدم اجتماع »سان ريمو« طلب إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ودرو وليسون لوضع أرمينيا تحت الانتداب الأمريكي، غير أن مجلس الشيوخ رفض الموافقة عليه.

وأبرمت الدول المتحالفة والمنتصرة في الحرب العالمية الأولى بمشاركة ممثل أرمينيا في 10 آب عام 1920 في مدينة سيفر (فرنسا) معاهدة الصلح مع تركيا. ووقع الاتفاقية من جانب جمهورية أرمينيا آفيديس آهارونيان. وعدا ذلك وقع آهارونيان وممثل المهجر الأرمني ورئيس الوفد الوطني بوغوص نوبار باشا مع الدول الحلفاء اتفاقية إضافية تنص على حقوق الأقليات والعلاقات الدبلوماسية والتجارية. وكانت هذه الاتفاقية نتيجة العمل الدؤوب للأرمن خلال عقود طويلة ومفاوضاتهم مع الدول العظمى وتضحياتهم الجسيمة. ووفق الاتفاقية تم الاعتراف بأرمينيا قانونياً، والتي احتوت خمس مواد عن تطبيع العلاقات مع تركيا. ونذكر على سبيل المثال مادتين رئيستين من الاتفاقية:

المادة 88- »إن تركيا انسجاماً منها مع القرار الذي اتخذته الدول الحليفة، تعلن اعترافها بأرمينيا كدولة حرة مستقلة«.

المادة 89- »إن تركيا وأرمينيا، شأنهما كشأن الأطراف العليا المتعاقدة، توافقان على إحالة قضية تعيين الحدود بين تركيا وأرمينيا في ولايات أرضروم، طرابزون، وان، وبتليس، إلى تحكيم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. كما توافقان على قبول القرارات والإجراءات التي سيوصي بها فيما يتعلق بإيجاد منفذ لأرمينيا على البحر، وبتجريد المناطق المتاخمة من السلاح«.

كما نصت الاتفاقية على مادة أخرى تنص على »عقوبات سوف تتخذ بحق الأشخاص المتهمين بارتكاب أعمال منافية لقوانين الحرب وتقاليدها[3]«. ووفق اتفاقية »سيفر« تنازلت الدولة التركية بمقتضاها عن جميع البلاد العربية، التي كانت في آسيا وهي: العراق، سورية، لبنان، فلسطين، السعودية واليمن[4].

لغاية توقيع معاهدة »سيفر« للصلح قامت اللجنة المشكلة من الرئيس الأمريكي ويلسون بدراسة المواقع، الاقتصاد، المواصلات، الثروات المائية، الطرق التجارية وغيرها في أرمينيا الغربية. وقدمت اقتراحات اللجنة لترسيم الحدود في أيلول عام 1920 للرئيس الأمريكي، والذي نقل قراره إلى الدول الأوروبية في تشرين الثاني من العام نفسه. ووفق برنامج ويلسون، بلغت مساحة أرمينيا الغربية 100ألف كم2. فبتوحيد هذه المناطق مع جمهورية أرمينيا، كانت ستبلغ مساحة الدولة الأرمنية حوالي 160 ألف كم2. ولكن من المؤسف أنه لم يتم تصديق اتفاقية »سيفر« لا من  السلطنة العثمانية ولا من وريثتها حكومة مصطفى كمال أتاتورك أيضاً[5].

بعد معاهدة الصلح في »سيفر« سادت أرمينيا بدءاً من أيار وضع جديد نتيجة النشاط  في صفوف الشيوعيين، مؤشراً على رغبة روسيا السوفييتية لبسط سيطرتها على بلدان ما وراء القوقاس. وفي الوقت نفسه حاولت روسيا السوفييتية استخدام الحركة الكمالية القومية ضد مطامع دول الائتلاف في القوقاس، التي كانت تطمح بدورها بالتصدي للتمدد الشيوعي. كما كانت روسيا ترغب في التصرف بالقوقاس حسب رؤيتها وضمان الاستقرار بوساطتها في المنطقة، والوصول إلى ترسيم حدود ثابتة بين أرمينيا وتركيا. قدمت روسيا السوفييتية في صيف عام 1920 مساعدات عسكرية ومالية لتركيا، والتي استخدمت ضد اليونان في الغرب وأرمينيا في الشرق. كانت الحكومة التركية تطمح بتحركاتها العسكرية إفشال معاهدة »سيفر« وتحريم الأرمن من إمكانية تأسيس دولة موحدة. وبدورها كانت أرمينيا تؤمن بأن الدول العظمى: الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا ستقوم بتطبيق بنود معاهدة »سيفر« وتصد لهجمات تركيا. وبهذه المناسبة قدمت حكومة أرمينيا طلباً إلى عصبة الأمم، ترجو اتخاذ آليات ضد الهجمة التركية. لكن من دون جدوى.

استغلت تركيا الوضع الإقليمي المتوتر وخاصة النزاع بين دول الائتلاف وروسيا السوفييتية، التي كانت تطمح كل منها باستخدام تركيا لمصالحها، وبدأت بالتحرك العسكري ضد أرمينيا. وبتاريخ 22 أيلول عام 1920 شن الجيش التركي بقيادة كاظم قرابيكير هجوماً مفاجئاً على أرمينيا. وبعد معارك ضارية بين الطرفين، تمكن الجيش التركي من إعادة احتلال قارص في 22 تشرين الأول، وتلتها الكسندرابول في 7 تشرين الثاني. اضطر الجيش الأرمني بالتراجع رويداً رويداً، وانتقلت المعركة إلى ضواحي العاصمة يريفان، واستمرت بضعة أسابيع. هكذا اضطرت حكومة جمهورية أرمينيا في ظروف صعبة جداً إلى توقيع اتفاقية صلح مع تركيا في 2 كانون الأول عام 1920 في الكسندرابول. وبموجبها انضمت مناطق قارص وأرداهان وإكدير من جديد إلى تركيا، أما مقاطعة ناخيجيفان فوضعت تحت سيطرة آذربيجان. وفرضت الاتفاقية شروطاً قاسية على أرمينيا، ومن بينها التزامها بالتراجع من اتفاقية »سيفر«، كما رفضت مسؤولية تركيا عن الإبادة الأرمنية وتعويض الخسائر المادية، التي بلغت حسب معطيات مؤتمر باريس للصلح نحو 19 مليار فرنك.

وفي اليوم نفسه جرى التوقيع على اتفاقية أرمنية – روسية وتشكلت حكومة انتقالية من الطاشناق والشيوعيين، وهكذا أصبحت أرمينيا، بعد ما تقلصت مساحتها إلى حوالي 30 ألف كم2، جمهورية سوفييتية بدءاً من 29 تشرين الثاني عام 1920. وبذا حُرمت الجمهورية الأولى من السلطة بعد دخول أرمينيا المنظومة الشيوعية[6].

في 16 آذار 1921 وقعت في موسكو اتفاقية الصداقة والأخوة بين روسيا السوفييتية وتركيا. وبموجب المادة الأولى من هذه الاتفاقية وافقت حكومة روسيا على عدم الاعتراف بجميع الاتفاقيات الدولية التي تخص تركيا والمرفوضة من  مجلسها. وكانت هذه الاتفاقية تخص بالدرجة الأولى معاهدة »سيفر«، والتي كانت تركيا تسعى إلى إلغائها دائماً. وانتهكت حقوق أرمينيا والشعب الأرمني بشكل عام خلال اتفاقية قارص الموقعة بمشاركة روسيا بين تركيا وجمهوريات ما وراء القوقاس السوفييتية (أرمينيا، جورجيا وأذربيجان) في 13 تشرين الأول عام 1921. وبموجب هذه الاتفاقية رسمت الحدود الحالية بين تركيا والجمهوريات المذكورة. وكرر مضمون اتفاقية موسكو تقريباً حرفياً في هذه الاتفاقية. ووفق المادة الخامسة، وضعت مقاطعة نخيجيفان الأرمنية (بأغلبية سكانها الأرمن) أيضاً تحت حماية أذربيجان.

بعد اتفاقيتي موسكو وقارص اللتين، كما ذكرنا آنفاً، انتهكتا حقوق الشعب الأرمني، فشلت جهود أفيديس آهارونيان وبوغوص نوبار باشا بإقناع الدول العظمى لتطبيق معاهدة »سيفر« في مؤتمر باريس في شباط 1921 ومؤتمر لندن في شباط – آذار من العام نفسه. بالعكس وفق الاتفاقية المبرمة في أنقرة في تشرين الأول عام 1921 بين تركيا وفرنسا، انضمت كيليكيا أيضاً إلى تركيا. علاوة على ذلك وقعت معاهدة »لوزان« في 24 تموز عام 1923 بشكل يتماشى كلياً مع أماني الأتراك القوميين. ووفق هذه المعاهدة الجديدة اعترفت لتركيا بحدود مستقرة تستوعب تراقيا الشرقية والأراضي المتنازع عليها في الأناضول، إقليم إزمير، كيليكيا، ساحل البحر الأسود والولايات الأرمنية وغيرها[7]. وأغفلت معاهدة »لوزان« ذكر أي حقوق للشعب الأرمني، ولم تذكر كلمتا »أرمينيا« أو »الأرمن«، وضمت بنود عامة حول ضرورة عدم اضطهاد الأقليات غير المسلمة. وهكذا اختطفت أرمينيا الغربية نهائياً وفق هذه المعاهدة، وبذلك عبرت عن الاستهتار العالمي إزاء القضية الأرمنية، ورسخت أسس الجمهورية التركية على حساب الأرمن خلال إبادتهم وتهجيرهم القسري[8].

دخلت الإبادة الأرمنية مرحلة جديدة (1918-1923) بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى وظهور الكماليين بقيادة مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية الحالية. بعد إنجاز الشطر الأكبر من ائتلاف الأرمن في الإمبراطورية العثمانية من الاتحاديين، تبنى الكماليون مشروع إقامة »وطن قومي لا يقبل التجزئة« والذي كان يدل على رفض قيام دولة أرمنية في شرق الأناضول في الولايات الأرمنية وكيليكيا. بعد تصفية الولايات الست الأرمنية من سكانها الأصليين، شن الكماليون على مقاطعة كيليكيا، وبدؤوا بتطهيرها تحت أنظار وصمت فرنسا والدول العظمى من السكان الأرمن جراء هجمات قاسية على المدن والقرى. وبين أعوام 1920-1923 تم ارتكاب مجازر جديدة على يد الكماليين الجدد، راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأرمن في كيليكيا والأستانة وإزمير وغيرها.

ثم أصدر مصطفى كمال أتاتورك عفواً عن كل الجرائم المرتكبة منذ بداية الحرب العالمية الأولى حتى عام 1924[9].

بعد نحو أكثر من عقدين من معاهدة »لوزان« وفي أواخر الحرب العالمية الثانية (1945) بدأ الاتحاد السوفييتي بقيادة جوزيف ستالين مناقشة استعادة بعض المناطق الأرمنية التابعة لتركيا وضمها إلى الدولة السوفييتية. فجرى الحديث آنذك خاصة عن مقاطعتي قارص وأرداهان. وفي هذا السياق كان ستالين يرغب في ضم مقاطعة قارص إلى أرمينيا، أما أرداهان لجورجيا. وطرح هذا الموضوع خلال عدة لقاءات للأطراف المحاربة إلى جانب الاتحاد السوفييتي، ولكن في آخر المطاف رفض زعماء بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمر برلين (بودستدام) عام 1945 هذه المطالب من موسكو، ثم إجراء تغييرات في الحدود التركية – السوفييتية المرسومة. وفي نتيجة الضغوط الغربية تراجعت حكومة الاتحاد السوفييتي عن نيتها. أما وفق البيان الصادر في 30 أيار عام 1953 تراجع الاتحاد السوفييتي نهائياً من مطالبه بشأن الأراضي الأرمنية تجاه تركيا، انطلاقاً من توطيد وتعزيز السلام والاستقرار ورغبة من نيات حسن الجوار[10].

هكذا تمكنت الدولة العثمانية ووريثتها الحكومات التركية لاحقاً »حل القضية الأرمنية«، كما قيل، بالطريقة التي كانت تتطابق مع مصالحها القومية. مع الأسف الشديد، جرى كل ذلك جهاراً أمام أنظار المجتمع الدولي، من قتل جماعي، وتهجير قسري، وتنكيل واغتصاب واضطهاد وصلت ذروتها في العامين 1915-1916. وتعتبر هذه الإبادة الجماعية تجاه أمة كاملة أول كارثة إنسانية في تاريخ البشرية بحجم ضحاياها (زهاء مليون ونصف المليون) وخسائرها المادية ومظالمهاالشنيعة.

إن هذه الجريمة التي بقيت، من دون عقاب حتى الآن، استغلها هتلر، وقال في خطابه في 22 آب 1939 الموجه إلى قادة الرايخ الثالث العسكريين، قبل احتلال بولونيا: »لقد أصدرت الأوامر إلى وحدات الشرطة العسكرية بالتوجه إلى الجبهة البولونية، وبقتل الرجال والنساء والأطفال من دون رحمة. مَن من الناس يتحدث اليوم عن إبادة الأرمن؟«[11].

بالرغم من الإجراءات المنظمة والجهود الكبيرة على جميع الصعد من الأنظمة التركية– العثمانية خلال قرون لمحو الشعب الأرمني، إلا أن إرادة البقاء والإبداع وإرثه الثقافي والحضاري العريق دفعته لصياغة تاريخه من جديد وإلى إعادة الحياة، رغم كل المحن والويلات، وبناء دولته في شطر أرمينيا الشرقية. أما الباقون على قيد الحياة من قوافل الموت فانتشروا في كل أنحاء المعمورة، وبذا دخلت في الأدبيات العالمية مصطلحات »الشتات الأرمني«، »المهجر الأرمني«، »الاغتراب الأرمني« و…إلخ. خلال العقود الماضية، ما فقد يوماً الشتات الأرمني الوعي القومي، وذكريات الأجداد، والوطن المسلوب، وآلام الماضي، كما أنه حافظ على الهوية الأرمنية، وقام بنضال مرير في سبيل القضية الأرمنية واستعادة العدالة والاعتراف وعدم إنكار جريمة الإبادة الأرمنية. بدءاً من ستينيات القرن العشرين بعد مرور نصف قرن على جرائم العثمانيين، جرى اهتمام ملحوظ، ليس في الشتات الأرمني فقط، بل في جمهورية أرمينيا السوفييتية بعد سكوت وتحفظات لعدة عقود فرضتها القيادة السوفييتية.

فمنذ عام 1965 وبشكل رسمي بدأ إحياء ذكرى ضحايا الإبادة الارمنية في أرمينيا في 24 نيسان من كل عام، وتم تدشين ضريح الشهداء في العاصمة يريفان. كما أصبحت الإبادة الأرمنية أو القضية الأرمنية موضوع النقاش في المحافل والمنظمات الدولية وبرلمانات عدة بلدان، التي اعتبرتها أول »جريمة إبادة« في تاريخ الإنسانية.

* ينفرد موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر مقاطع كتاب “شهادات غربية عن الإبادة الارمنية في الإمبراطورية العثمانية” إعداد ومراجعة ودراسة: البروفيسور-الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق – 2016، (8).

117- كيراكوسيان آ.، القضية، ص 22-23. داسنابيديان، القضية، ص 34-35.

118- نفس المكان.

119- داسنابيديان هراج، القضية، ص 36-37، كيراكوسيان آ.، القضية،  ص 24، القضية الأرمنية (موسوعة)، ص 411-413، فؤاد حسن حافظ، تاريخ الشعب الأرمني، القاهرة، 1986، ص 370…

120- رسلان أحمد فؤاد، أرمينيا، ص 76.

121- كيراكوسيان آ.، القضية، ص 25.

122- كيركوسيان آ.، القضية، ص 28-29، أنظر أيضاً: داسنابيديان هراج، القضية، ص 38-39.

123- نفس المكان.

124- د الإمام محمد رفعت، القضية الأرمنية.

125- عربش سمير، مئوية الإبادة، ص 42-43.

126- كيراكوسيان آ.، القضية، ص 34.

127- داسنابيديان هراج، القضية، ص 27.

Share This