إيفا دادريان: المصريون الأرمن أثروا في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية المصرية.. وعددنا الآن 5 آلاف شخص

مؤلفة “أحنا المصريين الأرمن”:  اشعر بالحزن عندما اشاهد ما وصلت إليه الثقافة حاليا بمصر.. و”يا خواجة” نتقبلها بالمعنى الإيجابي ..

وقفت وسط جمهور سينما زاوية، وقد اكتظت الصالة بالمشاهدين ومنهم من لم يجد مكانا فجلس على السلالم لمشاهدة فيلمها “أحنا المصريين الأرمن”، الذي يوثق مراحل هامة في حياة مجموعة من المصريين الأرمن، تعتز بأصولها الأرمنية وأيضا بمصرياتها وتترحم على أيام الستينيات لما لها من أثر على شخصيتها المتأنقة، ألتقاها “مصريات” مرة أخرى ولكن هذه المرة بشكل منفرد في حوار مطول عن المصريين الأرمن، وعن فيلمها الذي شارك بالعديد من المهرجانات الدولية، وحاز على إعجاب كل من شاهده.

من اين جاءت فكرة الفيلم؟

الفكرة ليست فكرتي، حيث إنها للمخرج وحيد، الذي كان ينوي أن يقدم فيلما عن المصور الأرماني فان ليو، وفي مرحلة البحث عنه توصلنا إلى سيدة أرمينية تعرفه، ولكن بعد يوم تحديدا اتصل بي المخرج، وقال لي إن الموضوع أكبر من فان ليو، ومن هنا بدأنا التحضير لفيلم يشمل جميع المصريين الأرمن.

ماذا عن المذبحة التي حدثت للأرمن عام 1915 وتناول الفيلم لها؟

الفيلم يحكى حياة الأرمن في مصر بعد سنة 1915 أي بعد المذبحة، وفي مقدمة الفيلم بدأنا بموقعة موسى ضاغي، وهي تحكي عن كفاح الأرمن بعددهم القليل في مواجهة الحروب التركية، ونذكر أيضا  أن  محمد على هو الذي فتح الباب للأرمن خاصة أنه كان يحبهم،  وأيضا كان الأرمن يمتلكون لغات عديدة وحرف متنوعة، وابتدت الجالية تكبر من عهد محمد علي وأصبحت أكثر تنظيما، تاريخ مصر بيحكى فهنا في الفسطاط يوجد سوق اسمه سوق فارتان على اسم واحد أرمني، وكان منهم من يعمل بالجيش، وكان منهم أيضا الرسامين والفنانين.

“يا خواجة “.. جاءت بردود فعل مختلفة خلال الفيلم من المصريين الأرمن.. ماذا عنها؟

كلمة خواجة لها اثنين من المعانى أول شيء معناها الشخص الذي يفهم الواعى والمعنى الثانى هو أنها تخص الشخص الأجنبي عن البلد، وهذه الكلمة جاءت من أحد المشاركين بالفيلم أنها لا تزعجه، لأنه يأخذها من الناحية الإيجابية، رغم أن هناك أصدقاء له قد تزعجهم هذه الكلمة، أنا شخصيا لا اسمعها وعندما كنت صغيرة، والدي كان مهندسا زراعيا، وكانت الناس تسمية هكذا يا باش مهندس، ولم يدعيه أحدا يا خواجة، كانت هذه الكلمة قديما تدل على الاحترام، مثل كلمة أسطى كانت تقال للشخص الفاهم قبل ان يتغير الزمن.

ماذا عن تاريخ الأرمن في مصر؟ وكم عددهم حتى الآن؟

كان للمصريين الأرمن أثر كبير في الحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية والفنية، وتوجد مسارح وأماكن باسمهم حتى الآن، كان عددهم قديما حوالى 40 ألف لكن الموجودين حاليا في مصر حوالى خمسة آلاف فقط.

كيف استقبل المصريين الأرمن الفيلم؟ وما هي ردود فعلهم؟

كانوا في سعادة كبيرة عندما شاهدوا الفيلم وجاءت تعليقاتهم إيجابية ووقت عرض الفيلم في سينما الهناجر كان الترحيب بالفيلم قوي حتى أن صالة العرض كانت قد اكتملت قبل بدء الفيلم.

ماذا عن ملاحظاتك عن جمهور الفيلم؟

لم يكن الحضور من المصريين الأرمن فقط ولكن كان يوجد أيضا مصريين وشباب كثير، ونحن نحاول أن يصل الفيلم لجميع الناس فلهذا سوف يعرض الفيلم في الجامعة الأمريكية وبعدها في سينما زاوية الزمالك، وأكثر الحضور كان شبابا يحاول أن يعرف، وهذا ما أسعدني جدا.

شارك الفيلم في مهرجان القاهرة الدول.. ماذا عنها؟

فوجئت عندما علمت بأن لجنة المهرجان اختارت الفيلم ليعرض في المهرجان، ووجدنا ترحيبا كبيرا من الجمهور حيث كان العرض في سينما الهناجر وفي الأوبرا، وعندما عرض الفيلم في سينما أديون كان العدد مكتمل في أول عرض، وكانت الصالة بها 200 كرسى، مما أدى إلى أن قرر مدير السينما نقل العرض التالى إلى صالة أكبر.

كان للكاتب إبراهيم عبد المجيد دور أساسي في الفيلم.. ما هو؟

كنا نبحث عن شخص مصري وايضا ملم بالتاريخ، وأستاذ إبراهيم كان يعرف التاريخ المصري جيدا، وهو أيضا يعيش في الإسكندرية وله صوت مصري أصيل، فاتفقنا عليه جميعا وعندما طلبنا منه المشاركة في الفيلم وافق.

 ظهرت الفنانة أنوشكا في الفيلم كامرأة أرمينية تمتهن الفن.. فماذا عن نيللي وهي ايضا أرمينية؟

في البداية كنا نتمنى أن  نسجل مع فيروز وهي فنانة مصرية أرمينية ولكن الذي حدث أنها توفت، وتوجهنا إلى أنوشكا فرحبت بنا، الحقيقة عندما طلبنا مشاركة نيللي رفضت وقالت إن لها أسبابها الخاصة، وأنوشكا ذكرت في الفيلم فيروز ونيللي.

الشخصيات الأرمنية كانت شديدة التنوع عمرًا وتجربةً فهل كان من الصعب التنسيق معهم؟

لم يكن صعبا بل كانوا مرحبين بنا جدا، وكان يوجد تعاون شديد بين الجميع، لم يكن هناك شباب كثير في الفيلم فالأكثر كانوا الأرمن كبار السن، الذين تحدثوا عن حياتهم في مصر وحتى الآن، وكان من الشباب اثنين منهم فنانة شابة كانت لها لوحات فنية قمنا بعرضها خلال الفيلم.

 كيف ترى المشهد الثقافي بشكل عام في مصر؟ وما مدى تأثيره على صناعة السينما؟

انا أشعر بالحزن عندما أشاهد ما وصلت إليه الثقافة حاليا بمصر، كانت الحياة زمان أفضل فكان هناك مسرح وسينما، زمان في الستينيات وأنا صغيرة، كنت ارتدى مريالتي المدرسية، وأذهب مع الأسرة  يوم الجمعة إلى الأوبرا القديمة، فكنا بخمسة قروش نسمع موسيقى كلاسيكية، كنا نذهب للمسرح ونشاهد سميحة أيوب وهي تمثل، وكانت المسرحيات لأناس عظام فكان هناك مسرحيات لبرشت وتشيكوف، لم تعد الحياة كسابق عهدها ولكن هناك نور صغير في آخر النفق، والأشخاص التي تحاول أن ترفع من شان الثقافة في مصر قط في بحر.

من وجهة نظرك هل قرار المعيشة في القاهرة قرارا صعبا؟ وهل تتعرضين لأي لمضايقات؟

أنا اتولدت في القاهرة وعندما انتهيت من الدراسة سافرت إلى الخارج وقضيت 35 سنة في إنجلترا، لم أكن مقيمة بصفة مستمرة في القاهرة ولكن كنت أذهب وأعاود ، أصدقاء مصريين ومصريات، ولم أشعر بوجود أي شئ ضد الأرمن وهذا من خلال تجربتي الشخصية.

هل ثورة 25 يناير اعطتك الدافع للعمل في مصر؟ 

كان معظم عملي في إفريقيا ولكن الثورة اعطتني الدافع أننى أجي وأعمل في مصر، في ثورة 25 يناير أظهرت الجانب الثقافي الذي  كان مندثرا، فشاهدت الشباب التي ترسم الجرافيتي والأغاني التي كانت في الميدان ومنها جاء مهرجان الفن ميدان فكان هناك حرية ثقافية، الثورة فتحت عيون الشعب وأصبح قادرا على التغيير، وهذا من الوقت الذي خرجت فيها الناس لتقول إحنا مش خايفين وقتها تكسرت جدران الخوف ومنها خرج الإبداع وأصبح له مكان.

ماهى خططك المستقبلية؟ وهل هناك خطة لعرض الفيلم في مهرجانات أخرى؟

نعم أمامنا مهرجان كرامة، وهناك عروض للفيلم في كندا، وأيضا سيعرض في المعهد العربي في باريس، وفي مهرجان أفلام في مرسيليا.

المصدر “مصريات”

Share This