في ذكرى مذابح الأرمن .. أهم الكتب التي تناولت قضيتهم

 

أزتاك العربي- نشرت شبكة الأخبار العربية مقالاً بعنوان “في ذكرى مذابح الأرمن .. أهم الكتب والأعمال السينمائية التي تناولت قضيتهم”، حيث اعتبرت المقالة أن مذابح الأرمن هي واحدة من أسوأ الجرائم التي ارتكبت ضد الانسانية وتمر علينا ذكراها في هذه الأيام والبعض يعرفها باسم المحرقة الارمنية والمذبحة الارمنية أو الجريمة الكبرى وقد كانت جريمة الأرمن آنذاك هو اتهامهم بتأييد جيوش الحلفاء وبالتحديد الجيش الروسي فوصفوهم بأعداء الداخل وقاموا بعمليات القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل الامبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل، والترحيل القسري وهي عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين.

وتختصر كلمة ‘إبادة’ فى رأى الأرمن ما حل بأجدادهم فى 1915 لكنها ترتقى أيضاً بتجربتهم إلى مستوى المحرقة ”أما عن الموقف التركي الرسمي عبّر عنه رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بحديثه عن “المعاناة” التي عاشها أيضاً في تلك الحقبة “الأتراك المسلمون”، مضيفاً: “نحن مستعدون لمشاطرة الآلام لكننا لن نتنازل أبداً”.

وحتى الآن، مازالت الكتب المدرسية التركية تصف الأرمن بأنهم خونة، والدعوة الإبادة الجماعية للأرمن كذبة وتقول الكتب كذلك بأن الأتراك العثمانيين اتخذوا “التدابير اللازمة” لمواجهة النزعة الانفصالية الأرمنية. وتوجد قاعة فى متحف إسطنبول العسكرى عن معاناة المسلمين على أيدى المسلحين الأرمن الذين يعلمون المؤرخين أنهم كانوا متمردين يحاولون الخروج عن السيطرة العثمانية.

مأساة أنسانية

وقد بدأت المذابح فعليا في 24 إبريل 1915 حيث تم تجميع المئات من الشخصيات العامة والمثقفين والأدباء الأرمينيين في أسطنبول وإعدامهم في الساحات، كما تم تهجير الآلاف من الشيوخ والنساء والأطفال نحو الصحراء وتركهم دون طعام أو ملابس فمات منهم أكثر من نصفهم نتيجة الجوع وسوء الأحوال الجوية.

وقد قامت بعض السفن الأوروبية وأبرزها من فرنسا بنقل المئات من الأطفال الأرمينيين إلى دولا عديدة أبرزها لبنان وسوريا ومصر واليونان، ووفقا لما صرح به المخرج المصري ذو الأصول الأرمينية فارت فاهرام فإن سفن الإغاثة كانت تنقل الأطفال والنازحين حيث دخلوا مصر عبر بورسعيد بينما استوطن الأرمن الأغنياء في القاهرة والإسكندرية.
ويروي العديد من الأرمنيين القاطنين في مناطق مختلفة قصة أجدادهم أو أبائهم الذين نجوا ونجحوا في الوصول لسوريا ومنها لدول أخرى. بعضهم عاد لأرمينيا ليتعرف على بلده ويتعمق في تاريخه أكثر، وآخرون بقوا في أماكنهم، يتكلمون الأرمنية ويحاولون الحفاظ على هويتهم.

ويقول أحد المرسلين الأمريكيين المواكب للحدث، “خلال ستة أسابيع شاهدنا أبشع الفظائع تقترف بحق الآلاف الذين جاؤوا من المدن الشمالية ليعبروا من مدينتنا، قتل جميع رجالهم في اليوم الأول من المسيرة، بعدها تم الأعتداء على النسوة والفتيات بالضرب والسرقة وخطف بعضهن، لم تكن هذه مجرد روايات بل شاهدنا بأم أعيننا هذا الشيء يحدث علنا في الشوارع”.

يتفق معظم المؤرخين على أن عدد القتلى من الأرمن تجاوز المليون ويقول آرا سوفاليان كاتب وباحث في الشأن الأرمني: المجازر الأرمنية التي اقترفها النظام العثماني فاقت في وحشيتها وحشية جنكيز خان وتيمور لنك بدون شك، ونوايا الاتحاديين لم تكشف إلى العالم المتحضر تحيزهم علانية إلى جانب المانيا، واذا كان هناك وجود لشعب اتصف بصلاته الوثيقة بالأتراك واخلاصه وخدماته الجليلة للبلاد وصلته برجال الدولة والموظفين والفنانين والأذكياء الذين قدمهم، فهو من دون شك الشعب الأرمني، وأسفاه عندما يفكرالمجرمون بأن شعباً بهذه المواهب يجب ان يختفي من التاريخ فإن أقسى القلوب تنزف دماً على هذا التصرف وأنا أرغب من خلال صحيفتكم المحترمة أن أعبر عن غضبي حيال هذه الممارسات الوحشية ضد الأرمن من قبل الجزارين وأسفي الكبير على الضحايا البريئة.

كذلك فقد قال محمد شريف باشا سفير الدولة العثمانية في السويد في مقابلة مع جريدة جورنال دو جينيف بتاريخ 21 /9/1915… (تاريخ هذه المقابلة يفيد بأن السلطنة كانت في أوج قوتها فالتصريح أتى قبل وليس بعد وهذا دليل على شجاعة السفير وضميره الحيّ)

ليس هناك ثمة أدنى شك في حصول المجزرة فالمسؤولون الأتراك في تلك الفترة كانوا يحلمون في بناء امبراطورية بانتوركية طورانية تبدأ بتركيا الحالية وتصل إلى آسيا الوسطى

أسرة أرمينية تحكي مأساتها

بلغة عربية غير متقنة، سردت تاكوهي قصة والدها مِهران، الذي خرج من مدينة إيرزروم شمال تركيا مع والدته وأخواته. وفي طريقهم إلى سوريا، ماتت الأم، فقاموا بدفنها أسفل شجرة توت في مشهد لن ينساه مِهران الذي كان يبلغ من العمر خمس سنوات آنذاك. «المشهد ما كان بروح من عين والدي، كل ما بحكي هاي السيرة وببكي»، تقول تاكوهي.
شقيقتا مِهران اللتان كانتا جميلتين جدًا، رمتا بنفسيهما في نهر الفرات خوفًا من الاغتصاب، حسبما روى مهران لابنته، وبذلك وصل وحيدًا إلى دار أيتام في حلب، حيث علم بمقتل والده وشقيقه على أيدي الأتراك في أيرزروم.

بقي مهران في حلب ثمانية أعوام ثم ذهب لفلسطين ثم بيروت حيث توفي عام 2002 عن عمر يناهز 92 عامًا.
تزوجت تاكوهي في بيروت وجاءت مع زوجها إلى الأردن إثر الحرب الأهلية اللبنانية. ابنها ميرو تزوج من آني قراليان في بيروت أيضا وقدما إلى عمّان لاحقا، حيث بنى الأخيران منزلهما الأرمني الطابع.

مجازر أخرى ارتكبها الأتراك بحق الأرمن أهمها الحميدية وأضنة

والإبادة الأرمنية ليست أولى المجازر التي تعرّض لها الأرمن الذين كانوا يعيشون في السلطنة العثمانية. فمنذ بدايات العقد الأخير من القرن التاسع عشر، راح الشباب الأرمن الذين تلقوا تعليمهم في الجامعات الأوروبية يطالبون بإصلاحات سياسية وبملكية دستورية وبانتخابات وبإلغاء التمييز ضد مسيحيي السلطنة، وهذا ما أغضب السلطان العثماني عبد الحميد الثاني المعروف بلقب السلطان الأحمر. من هذه الخلفية، ارتكب العثمانيون، بين عامي 1894 و1896، مجازر بحق الأرمن راح ضحيتها حوالى 80 ألف، وعرفت باسم المجازر الحميدية. ومن أبشع المجازر التي ارتكبت آنذاك حرق نحو 2500 امرأة أرمنية في كاتدرائية أورفة.

وبحسب تقييمات بعض المؤرخين فإن “الإبادة المنتظمة للأرمن بدأت في نهاية القرن التاسع عشر، إذ يدور الحديث عن القتل الجماعي الذي وضع أساسه في أعوام 1894-1895 بغية تقليص عدد الأرمن في تركيا والقضاء عليهم قضاء تاما في المستقبل”.

السوريون ومذابح الأرمن

وبسبب هذه المذابح هاجر الأرمن إلى العديد من دول العالم لاسيما سوريا ولبنان ومصر والعراق، وبات 24 أبريل من كل عام مناسبة لتذكر ما حدث لهم والتنكيل بهم.

ولتوثيق ما حدث فقد قام صحافي ألماني بالتقاط صورة محفوظة في أرشيف الفاتيكان و في الصورة توجد أمهات أرمنيات معلقات على الصليب عاريات تم صلبهن اثناء الإبادة من قبل الجنود الأتراك. موقع الإعدام في صحراء دير الزور -سوريا . وقتها قام أهالي دير الزور باخفاء اطفال الارمن ومن استطاع الهرب من المذبحة من البالغين وكان الدرك التركي يمر ويسأل الاهالي عن الاطفال ، وكانو أهالي دير الزور ينكرون رؤيتهم ويدعون أن الاطفال أطفالهم هم حاليا عدد سكان الأرمن بمدينة دير الزور فوق 25000 نسمة.

اعتراف دولي بالمذابح

أكدت الحكومة التركية أنه يجب وضع القضية لمزيد من الدراسة من قبل المؤرخين الأمر الذى اعتبره الأرمن بمثابة إهانة وتحول فى المواقف.

إلا أنه في عام 2008، أطلق أربعة مثقفين هم أحمد أنسل وعلي بيرم أوغلو وجنكيز أكتر وباسكن وران عريضة وقع عليها 32 ألف تركي تطلب المغفرة من الأرمن.

واعترفت بالفعل حتى الآن اثنتان وعشرون دولة بالإبادة منها فرنسا. وتحققت خطوة هامة مؤخرا تمنح زخماً لجهود أرمينيا وهى إصدار البرلمان الأوروبى بيانا يعترف فيه بالإبادة ويطالب تركيا مجدداً بالاعتراف بالفظائع التى ارتكبتها إبان السلطنة العثمانية بحق الأرمن واعتبارها إبادة جماعية.وجاء فى البيان الذى اعتمده البرلمان بهذا الشأن وأعلن فى بروكسل أن الذكرى المئوية للجرائم التى ارتكبها العثمانيون بحق الأرمن قبل أكثر 100 عام فرصة عظيمة لاستيعاب أحداث الماضي.

وأهم الدول المعترفة بالإبادة هي : الأورغواي، قبرص، روسيا، كندا، لبنان، بلجيكا، فرنسا، اليونان، الفاتيكان، إيطاليا، سويسرا، الأرجنتين، سلوفاكيا، هولندا، فنزويلا، بولندا، ليتوانيا، تشيلي، السويد، وبوليفيا. كذلك تعترف بها 43 ولاية أمريكية، وأقاليم مثل إقليمي الباسك وكتالونيا في إسبانيا، إقليم القرم المنضم حديثاً إلى روسيا، نيوساوث ويلز وجنوب أستراليا في أستراليا، وكيبيك في كندا. أيضاً، تعترف بها الأمم المتحدة، البرلمان الأوروبي، ومجلس أوروبا. وبين هذه الدول من لم تكتف بالاعتراف فسنت قوانين تجرم انكار “الابادة”.

لن يقول الأتراك أبداً عن آبائهم إنهم كانوا قتلة

“لن يقول الأتراك أبداً عن آبائهم إنهم كانوا قتلة”. هكذا أنهى المؤرخ جستن مكارثي خطابه في البرلمان التركي عام 2005، فوقف النواب الأتراك مصفقين بحرارة لما قاله. تلخص هذه الجملة الختامية الموقف التركي الرسمي تجاه مذابح الأرمن على يد العثمانيين، هذه المذابح التي يصفها أغلب المؤرخين في العالم بأنها أول إبادة جماعية في القرن العشرين.
كتابات تحدثت عن المذبحة

وقد تناولت العديد من الكتب قضية الأرمن وما حدث لهم في تركيا إبان الحرب العالمية الأولى، عشرات الكتابات تحدثت عنهم وعن تلك المذبحة المروعة التي أودت بحياة الآلاف منهم، وتختلف الأرقام بين مصدر وآخر، لكن المؤكد أن هناك إبادة حدثت لبشر، مرفوضة أخلاقيا مهما تكن الأسباب.

من الكتابات التي لفتت نظري في الآونة الأخيرة وتناولت تلك القضية بصورة احترافية مبدعة، ما كتبه كل من الدكتور “أحمد عبد الوهاب الشرقاوي” في مؤلفه “مذابح الأرمن ضد الأتراك” الصادر عن دار البشير للثقافة والعلوم عام 2015، والآخر للكاتبة الصحافية التركية والمعارضة السياسية المشاكسة “إجي تملكوران” بعنوان “الجبل العميق” Deep Mountain Across the Turkish-Armenian Divide والذي ترجمه الكاتب والمترجم والشاعر السكندري “ميسرة صلاح الدين” ونشرته دار صفصافة للنشر عام 2016.

الكتاب الأول للدكتور الشرقاوي هو دراسة أكاديمية اعتمدت في المقام الأول على الوثائق التركية العثمانية والروسية والأمريكية، والتي توثق ما حدث من الأرمن ضد تركيا في الفترة التي سبقت قيام تركيا بسفك دماء الآلاف منهم، فلكل حدث مقدمات تؤدي إلى نتيجة، وهذا الكتاب ما هو إلا تأريخ مهم لأحداث ومواقف أدت بالأرمن في النهاية إلى هذا المصير. والشرقاوي بعمله الرصين لا يقدم للقارئ ما يبرر لتركيا فعلتها، وإنما يكتب عن القضية المطروحة للنقاش بوجهة نظر أخرى يمكنها أن تجعل الصورة شاملة واضحة أمام المتلقي، فعلى حد قوله “إنما هو نظرة إلى القضية من جانب مختلف تماما، ورؤية بانورامية لزاوية أخرى جديدة من المشهد الأرمني التركي الإنساني، فقد سارع أحد أطراف المذابح بالشكوى والادعاء واستخدام كل وسائل الدعاية الممكنة لترويج دعواه، حتى لم يدع مجالا في عقول وقلوب المتلقين للالتفات إلى أقوال الطرف الآخر.

الكتاب الثاني لتملكوران حديث شجن ذو لمحة أدبية سردية محمولة استقصاء محترف، وهذا ليس ببعيد عن سوابق أعمال المؤلفة، فهي تلك المعارضة الشرسة التي وقفت كثيرا إلى جانب الحق وضد سياسات دولتها في الكثير من الأحيان، إلا أن الحديث عن القضية الأرمنية لا يمكن قصره على شهادات وأعمال صحفية بحتة. وقد برع “ميسرة صلاح الدين” في نقل هذا المؤلف المهم إلى اللغة العربية من الأصل الإنجليزي رغم صعوبة لغة الكتاب، وصعوبة التعامل مع المواد الاستقصائية التي في العادة يشوبها الكثير من الغموض والمراوغات والأدلة الغامضة الغير معلنة، فجعل هذا النوع من الكتابة مادة صحفية مؤثرة ليس بالأمر السهل، إلا أن الكاتبة نجحت في تحقيق تلك المعادلة الصعبة إلى حد كبير. وبعيدا عن اقتناع المترجم بمحتوى الكتاب من عدمه إلا أنه جهد يحسب له، لأنه وباحتراف نقل لنا شكل جديد من الصحافة الاستقصائية يندر استخدامه بصورة صحيحة في أغلب الأحيان.

ومن أرمن تركيا إلى أرمينيا والبندقية وباريس تجولت “تملكوران” تنقل لنا شهادات شفهية لضحايا وروايات سمعها وقرأها الأرمن عن أجدادهم في محاولة منها لمواجهة حالة إنكار الأتراك لإبادة الأرمن. حالة إنكار واجهت كل المهتمين بالحالة الأرمينية التركية، مما يؤدي بمرور الوقت – من وجهة نظر الكاتبة – إلى تشويه الحقيقة وغيابها، سواء داخل تركيا أو أرمينيا. إنه كتاب ينقب عن ذكريات واحدة من المذابح المروعة في عقول الأرمن الذين سكنوا  بلاد الشتات.
وعلى الرغم مما كتبته “إجي تملكوران” في كتابها (الجبل العتيق) من شهادات وذكريات حملها جيل كامل، ورثها أب عن جد توثق ما حدث بالفعل لهم – دون إنكار – على أيدي الأتراك عام 1915، وما استلهمته من التراث الشعبي المميز للأرمن، وما بعثه رحيق الزمان والمكان ليؤكد على حديثها، إلا أن “الشرقاوي” قدم في كتابه (مذابح الأرمن ضد الأتراك) بالإضافة إلى ما ذكرناه صورة مغايرة تماما من خلال دعم وثائقي ندر توفره لأي باحث آخر حاول الخوض في تلك القضة المهمة، والذي أوضح تماما أن الوضع العرقي في المناطق التركية التي سيطرت عليها القوات الروسية بمساندة الأرمن كان متفاقما للغاية، وأعمال الأرمن ضد الأتراك على الجانب الآخر من الجبهة تبقي الكراهية لهم حية ومؤثرة، فيذكر الأكاديمي التركي “سوسلو” أنه “يوجد لدينا حتى الآن مقابر جماعية تبلغ أكثر من مائة مقبرة للأتراك الذين قتلوا على يد الأرمن في المنطقة الممتدة عبر موش وبتليس وفان وقارص وأرضروم حتى أنقرة وقيصري وسيواس. وقد تم استخراج آلاف الجثث من المقابر الخمسة الأولى فقط التي تم فتحها”. كما يذكر “بروس فين” أنه “عندما وجد الأرمن الفرصة، ذبحوا الأتراك بلا رحمة، كما حدث في فان وأرضروم، وأشعلت الحرب موجة عنف بين الفئتين، فالأرمن يصارعون من أجل أهداف ثورية، والأتراك يناضلون من أجل الحفاظ على وحدة وسلامة وطنهم، كلاهما دفعته التجربة المرعبة إلى السبيل الذي لا توقف فيه، حيث لا ينتظر الخاسر أي رحمة”.

Share This