قصيدة بعنوان “و ما زلت أرمني” بقلم رشا قاسم

في الذكرى السادسة والتسعون للمجزرة الأرمنية-

وما زلت أرمني……….

أرمني أنا………نعم

ولدت في الشرق

لكن انتمائي أرمينية

وجذوري أرمينية

وأنا أرمني اللهجة

أرمني الهوية

أرمني أنا يا أصدقاء

ولادتي في أرض العروبة …….شرفتني

وحديثي عن قضيتي حق………فأعينوني

وأول الحب والوفاء الوطنية

أرمني أنا ما زلت كأبي وأمي

أؤمن بعدالة قضيتنا ….أحمل وصية أجدادنا

أصلي بهم كل يوم ……صلاة الغائب الحاضر

ما زال أبي يحلم ببيت له هناك…..في يريفان

ما زالت أمي تتمنى الصلاة …….لجدي الشهيد

في ساحة الجمهورية

أما أنا فما زلت أحلم ……..بربيع أرمينيا

وخريفها الذهبي الذي

حدثتني عنه جدتي……. في حكايا ليالي عربية

ستة وتسعون عاماً مروا

ما زلت فيها الأرمني الصامد

اسم بلادي هو سلاحي

اسمها عنوان قصيدتي

أرمني أنا من الشرق الجميل

****************************

أرمني أنا ولدت في الشرق

لكن انتمائي وجذوري أرمينية

هل رأيتم مفاتيحي في أرض “وان”

وما عاد لي بيت هناك

هآنذا أتكلم من منفاي

ذبحت مرات على يد السلطان

قالوا أن أرمن وان….كالثعالب ماكرين

متمردين على أوامر السلطان….دائماً متذمرين

يخفون الكره في الدم………أو حتى الشرايين

تمردهم مخيف ……….يحوي ريح التغيير

زحفوا إلينا بعدها بلا تنبيه

كزحف إسرائيل إلى أرض فلسطين

كلاهما لديه هدف واحد

إبادة الشعب هو الدين

زحفوا إلينا مدججين بالسلاح

ونحن بالمقابل بلا رشاش

حرقوا الأراضي والأشعار

قتلوا هناك أغلى الأحلام

تركيا اليوم تنفي وتبدل الأعذار

في القديم قالوا…….خيانة من أهل وان

واليوم قالوا………تمرد من أهل وان

وغداً لا تستغربوا إذا قالوا………

أسلحة نووية في وان…..تحوي دمار فتاك

لذلك كان العقاب!!!..؟..

أرمني أنا رغم ما كان

انتزعوني من وطني بقوة………….لكنهم

ما استطاعوا …………..محو الهوية

ستة وتسعون عاماً مروا

وأنا أنا الأرمني الصامد

وآرارات شاهد على ذلك

وهذه أكبر المغانم

والشوق يسكن في فؤادي

والعالم يظهر لي احترامه

والعروبة زادت جمالي

ولا أريد إلا انتصاري

وشذى أنفاسي عطرية

وأعيش عواطفي بحرية

وأحلامي مشروعة قوية

والتاريخ يذكرني بشاعرية

وعاداتي بعيدة عن الإباحية

ومشية هون وكبرياء

وعقيدتي الإخلاص والوفاء

وأخلاقي عنوان للكمال

أرمني أنا وليد الكلمات

وشهيد الخريطة والتسويات

مجبول من هوس الذكريات

ولدت من رحم الجنة والنار

لا أكتب الأشعار لأنني

خلقت لألهم الشعراء

******************************

أرمني أنا ولدت في الشرق

لكن انتمائي وجذوري أرمينية

ستة وتسعون عاماً مروا

زال فيها عهد السلطان

لكن هو عدونا ما زال

وما زال ماكر خبيث

مات السلطان لكنه …..ترك لنا وريث

ما زالت تراقبنا عيون أمنه والعسكر

وروح السلطان اليوم….بهيئة رئيس

ليس يهمه وطني…..يموت…. يحيا…… أو يحترق……

أشتم حريق في ورقي…..اسمك نار في ورقي

أشعل أسئلة كبرى؟

سألتني أمة العرب: “هل ارتكبت تركيا المجازر

هل قتلت مليون ونصف…….من الأرمن الأوائل

أليست هي للمظلوم نصيرة…….وحامية للقضية الفلسطينية

أليست هي صاحبة كتاب: “تحرير القدس في خمسة أيام”؟”

يا أمة العرب أصغوا واعتبروا

وأنتم أهل أذهان وألباب

لا نبغض الأتراك لكن لا نحبهم

فديننا دين المحبة والسلام

ولا الشعب ما هم بأعداء لنا

لكنهم غير أصحاب وإخوان

حملنا نير ظلمهم قروناً

رأينا خلالها شتى البلاء

حكموا أرضنا …..فتركوها

إذا وقع المصاب أرض للوباء

الأرمن لهم الرابع والعشرين من نيسان

والعرب أيامهم كلها نيسان

كل عام وهو ظالم ونحن المظلومين

كل شهر وهو قاتل ونحن المقتولين

كل يوم وهو سجان ونحن المسجونين

الخطوة في عهد سلطاننا ………..كانت ميل

والبسمة عند أطفال العرب………صراخ وعويل

أما الظلم ………سأكتب فيه دواوين

أتذكر يا مولاي المعتقلين

أتذكر المذبوحين والمصلوبين

أتذكر مليون ونصف……..من الأرمن الأولين؟

أهكذا يجازى الآمنون بدورهم

أهكذا قد جاء في السنة والقرآن

أهكذا تلقى أجسادهم بلا رحمة

في الصحاري الجافة والوديان

لوحوش الليل ونسورها…..وليمة ووجبة طعام

الموت قد جن لحالهم……فارتد عنهم إشفاقاً

ثم إن القدس حاجتها إلى همم

أوصاحبنا ممن يملك الهمم

والله لو كنت “حاتم طئ” كرماً

وسبقت”كولومبوس” في الأكتشاف

وكان خطابك أبلغ من “المتنبي”

ودموعك أغزر من “الخنساء”

والله لو دفنت “بيريز” تحت الأقدام

ما كنت عندي إلا متهم……إني وجد المنافق في العلياء

والفائزون اليوم أهل الرياء

ما الترك أهل لأن يعينونا……..فهم الضواري في لباس الضان

يا شعب أرمينيا في الشتات

عذراً…….. هذا زمان التسويات

لكم منا محبة واحترام

وقصائد شعر وخطابات

فالقدس أولى بأغنية

لو كان في بال “الإخوة” موال

ماذا تفيدكم أمة مسلوبة

أفعالها يوم “غزة” آراء

فليكتب كل أرمني …على جباه رجالنا العار

فحكام بلاد العرب ………كلهم نساء

ما هم بأموات فأقبل منكم العزاء

ولا هم بأحياء فأتمنى لكم اللقاء

هم ذيل العدو وظله……..والقدس مسرح لقتل الأبرياء

أرمينيا يا أرض النبوءة والمدارات

سألوا الجمال: فقال هيكلي فيها

أما الشعر : فقال بينت عرشي فيها

كم معشر خلتهم أنصار

فإذا هم لأعداءك أصحاب

العالم اليوم مع القاتل مسؤول

“أنور وطلعت” بسلاحهما المخيف

والعالم المسلوب بصمته المميت

ولولا ضعف العرب وفرقتهم

ما كان الموت قد زار

شهداء السادس من أيار

ولا كان بيت الأرمني حزين

وقلبه مسكن لجرح دفين

اليوم قد طوى الدهر ……الأستانة والسلطان

دارت عليهم دوائر الزمان……….كما

ستدور غداً على “طهران” و”تل أبيب”!

فالفرس قوم أشد خطورة…..يتفننون بالمكر حتى أصبح

غبيهم أدهى من الشيطان

يا شباب العرب أصغوا واعتبروا….وخذوا من الماضي العبر

وإلا سنرى بعد عشرين أو خمسين عام

بيارق الأعداء تخفق عالياً

تزين ساحات أمة الأسلام

في …………..استديو تركي لصناعة الأفلام

في …………..مصنع إيراني لصناعة السلاح

والجامعة الإسرائيلية لتدريس التاريخ

يا عقلاء الأرمن هذا زمانكم

أرمينيا ماثلة فيكم إن كنتم

في مصر أو الهند أو الصين

كونوا لمن ظل الطريق منارة

لا تخدعنكم السياسة فهي كالأفاعي

كثيرة الألوان والأشكال

************************************

أرمني أنا ولدت في نيسان

لكن انتمائي ……..لكل الشهور

نيسان بقايا كلمات وربيع حكايات

نيسان ملحمة فدائية ونيران محرقة

نيسان أسطورة الثورة وأحلام مقيدة

نيسان حناجر غضب وآمال مجهضة

نيسان حروف أذابها الكتمان

نيسان جرحاً تصوره السياسة فرحاً

نيسان لغم مؤجل على فوهة بركان

في شهر نيسان: يفتشون صمتي وأفكاري

يفتشون صدري فيجدون قلباً

يفتشون قلبي فيجدون وطناً

يفتشون صوتي فيجدون حزناً

يفتشون حزني فيجدون سجناً

يفتشون سجني فيجدون أنفسهم في القيود

مدانين بالجرم المشهود

في شهر نيسان: لا أملك إلا أحلام أخسرها

بلادي البعيدة عني روحي

بلادي القريبة مني سجني

وعظامي فيه منبر للخطابة

يا قادة العالم دمائي ليست منبراً للخطابة

“صاصون ووان والمدن المحترقة”

ليست برنامجاً انتخابياً للسلطة الفانية

في شهر نيسان: يتكاثر سماسرة اللغة الوطنية

يختصرون ستة وتسعون عام

بخطاب,  قصيدة,  مسيرة احتجاج

ومهرجان

يستخرجون جثتي التي دفنت

في ملفات الموت والتاريخ

لتبدأ جلسة عزائي من جديد

وأسمع من أحد السماسرة:

………قصة دمي……….

” بسم أرمينيا والشهداء نبدأ اللقاء

قبل ستة وتسعون عاماً

ولدت أحلامه وماتت

مر الرصاص عليها فاندثرت

خانوه وأذاعوا أنه رجل

خان البلاد كلها والعباد “!

في شهر نيسان: تغادر روحي بلادي القريبة

بعد أن تفتشها أيدي مألوفة

تفتشها فتجد مذكرات:

“مجازر قديمة……جرح…….تهم……وستة وتسعون عام”

تصل جنازة روحي بعدها إلى يريفان

تحاور الشهداء ………تتفقد موتهم

يتساءل الشهداء حولي……….؟

من أي موت أن آت……….أجيبهم:

أنا من الموت الذي يأتي غداً

في شهر نيسان: يقول الشرفاء والأصدقاء كلام

يخرج الجميع مظاهرات

في أمريكا……تركيا………وكل الكون

ينددون بالمجازر……..يفضحون فكرة الطغيان

كل المدن اليوم  تصرخ في جنون

اعترفوا بالمجازر………أعيدوا للأرمن الحقوق

نيسان…….  دعوة للصوم عن الغباء والتضليل

والتوجه إلى قبلة الصلاة

ولضريح شهداء نيسان الأنحناء

******************************************

أرمني أنا ولدت في الشرق

وولائي لجذوري ولأمة العرب

أرمني أنا ما زلت كعهدي

لا أركع لغير الله والأوطان

حروف وطني في قلبي أخبئها

حروف سبعة لو ضعت تحميني

تلقاها على القلب محفورة “أرمينيا”

كقصيدة شعر أحفظها ……من قبل ولادتي أعشقها

ماضيها يحمل أحزاني………حاضرها منبع أحلامي

ومدنها تحمل انتمائي

من يريفان من صاصون من وان

من أرضروم أو تبليسي أو سيواس

أنا وأهلي وجيران من أرمينيا

أرمني أنا من سلالة الزنابق والمجازر

أنا من قوم لا يبالون إلا رب السماء

يعيش لغيره ويظنه من ليس يفهمه

يعيش لذاته

أنا ثائر في وقار الناسكين

أنا عابد في جنون الثائرين

أنا من أهدى للعالم فكراً خالداً

“إذا الطرس مات أو احترق”

إنما نحن معشر الأرمن…..تتجلى سر الحياة فينا

أرمني أنا ما زلت كل عام

أجدد عهد الوفاء والألتزام

أنظم قصائد حب صادقة

أقول أنني  لن أنسى الوصية

أقولها في بيت الأسود والحملان

في أسماعهم حتى يعون

أن قضيتي لا تباع أو تشترى

أن ستة وتسعون عاماً لا تمحى

بحفنة حبر على ورق

ومفردات تسمى سياسة أو تسوية

أرمني أنا من صمت الدجى

من أسى “أيار” ولوعة “نيسان”

رغم الموت والأشلاء

رغم التشويه والتناسي

رغم التكذيب والتضليل

ما زلت أرمني.

Share This