عندما لا يكون الصديق عند الضيق

كانت القناعة تامة بالنسبة للصداقة والأخوة التي تربط تركيا بسوريا، من خلال الاتفاقات الموقعة والمشاريع المشتركة في العديد من المجالات على مدى عقد من الزمن.

لكن يبدو أن الحراك السياسي في سوريا والاضطرابات الجارية قد يغير هذا المنحى. وربما من أشد الأخبار وقعاً ما أفادت به بعض وكالات الأنباء عن عقد لقاء في اسطنبول ضم بعض المنشقين السوريين.

والمراقب للحالة السياسية في البلاد يستطيع أن يرى الوميض الذي أتى من تركيا على عدة مراحل خلال الأسابيع الماضية.

بدأ ذلك عندما تردد في الآونة الأخيرة عن مطالبات رسمية تركية من الرئيس السوري بوقف القمع وإجراءات إصلاحات والإسراع بها، إضافة الى إجراء إصلاحات ديموقراطية حقيقية. ومن وجهة النظر التركية فإن تلك النصائح والدروس المتعالية لم تجد آذاناً صاغية ولم تأخذ من تجاربها عبرة.

وثم جاء المؤتمر الصحفي للمرشد العام للأخوان المسلمين السوريين من استنبول نفسها. رغم إصدار بيان ينفي احتضان تركيا لتلك التصريحات.

ولكن الأمور تسارعت في الأيام القليلة الماضية، حينما عقد مؤتمراً تحت عنوان “لقاء اسطنبول من أجل سورية” بتنظيم مجموعة من الهيئات المدنية التركية المنضوية ضمن “منبر اسطنبول للحوار السياسي”. الذي ضم منظمات منظمة مدنية تركية ومنظمات المجتمع المدني السوري داخل سوريا وخارجها. حيث طالبوا الحكومة السورية بوقف القمع فوراً وتطبيق اصلاحات عميقة بدءا باقامة التعددية الحزبية.

وطالب البيان الختامي للمشاركين في اللقاء بالإيقاف الفوري لنزيف الدم الاعتقالات العشوائية والتعذيب في سوريا، ورفع القيود أمام حرية الصحافة والتعبير والسماح للمواطنين باستعمال وسائل الاتصال الحديثة.

جاء هذا المؤتمر التركي- السوري لبحث التطورات في سوريا. وتلك كانت مناسبة لمعرفة موقف الفعاليات التركية السياسية والرسمية من التطورات في سوريا.

ويذكر أنه في ختام اللقاء، ناشد المنظمون لـ”لقاء إسطنبول من أجل سوريا”، الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، اتخاذ موقف لحماية المدنيين والسوريين العزل الذين يقتلون فقط لمطالبتهم سلميا بالحرية، على حد قولهم.

وبالعودة الى تلك المراحل، فقد كان آخرها استدعاء سفير تركيا الى أنقرة لأسباب غير معروفة.

ولا يخفى على أحد وجود العنصر الخفي لهذه الاجراءات: وهو الملف الكردي الذي طالما أقلق تركيا التي تتفاخر بمسيرتها الاصلاحية وتنسى قمعها للصحفيين والأقليات.

لا يليق للإعلام التركي ولا لبيان الخارجية التركية عن أحداث جمعة الآلام السورية مهاجمة سوريا ووضعها في نصاب الدولة القمعية دون الادراك أن الأغلبية الساحقة في سوريا تؤيد الرئيس.

ربما كان اللقاء في اسطنبول لا يحمل طابعاً حكومياً إلا أنه جرى في أمام أعين الجميع، وأمام تعليقات إعلامية تشدد على الأهمية التي توليها الحكومة التركية ومجلس الامن القومي التركي لما يجري في سوريا. فحسب الصحافة التركية فإنه “تم اتخاذ كل الإجراءات تحسباً لكل السيناريوهات والتعقيدات المحتملة”.

إن الأصوات المرفوعة لا تصب إلا في مصلحة تركيا وهي ليست إلا نتيجة الخوف من تقلص بسط النفوذ في المنطقة العربية.

لا ندري مدى بُعد تركيا الرسمي من لقاءات اسطنبول وغيرها، لكننا ندري تماماً أنها بعيدة عن المثل العربي “الصديق عند الضيق”.

ملحق “أزتاك” العربي

Share This