تركيا والأحداث العربية في الصحافة العربية

بعنوان “الوصايا التركية العشر للنظام السوري تبدأ بـلا تقتل” كتب يوسف الشريف في جريدة الحياة ، أن بيان الخارجية التركية عن أحداث جمعة الآلام السورية بدا ضعيفاً خجلاً ومتعالياً في الوقت نفسه، موضحاً بأنه لا يليق بموقف دولة تقول إن الشعب السوري هو امتداد للشعب التركي وتجمعه به صلات قرابة وتاريخ، وخجل لأنه لم يضع يده على الجرح ولم يخاطب الرئيس بشار الأسد مباشرة، المعني الأول بكل ما حدث، ومتعالٍ لأنه جاء بصيغة دولة تتفاخر بتجاوزها اختبار الإصلاح والتغيير بنجاح وتملي على جارتها خريطة طريق لتتبعها في ذاك المسار.

ويؤكد كاتب المقال أن الموقف التركي من أحداث سورية وليبيا، وعموماً في العالم العربي بعد أحداث تونس ومصر، “كان مبنياً دائماً على أولوية أن يقوم الرئيس بقيادة التغيير والإصلاح التي يطالب بها الشعب”.

ولفت الى أن أن التدخل الغربي القوي والسريع في ليبيا، جعل تركيا تتنبّه الى أن الغرب قد يتخذ من الثورات العربية منفذاً للتدخل في الشرق الأوسط وإعادة ترتيبه من جديد، وهو ما يتناقض كلياً مع استراتيجية تركيا الأساسية في المنطقة المبنية على ضرورة حل الخلافات محلياً وعدم إعطاء أي فرصة لتدخل أجنبي جديد في المنطقة.

“لذا، جاء التحذير التركي مبكراً بأن المنطقة لا ينقصها عراق جديد، فأنقرة تخشى جدياً من استغلال الغرب ثورات المنطقة للعمل على تقسيم بعض الدول من خلال إذكاء الحرب الأهلية، أو زرع فتنة طائفية كما يجرى العمل عليه الآن في سورية”.

لا يزعج أنقرة أن تثور الشعوب العربية على حكامها، حتى في سورية، فالرئيس عبدالله غل قال إن تركيا تعتبر ما يحدث ربيعاً عربياً، وأن هذه الثورات تأخرت وأن المطلب بالتغيير حتمي ولا بد منه، لكن ما يزعج أنقرة هو هذا التدخل الغربي السافر لإدارة تلك الثورات والسيطرة عليها باسم الحرية والديموقراطية، وأن يصدق العرب الثائرون أن الغرب يقف معهم فعلاً لأهداف إنسانية بحتة. مضيفاً عن قلق أنقرة حول صور عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني التي يحملها المتظاهرون الأكراد في القامشلي شمال سورية.

وتحت عنوان نصائح عملية تركية لسورية كتب الشريف “نقلت تركيا الى الرئيس السوري بعض مواد الدستور والقانون التركيين، مع الترجمة الى العربية من أجل الاستفادة منهما خلال تطبيق الإصلاحات التي تعهد بها الرئيس بشار الأسد في ما يتعلق بقانون الإعلام والتعددية الحزبية، وكذلك التعليم الديني، وذلك انطلاقاً من وجود تشابه في التركيبة الاجتماعية لتركيا وسورية القائمة على تعدد طائفي وعرقي”.

وتدرك تركيا أن نجاح تجربتها في الانتقال من نظام الحزب الواحد الى التعددية الحزبية ما كان لينجح لولا وجود مؤسسة قوية مثل الجيش حافظت خلال تلك الفترة على المبادئ الأساسية للجمهورية العلمانية، وتدرك أيضاً أن عندما نضجت التجربة السياسية على أرضها فإنها لم تتردد في إسقاط وصاية المؤسسة العسكرية التي طالت أكثر مما يلزم، وذلك بالاستناد الى دعم الشعب حكومة العدالة والتنمية التي كانت تحتكم دائماً الى الاستفتاءات الشعبية والانتخابات المبكرة لتجاوز أي محاولة انقلابية عسكرية ضدها.

“لكن هـــذه الآمال التركية كلهـــا بدأت تتبخر سريعاً وتصطدم بالرصاص الذي انهمر كالمطر من بنادق الأمن السوري على المتظاهرين، لأن أنقرة تدرك أن ذلك الرصاص إنما يمزق صورة الرئيس السوري وينهي ما تبقى من رصيده الشعبي قبل أن ينفذ الى صدور مواطنيه”، مشيراً الى وصف الكاتب التركي جنكيز شاندار الموقف في دمشق من خلال مقال عرض فيه مقارنة بين نظام الأسد الأب والأسد الابن قائلاً وباختصار إن حافظ الأسد كان قائد عائلة ودولة استطاع أن يطيح خصومه وأن ينفرد بالسلطة، لكن الأسد الابن هو المتحدث باسم عائلة الأسد الحاكمة – على حد تعبير شاندار – فيجب ألا تنتظر أنقرة منه ما فوق طاقته.

مؤكداً أن الرئيس بشار الأسد الصديق المقرب للمسؤولين الأتراك لم يستجب هذه المرة النصائح التركية وأن أنقرة تدرك ذلك تماماً ولا تخفي خيبة أملها وحزنها، وتدرك أن الحرس القديم ينجح في كل يوم في تثبيت صورة التحامه بالرئيس الأسد وأن أي محاولة للفصل بينهما مستحيلة .. واختتم المقال بالقول أن “مشكلة أنقرة أنها ترفض أن تفكر بعواطفها وتطالب مئات الآلاف من المتظاهرين الغاضبين المطالبين بالحرية والكرامة أن ينظروا الى احتمال تداعيات إسقاط النظام في هذا الشكل وما يمكن أن يتفجر عنه من مشاكل أكبر أقلها السقوط في حرب أهلية. فكيف يمكن تركيا أن تقنع متظاهراً يحمل روحه على كفه بأن يفكر في المستقبل؟ إنه أمر صعب. في المقابل تقف تركيا موقفاً حذراً – لكن دونما رفض قاطع – من سيناريو الضغط على نظام الرئيس الأسد من أجل فرض حوار مع المعارضة وعلى رأسها الإخوان المسلمون ومشاركتهم السلطة، فهو سيناريو تقول تركيا إن واشنطن ودولة خليجية تروجان له، وهو أمر لا بأس فيه لولا الترويج له من هاتين الدولتين وبوسائل إعلامية قوية، فلا مانع لدى أنقرة من مشاركة الإخوان في الحياة السياسية لأن الإخوان جزء من تركيبة المجتمع السوري، لكن أنقرة تبدو قلقة من محاولة دخول الإخوان من باب تفتحه أميركا أو دولة خليجية، وبصورة الإخوان القديمة التقليدية، من دون عملية تحول الى حزب سياسي يميني، وتفضل أنقرة أن يأتي دور الإخوان في إطار طبيعي من داخل الشارع السوري بعد إصدار قانون الأحزاب حتى يكون بالفعل جزءاً من التجربة الوطنية الجديدة، وكي يحظى بمباركة الشارع وقبوله ويتحصن به من أي رد فعل إيراني. وحتى تتضح الأمور فإن أنقرة لا يبدو أمامها سوى تكرار وصاياها العشر للرئيس الأسد وفي مقدمها: لا تقتل”.

أما عن النصائح التركية لسوريا كتب محمد نور الدين مقالة بعنوان “الموقف التركي من سوريا من النصائح إلى البدائل؟”. حيث بدأ بزيارة المبعوث التركي الى سوريا وسماه التحذير التركي الأخير إلى القيادة السورية قبل احتمال تحرك القوى الكبرى ومجلس الأمن الدولي لاتخاذ إجراءات ضد دمشق.

ويعدد نور الدين العوامل التي تضغط على الموقف التركي. الأول: الحملة الانتخابية النيابية والتي يسعى خصوم حزب العدالة والتنمية لإظهاره على انه نصير الأنظمة «الدكتاتورية» ويستحثون الرأي العام على التصويت ضده. والثاني: ضغوط الإعلام التركي على حكومة رجب طيب اردوغان لاتخاذ مواقف واحدة وموحدة من عمليات قتل المتظاهرين في سوريا. والثالث: هو عدم رغبة تركيا في أن تكرر «الخطأ» الليبي بمعارضة أي تدخل خارجي.

ويوضح بأن الوضع في سوريا يؤثر مباشرة على تركيا كما على المنطقة، وتركيا لا تريد أن تجد بجانبها عراقاً آخر. لذا تبذل تركيا جهدها من أجل أن تنزع فتيل التدويل عن سوريا من خلال حثّ الأسد على تقديم المزيد من التنازلات وعلى وقف استخدام النار ضد المتظاهرين.

“وتعتمد تركيا للوصول إلى هذا الهدف على التواصل تارة مباشرة وتارة عبر الإعلام مع دمشق في موجة من الرسائل المتتالية التي لا تنتهي، وآخرها اعتبار اردوغان أن الوضع في سوريا يشكل قلقاً لتركيا. لكن تركيا تستخدم أيضا أسلوب الضغط على الأسد من خلال التلويح بورقة المعارضات في سوريا، تارة عبر الإخوان المسلمين بالمؤتمر الصحافي الذي عقده سابقاً مراقبهم العام محمد رياض الشقفة في اسطنبول، وتارة بورقة المعارضة ككل التي اختارت بسحر ساحر أيضاً اسطنبول أمس الأول لتعقد اجتماعاً يذكّر باجتماعات المعارضة العراقية في لندن قبل غزو العراق”.

أما عن «الرسائل القوية» وبين رسائل «النصح» ورسائل «البديل» تواصل أنقرة أداء دور مركزي في الأزمة السورية، حيث الامتحان الأصعب والأكثر حساسية للسياسة الخارجية التركية حتى الآن. ويشير الكاتب الى البيان المشترك للمعارضين السوريين في المنفى، الذي صدر من اسطنبول تحت شعار «نداءً عاجلاً لإجراء انتخابات ووقف القمع». حيث قال المعارضون، في البيان، «إن على سوريا أن تتخلص من نظام الحزب الواحد، وإقامة التعددية الحزبية بغية ضمان المساواة السياسية والتنافس. كما ينبغي تنظيم انتخابات تشريعية على الفور وصياغة دستور جديد». كما طالبوا «بالإفراج عن السجناء السياسيين» وبحرية التظاهر وبحرية الصحافة في سوريا.

في الحقيقة لقد أدى تسارع الأحداث فى سوريا إلى إدراك تركيا فجأة أن مساعيها الرامية إلى تأدية دور الوسيط بين الغرب والشرق وسياسة «تصفير النزاعات» مع جيرانها تهاوت أمام المواجهة التى يخوضها الحكام المستبدون ضد التحركات الاحتجاجية فى بلادهم.

وفي تطور لافت، وفي الأيام القليلة الماضية جاء على لسان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تحذير من نوع جديد ، وهو أنه لا يريد أن يرى مذبحة حماة التي وقعت عام 1982 وخلفت آلاف القتلى- تحدث مرة أخرى في سوريا. وحذر من أن حدوث مثل هذه الأمور سيجبر المجتمع الدولي على اتخاذ موقف من سوريا، مؤكدا أن بلاده ستتخذ الموقف نفسه في هذه الحالة.

في مقابلة تلفزيونية مع شبكة تركية وحذر أردوغان الرئيس السوري من عواقب الاستمرار في قتل المدنيين. كما حذر من أن سوريا لن تنهض مرة أخرى إن وقعت فيها مثل هذه المذابح. وطالب رئيس الوزراء التركي الأسد بالإصغاء إلى مطالب الشعب السوري الطامح إلى الحرية، مشيرا إلى أن الأسد أعلن أنه سيتم إلغاء العمل بقانون الطوارئ، لكنه لم يتخذ الخطوات الجادة لتحقيق ذلك حتى الآن.

وقال أن الأسد فشل في اتخاذ الخطوات اللازمة، وهو ما أوصل سوريا الى النقطة التي وصلت إليها الآن.

وتابع: “إننا فتحنا حدودنا مع سوريا لنسمح لإخواننا من المواطنين السوريين الراغبين في العبور الى تركيا من الدخول، واتخذنا في الوقت نفسه سلسلة من الإجراءات، مشددا على أن تركيا لا تريد تحديدا أن ترى أي نوع من الانفصال في سوريا، ويجب ألا تسمح سوريا بأي محاولات تمهد الطريق للانفصال أو التقسيم”.

وطالب أردوغان الرئيس السوري بأن يصغي إلى مطالب الشعب السوري الطامح إلى الحرية، والذي يكافح من أجلها، مشيرا الى أن الأسد أعلن أنه سيتم إلغاء العمل بقانون الطوارئ، لكنه لم يتخذ الخطوات الجادة لتحقيق ذلك حتى الآن.

وشدد أردوغان على ضرورة الامتناع عن قتل المدنيين في سوريا..لافتا إلى استعداد تركيا لتقديم مختلف أشكال الدعم لسوريا في مجال مكافحة الفساد. وقال أردوغان: إن مجلس الأمن سيناقش الحوادث التي وقعت في سوريا في نهاية المطاف، ولا يجب أن تشهد سوريا مجزرة أخرى مثل التي وقعت في حماة في عام 1982، مضيفا أنه حث الرئيس السوري على أن يبدي أقصى درجات الحساسية لهذا الأمر. وحذر أردوغان من أن سوريا لن تتمكن من مواجهة توابع وقوع مثل هذه المجزرة مرة أخرى، لأن رد الفعل من جانب المجتمع الدولي سيكون حادا، وستكون تركيا مضطرة إلى أن تنهض بمسؤولياتها تجاه مثل هذا الموقف.

تركيا تعزز أمن حدودها وترسل تجهيزات لاستقبال السوريين

أوردت وكالات الأنباء أن الهلال الأحمر التركي أرسل تجهيزات إلى محافظة هتاي على الحدود السورية استعدادا لاستقبال مزيد من النازحين ومساعدة أولئك الذين وصلوا والاستعداد لأي احتياجات إنسانية لاحقة”.

وقالت الجمعية في بيان “إنها أرسلت أكثر من ألف خيمة و8500 بطانية وأواني مطبخ تكفي لعشرة آلاف شخص و400 سرير ومؤن، كما ستؤمن احتياجات 300 شخص من الأغذية”. وأشارت صحيفة ميلييت على موقعها الإلكتروني الى ان السوريين هم من التركمان المتحدرين من أصل تركي.

كما ورد أن السلطات التركية عززت الوضع الأمني على الحدود مع سوريا لحماية النازحين نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية. وبلغ عدد النازحين السوريين الذين تمكنوا من عبور الحدود الى مدينة انطاكيا نحو 250 نازحاً حتى مساء أمس الاول معظمهم من النساء والأطفال.

وأفادت وكالة انباء الاناضول أن النازحين السوريين الذين كانوا يرفعون الأعلام التركية رددوا بعد اجتيازهم الشريط الحدودي بالقرب من مدينة يلاداجي في محافظة هتاي هتافات “نريد الديمقراطية”،”نريد ان نعيش مثل الاتراك!. وأضافت ان النازحين وبينهم نساء واطفال قدموا من قرى تقع عند الجانب الآخر من الحدود هربا من الاضطرابات.

ونقل النازحون الى قاعة رياضية في المدينة حيث تلقوا مواد غذائية وبدأ موظفون بتسجيل اسمائهم. وقال محافظ هتاي صلاح الدين ليكيسيز لوكالة “ان تي في” التركية إن وضعهم موضع درس في أنقرة وسوف يتم التصرف طبقاً للتعليمات التي تأتي من هناك.

ملحق “أزتاك” العربي

3 أيار 2011

Share This