الأهرام المصرية تصف أرمينيا بأنها المكان الذي تتعانق فيه أحزان التاريخ وسحر الجغرافيا

 

أزتاك العربي- كتبت شادية يوسف في صحيفة الأهرام المصرية مقالة مطولة بعنوان (أرمينيا.. هنا تتعانق أحزان التاريخ وسحر الجغرافيا)، قالت فيها أنه عندما تطأ قدميك أرض أرمينيا ستتبدل بالتأكيد الصورة الذهنية التي رسمتها في مخيلتك، عن تلك الدولة التى تعتبر الأم الحزينة التى رأت مذبحة أبنائها أمام عينيها دون أن تستطيع أن تفعل شئياً، بل إنها دفنت مليون ونصف أرميني بأيديها عام المذبحة ١٩١٥ وشاهدت جزء من أبنائها وهم يهرولون إلى البلاد المجاورة ومنها مصر.

أول ما يثير إعجابك في العاصمة يريفان هو الشعب الأرمينيى فبالرغم من أنه شعب ليس ثرى، لكن سترى الأناقة والذوق في كل تصرفاته، فهو شعب فقير بسبب الظروف التى مرت بها الدولة وخاصة أنه لم يمض على انفصال أرمينيا عن الاتحاد السوفيتي سوى 26 عاما، وعملوا ببسالة من أجل بناء وطن ودولة عصرية ومتطورة، وقد حقّقوا نجاحا باهرا في ذلك، ولكن هناك بطالة بين الشباب والرجال مما جعلهم يسافرون الى روسيا للعمل هناك وإرسال تحويلات لأسرهم بأرمينيا وهذه هى النسبة العظمى كذلك

السيدات الأرمينيات، مكافحات جدا سواء مع أزواجهن أو كما قيل إن الأزواج أحيانا يهربون من المسئولية ويتركون أسرهم لتعول الزوجة المسئولية كاملة.

العاصمة يريفان هي واحدة من أكثر المدن النامية سرعة في التطور في أوروبا كلّها، وذلك طبعا بفضل تقدّم القطاع السياحي فيها، فرغم تاريخها الحافل بالدم والحروب، فقد استطاعت أن تجعل من هذا التاريخ حافزا للتطور والتقدم على الصعيد الاقتصادي، ومصدرا رئيسيا لغناها الأثري المطلق.

من المثير للدهشة أيضا أن السياحة في أرمينيا تتطورت مؤخّرا بشكل سريع وكبير، فارمينيا تقفز بسرعة الصاروخ فى كل شئ بسبب عزيمتها والتحدى الذى أصبح أسلوب حياة للشعب الأرمينى مما جعلها تحتل المركز الأول فى كثير من الأشياء مثل فهى بها أضخم شلالات على مستوى العالم، وأيضا بها منتخب فريق رياضى، وبها أشهر فرق طبول وفرق فن شعبى.

وكلمة السر فى ذلك كله النظام فهم شعب منظم للغاية ولديه هدف وإصرار على بناء دولة أرمينيا إنه حقا لشيء مفرح أن ترى بلدا كان في حالة خراب وانعدام اقتصادي، وقد بدأ فعلا يستيقظ من رقاده وينافس الكثير من البلدان الأخرى التي كانت تفوقه تطورا على جميع الأصعدة.

روعة شلالات الجيرموك: وما تتميز به من جمال سواء هواء أو طبيعة خلابة فمن أهم ما تتميز به أرمينيا الشلالات التى توجد بمدينة “جيرموك ” وكلمة جيرموك باللغة الأرمينية تعني”ينبوع الماء الدافئ” و مدينة جيرموك تعد من أبرز المعالم السياحية والعلاجية في أرمينيا .

وتشتهر هذه المدينة بالغزال رمزا لها ولهذا قصة أسطورية تحكى أن حيوان الغزال كان منتشرا بها قديما وجرح أحدها في قدمه ولم تشف إلي بعد وضعها في أحد ينابيع المياه الدافئة هناك ، حيث أن المدينة تعد منتجعا صحيا للاستشفاء بالمياه الساخنة والعلاج الطبيعي مع جوها المناسب وهوائها النقي.

والطريق إلي المكان محاط بالجبال والتكوينات الصخرية التي تمثل لوحة فنية رائعة من الطبيعة حيث أن الأملاح مختلفة الألوان التي تكونت عليها بدت وكأنها لوحة ذات ألوان زاهية تضافرت معها قطرات المياه المنسابة علي الصخور.

وتحمل تلك الشلالات جمالا خاصا حيث أن المياه التي تتدفق بسرعة كبيرة من أعلي الجبل ذات لون أبيض وقبل نهاية الصخور تنقسم إلي فرعين يمران أسفل كوبري صغير حتى تصل المياه إلي أحد الأنهار الذي يقع في مستوي منخفض من الشلالات.

ولا تشتهر جيرموك بالشلالات فقط حيث تتمتع بالمياه المعدنية والتي لها خواص علاجية كثيرة وهو ما كان سببا في إقامة منتج سياحي وصحي هناك به عدد من صنابير المياه ذات درجات حرارة مختلفة يشرب منها زوار المنتجع والمقيمين فيه ، حيث أن تلك المياه ذات خواص علاجية خاصة لأمراض المعدة وإذابة الدهون.

الغريب أن هناك 5 ينابيع للمياه تخرج منها المياه بدرجات حرارة ثابتة على مدار العام رغم أنه في أوقات الشتاء تصل درجة الحرارة إلى ما دون الصفر وتتراوح درجة حرارة المياه ما بين 35و55 درجة وباستطاعة أي شخص أن يشرب من هذه المياه ولا يشعر بسخونة لافتة ويقال إنها تعالج أمراضا بعينها.

حيث تقع مدينة “‘جيرموك ” فى جنوب شرق أرمينيا وعلي بعد180 كيلومتراً من العاصمة يريفان محاطة بالجبال التي تسكوها الغابات والثلوج مما جعلها تصبح مزارا سياحيا مهما حيث تشتهر بشلالات مياه رائعة تجذب كل زائر لها.

أشهر تليفريك فى العالم: وما تتميز به أرمينيا هو التليفريك الذى يعتبر اكبر تليفريك فى العالم حيث يوجد بوادي الزهور الذى يقع على بعد 52 كيلومترا من العاصمة الأرمينية يريفان، حيث كان يعد اكبر مركز رياضي للألعاب الأولمبية إبان الاتحاد السوفييتي، قبل سنوات محددة قامت السلطات الأرمينية بتحديث التلفريك، والذي تم استخدامه من قبل السياح العرب والأجانب مقابل 4 دولارات، ومن خلال نزهة ليست بالقصيرة باستخدام التلفريك تتمكن من الاستماع بمناظر خلابة للغاية، وادي الزهور وفي فصل الشتاء يتحول الى ساحات للتزلج على الجليد ويأتي اليه السياح من جميع بقاع العالم، في محيط وادي الزهور يوجد عدد من الفنادق الراقية والتي تقدم خدماتها للسياح بأسعار بسيطة تقل عن 100 دولار لليلة الواحدة مع وجبة إفطار.

تعد أرمينيا من اكثر دول الاتحاد السوفييتي السابق تقدما في مجال صناعة التكنولوجيا والشرائح الالكترونية وهو ما يعد احدى ركائز الاقتصاد هناك، كما انه بعد الاستقلال برزت اهمية الزراعة في الاقتصاد بشكل ملحوظ ويعزا ذلك الى الحاجة الى تأمين المواد الغذائية للسكان. ولا يمكن لزائر يريفان ان يتجاهل القيام بجولة حول نهر هرازادان حيث يقع الاستاد الكبير وجسر النصر وشارع ماشتوتس الذي يؤدي الى متحف المخطوطات شمالا، وعاليا فوق التلة التي تقع خلف المتحف هناك يمكنك ان تطالع مشهدا رائعا للمدينة كلها

تمثال ” أم أرمينيا” … رمز للمرأة الأرمينية: ونجد النصب التذكاري لشهداء الإبادة الأرمينية عام 1915 حسب ما هو مدون في كتب التاريخ وهذا النصب التذكاري يقع وسط حديقة النصر التي دشنت تخليدا لذكرى انتصار الشعب السوفييتي على ألمانيا بين عامي 1941 ـ 1945. وحينما تذهب عيناك بعيدا ترصد تمثالا شامخا وخالدا وهو «أم ارمينيا» او «أرمينيا الأم» ويرمز الى قصة وتاريخ نضال الشعب الأرميني، وهو تمثال ضخم للمرأة الأرمينية البطلة في وقفة هادئة وواثقة وقد أمسكت بالسيف من طرفيه تعبيرا عن عزمها الدفاع عن وطنها حتى النهاية، وقاعدة التمثال عبارة عن متحف غني بمعروضات متنوعة تروي تاريخ الشعب الأرميني. ويتجه هذا التمثال نحو ” جبل الأرارات ” ومعنى ذلك ان ام أرمينيا مازالت تنتظر استرداد هذا الجبل الذى اخذه منها دون وجه حق.

دير القديس غريغور: بما أن أرمينيا هى أول دولة في العالم تعترف بالمسيحية كدين رسمي للدولة عام 301 بعد الميلاد، فهى تشتهر بالاديرة والكنائس الاثرية منها منطقة ” خور فيراب “.

والتى يقع فيها أحد اشهر و اقدم الاديرة و هو دير القديس غريغور المنور بالقرب من الشريط الحدودي بين تركيا وأرمينيا. ما يسميه الارمن بزنزانة فيراب أو بئر فيراب و التى تقع علي بعد 45 كيلو متر جنوب يريفان و تطل على سفوح جبل ارارات وتحديدا أمام قمة ماسيس التى رست عليه سفينة نوح كما يقال و يبلغ ارتفاع القمة 5137 متر فوق مستوى سطح البحر.

ولمنطقة خور فيراب قصة شهيرة مرتبطة باسم صاحب الدير القديس غريغوار الذى سجن من قبل الملك الوثنى ملك ارمينيا لمدة 13 عاماً في حفرة عميقة بين جدران القلعة (التي تحولت فيما بعد الى دير) عقاباً له على التبشير بالديانة المسيحية لكن غريغوار المنور لم يمت واستمر حياً، وأدّت صلواته الى نجاة الملك الأرميني من مرض خبيث، فكان ان اعتنق الملك وشعبه المسيحية، حوالى العام 300 ميلادية ليتفاخر الأرمن بأنهم أول شعب اعتنق المسيحية فى العالم

دير السيفان: وهو يسمى دير السيفان او الكيغارت ، والاسم الاول نسبة الى بحيرة السيفان التى يوجد بها هذا الدير ، حيث تعد هذه البحيرة ثانى فى الارتفاع عن سطح الارض ١٩٠٠متر ، ويوجد بهذه البحيرة هذا الدير الذى بنى عام ٨٧٤ ميلادية خلال فترة الملك ” ارداشيس البقرادونية ” ويوجد داخل الدير ” خاشكار ” او ” الصليب المنحوت على الحجر ” ويتميز هذا الدير بهذه الصلبان ، حيث يتم في عمل الطقوس الدينية ومعظم السياحة ٩٠٪ من السيائحين لبحيرة السيفان. كما أن الزائرين يقومون بربط منديل او اى قماش بفروع الشجر بهذا الدير مع طلب طلبة طالبين بركة القديس متمنين تحقيقها. فامهما وصفت فى جمال أرمينيا وشعبها الراقى الذى يخطو خطوات سريعة نحو التقدم فى كل شئ بسبب هدفه الواضح والتحدى والنظام ، فهم يهتمون ” بالكيف وليس بالكم ” وهذا هو الوجود الحقيقى للشعب المميز .

فأنا أشكر القدر الذي جعلني أزور تلك البلاد، فهي بالتأكيد تستحقّ الزيارة. كما وأنصح الجميع بالذهاب إلى أرمينيا . فالدى رهان بينى وبين نفسى أن أرمينيا ستكون من أوائل الدول الأوربية تقدما بل ستكون من الدول العملاقة خلال السنوات القادمة والأيام بيننا.

 

Share This