مقتطفات من (القصارى في نكبات النصارى) حول إبادة الأرمن

مؤلف كتاب »القصارى في نكبات النصارى«، الذي هو العلامة الاب اسحق ارملة السرياني ، وكما يبدو امتنع عن كشف اسمه وشخصيته لأسباب أمنية، خاصة وأن هذا العمل الهام والقيم جداً صدر لأول مرة في عام 1919 باللغة العربية مباشرة بعد انتهاءالحرب العالمية الأولى وهزيمة الأمبراطورية العثمانية فيها ثم ظهور الكماليين على مسرح التاريخ في تركيا.

من قراءة خمس أجزاء الكتاب يمكننا أن نستنتج بكل تأكيد أن العلامة الاب اسحق ارملة السرياني ماشهد من جرائم أصابت الشعوب المسيحية من كنائس مختلفة من أرمن وكلدان ويعاقبة وبروتستانت، وهو ينتمي الى طائفة مسيحية في منطقة بلاد الرافدين خاصة مدينة ماردين، حيث عاشت وتعرضت كل الطوائف المسيحية ومن بينهم الأرمن لمخاطر جمة ولمجازر مستمرة من قبل السلطات العثمانية.

إن التهديد والاضطهاد العرقي والطائفي الوحشي الذي جرى بعد الحرب العالمية الأولى في عصر الكماليين أيضاً أدى إلى تشريد ونزوح العناصر المسيحية الباقية على قيد الحياة إلى مناطق الجنوب أي إلى سورية والعراق سعياً للخلاص من العنف التركي.

هذا ويجب الإشارة إلى أن هذا الكتاب، بلا شك، ألف في أعوام الحرب العالمية الأولى، كما يكتب المؤلف في مقدمته الفرنسية المرفقة، ويدل على ذلك معلومات أو يوميات المؤلف عن المجازر والجرائم الشنيعة في المناطق المذكورة من قبل القادة العثمانيين. ويمكننا القول أن المؤلف، كما ذكرنا، رجل روحاني مسيحي مثقف ولديه معلومات عميقة وموثقة عن تاريخ المنطقة وانتشار المسيحية فيها وعن أحوال ومعاناة الطوائف المسيحية. الكتاب، كما يذكر في تعريفه »وثيقة تاريخية نادرة تسجل بشمول وتفصيل ما لحق بالمسيحيين في تركيا وبلاد ما بين النهرين ولا سيما في ماردين من الظلم والتعدي والخطف والنفي والسبي والذبح والقتل وسائر الفظائع وذلك في سنة 1895 وفيما بين سنة 1914 وسنة 1919«.

ويعير المؤلف انتباهاً بالغاً لتاريخ شعوب المنطقة ومدنها وحضارتها من القدم حتى أيامه. وضمن سرد الحوادث والوقائع التاريخية خصص الكاتب فصولاً كاملة لتاريخ أرمينيا وكنيستها العريقة ومعاناة شعبها في العهد العثماني وتعرضه للمجازر والمذابح والويلات من قبل السلطات التركية في النصف الثاني من القرن التاسع وأوائل القرن العشرين.

ويثير الاهتمام خاصة معلومات المؤلف المفصلة عن مذابح الطوائف المسيحية في مدن وقرى بلاد ما بين الرافدين وتعرض رجال الدين المسيحيين للظلم والقتل الشنيع والتعامل غير الإنساني من قبل الدوائر التركية الرسمية والحكام في تلك المناطق.

آخذاً بعين الاعتبار الكم الهائل للمعلومات التي أوردها المؤلف، اكتفينا بنقل مقتطفات بسيطة فقط من كتابه الغني بالمواد النادرة عن تلك الحقبة الرهيبة ومظالم الأتراك وأدواتهم، والتي تنشر لأول مرة، لإعطاء القارئ صورة عامة تفوق التصور الإنساني عن الأعمال الشنيعة التي ارتكبت ضد العرق البشري.

المصدر: من فصل (القصارى في نكبات النصارى، للعلامة الأب اسحق أرملة السرياني، الطبعة الأولى- 1919) (1).

مقتطف من كتاب “شهود عيان عن الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية (مجموعة وثائق تاريخية)، إعداد وإشراف ودراسة: البروفيسور الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق-2014، حيث ينفرد موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر مقتطفات منه.

Share This