أردوغان.. نحذرك من ارتكاب مجازر كالتي ارتكبها أسلافك بحق المسيحيين


سمح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لنفسه بالخروج مجددا عن أبسط الأعراف الدبلوماسية من خلال تدخله المباشر بالشأن السوري، متناسيا أن سورية هي دولة مجاورة وحتى أمس قريب كان يعتبرها “دولة شقيقة”.

بل إن السيد أردوغان لم يكتف بالتدخل في شؤون سوريا الداخلية، وذهب إلى حد “تحذير السلطات السورية من قتل شعبها”، نافيا وجود عصابات مسلحة وإرهابيين في بلادنا.

وفي حين يسمح اردوغان لسلطات حكومته الأمنية بضرب وملاحقة حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا ليس فقط في جنوب بلاده بل حتى داخل الأراضي العراقية بما في ذلك من انتهاك لسيادة العراق.

إلا أن اردوغان في هذا يعتبر أن من حق العثمانيين الجدد فقط المحافظة على أمن مواطنيهم في حين يدعو سوريا للتنازل عن هذا الحق، وكأن دماء السوريين ليست ذات قيمة له، ولا تتعدى كونها ورقة يساوم عليها لإرضاء المتطرفين في حزبه والإرهابيين الذين تؤويهم بلاده ممن يتآمرون على الدم السوري.

وفي حديثه يوم أمس للقناة السابعة الاخبارية التركية، كذلك ذهب أردوغان إلى حد بعيد في الإساءة لسوريا قيادة وشعبا بالحديث عن أن “مرحلة تبدأ في سورية مشابهة لما جرى في حماه وحمص وحلبجة بالعراق”، مع أننا نرى أن مرحلة تبدأ في تركيا وخاصة في جنوبها مشابهة لما جرى فيها من مجازر عام 1915، إذ يبدو أردوغان ذاته قد دخل في عقلية تصديق الوهم معتبرا أن الشعوب بلا ذاكرة ويمكنها أن تنسى ببساطة تاريخ بلاده وتاريخ أسلافه العثمانيين في ارتكاب المجازر.

ونذكر السيد أردوغان أن ما قامت به سوريا في حمص وحماه 1982 كان استخدام للقوة المشروعة ضد مرتكبي المجازر الذين يؤويهم حزب “العدالة والتنمية” اليوم.. ويشاركهم قادته حفلات الغداء والعشاء. وهنا لابد كذلك من تذكير السيد أردوغان بمجزرة مدرسة الأزبكية التي راح ضحيتها عشرات الأطفال السوريين من طلاب المدارس، ومجزرة مدرسة المدفعية التي راح ضحيتها العشرات من الطلاب الضباط السوريين، ومجازر حافلات السفر التي راح ضحيتها المئات من المدنيين السوريين.

هذه هي المجازر التي تناساها أردوغان إرضاء للتيار الطالباني داخل حزبه محولا الدم السوري إلى مجرد ورقة انتخابية، ومجرد بطاقة عبور للاتحاد الأوروبي الذي لازال حزب العدالة والتنمية يتملق قادته لقبول تركيا بينهم رغم كل الإذلال الذي مارسوه على تركيا وشعبها.
ولكون السيد أردوغان قد دخل في مرحلة التناسي، فلا بد من تذكيره الآن أنه ليس من ثقافة السوريين ولا عقيدة جيشهم ولا في تاريخهم أية مجازر. ولطالما كانت سوريا وشعبها ومؤسستها العسكرية ملتزمة بالمعايير الأخلاقية عند استخدامها للقوة، فلم تستخدمها إلا دفاعا عن حق وفي وجه باطل.

اليوم، تدافع سوريا عن أمنها الذي بات من الواضح أن حزب العدالة والتنمية قد تلقى جرعة أميركية قطرية على شكل “شيكات” انتخابية للتآمر عليه.

هذه سوريا التي قبل عامين طلب أردوغان نفسه منها المساعدة على وقف حمامات الدم في شوارع تركيا. ولم ندرك حينها أن أردوغان كان يخطط مع دول أخرى “صديقة” لحمامات دم في شوارع سوريا الآمنة.

وللتاريخ، لابد من منح السيد أردوغان هنا مراجعة تاريخية للمجازر التي ارتكبها أجداده العثمانيين والذي حزبه “حزب العدالة والتنمية” مخلص لمبادئهم “الأخلاقية” وقيمهم الإلغائية، وذكرى مجزرة الرابع والشعرين من نيسان لم يمض عليها سوى عشرين يوما…حيث في الرابع والعشرين من نيسان من كل عام يستعيد مسيحيي سوريا وأرمينيا وبلاد ما بين النهرين، ذاكرتهم التاريخية، لتخليد ماساة المذبحة الكبرى التي اقترفتها تركيا عام 1915 والتي حصدت مليون ونصف المليون أرمني وأكثر من نصف مليون من ألآشوريين (سريان/كلدان). ففي ذلك اليوم جهزت تركيا حملاتها العسكرية وجندت لهذا الغرض آلاف الأتراك تحت اسم الفرق الحميدية، وبدأت حملات القتل الجماعي وعمليات التطهير العرقي بحق الأقليات المسيحية، مثل الأرمن والآشوريين (سريان/كلدان) وكذلك اليونان، مارست في مناطقهم سياسة الأرض المحروقة، قتلت من قتلت وشردت من بقي منهم إلى خارج حدود الدولة التركية. وسبق تلك المجزرة أيضا ما ارتكبه جد أردوغان السلطان عبد الحميد الثاني الذي لقب بـ(السلطان الأحمر) لأنه ارتكب في سنة 1896 مجزرة بحق الأرمن راح ضحيتها أكثر من 300 أرمني وبدم بارد.

السفير الأمريكي في تركيا، ما بين 1913 – 1916، هنري مورغنتاو يقول عن تلك المذابح، في كتابه (قتل أمة): “في ربيع عام 1914وضع الأتراك خطتهم وقد دفع التعصب الديني عند الغوغاء والرعاع الأتراك لذبح معظم الأمم المسيحية التابعة لهم الى جانب الأرمن، من الآشوريين (سريان/كلدان) واليونان … لا توجد أحداث أفظع منها في تاريخ الجنس البشري كله”.

كذلك استطاعت الباحثة الأرمنية السورية “نور أرسيان أن تحصي 33 صحيفة سورية كتبت عن المذابح وعمليات الإبادة الجماعية وعن التهجير القسري الى الأراضي السورية، وأن تجمع 500 مقالة كتبها أبرز رجال الصحافة السوريين بين عام 1877-1903.

بالإضافة لذلك، هناك شهادات موثقة عن (المذبحة الكبرى) منها للمسؤول البريطاني هربرت جيس والباحث الألماني فرانك فيرسل والباحث الأرمني الفلسطيني مانويل حسسيان والمؤرخ البريطاني المعروف أرنولد توينبي الذي يقول في مذكراته: “لم يكن المخطط يهدف إلا إلى إبادة السكان المسيحيين الذين يعيشون داخل الحدود العثمانية”.

وللتذكير ياسيد أردوغان… كانت سوريا هي من استقبلت الفارين من مجازركم، ومازال هناك من المعمرين من السوريين في بعض مدن الجزيرة السورية، يؤكدون أنهم رأوا بأم عينهم قوافل المسيحيين وبأعداد هائلة تمر عبر الأراضي السورية يرافقونهم الجنود الترك ويمارسون افظع انواع وسائل التعذيب، بحسب الباحثة أرسيان.

11/05/2011

شوكوماكو

Share This