حوار لـ”لأفكار” مع عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب آغوب بقرادونيان

هناك برمجة أميركية أوروبية لإدخال تركيا كدولة
إسلامية معتدلة الى المنطقة العربية لتوازن إيران

التأليف الحكومي يراوح مكانه، وعقدة الداخلية تجرجر حرباً شعواء بين الجنرالين الرئيس ميشال سليمان والعماد ميشال عون، وتعطّل ولادة الحكومة العتيدة، لكن يحكى أيضاً عن عوامل خارجية تحكم بالتريث حتى يبان الخيط الأبيض من الخيط الأسود مما يجري من تطورات في المنطقة، لاسيما في سورية. فأين الحقيقة؟ وكيف يقرأ المعنيون ما يحصل؟

“الأفكار” استضافت في مكاتبها عضو تكتل التغيير والإصلاح نائب حزب الطاشناق آغوب بقرادونيان وحاورته على هذا الخط، بالإضافة الى قضية مطالبته بمنع المسلسلات التركية، على خلفية المجازر التي ارتكبها العثمانيون بحق الأرمن في العام 1915 وما بعده، تطرقت معه الى السياسة الانفتاحية التي تنتهجها تركيا اليوم نحو البلدان العربية بدءاً من السؤال:

سبق أن قدمت احتجاجاً على بث المسلسلات التركية، علماً بأنها فنية وغير سياسية. فلماذا هذه المطالبة بمنعها؟

ــ هذه المسلسلات هي حلقة من سلسلة أهداف مبرمجة أميركية وأوروبية بواسطة تركيا، للتوغل في المناطق العربية ولجعل المنطقة تحت إشراف تركيا كدولة إسلامية توازن دولة إسلامية أخرى هي إيران. وفي تقديري أن تركيا التي تحاول أن تقدّم نموذجاً ديموقراطياً للسلام والحوار والاعتدال، لم تطبق في دستورها وممارستها هذه العناوين، ولا تزال هناك ثغرات كبيرة بالنسبة للديموقراطية ولحقوق الإنسان، وبالنسبة لاحترام حقوق الشعوب والأقليات في تركيا.أضف الى ذلك فإنني كمواطن لبناني وأعيش في الشرق العربي، أخجل من إهمال إنتاجنا العربي والتغني بالتراث التركي، واستيراد هذه الثقافة الغريبة عن تقاليدنا، حيث لا نتعلم من هذه المسلسلات إلا الابتعاد عن الأخلاق ومشاهدة مناظر القتل والجرائم وتعلّم النفاق والخيانة، بالإضافة الى ذلك أتمنى لو أرى مسلسلاً لبنانياً يعلق في أحد مشاهده صورة رئيس جمهورية لبنان، كما هي حال المسلسلات التركية التي تعلق صورة «كمال أتاتورك»، حيث حكم علينا في لبنان برؤية «أتاتورك» كل يوم.


المسلسلات التركية وثقافتنا العربية الضائعة

وأضاف: لدى الأتراك الإمكانيات لترويج مسلسلاتهم، لاسيما وأن لديهم أيضاً أهدافاً تجارية وسياحية، حيث يسوّقون في مشاهد المسلسلات صور البوسفور والدردنيل والأماكن السياحية التركية على حساب السياحة العربية، لاسيما اللبنانية منها، وهذا كله تطبيع لقبول الدور التركي في المنطقة.

هذا صحيح، لكن هناك مسلسلاً اسمه «وادي الذئاب» يكشف إجرام إسرائيل التي اعترضت عليه. فهل رأيته؟ وألا يعتبر ذلك مفيداً لنا؟

ــ لم أره، لأنني أساساً أرفض مشاهدة المسلسلات التركية، لكنني سمعت وقرأت عنه، وأعتبره تماماً كما حال سفينة «مرمريتا» التي هاجمها الإسرائيليون بعدما كانت تتوجه الى غزة حاملة المواد الغذائية لأهلها، وكل ذلك بسبب غياب القيادات العربية، ما جعلنا نحوّل رئيس وزراء تركيا «رجب طيب أردوغان» الى زعيم قومي عربي، على أساس أنه يدافع عن الحقوق العربية، ونسينا أن إسرائيل في اليوم ذاته التي هاجمت فيها السفينة التركية، اغتالت عشرة شهداء فلسطينيين في غزة، ولم يتحدث عنهم أحد بكلمة، وبالتالي وصلنا الى مرحلة أصبحت معها غزة تحتاج الى سفن في البحر لدعمها لسبب بسيط هو أن الحدود البرية مع مصر مغلقة للأسف، ولذلك فغياب الدور العربي جعل تركيا تملأ الفراغ وتلعب دوراً أساسياً واقتصادياً في المنطقة. وتركيا بالذات أكدت أنها تلعب دور العثمانيين الجدد لتحقيق الحلم العثماني القديم الذي لم يتحقق خلال 400 سنة من حكم المنطقة بواسطة النار والحديد والتجويع والتهجير، خاصة وأننا نعيش هذه الأيام ذكرى إعدام شهداء 6 أيار. وللأسف الشديد نحن نسينا هذه الذكرى، ولا نضع أي إكليل على نصب الشهداء، بل تزار أضرحة الصحافيين الذين أعدمهم جمال باشا السفاح، وكأننا نقول للناس بأننا نسينا هذه المرحلة، لكن أقول بأن من ينسى الشهداء الأوائل فالأكيد أنه سينسى الشهداء الأواخر.


مشهد “دافوس”


ألا تسجل لـ «أردوغان» وقفته في مؤتمر «دافوس» الأخير عندما رفض مصافحة الرئيس الإسرائيلي «شيمون بيريز» وخرج من الاجتماع احتجاجاً على وجوده؟

ــ لا أسجل هذه الحادثة لـ «أردوغان»، بل أسجل سلبية حضور أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى وبقائه بعد مغادرة «أردوغان»، ولأن عمرو موسى بقي ظهر «أردوغان» بمظهر البطل. وهنا لا ننسى أن تركيا واسرائيل حليفتان استراتيجيتان عسكرياً وتجري بينهما مناورات عسكرية دورية.

هل المقصود تجميل الدور التركي حتى يقوم بما عليه؟

ــ أكيد.. فهو يقوم بذلك بدعم أميركي وأوروبي، خاصة وأن أوروبا رفضت دخول تركيا الى الاتحاد الأوروبي، فكان أن دعموه ليتحوّل الى الشرق الأوسط، لاسيما وأن الدول العربية تشكّل سوقاً كبيرة، وأسعار الإنتاج رخيصة، ولذلك نرى أن الصناعة التركية أصبحت تنافس الصناعات العربية، لاسيما اللبنانية والسورية وتزاحمها، ما انعكس سلباً على الإنتاج اللبناني والسوري تحديداً، لا بل إن بعض المصانع السورية واللبنانية أغلقت أبوابها نتيجة لذلك. وهنا أتحدث كمواطن لبناني، وأرى أن الحذر واجب تجاه الانفتاح التركي على بلادنا، خاصة وأن سياسة تركيا سياسة انتهازية، بعدما رأينا رفض الدور التركي في مصر بعد الثورة، وفشله في ليبيا، لكن بالنسبة لسورية فكل يوم يصدر أكثر من موقف تركي وكل موقف يناقض الآخر. وهنا أسأل: لماذا نفتح أبوابنا للتدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية، خاصة وأن «أردوغان» سبق وقال بأنه ضد التدخل الأجنبي في شؤون سورية، ولذلك أسأل: ماذا عن التدخل التركي في سورية؟ وهل هي دولة شقيقة لسورية أم أنها تحتل أراضي سورية هي لواء الإسكندرون؟!

وتابع يقول: إن سياسة وزير الخارجية التركي «أحمد داوود أوغلو» التي تقول إن المشاكل التركية ستكون صفراً لم تترجم عملياً ولم يستطع توظيف سياسته في أي مكان، لا في قبرص ولا مع أرمينيا، ولا مع الأكراد، فكيف تنصح تركيا إذن الرئيس بشار الأسد بالإصلاحات وبإعطاء الحقوق لمواطنيه، وهي لم تفعل ذلك في تركيا، ولم تعترف بالأكراد بعد كأقلية من قومية أخرى، بل تطلق عليهم صفة لقب «أتراك الجبال»؟


الاعتذار والتعويض على الأرمن


هل علينا أن نعاديها؟

ــ لا، بل يجب أن نكون حذرين أكثر من دورها في المنطقة، ونحترم أنفسنا ولا نفتح كل الأبواب والنوافذ أمام الخارج للتدخل في شؤوننا بما في ذلك تركيا.

هل إذا اعتذرت عما قامت به تجاه الأرمن يكفل تحسين صورتها؟

ــ الأرمن ليسوا وحدهم من ذهب ضحية السياسة التركية، بل العرب أيضاً واللبنانيون عانوا الأعدام والقتل والمجاعة من جراء الحكم العثماني، ووصل عدد الضحايا اللبنانيين الى مئة ألف في جبل لبنان، وأقل ما يمكن أن تفعله تركيا، أن تعتذر عن الإبادة الجماعية التي قامت بها ضد الشعوب الأخرى بدءاً من الأرمن.


هل مطلوب من الأتراك الحاليين أن يعتذروا عن أجدادهم العثمانيين؟

ــ الحكم في النتيجة استمرار، وهؤلاء هم أحفاد العثمانيين وورثتهم، حتى أن ألمانيا اعتذرت عن المحرقة اليهودية وبابا الفاتيكان اعتذر عن أخطاء الباباوات السابقين.


هل يكفي اعتذار «أردوغان» للتطبيع مع تركيا؟

ــ الأتراك الحاليون هم استمرار للعثمانيين في الحقوق والواجبات، وبالتالي عندما يرثون الدولة العثمانية بحدودها الحالية، فهذا معناه أنهم ورثوها أيضاً بالواجبات الحالية، والأمر لا يقتصر على العثمانيين، إنما أيضاً ينسحب على الجمهوريين الأتراك زمن «كمال أتاتورك» الذين لم يقصروا بحق الأقليات، لاسيما الأرمن حيث استمرت المجازر حتى العام 1924 وبالأمس دمروا تمثال الصداقة التركية ــ الأرمنية على الحدود مع أرمينيا بطلب من «أردوغان» نفسه، فأي صداقة هذه.؟! أما أن يعتذر فنحن نطالب بالاعتذار والتعويض، ويسبق ذلك الاعتراف بما حصل، لكي نفسح في المجال أمام الحوار. ونحن نعرف أن أرمينيا دولة مجاورة لتركيا جغرافياً، ولا بد مستقبلاً أن يكون هناك تواصل وتعاطٍ فيما بينهما، وبالتالي لا بد من حصول حوار بين الشعبين بشرط الاعتراف والاعتذار.


الحكومة وعرقلة التأليف


نواب حزب الطاشناق جزء من تكتل التغيير والإصلاح المتهم بعرقلة تشكيل الحكومة، علماً بأن الوزير زياد بارود أبدى حسن نياته في عدم التعطيل والخروج من السباق، ومع ذلك بقيت الأمور على حالها. فما الذي تريدونه؟

ــ لا أعتقد أن ما يسمى عقدة وزارة الداخلية هي العقدة الوحيدة التي تعترض تشكيل الحكومة. ولست ساذجاً للقول بأن العقدة منذ أكثر من أربعة أشهر هي الداخلية، لأن الجنرال عون يتمسك بها، ولأن الرئيس ميشال سليمان يقول بأنها من حقه. والأكيد أن وزارة الداخلية هي جزء من المشكلة، لكن هناك أسباباً أخرى تقف في وجه التشكيل، منها التوزير والحقائب ومن يمثل المعارضة السنية، ومنها مراهنة البعض على حصول تحولات في المنطقة. ونحن نقول بأننا مع الإسراع وليس التسرّع، لكن حان الأوان بأن يحزم الرئيس نجيب ميقاتي أمره، خاصة أن هناك إحساساً باعتماد سياسة التريث، لأننا لا نرى الحركة المعهودة عند تشكيل الحكومات كما الحال سابقاً.


هل سمّت كتلة الطاشناق اسماً ما، لاسيما نائب حاكم مصرف لبنان النائب مكرديش بولدوقيان؟

ــ لم نسمِ أحداً بل حصل لقاء مع الرئيس نجيب ميقاتي بعد الاستشارات النيابية وقلنا له بأن لدينا لائحة من المرشحين الأرمن حسب الحقائب. وفي حكومة ثلاثينية طالبنا بوزيرين من دون أسماء. وكانت هناك ملامح عن أسماء وشخصيات، فسمينا شخصاً واحداً، لكن في اليوم التالي صدرت وسائل الإعلام تؤكد أنه هو المرشح وهذا ليس دقيقاً، لأننا نسمي حسب الحقائب التي سنتسلمها، كما أكد الرئيس ميقاتي لنا أن تسمية الوزراء الأرمن تتم عن طريق حزب الطاشناق، خاصة بعدما رفضت قوى 14 آذار المشاركة في الحكومة.


ألا يشترك الرئيس ميقاتي في تسمية الوزير الثاني؟

ــ إذا كنا سنشارك في الحكومة وسنعطيها الثقة، فنحن سنسمي، لأن أي وزير لا بد أن تحاسبه مرجعيته، لاسيما وأن الوزير الأرمني يمثل طائفته كباقي الوزراء الذين يمثلون الطوائف الأخرى.


عقدة الداخلية وحصة الرئيس


رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالي من حقه أن يحتفظ بوزارتي الدفاع والداخلية في حصته، ولا بد من احترام رأيه في اختيار وزيري هاتين الحقيبتين الإثنتين. أليس هذا صحيحاً؟

ــ هل تذكرنا اليوم أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة؟ فالرئيس الياس سركيس كان القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولم يستطع مرة أن يمون على ضابط من قوات الردع العربية التي كانت بإمرته. فإذا كنا نريد البحث عن أسباب تخفيفية لهذا الطلب، فيمكن ذلك. ورأيي أن كل الوزراء هم لرئيس الجمهورية، ونحن أولاً نصغر من موقع الرئيس وقيمته عندما نعطيه وزيرين، وثانياً فأنا مع إعطاء رئيس الجمهورية وزراء حسب عدد الطوائف الأساسية التي ستشارك في الحكومة لأنني لا أفهم لماذا رئيس الجمهورية المفترض أنه رئيس كل لبنان والحكم، يمثل فقط عن طريق وزراء مسيحيين وليس عن طريق وزراء شيعة أو سنة أو دروز؟.

سبق أن تمثل بسني وشيعي في حكومة تصريف الأعمال عبر الوزيرين عدنان القصار وعدنان السيد حسين، أليس كذلك؟

ــ كلنا نعرف أن هذين الوزيرين كانا بمثابة وديعتين لقوى 8 و 14 آذار، والجميع يعرف أن عدنان السيد حسين يكمل الثلث الضامن للمعارضة، وعدنان القصار يكمل النصف زائداً واحداً للموالاة، ولا أحد يستطيع التنكر لذلك، أو الضحك على الآخرين في هذا الموضوع. ورأيي أن يختار الرئيس سليمان وزراءه من الطوائف السبع الكبرى، ويمكن بحث الموضوع مع المعنيين. وأنا أسأل: لماذا يمثل الرئيس فقط بوزراء مسيحيين، لا بل موارنة فقط في حين يحق لرئيس الوزراء السني أن يختار وزيراً مسيحياً، ويحق للشيعي أن يختار وزيراً مسيحياً سواء أرثوذكسياً أو كاثوليكياً، ويحق للدرزي أن يختار كاثوليكياً وسنياً، ولا يحق للماروني أن يختار سنياً أو شيعياً أو درزياً، طالما نتحدث بمنطق المساواة؟! فالموضوع ليس هنا، وإنما القضية هي فقدان الثقة بين القيادات، ووصلنا للأسف الى هذا الشعور الذي لم نشعر به عند تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بسبب تصريح من هنا وهناك، وبسبب نقل أحاديث الصالونات بين مرجع وآخر، وبسب ما في القلوب نرى أن الثقة منعدمة بين الزعامات، ولكن يمكن الخروج من هذه المرحلة إذا عدنا الى اعتماد الحوار كحل وحيد.


ما أحوجنا الى عبد الناصر جديد


يقال بأن التطورات السورية تحكم بالتريث في التأليف لمعرفة ما ستؤول إليه الأوضاع هناك. فما مدى صحة ذلك؟

ــ هذه هي المشكلة في لبنان بالذات، فقبل أحداث سورية قالوا لننتظر نتائج أحداث تونس، وبعدها انتظرنا نتائج أحداث مصر، ومن ثم انتظرنا ذكرى 14 شباط (فبراير)، ومن ثم احتفالات 14 آذار (مارس)، وبعدها جاء دور اليمن وليبيا والبحرين والسعودية وأخيراً سورية، وبالتالي إذ انتظر اللبناني منذ العام 1975 حتى العام 1990 حتى يتزوج، لأن أحداً لم يتزوج خلال الحرب حتى يعرف نتائجها. فنحن اليوم إذا انتظرنا المتغيرات في المنطقة فأرى بأننا لن نشكل حكومة. وما أؤمن به أنه من الضروري تشكيل الحكومة دون النظر الى ما يحصل في سورية، خاصة وأنني أرى أنه لن يكون هناك تغيير جذري للنظام السوري، وبالتالي نحن بحاجة الى حكومة، وحتى لو حدث أي تغيير وهذا مستبعد، لكن أيضاً نحن بحاجة الى حكومة لتحصين أنفسنا، وهذا ما يهمنا أولاً، وسورية لم تطلب منا أن نترك لبنان وندافع عنها، رغم أنني مع مقولة الرئيس نبيه بري التي تقول إن أمن لبنان من أمن سورية، وبالتالي دفاعنا عن سورية هو دفاع عن لبنان، لأن أي تغيير في سورية سينعكس سلباً على لبنان. وما أراه في سورية، لاسيما وأن هناك طائفة أرمنية في سورية ومركزاً أرمنياً عريقاً، بأن الرئيس بشار الأسد أخذ القرار وبادر بالإصلاحات، وهناك خطوات دستورية لتطبيق المطالب الشعبية، وبالتالي إذا كانت التظاهرات بهدف تحقيق هذه المطالب، فالرئيس الأسد بادر وسينفذ هذه الإصلاحات، وإذا لم تخف التظاهرات أو تتغير وجهة التظاهرات لأهداف أخرى، فهنا نؤكد وجود أيادٍ خارجية ومؤامرة ليس فقط على سورية، وإنما على كل المنطقة. وأنا لدي نظرية في هذا الموضوع تقول إن الانتفاضات التي جرت في البلدان العربية لها خصوصية في كل بلد، ففي تونس طالبوا بالديموقراطية ومحاربة الفساد، وفي مصر طالبوا بالحرية والديموقراطية، ولكن لم نسمع في أي مكان من يتحدث عن القدس والقضية الفلسطينية، أو مهاجمة اسرائيل، إلا بعد تغيير النظام في مصر، حيث نرى بعض المطالبات بإلغاء معاهدة «كامب دايفيد»، وبالتالي أرى بأن هذه الانتفاضات ليست يقظة القومية العربية، كما الحال زمن جمال عبد الناصر،وإنما يقظة الشعب لأمور حياتية ومعيشية، ونتيجة أخطاء الحكام وبدرجات متفاوتة، وبالتالي فكل دولة قامت بثورة على قياسها، ولكننا أحوج ما يكون اليوم لزعيم عربي جديد وكبير مثل عبد الناصر يستطيع أن يكون زعيم كل العرب، لإعادة توحيد القوى العربية حتى ندافع عن أنفسنا على الأقل ولا أقول لنناهض اسرائيل.


رمي جثة بن لادن إهانة


كيف تقرأ مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن؟

ــ أولاً أعتقد أن الإنجاز الذي تفتخر به الإدارة الأميركية حصل بعد عشر سنوات، وبالتالي فهو ليس إنجازاً. وهنا أسأل لماذا التوقيت الآن؟! وحسبما رأينا أن مكان بن لادن بالقرب من مباني الضباط، وما كان يلزمه كل هذا الوقت حتى يتم اكتشافه، ما يطرح أكثر من علامة استفهام. وثانياً فإن رمي جثة بن لادن في البحر بهذا الشكل، هو إهانة للمسلمين، وهذا يذكرني بإعدام صدام حسين يوم عيد الأضحى. وثالثاً نسأل: إذا كان بن لادن الخطر الأكبر للغرب، ورمز الإرهاب، فنريد أن نرى بعد أشهر ما هي سياسة أميركا في أفغانستان وباكستان والعراق، بعدما استطاعت الدخول الى هذه البلدان عن طريق شعارات متناقضة كما الحال في العراق عندما دخلت بحجة وجود أسلحة دمار شامل، وتبين أن هذه كذبة كبيرة، ونتيجها كانت إعدام صدام حسين ونشر الفوضى في العراق وتدميره. ورابعاً الأكيد أن هناك إرهاباً ولا أحد يدعمه، لاسيما العالم الإسلامي، لكن حان الوقت لكي نعرف ما هي الدوافع للإرهاب والأسباب التي أنتجته بما يحتم علينا معالجة هذه الأسباب. وهنا أسأل: لماذا العلم الأميركي في العالم كله هو الأكثر حرقاً، ولا يكون علم السويد على سبيل المثال؟! فأميركا التي تقدم نفسها كمدافع عن الديموقراطية نراها في تطورات المنطقة لا ترسو على بر، فمرة تحوّل الأحداث الى مشكلة بين طوائف ومرة الى مشكلة أطراف سياسية، ومرة الى مشكلة بين قبائل وعشائر، والمهم هو التوغل الأميركي والاستفادة من ثروات المنطقة وعلى رأسها البترول العربي.

http://www.alafkar.net/details.php?type=local&id=172

Share This