ندوة حوارية بعنوان “مسيحيو الشرق…الى أين؟” نظمتها لجنة الإعلام في حزب الطاشناك في لبنان هاكوب بقرادونيان: “ينبغي على المسيحيين البقاء والنضال في الشرق الأوسط وليس مغادرتها الى الغرب”

أزتاك العربي- عقدت ندوة حوارية في قاعة مطرانية الأرمن الأرثوذكس في برج حمود بعنوان “مسيحيو الشرق…الى أين؟” بتنظيم من لجنة الإعلام في اللجنة المركزية لحزب الطاشناك في لبنان، شارك فيها الأمين العام لحزب الطاشناك النائب هاكوب بقرادونيان، ورئيس الرابطة السريانية وامين عام اللقاء المشرقي حبيب أفرام، والباحث السياسي حسن حمادة. بحضور حشد كبير من الشخصيات الاكاديمية والفكرية والاجتماعية والسياسية.والروحية.

قامت آليس بوغوصيان بإدارة الندوة، حيث رحبت بالحضور وشددت على اهمية هذا اللقاء الذي يجري ضمن سلسلة فعاليات ستقوم بها اللجنة.

وقال هاكوب بقرادونيان في ورقته إن موضوع المناقشة اليوم حول وجود المسيحيين في الشرق الاوسط هو نتيجة القلق حول ما سيكون مصير المسيحيين في المنطقة. وطرح عدة تساؤلات، حول ما تفعله الشخصيات السياسية والروحية في الشرق الأوسط للحفاظ على وجود المسيحيين، وما دور الغرب في الحفاظ على المسيحيين في الشرق الأوسط، وهل نؤمن ببقاء المسيحيين وعدم هجرتهم الى الغرب؟ والأهم هو الإجابة على تلك الأسئلة. والأهم ايضاً أن يقبل بهؤلاء المسيحيين كمواطنيين في بلادهم، وليس كلاجئين.

وقال: “ان المطلوب هو الحل في هذه المنطقة للحفاظ على ما تبقى من الوجود المسيحي والعمل من اجل الخروج عن منطق الرعايا في الدول العربية والوصول الى منطق المواطنة والمشاركة الفعلية ورفض منطق مواطن درجة ثانية. العمل على منطق مسيحية موحدة بعيداً عن الطوائفية والمذهبية. ونحن لسنا بحاجة الى بناء المزيد من الكنائس لا نحتاج الى اديرة جديدة بل نحن في حاجة إلى فرص العمل والبقاء والتشبث بالارض والنضال في الشرق الأوسط، ولكي يتجمهر الناس في الكنائس الموجودة اثناء القداديس.

ورأى جبيب أفرام في مداخلته بأن هؤلاء يشكلون 20 مليون من شعوب أصلية انتشروا في عدة دول. مشيرا الى ان الشرق متنوع ، لا هو قومية واحدة عربية، ولا دين واحد، ولا مذهب واحد. وقال :”نحن بتاريخنا وثقافاتنا وهوياتنا وحضاراتنا جزء لا يتجزأ من تراب وأرض هذا الشرق. لا يمكن لأحد أن يلغينا أو ينفي دورنا أو يعاملنا كمواطنين درجة ثانية أو كذميين أو كاتباع أو كجاليات”.

وشدد افرام على ان “الأرض لمن عليها وليست لمن تحتها. أي شعب لا يريد أن يدفع ثمن صموده دماً وتنظيماً وعرقاً وعلاقات سيخسر وسينتهي”، داعيا الى نهضة فكرية تبدأ بالاصرار على هويتنا. ليس هيناً أن نبيع كرامتنا، ونلتحق بالاقوى، ونتماهى مع أي محتل، ونقبّل اليد التي تذبحنا، أن ننسى تاريخنا ومجازرنا مثلا. أن ننكر ان العثمانيين شنَّعوا بنا وذبحونا وريدا وريدا “.

وتابع افرام :”أننا دعاة مواطنة وحقوق انسان وحقوق جماعات وحريات للشرق. لا نريد لانفسنا امتيازا، بل لنا ولكل المكونات. لا يمكن أن يستمر الشرق بأنظمة اوتوقراطية وآحادية، اما خوذة العسكر اما عمامة رجل الدين، أنظمة دون انتخابات فعلية، دون مساواة للمرأة، دون اعتراف بكل نسيج المجتمعات”.

وقال :”في مثلنا وقيمنا كمسيحيين، لا يمكن أن نستمر ونحن نقبل بهذا الكم من الاستهتار من السخافة من عدم الرؤية من السطحية من الحسد والغيرة والتزلف، ضمن بيئاتنا ومع الآخرين. من يحكمنا وكيف؟ ما هي أحوال أحزابنا وتنظيماتنا واعلامنا ومدارسنا؟ كيف يؤخذ القرار في مؤسساتنا؟ أين دور مفكرينا ونخبنا؟”

واعتبر أفرام ان “لبنان يبقى واحة وآخر قلعة مسيحية في الشرق، رسالة النظام رغم كل علاّتة فيه روعة ان المسيحية حرّة. مهما كان عددها هي نصف الوطن والسلطة. فيه نكهة الحرية رغم عثراتها.إنه نموذج يسعى فخامة الرئيس لأن يصبح ” مركزاً دائما لحوار الاديان والثقافات”. وان نلعب دوراً في المسيحية المشرقية، وفي بقائه، لكن هل يمكن أيضا أن نوقف التمايز بيننا كمسيحيين، نحن لسنا درجات”.

وشدد افرام على ان “الكلّ معني. العالم العربي والاسلامي بحاجة الى اصلاح عميق في الثقافة، قبل السياسة والانظمة، الى نظرة مختلفة للتنوع، الى اعتبار المسيحية ثروة. وكذلك الفاتيكان هل يتفرّج بعد على خسارة الشرق ؟ والعالم الغربي بحاجة الى قيادة وفكر الى مبادىء لا يتخلى عنها لمصالح. نعرف أن السياسة هكذا ، لكن الغرب لن يستمر اذا فقد روحه. لا يمكنه أن يفكر فينا فقط كأننا معدون للهجرة “.وختم افرام قائلا :” نحن مسؤولون ، أسوأ ما يصيبنا أن ننسب اخفاقاتنا على الآخرين. أيها المسيحيون أنتم نورٌ لا تقبلوا الاّ بأنْ تشهدوا. وأنا هنا مع شعب هو مثال للمقاومة، للخصوصية، ومع ذلك كلنا أمام تحدي البقاء. وسنربحه”. ولفت الى أن الرئيس عون يعمل على أن تكون لبنان المركز الدائم للديانات والحضارات.

بدوره قال حسن حماده في مداخلته: ” إن تاريخ البشرية بدأ بثورة وأساس الحضارات بدأ في بلاد ما بين النهرين مع الأشوريين والكلدان والسريان، هم أصحاب البلاد الأصليين لأنهم أصحاب الحضارة الأصلية العظيمة.”

أضاف: ” نحن بالنهاية أبناء هذه الأرض وهذه الحضارة، المسيحية هي جزء لا يتجزأ وجزء أساسي والجزء الأساس من لاهوتنا القومي وأعتبر أنه بعد كل الأهوال التي تعرضنا لها آن الأوان لكي نغلب موضوع الإنتماء الوطني على أي إنتماء آخر لأن الوطنية لا تحدد لا بالإنتماء الديني ولا بالإنتماء العرقي ولا بحصرية اللغة، بل هي مشاركة مستدامة بدورة الحياة والعمران.”

ولفت أنه هكذا تحدد المواطنية، واعتبر أن مشكلتنا وما نعيشه اليوم نتيجة الطائفيات والمذهبيات. واستشهد بكلام البابا بينيدسكتوس الخامس عشر الذي بذل جهوده لمنع الإبادة والمجازر بحق الأرمن والمسيحيين عام 1915 لكن بقيت دعواته دون جدوى.

وإذ أبدى أعجابه بالفقه الفاتيكاني إستشهد ” بما ورد في رسالة قداسة البابا في يوم السلام العالمي في مطلع العام 2011 حين تحدث بشكل واضح في الفقرة 14 من هذه الرسالة حيث اعتبر أن المشاكل الحاصلة لدى الأوروبيين بسبب طلاقهم الكامل لجذورهم المسيحية ولأنهم ما لم يتصالحوا مع جذورهم المسيحية فهم لن يعرفوا السلام ولن يتمكنوا من إقامة علاقات صراحة وصدق مع باقي شعوب الأرض”، معتبرا أنه ” يعترف أن كل هذه العلاقات الدولية القائمة هي علاقات كاذبة.”  وأشار الى أن الطائفية هي مماتنا، والحل هو في تعزيز العلمانية، حيث سيحصل المسيحيون على حقوقهم.

ثم أعطيت الفرصة لطرح الأسئلة من الحضور، وتمت الإجابة عليها، حيث شدد بقرادونيان في رده قائلاً: “ينبغي على المسيحيين البقاء هنا والنضال، والموت هنا، وليس في دول الخارج”.

Share This