إلى القيادة التركية

لأن الشعب السوري يدرك جيداً حجم المؤامرات.. والضغوط (المستمرة) التي تُمارس على وطنه منذ حرب تشرين التحريرية وحتى الآن.. لم يفاجأ أبداً بما قامت وتقوم به الولايات المتحدة وإسرائيل وعدد من الدول الغربية.. والعربية.. ووسائل إعلامها من ضغوط.. واتهامات.. وفبركات.. وأكاذيب.. وعقوبات بحقه وحق بلده وحق قيادته..

لكن هذا الشعب المعروف لكل العالم بمحبته ووفائه لكل من وقف ويقف إلى جانبه وجانب وطنه فوجئ كثيراً بما قامت وتقوم به دول كانت تعد صديقة وأدواتها (الإعلامية- المالية….) بحق بلده.. من تآمر.. وتحريض على الفتنة.. وفبركة وتصنيع أحداث في الوقت الذي كان يعتبرها لأسباب عديدة الدولة الشقيقة والصادقة والداعمة له وللمقاومة.. كما فوجئ مفاجأة كبيرة بموقف قيادة دولة جارة (تركيا) كان يُطلق عليها الصديقة و(الشقيقة)..

ويتحدث عنها بإيجابية غير مسبوقة.. ويقصدها صيفاً وشتاءً.. ربيعاً وخريفاً للتسوق والسياحة.. بعد أن ارتقت العلاقة معها إلى مستوى عال وصل إلى درجة اعتبرها كل العالم نموذجاً يحتذى بين الدول الساعية إلى تحقيق مصالح شعوبها بشكل خاص وشعوب العالم والسلام العادل بشكل عام!

وإذا وضعنا موقف الدول الصديقة (المؤلم) جانباً الآن من حقنا كسوريين أن نسأل القيادة التركية ممثلة بالسيدين الرئيس عبد اللـه غل ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لماذا هذا الموقف المتحول.. المنقلب.. الذي لا يخدم سورية وشعبها ولا يخدم بلدكم لا حاضراً ولا مستقبلاً؟ هل لديكم أية مبررات أخلاقية أو دينية أو قانونية للتصريحات التي صدرت عنكم في وقت تدركون فيه جيداً أن الشعب السوري بأغلبيته العظمى مع قائده بشار الأسد وإلى جانبه وخلفه لتحقيق الإصلاحات التي قررها وباشر فيها؟

ثم من أين يحق لكم هذا التدخل (غير المقبول) في الشأن الداخلي السوري بالشكل الذي يظهر في الإعلام لنا ولغيرنا؟ وأيضاً من حقنا كسوريين أن نقول للقيادة التركية التي دخلت بعلاقة إستراتيجية مع دولتنا أكثر من أي دولة إقليمية أخرى.. لقد بدأتم بهذه العلاقة وعملتم على تطويرها يوماً بعد يوم مع رئيسنا بشار الأسد وأنتم على علم كامل بتفاصيل (نظامنا) بجوانبه المختلفة (السياسية- الإعلامية- الاقتصادية- الزراعية- الشعبية- الأمنية… الخ) ولم نسمع منكم طيلة السنوات السابقة إلا الثناء.. والمديح لهذا النظام ورئيسه.. والمطالبة بالمزيد من الارتقاء بهذه العلاقات معه.. وأرشيفكم الرسمي والإعلامي إضافة لأرشيفنا يؤكد ذلك!!

لماذا لم تستمروا في ثنائكم ومدحكم وموقفكم هذا في وقت قرر فيه رئيسنا قيادة إصلاحات شاملة لمصلحتنا (كسوريين) استجابة لحاجتنا ومطالبنا وباشرنا بتنفيذها وفق برامج زمنية محددة ومعلنة.. وفي وقت تبين لكم وللعالم ما يحصل في سورية من أحداث أبعد ما تكون عن الثورة الشعبية التي يدعي الغرب الوقوف إلى جانبها.. إنما عبارة عن تجمعات قليلة في بعض المدن استغلتها مجموعات إرهابية مسلحة تخرّب وتحرق وتقتل وتروّع.. ضمن إطار تنفيذ أجندات خارجية تهدف إلى ضرب وحدة سورية وتفتيتها لأسباب تعرفونها كما نعرفها جيداً؟!

في ضوء ما تقدم وغيره الكثير.. الكثير نتمنى عليكم إعادة النظر بتصريحاتكم ومواقفكم.. والعودة إلى ضمائركم.. وإلى مصالح بلدكم.. وشعوب منطقتنا ومنطقتكم.. وإلى عمقكم الإستراتيجي.. نعم عودوا إلى سورية وكونوا مع قيادتها في كل ما تقوم به وتفعله سواء بالنسبة للإصلاحات السياسية أو الإعلامية أو الاقتصادية.. أو بالنسبة للعمليات الأمنية بحق المجرمين الخارجين على القانون.. وتوقفوا عن تصريحاتكم الإعلامية (السلبية).. واستضافاتكم الجديدة (غير المريحة وغير الموضوعية).. وتقبلوا فائق محبتنا وتقديرنا.. وأمنياتنا بعلاقة مميزة تخدمنا وتخدمكم حاضراً ومستقبلاً.

هيثم يحيى محمد

الوطن السورية

24 أيار 2011

Share This