مقدمة كتاب (الرياضيون الأرمن الشهداء والمتوفون فترة الإبادة الأرمنية) لمؤلفه أفو كاترجيان

يعدّ هذا البحث وثيقة تجسّد المصير الأليم الذي واجهه الرياضيون الأرمن، حيث سيتم تسليط الضوء على الرياضيين الذين استشهدوا وتوفوا فترة الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية ومختلف السلطات في تركيا الطاغية بين عامي 1915-1923، وهو موضوع لم تسلط عليه الأضواء كثيراً.

لقد قام هؤلاء الرياضيون بعمل جبّار، خاصة وأنهم تعرضوا إلى صعوبات كبيرة فترة الإمبراطورية العثمانية وتحت السلطة التركية. ورغم قدراتهم المتواضعة، استطاعوا تقديم الأرمني بصورة مشرقة في أكبر الملاعب الرياضية في العالم، وحازوا على نتائج بطولية مشرّفة بفضل إرادتهم الصلبة، وإيمانهم بشعبهم وأمتهم.

من أجل توضيح هذا الموضوع قمنا بالبحث في مختلف أنواع الأرشيف، والمصادر المتنوعة بلغات متعددة.

يعدّ هذا البحث محاولة من أجل توضيح أوضاع الرياضيين الأرمن، ونشاطات الأندية والجمعيات الرياضية الأرمنية، وكذلك استشهاد الرياضيين ووفاتهم على طريق الموت والتهجير، وفي مراكز نفيهم، وذلك طيلة فترة الإمبراطورية العثمانية ومختلف السلطات التركية، بدءاً من فترة ما قبل الإبادة وصولاً إلى المذبحة الكبرى.

هذه الدراسة هي فرصة للتعمق في قضايا الاستشهاد والنفي والخسائر في المجال الرياضي فترة الإبادة الأرمنية.

لقد تكشفت قضية إفناء الرياضيين والأندية والجمعيات الرياضية في عالم الرياضة الأرمنية بشكل جيد من خلال قرار شيطاني اتخذته حكومة الاتحاديين للتهجير القسري والإبادة الجماعية بين عامي 1915-1923 بحق الأرمن على أراضي الإمبراطورية العثمانية وهضبة أرمينيا الغربية والأناضول، والتي أسفرت عن تدمير القرى والمدن الأرمنية، لتسجل صفحة سوداء من التاريخ باللون الأحمر.

قبل مئة عام تعرض الشعب الأرمني للإبادة الجماعية من قبل الأتراك، وسقط على طريقها ملايين الأخوة والأخوات، كما استشهد العديد من الأبطال المفكرين ورجال الدين والوطنيين والأطباء والتجار والصناعيين، وكذلك الرياضيين.

لقد باتت حقيقة الإبادة الأرمنية دافعاً رئيساً لوضع كتاب “الرياضيون الأرمن الشهداء والمتوفون فترة الإبادة الأرمنية”، ودليلاً على أن الموضوع لم يسبق أن أنجز بشكل كاف لا من قبل الأرمن ولا غيرهم.

لقد جاء ذكر الموضوع فقط من خلال مقال تحت عنوان “إهداء من أجل ذكرى الرياضيين الأرمن الذين استشهدوا وتوفوا”، في العدد 12 من مجلة “الكشاف الأرمني”، صدر بتاريخ 24 نيسان 1920 للعام الأول، وكذلك في الفصل التاسع بعنوان “خسائر الرياضة الأرمنية” في كتاب هايك ديمويان “الرياضة الأرمنية والتربية البدنية في الامبرطورية العثمانية”[1].

لذلك، يعدّ كتاب “الرياضيون الأرمن الشهداء والمتوفون فترة الإبادة الأرمنية”، تهيئة لجيل من الرياضيين في الحاضر والمستقبل. ونأمل في أن يسهم هذا البحث في توثيق تطور الرياضة الأرمنية في تاريخ الأرمن، خاصة في فترة الإبادة الجماعية، وكذلك في جمع وتوثيق خسائر العالم الرياضي الأرمني في تلك الفترة.

تهدف هذه الدراسة إلى توضيح بعض جوانب وخصائص الرياضة الأرمنية، وإبراز فكرة استشهاد آلاف الرياضيين الأرمن بسبب إبادة الأرمن، والتأكيد على أن ذلك ليس خسارة فقط للشعب الأرمني بل للإنسانية جمعاء.

نشير إلى أن هذه الاحصائيات ليست مكتملة، ولا يمكن تحديد الأعداد الدقيقة للرياضيين الذين استشهدوا، فالعدد كبير جداً، ولذلك لا نجزم بأننا أنجزنا عملاً كاملاً، نظراً لأن الدراسات تكون دوماً عرضة للاستزادة ورفد المعطيات.

ولذلك سنتحدث بإيجاز عن نشوء الحياة الرياضية، واحدة من أنصع الصفحات في تاريخ الشعب الأرمني، وكذلك الإنجازات التي تحققت، حتى اختفاء الحياة الرياضية الأرمنية مع تقدم السنوات نتيجة المجازر الكبرى.

بعد مرور 100 نيسان، بعد مرور 100 عام على مذابح 24 نيسان 1915-2015، فليكن كتاب “الرياضيون الأرمن الشهداء والمتوفون فترة الإبادة الأرمنية” الصادر بمحبة وعناية وتفاني فرصة للمطالبة، وإحياء ذكرى الشهداء المقدسين.

 

المصدر: كتاب (الرياضيون الأرمن الشهداء والمتوفون فترة الإبادة الأرمنية) لمؤلفه أفو كاترجيان، حلب، 2015.

[1] هايك ديمويان، “الرياضة الأرمنية والتربية البدنية في الامبرطورية العثمانية”، متحف ومعهد الإبادة الأرمنية، 2009، يريفان، ص 139-140.

Share This