(الأرمن والروم والموارنة).. أقليات مسيحية فى مصر

 

أزتاك العربي- نشرت الدستور المصرية مقالة بعنوان ((الأرمن والروم والموارنة).. أقليات مسيحية فى مصر)، وقالت (الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية)، هكذا يعرف المسيحيون فى مصر، ويتم التعامل معهم على هذا الأساس، ولكن فى الحقيقة الديانة المسيحية لا تقتصر على الكنائس الثلاث الكبرى، فقد ساعدت الهجرات المتوالية ليونانيين وأرمن وغيرهم إلى مصر فى أوقات تاريخية مختلفة، وسرعان ما اندمج المهاجرون الجدد فى الحياة المصرية، وفى هذا التقرير يلقي «الدستور» الضوء على بعض الطوائف المسيحية الأقلية فى مصر:

 الروم الأرثوذكس.. 18 كنيسة فى 3 محافظات

الروم الأرثوذكس من الطوائف الدينية المسيحية الصغيرة نسبيًا، حيث لا يتجاوز عدد المنتمين لها فى كل العالم نحو800 مليون نسمة، ويبلغ عدد بطريركيات وكنائس الروم الأرثوذكس فى العام 27، ويبلغ عدد الكنائس التابعة للروم الأرثوذكس فى مصر 18 كنيسة أغلبها فى الإسكندرية والقاهرة ودمياط.
وتاريخيًا تأسست كنيسة الإسكندرية لطائفة الروم الأرثوذكس عام 64م على يد القديس مرقس الرسول، وفى القرن الرابع تقريبًا كانت هذه الكنيسة قد انتشرت عبر مصر وليبيا وأصبح لديها نحو مائة إيبراشية، وكانت مدرسة الإسكندرية آنذاك نقطة ارتكاز لاهوتية لمسيحيى الشرق وانشقت الكنيسة بعد ذلك عن مجمع خلقيدونية عام 451 ميلادية ونشأ عنه بطريركيتان البطريركية المصرية المعروفة بالبطريركية القبطية، والبيزنطية والتى أطلقت على نفسها اسم بطريركية الروم.

وفى مصر، بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 كان تعداد الروم الأرثوذكس التابعين لبطريركية الإسكندرية فى مصر فقط حوالي النصف مليون، وبسبب الهجرة إلي الخارج بعد تأميم الثورة للمصانع والأراضي والممتلكات للشركات والأفراد، قل عدد الروم الأرثوذكس فى مصر حتى وصل اليوم إلى 25000 أرثوذكسي، وجميعهم من الروم الأرثوذكس المصريين، ويقع مقرها الرئيسي بمدينة الإسكندرية، فى حين يقع فرعها القاهري بكنيسة القديس نيقولاس فى منطقة الحمزاوى بالأزهر، والبطريرك الحالى هو ثيودوروس الثاني.

الأرمن.. طائفة من عهد الدولة الفاطمية 

الأرمن جالية عريقة ولها تاريخ طويل فى مصر، منذ العصر الفاطمي بالقرن الحادي عشر، الذي كان يعتبره البعض أنه عصر ازدهار الأرمن فى مصر حيث تمتعوا فيه بالحريات الثقافية، الاجتماعية والدينية، مما أدى إلى توافد المزيد من الأرمن من سوريا وسائر بلاد الشام إلى مصر، فتولى منهم الوزارة بهرام الأرمني الذي جاء فى عهده هجرة الأرمن وصل عددهم إلى 120 ألفًا وتولى فى آخر عهد الدولة الفاطمية الوزير بدر الدين الجمالي الأرميني الأصـل الذي جدد بناء أسوار القاهرة بأبوابها الشهبـرة الفتوح والنصــر شمالًا والمتولي (زويـلة) جنوبًا.
ففى العصر المملوكي، ما بين عامي 1266 و1375، تم أسر عشرات الآلاف من الأرمن إثر غزو مملكة كليكيا للمملكة الأرمينية، وتم جلبهم إلى مصر كعبيد، عمل بعضهم فى الزراعة وآخرين بالحرف، والشباب الصغار منهم تدرب بمعسكرات جيش المماليك وخدم فى الجيش أو فى قصور المماليك.

وفى ذلك الوقت تم إنشاء أول كنائس للأرمن بمصر خلال عام 1730م، فقاموا ببناء كنيستين أحدهم للأرمن الأرثوذكس وأخرى للأرمن الكاثوليك. استمر المماليك فى مصر بهذه السلطة والقوة إلى عهد محمد على الذي حكم مصر من 1805م إلى 1849م وأسس المملكة التي نقلت مصر لتاريخها الحديث، وفى عهد محمد علي استعان بالأرمن فى وظائف حكومته ليضمن عدم انقلابهم عليه، وأتيح فى ذلك الوقت للأرمن فرص لإسهامهم بالتنمية الاقتصادية والإجتماعية بمصر.

تعتبر مذابح الأرمن التي بدأت فى 24 أبريل 1915 علامة فارقة فى تاريخ الجالية الأرمنية فى مصر التي تلقت أعدادًا كبيرة من اللاجئين من المذابح العرقية التي قام بها جيش العثمانيين، فزادت أعدادهم فى مصر حتى وصلت ذروتها فيما يظهره إحصاء 1927 من أن عددهم كان 17.188 يتركز أغلبهم فى القاهرة والإسكندرية، تمكن الأرمن من التوافق مع حياتهم. وعين أول نائب بطريركى لهم فى عام 1820 وفى 1926 افتتحت كاتدرائية القاهرة ويقدر عددهم فى مصر حاليا بنحو 1600 شخص والمطران الحالى فى مصر كريكور أوغسطونيوس مطران الأسكندرية للأرمن الكاثوليك.

ولظروف عدم وجود مكان عبادة خاص لهم، كان أبناء الطائفة يمارسون شعائرهم الدينية فى كنيسة اللاتين، وكانوا يدفنون موتاهم فى مدافنهم، واستمر هذا حتى تمكن الأسقف أكشهيرليان من استئجار منزل أقام فيه مذبحًا صغيرًا ومكان مبيت للكاهن أيضًا، وتم تكريس المذبح الأول رسميًا فى الإسكندرية.
وفى عام 1899 أصبح للأرمن مدافن خاصة بهم، وتقع بطريركية الأرمن الرئيسية بشارع صبرى أبوعلم بوسط القاهرة.
وللأرمن مساهمات عديدة ومتنوعة فى الحياة المصرية، وقد اندمجوا فى كل مجالات الحياة تقريبًا وبرزوا فى مسارات مختلفة خاصة فى التجارة والصرافة قبل ثورة يوليو 1952، فعلى سبيل المثال تولى نوبار باشا الأرمني الأصل رئاسة الوزراء، وفنيًا ظهرت أسماء عديدة من الفنانين والفنانات، كان لديهم صحف يومية تصدر باللغة الأرمينية، ومثقفون وكتاب كبار حتى قامت ثورة يوليو عام 1952.

وأسست أول مدرسة أرمنية فى مصر عام 1818 وهي مدرسة يغيازاريان الدينية فى منطقة بين السورين ونقلت عام 1854 إلى درب الجنينة وتغير اسمها إلى خورنيان على اسم المؤرخ الأرمني موڤسيس خوريناتسي، وفى عام 1904 نقل رجل الأعمال بوغوس نوبار المدرسة إلى بولاق، وفى 1907 أسس مدرسة كالوسديان ڤارجان الأرمنية التي ضمت أيضًا روضة أطفال والتي بقي منها اليوم مبنى واحد وساحة فى شارع الجلاء فى وسط القاهرة.
أسس ثاني المدارس الأرمنية فى مصر فى 1890 بوغوس يوسفيان فى الإسكندرية، أحدث المدارس هي المدرسة الأرمنية فى هليوبوليس التي تأسست عام 1925 بتبرع من بوغوس نوبار.
تدعم الكنيسة الأرمنية فى مصر ست مدارس جزئيًا، كما تمكن لخريجي المدارس الأرمنية الالتحاق بالجامعة المصرية بعد اجتياز اختبار الثانوية العامة.

الأرمن المصريون إما أرثوذكس أو كاثوليك وهم يشكلون أغلبية الأرمن المصريين، وتوجد أربع كنائس فى القاهرة وواحدة فى الإسكندرية: بطريركية الأرمن الكاثوليك، كنيسة القديس جريجوري المنور الرسولية، كنيسة سورب كريكور لوساڤوريتش الرسولية، كنيسة القديسة تريز الكاثوليكية.

الموارنة.. طائفة مسيحية مصرية منذ القرن الـ19

إنّ أوّل ما ينبـئ عن وجود الموارنة فى مصر هو ما ذُكِر فى المخطوط المحفوظ فى المتحف البريطانيّ وعنوانه «الابتهالات» وقد جاء فيه: «إن راهبًا مارونيًا قد نسـخه سنة 1498 وهو القس موسى، الراهب اللبنانيّ وأنّ هذا الراهب كان مقيمًا فى القاهرة وقتئذ، وكان خادمًا لموارنتها».

كما يظهر تسـجيلُ ولادات وزواجات موارنةٍ فى سـجلّات الآباء الفرنسيسكان فى القرن السابع عشر، وقد جاءت زيارة البطريرك جرجس عميـرة إسهدنيّ سنة 1638 لأبنائه الموارنة فى القاهرة لتدلّ على وفرة عددهم فى مصر واهتمام الكنيسة بهم.

فى عام 1736، عقب ختام المجمع اللبنانيّ، قام المطران العلّامة السمعانيّ بزيارة القطر المصريّ، وتعرّف هناك على احتياجات الموارنة وعلى غايتهم بوجود كهنةٍ من بني جنسهم، يقومون بخدمتهم الروحيّة. فرفع كتابًا إلى البطريرك المارونيّ من أجل أن يطلب من الرئيس العام للرهبان المريميّين أن يوفد كهنةً من رهبانه لخدمة الموارنة بمصر، وسرعان ما لبّـى طلبهم بارتياح، وقدم الرهبان إلى مصر، متنقّلين مع تنقّلات أبناء الجالية، إبتداءً من دمياط سنة 1745 ومصر القديمة وشبرا وغيرها، كما سافروا إلى الخرطوم فى السودان.
ونظرًا إلى تكاثر عدد الموارنة أنشأ البطريرك الياس الحوّيك فى مصر والسودان نيابةً بطريركيّةً عام 1906، ومن ثمّ أُنشِئت الأبرشيّة المارونيّة سنة 1946 مع البطريرك أنطوان عريضة والتي تضمّ حاليًّا ستّ رعايا.

Share This