غارو أفيسيان: الأوركسترا جمهورية

عندما بدأ العزف للمرّة الأولى، كان على بيانو قديم استقدمه والده لكي تتعلّم عليه شقيقته، وبدأ غارو يعزف على هذه الآلة وهو في ال ١٢ من عمره، واكتشف آنذاك موهبته.

أصول الموسيقى والسولفيج درسها غارو افيسيان في معهد كوميداس في يريفان في أرمينيا بين عامي ٢٠٠١ و ٢٠٠٧ ، وحاز دبلوما في التأليف في العام ٢٠٠٦ و آخرفي قيادة اورآسترا في العام ٢٠٠٧.

يصف غارو فترة دراسته في يريفان قائلا: “يريفان مدينة جميلة ولكنها باردة، ونظام الدراسة يستلزم متابعة وجهدا”. ولكنّ ذلك لم يمنعه من بذل قصارى جهده لكي يبلغ مراده، وهو الحصول على ما سماه الفنان أفيسيان لحظة سعادة، في نهاية المطاف ولكن السعادة الحقيقية.

من الجوائز التي حازها أفيسيان خلال فترة ال ٦ سنوات التي أمضاها في يريفان المركز الثالث في مسابقة ال Vocal Cycles، والمرتبة الثانية في فئة عزف موسيقى الأفلام وقام بقيادة ال Student Chamber Orchestra، ولم يكن يشعر برهبة العزف داخل صالة مليئة بالمستمعين، حتى عندما كان يقود فرقة خلال السنة بوجود ٢ بيانو، خلافا عن حفلات آخر السنة الدراسيّة، حيث كان يقود أوركسترا ضخمة يعزف فيها اآثر من ٦٠ او ٨٠ عازفا على آلات مختلفة.

في أواخر العام ٢٠٠٧ أحسّ أفيسيان انه يجب عليه العودة الى جذوره حيث انطلق، فكان قد افتقد شمس بيروت والأصدقاء، وأحسّ بواجب أن يعطي الوطن ما تعلّمه في يريفان.

القوانين معمولة لكي تتكسّر

يقول افيسيان، مكرّرا ما كان يقوله بيتهوفن: “يجب على الموسيقار أن يتحلّى بالقليل من الموهبة، وبكثير من العمل الجاد والثقة بالنفس .”ويتذكر ما قاله له الأستاذ وليد غلميّة في امتحان الدخول الى الكونسرفاتوار الوطني، عندما سأله: “هل انت مستعدّ لقيادة فرقة تتألف من ٦٠ عازفا؟ فالأوركسترا هي”جمهورية” وأنت قائدها”. وقتها، أدركَ غلميّة ثقة افيسيان بنفسه، عندما لم يتردد بقبول التحدّي وامُتحن في عدّة محاولات لبيتهوفن وبرامز.

كبار قوّاد الأوركسترا بنظره كثر، ولكنه متأثر بالألماني فون آارايان والإيطالي كلاوديو ابادو والإنكليزي سايمون راتل الذي كان يعزف بعض المقطوعات الكلاسيكية بطريقة عصرية، وهنا تكمن عبقرية قائد الأورآسترا.

ولقد أطلعنا أفيسيان على قصة حدثت مع بيتهوفن تدلّ على تواضع الموسيقار العظيم ومرونته، عندما أتاه ذات يوم عازف كمان مغمور طالبا منه الأذن بعزف إحدى مقطوعاته على طريقته الخاصة، مضيفا إيقاعا أسرع على المقطوعة، وعندما سمعه بيتهوفن يعزفها قال له:” ويمكن عزفها بهذه الطريقة أيضا .”وأفيسيان معجب بمرونة بيتهوفن وبهذا العازف المغمور الذي عمل على غرار المثل الروسي القائل: القوانين معمولة لكي تتكسّر.

الموسيقى هي Art of Time

يقول أفيسيان: الموسيقى أيّام بيتهوفن او قيادة الاوركسترا كانت Chamber Orchestra أما اليوم فالأوركسترا Philharmonique وعلى العموم ليس هنالك مقطوعات سهلة للعزف وأخرى صعبة، لأن الهدف من العزف او قيادة فرقة موسيقية هو الكمال او ال Perfection ومعاييره هي: الجمال، والطيبة والتناسق.

ويقول أفيسيان إن الشعب اللبناني لديه ذوق موسيقي متميّز، ويلاحظ أن الناس، وقبل الذهاب لحضور حفل موسيقي، يستعلمون عن الفرقة والمقطوعات المختارة. لذلك، هو مطمئن من ناحية إرضاء الجمهور، ولديه أصداء إيجابيّة عن كل الحفلات التي قام بها مع الكونسرفاتوار الوطني.

تمنّى أفيسيان في نهاية اللقاء استمرارية “الجمهورية “ونجاحها المتتالي، وشكر لأسرة التحرير الاستقبال الجيّد.

الاثنين ٣٠ أيار ٢٠١١

انطوان نجم

الجمهورية

Share This