قصائد مترجمة للشاعر الأرمني باروير سيفاك

باروير سيفاك: من مواليد العام 1924 في قرية سوفيداشين (حالياً سيفاكافان) في أرمينية. اسمه الحقيقي باروير غازاريان.

في العام 1945 تخرَّج من كلية الآداب قسم اللغة الأرمنيَّة في جامعة يريفان، ومن ثمَّ تخصَّص في تاريخ الأدب الأرمني القديم في أكاديمية العلوم. عمل فترة في هيئة تحرير بعض الجرائد، ثمَّ سافر إلى موسكو والتحق بمعهد مكسيم غوركي للآداب، وبعد تخرجه عمل فترة في المعهد ذاته إلى أن عاد إلى يريفان وعمل في معهد الآداب التابع لأكاديمية العلوم. انتُخب أميناً للسر في مجلس إدارة اتحاد الكتَّاب في أرمينية، وفي العام 1967 حصل على درجة الدكتوراة عن دراسته “صيات نوفا”.

ترجم العديد من الروايات والدواوين الشعريَّة، كما أن قصائده تُرجمت بدورها إلى الكثير من اللغات الحية. نُشرت عشرات الكتب ومئات الدراسات عن حياته وأعماله، وطُبعت كذلك “بيبليوغرافيا” تضم فهرسة كاملة لكل ما كُتب عنه من دراسات ومقالات. توفي في العام 1971 بحادث سير أليم.

يُعتبر سيفاك من الشخصيات المتميِّزة في تاريخ الأدب الأرمني، إذ خرج عن المواضيع الكلاسيكيَّة المعهودة وفتح آفاقاً جديدة أمام الشعر بالمواضيع الفلسفيَّة الجديدة التي تطرَّق إليها، وبالحلول الشيِّقة التي قدَّمها. إنَّه “موسوعة” النفس الإنسانية، إذ كتب عن جميع الحالات النفسية التي يمرُّ فيها الإنسان، وهو الذي يدهشنا بصوره الشعريَّة الرائعة وبخياله الواسع وبقدرته على خلق متناقضات جميلة بين المظاهر المختلفة.

له عدد من الكتب نذكر منها:

“الخالدون يأمرون”، ديوان شعر، يريفان، 1948.

“قبة الجرس التي لا تسكت”، ملحمة وطنية، يريفان، 1959.

“الإنسان في راحة الكف”، ديوان شعر، يريفان، 1963.

“صيات نوفا”، دراسة، يريفان، 1969.

“ليحلَّ النور”، ديوان شعر، يريفان، 1969.

* * *

الأفضل

إن أفضل ابتسامة، هي بالتأكيد

الابتسامة بعيون مغمضة.

وأفضل الأحلام

هي الأحلام بعيون مفتوحة.

أمَّا أفضل أغنية

فهي الأغنية التي تأتي من بعيد-عبر النافذة المشرّعة.

وأبلغ الكلام

هو الكلام الذي يعبَّر عنه في السكوت الصامت.

وربَّما كان الشعب الأفضل

هو الشعب الذي لا يملك امبراطورية مترامية الأطراف.

وأفضل الإيمان

هو الإيمان الذي لا يتحَّول إلى دين.

والقناع الأفضل، بلا شك

هو وجه الإنسان.

وأفضل التمثيل

هو التمثيل الفاشل.

والحب الأفضل

هو الحب الذي لم يكتمل بعد.

وأفضل عذاب وألم

هو عذاب الوردة في الأغاني.

وأفضل قرد في العالم – كما يبدو –

هو الإنسان.

وأفضل إنسان، بدون أي شك،

– واسمحوا لي بذلك – هو… أنا.

* * *

أنا لست مطاطاً – أنا ورقة

آه، ويا للأسف، أنا لست من المطاط،

لكي تمدَّني… فأمتدّ.

ثم تتركني ثانية… فأعود إلى ما كنت عليه.

أو تجعِّدني

فأعود ثانية إلى شكلي القديم

بعد أن تلقي بي.

في الحقيقة، أنا أشبه الورق

إن سحبتني… تمزِّقني،

وإن جعَّدتني… انتهيت.

لن تعيدني أية مكواة

إلى شكلي القديم.

إن الحياة قد تركت آثارها فيّ

لا تبرحني

مثلما لا تبرح الأحرف

الورقة المطبوعة…

* * *

بلا بطانة

أنا عميل للفرحِ

وبائع للسرورِ الواسعِ،

إنَّني أملك حانوتاً مفتوحاً على مصراعيهِ

للضحكة الرنَّانةِ،

وأملك أيضاً

دُكاناً مغلقاً نصفَ إغلاقةٍ لبيعِ الابتسامةِ.

أمَّا راحة كفيّ

وأصابعي العشرة

فهي ناقلةٌ للسعادةِ.

فمي غرفةُ مطالعةٍ… للحبِ،

وقدماي

سيارةُ تقلّني إلى المواعيدِ،

وأمَّا يداي

فهما واسطةُ ذكية للاحتضانِ.

صدري لوحةُ لوسامٍ،

لوحةُ لوسامٍ… اسمُهُ القلبُ،

والذي يحملونَهُ في الوجهِ الداخليِ للوحةِ.

بعد كلُ هذا

فما هي الحاجة ؟

لكي أكتب عن نفسي

كلُ هذا شعراً ؟

أنا…

أنا بطاقةُ موجَّهةً إلى العالمِ،

لا تثنوني

ولا تلصقوني بالصمغِ…

* * *

ساعة منبِّهة

وأخيراً، هل تعرفون من أكون ؟

أنا ساعة منبِّهة

بحسب طلبكم،

ومعبَّأة بأيديكم.

في أي وقت تفضِّلون

أوقظكم

بضجة صاخبة تفزع القلب،

كي لا تستمرُّوا في النوم.

وأحياناً

يكون جزائي بدل الشكران

ضربة على رأسي

لكي أخرس صوتي…

* * *

من كتاب “ليحل النور… وقصائد أخرى” للشاعر الأرمني باروير سيفاك، 1995.

ترجمة: مهران ميناسيان.

Share This