الأرمن واليهود

فجأة، اكتشف رئيس الكنيست الاسرائيلي ان هناك ما يسمى «مذبحة الأرمن»، وقرر احياء ذكراها في اسرئيل وليس في ارمينيا، تاريخيا، الأرمن واليهود على عداء صامت وفي الذاكرة الشعبيّة العربيّة لم يقدر على صد اليهودي المرابي الجشع ومنافسته الا الأرمني. منذ اغتصاب ارض فلسطين واقامة الدولة العبرية عليها واسرائيل لا تعترف بما يسمى بمذبحة الارمن. وهي مجاملة لتركيا العلمانية التي صاغ سياستها كمال اتاتورك بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى.

هنا في الاردن، تعتبر الفنانة (من أصل ارمني) جولييت عواد هاكوبيان من ابرز الناشطين في مقاومة الصهيونيّة والتطبيع مع اسرائيل. ذات حين أجبرت على رد تحية أحد الفنانين الذين أشعلوا شمعة فوق قبر اسحق رابين المشهور بتكسير عظام أطفال انتفاضة الحجارة الفلسطينيّة. ولم أسلم من لوم جولييت وعتابها وقد أثقلت ام غزوان (كما نناديها) في اللوم والعتب لزمالتي لها عقودا من الزمن فقد قامت ببطولة أغلب اعمالي التلفزيونيّة التي كتبتها ابتداء من مسلسل شمس الأغوار وانتهاء بوجه الزمان والاخير عن رواية وزير الدولة لشؤون الاعلام طاهر العدوان وهي سرد تاريخي لحياة عائلته. فوالده خلف العدوان استشهد في معركة كفر عصيون بضواحي القدس الشريف.

كل ما يقصده رئيس الكنيست الاسرائيلي من احياء ذكرى مذبحة الأرمن هو مماحكة العثمانيين الجدد في تركيا واذكاء الفتنة بينهم وبين الارمن.. ولا يغيب عن بالنا اغراء اليهود وضغطهم على مطران الكنيسة الأرمنيّة في القدس لبيع بعض أراضيها لليهود مما أقلق المغفور له الملك الحسين بن طلال من خلق حقائق على الارض لا بد من وقفها فاستعان أبو عبدالله، برأس الكنيسة الأرمنيّة البابا الكاتيلوكوس فأسكن الاول في ارمينيا (حينما كانت جزءا من الاتحاد السوفييتي) واوفد له السفير فالح الطويل. وكانت النتيجة ايجابية. فقد فوجئ البابا الأرمني وأصدر امره للمطران بوقف بيع ارض الكنيسة الأرمنية لليهود.

محاولة اسرائيل الفجّة ليست حبا بالارمن ولا تقربا من جمهورية أرمينيا.. بل هي كرهٌ بتركيا التي قدمت شهداء من ابنائها على متن اسطول الحرية الذي كسر الحصار على غزة.. وقلقٌ من دور تركيا في الشرق الاوسط الجديد بعد ربيع التغيير في الوطن العربي.

محمود الزيودي

الدستور

Share This