لمواجهة سياسة أذربيجان المعادية للأرمن

نظرة تاريخية

 لقد أشيع في الآونة الأخيرة في المنابر السياسية الدولية والمجتمع الدولي أن النزاع الأرمني-الأذري هو نتيجة لمسألة أرتساخ (كاراباخ الجبلية) والتي بدأت عام 1988. وقد تم طرح الأمر من قبل المؤسسات السياسية والإعلامية في أذربيجان على هذا النحو من أجل هدفين إثنين على الأقل وهما:

أ‌- تقديم أنفسهم على أنهم ضحايا الاعتداء الأرمني وخلق ظروف بحيث تحل مسألة أرتساخ لصالحهم.

ب‌- تحريف الحقائق التاريخية بطمس الأسباب الرئيسة للمسألة.

والحقيقة هي أن مسألة أرتساخ ليست سبباً بل نتيجة للنزاع الأرمني-الأذري حيث أن السبب الحقيقي يكمن في السياسة المعادية للأرمن التي تتبعها حكومة أذربيجان والتي وصلت الى تطرفها في المعاداة من حيث الأشكال والوسائل المتبعة. لقد تشكل ذلك منذ الأعوام 1918-1920 كسياسة دولة من قبل الحكومة الأولى في أذربيجان وتم تنفيذها في العلاقات الأرمنية – الأذرية المستقبلية على ثلاث مراحل:

أ‌- في الأعوام 1918-1920: التطهير العرقي عن طريق المجازر والقهر والتهجير المنظمة من قبل الدولة.

ب‌- في الأعوام 1921-1988: التطهير العرقي عن طريق تطبيق التمييز العرقي بكل أصنافه وفي كافة المجالات في الحياة العامة وكذلك عن طريق الذوبان بين الآخرين.

ج‌- منذ عام 1988: التطهير العرقي عن طريق المجازر والقهر والتهجير حيث تشمل العناصر المجرمة والمجموعات التي انتقلت اليها عدوى المعاداة والجيش ومؤسسات حكومية (الشرطة وقوى الأمن وغيرها). وأخيراً، انتهى بهم الأمر الى نزاع مسلح وحرب مع أرتساخ وأرمينيا.

وقد شكل العنصر القومي والأقليمي والثقافي والسياسي محوراً لهذه السياسة.

إن الشعب الذي يدعى أذرياً اليوم، كان يدعى “تتر القوقاز” حتى عام 1918، أما هم فكانوا وبكل بساطة يدعون أنفسهم مسلمين (والذي أطلق اسم أذربيجان وأذري هو قائد الجيش التركي نوري باشا الذي احتل باكو في شهر آذار عام 1918).

هؤلاء التتر الذين لم يستقروا في أرتساخ والمناطق الأخرى من أذربيجان الحالية سوى منذ القرن السابع عشر والثامن عشر، يحاولون اليوم من خلال التزوير العلمي إثبات على أنهم هم الشعب الأصلي وأن الأرمن القادمون احتلوا أراضيهم التاريخية وهم يواصلون الآن تلك السياسة. فقد وصل المؤرخون الأذريون الذين يعتبرون أنفسهم خلفاء الألبان الى حد يخالف الصواب في سخطهم برفض الأرمن على أن الأرمن وجدوا في أرتساخ وفي أرمينيا الشرقية بشكل عام بدءاً من الأعوام 1828-1839 عندما انتصرت روسيا على إيران أولاً وثم تركيا وأتت بالأرمن من تلك البلاد وجعلتهم يستقرون في تلك المناطق.

والدليل على أن هذا التزوير العلمي هو من أوامر الدولة ما قاله رئيس أذربيجان إلهام علييف خلال حفل الذكرى المئوية الستين لأكاديمية العلوم الوطنية في البلاد بتاريخ 14 كانون الأول 2005: ” لا يخفى على أحد أن الأرمن أتوا ضيوفاً الى كاراباخ الجبلية، المنطقة التي لا يمكن سلخها عن أذربيجان. نحن نعلم ذلك جيداً، ولكن ذلك لا يكفي فيجب إيصال الحقيقة التاريخية الى المجتمع الدولي”.

وقد وعد المؤرخين والمؤسسات العلمية تخصيص مبالغ مادية من ميزانية الدولة لكي يبرهنوا للمجتمع الدولي تلك “الحقيقة”. والفكرة هي “أن الأرمن الذين ظهروا في كاراباخ في السبعينات من القرن التاسع عشر لا يملكون حقهم التاريخي فيما يخص أراضي كاراباخ الجبلية”. ( http://regnum.ru)

ويتضح منطق هذا التزوير الذي بدأ منذ سنوات الحكم السوفيتي على النحو الآتي:

أ‌- يعتبر الأرمن قادمون في أرمينيا وخاصة في أرتساخ.

ب‌- التراث الثقافي الغني الموجود في تلك المناطق والذي يعود الى آلاف السنين لا يعود للأرمن.

ج- لا يمكن للأرمن أن يطالبوا أذربيجان بأي أراضي أو أية مطالب ثقافية أو غيرها.

تبعت هذه النظرية خطوات عملية نتجت عنها: نفي واستئصال الأرمن وتراثهم الثقافي التاريخي ومحاولة محي التراث بشكل بربري، إلا أنهم لم يتمكنوا من محي ذلك بالتزوير العلمي.

وقد تم إغفال المؤرخ أ. باكيخانوف الذي يعتبر أبو التأريخ في أذربيجان أو التستر عنه من قبل مزوري التاريخ الأذريين لأنه في منتصف القرن التاسع عشر قام بدراسة الإرث العلمي الذي خلفه المؤرخون اليونان والرومان والعرب والأرمن وتوصل الى استنتاج بأن نهر “كورا” كان دائماً الحد الفاصل بين أرمينيا و”أغفانك”.

وطبعاً من غير المحتمل التفكير أنهم لا يعرفون عظماء المؤرخين العالميين أمثال هيروتودوس وسترابون وبلوتاركوس وديونيسوس كاسيوس بلينيوس وأعمال عظماء آخرين الذين يؤكدون أنه وقبل 2000-2500 عاماً كان نهر “كورا” هو الحد الفاصل بين أرمينيا “أغفانك”. “هناك الكثير من الجبال والسهول في أرمينيا حيث لا تنمو الكرمة بسهولة وهناك أيضاً أودية خصبة بشكل متوسط وأخرى خصبة جداً مثل سهل “أراكس” لأن نهر “أراكس” يجري حتى ضفاف ألبانيا ويصب في بحر قزوين وثم شاكاشين (منطقة كانتساك حالياً) المتاخمة لألبانيا ونهر “كورا” وثم “كوكاريني”. (سترابون، الجغرافيا، الحادي عشر، 14).

لم تتغير تلك الحدود في القرون اللاحقة. وها هي شهادتين من القرنين الرابع عشر والسادس عشر من قبل مؤلفين ألماني وجيورجي:

“أمضيت وقتاً طويلاً أيضاً في أرمينيا. بعد وفاة تيمورلنك التقيت بابنه الذي كان يحكم المملكتين في أرمينيا. كان الابن الذي يدعى شاه رخ معتاداً أن يقضي فصل الشتاء في السهل الواسع الذي يدعى كاراباخ الملفت للأنظار بسهوله الخصبة، ويرويه نهر “كورا” ومن ضفاف هذا النهر يتم جمع أفضل أنواع الحرير. بالرغم من أن ذلك السهل يقع في أرمينيا فإنه تابع للوثنيين حيث تضطر القرى الأرمنية بدفع الضرائب لهم. كان الأرمن يعاملونني معاملة حسنة دائماً لأنني ألماني وبشكل عام هم مستعدون لمساعدة الألمان، “النيميتس” كما يسموننا”. (هانس شيلدبرغر، “رحلات”، في الأعوام 1380، فصل 62، 1475، ماينتس. ترجمه الى الروسية ف. بروني، أوديسا، 1835).

” تشمل “خامسا” (وهو ما كان يطلق على أرتساخ في القرن الثامن عشر) على ولايات سبع مماليك والشعب بأكمله يتبع المذهب الأرمني وتقع بطريركية الأرمن ضمن تلك الولاية. وعندما توفي شاه الفرس ظهر رجل وبدأ يقوى (يعني به باناهين) من مذهب المسلمين وشعب جفانشير، وفي “خامسا” تلك الإمارة يوجد حصن قديم (ويعني به “شوشي”) حيث احتل بالخداع، وقد جرت حروب عديدة بيننا وبين شعب جفانشير وكانوا دائماً يخسرون بعون الرب ويضعفون. وشعب جفانشير هو الوحيد الذي لا ينتمي الى المذهب الأرمني ولكن وتحت ظروف معينة قام الطرفان بتوقيع اتفاق صلح بين بعضهما البعض. يملك الأرمن حصناً كبيراً والموقع جبلي ويحيط به الغابات ومع ذلك فالحقول خصبة. وشارك شعب جفانشير في الحرب بألفين وخمس مئة شخص أما الأرمن فقد خرجوا بأربعة آلاف وخمس مئة توضعوا في شيرفان وناخيتشيفان وكينجي وكاراتاغ، وكان الأرمن في “خامسا” جنوداً شجعان ، وبما أن المماليك ليسوا على اتفاق في الأمارات فقد وقعوا تحت حكم وسيطرة شعب جفانشير”. (هرقل الثالث، 1720-1798، ملك جيورجي، “مراسيم القرن الثامن عشر ووثائق تاريخية تتعلق بجيورجيا”، الجزء الأول، 1768-1774، ص 434-435، سانت بيتيسبورغ، 1891، باللغة الروسية).

بالرغم من أن سياسة الأذريين المعادية للأرمن قد بدأت منذ عام 1918 بشكل منظم إلا أنها كانت تظهر حتى عام 1918، وهنا نخص بالذكر المجازر التي جرت في باكو ومقاطعة يليزافيدبول في الأعوام 1905-1906 بحق الأرمن، وقد راح ضحيتها آلاف الأرمن.

ولاحقاً، ذكرت الكاتبة الأذرية المعروفة أم البنين التي قضت طفولتها في باكو انطباعاتها في كتابها “أيام قوقازية”: “كنا في أيام العيد نلعب لعبة قتل الأرمن، التي كنا نفضلها عن غيرها. كنا نقتل تامار (أرمنية من طرف والدتها) بكل ما نملك من غرائز تعصبية حتى الثمالة على مذبح الكراهية. في البداية بنزوة كنا نلومها بقتل مسلمين وعلى الفور أطلقنا الرصاص عليها عدة مرات متتالية لكي نعيد إحياء اللذة. ومن ثم كنا نبتر أعضاء جسدها ولسانها ورأسها وأعضاءها الداخلية ونرميها للكلاب لكي نعبر عن إزدرائنا حيال الجسد الأرمني”.

ولعل الأطفال الذين تربوا على هذه الألعاب أصبحوا في المستقبل قادة أذربيجان المستقلة وجنودها واقترفوا أفظع الأعمال الوحشية في بداية القرن ونهايته في باكو وكانتساك وسومغاييت وشوشي والعديد من المواقع المأهولة بالسكان في أرتساخ.

 

 مجازر الأرمن في أذربيجان في الأعوام 1918-1920

بعد استقلال أذربيجان في 27 أيار 1918، كان أول ما انشغلت به السلطات الأذرية هو تغيير صورة السكان أو الديموغرافية ليس فقط في العاصمة باكو بل في أرتساخ الجبلية والسهلية على حد سواء وذلك عن طريق المجازر الجماعية والتهجير القسري.

في 15 أيلول 1918، احتل الجيش التركي باكو، واستغلت سلطات أذربيجان تلك الفرصة السانحة من أجل تنفيذ مخططها في المجازر، وهذا جدول عن أعداد الضحايا والمتضررين:

 

89541

عدد الأرمن في باكو قبل المجازر

28884

عدد القتلى

32000

عدد الفارين

3586

عدد المفقودين

امتدت موجة المجازر الى الولايات الأرمنية في أرتساخ ويليزافيدبول واستمرت صعوداً ونزولاً حتى نهاية عام 1920. وبدت على وجه الخصوص المجازر التي اقترفت بحق الأرمن في مدينة شوشي في آذار عام 1920 من قبل الجيش الأذري النظامي المؤلف من 20 ألف جندي أفظع تلك المجازر.

ويمكن للجدول الإحصائي التالي أن يوضح بشكل عام المجازر الأرمنية في ولاية يليزافيدبول في كانتساك وأرتساخ بين الأعوام 1918-1920 .

عدد الأرمن في المواقع السكانية الكبرى في ولاية كانتساك وأرتساخ

بين الأعوام 1916 و1921

 

عام 1921

عام 1916

 

عدد الأرمن

عدد الأرمن

 

1000

10728

كانتساك

36

4534

مدينة شاماخ

6265

17800

إقليم شاماخي

4310

17207

كوكتشا

1628

8009

مدينة نوخ

1782

17751

إقليم نوخي

5099

19169

إقليم أريش

1064

2530

زاكاتالا

300

22370

شوشي

21484

120098

المجموع

 

التطهير العرقي للأرمن من قبل السلطات الأذرية بين الأعوام 1921-1988

قامت السلطات الأذرية في السنوات السوفيتية بتغيير وسائل وطرق تنفيذ سياستها ضد الأرمن. فقد استعاضوا عن المجازر والاضهادات والتهجير القسري بوسائل التمييز العرقي والضغوطات الثقافية-التربوية والاجتماعية–الاقتصادية. يكفي أن نذكر أنه في السبعينات تم إقفال 76 مدرسة أرمنية، كانت تعمل حتى فترة الحرب، في مدينة باكو التي يقطنها 200000 أرمني وكذلك المعهد الأرمني لرياض وتربية الأطفال والمسرح الأرمني. وقد حصل ذلك في الفترة التي كانت تعمل في يريفان التي يقطنها 2300 أذري مدرستان أذريتان والمعهد الأذري في كلية رياض وتربية الأطفال باسم خ. أبوفيان والمسرح الأذري وغيرها.

فقد كانت سياسة التمييز العرقي التي تنفذ في أذربيجان بحق الأرمن والأقليات العرقية الأخرى واضحة وفظة، حتى أنها تشكل محور حديث ومناقشة رئاسة اللجنة المركزية للحزي الشيوعي في الاتحاد السوفيتي في 1 تموز عام 1959. ولهذا السبب يقوم الجنرال – اللواء إ. ف. شيكين بتفتيش خاص ويقدم في تقريره صورة لأعمال التعصب القومي المتطرفة التي تقوم بها السلطات الأذرية، ويقتبس من حديث رئيس المجلس الأعلى في أذربيجان م. إبراهيموفيتس: “إنها ليست فترة العشرينات. نحن الآن لدينا كوادر تحل محل غير الأذريين كافة “. وخلال تقديم التقرير يأخذ ن. خروتشوف الكلام عدة مرات. ونقدم مقاطع مما قاله: “أيها الرفاق، نتحدث عن باكو حيث 66 بالمائة من السكان هم غير أذريين … فمثلاً في أمريكا هناك مناطق واسعة يقطنها بولونيون وأوكرانيون. وهم يأخذونها بعين الاعتبار. حتى نشطاء البرجوازية لا يتعاملون بهذا الشكل، فيكق تتعاملون أنتم؟ إنها معاملة هتلرية أو معاملة وحشية إن أردنا تعريفها بشكل فظ، أما الديموقراطية البرجوازية فهي لا تتعامل على هذا النحو. فهي تحدد نوع من الحكم الذاتي للأمم الأخرى، حتى ولو لم يكن عددهم كثيراً، ويتعاملون على أساس مجموعة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، أما أنتم فتستغلون ذلك، ويدعونكم شيوعيون. أين أنتم من الشيوعية؟ أنتم لستم شيوعيون، بل نازيون، هتلريون …”.  “ويتم المبالغة في دور نشطاء أمثال ناريمان ناريمانوف حيث يتظاهرون بعدم معرفة تأرجحاته وأخطاءه وهفواته. فبالرغم من أن كتب الحزب الشيوعي تذكر أخطاء نشطاء أمثال أورجونيكيتزي واستيبان شاهوميان وتشاباريتزي، فإنه لا شيء يذكر عن نقائص ناريمان ناريمانوف مع أنه من المعلوم أنه صاحب أخطاء كبيرة خاصة في مجال السياسة الوطنية”.

“كيف لا تخجلون وقد وقعتم في مستنقع القومية البرجوازية. أنتم شيوعيون. حررونا من هؤلاء الأصدقاء، ونحن نحرر أنفسنا من الأعداء”.

“أنا سألتهم لماذا لا تشمل القيادة أرمن وروس ؟”.

حسب جريدة “زركالو” التي نشرت المادة في 19/11/2005 “فإن هذه الوثيقة تشهد في البداية على جرأة وإخلاص م. إبراهيموف وش. غوربانوف رئيس قسم الإعلام في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في أذربيجان اللذان كانا يناضلان من أجل حماية اللغة وتشكيل الوعي الوطني”.

في الستينات من القرن العشرين تغيرت قيادة الدولة المعبأة بسخط “التوعية الوطنية” بعد هذا الجدال ولكن السياسة الوطنية لم تتغير، بل استمرت بوسائل أكثر تستراً وحذراً والتي يتحدث عنها حيدر علييف بشكل واضح قائلاً:    

“كنت أنا الوحيد الذي يتحدث بحزم ضد الطاشناق والقوميين الأرمن في كاراباخ الجبلية وأرمينيا على حد سواء … كنا نشرف على الوضع في كاراباخ الجبلية. على حساب ماذا؟ طبعاً أولاً كان النظام السوفيتي هو الذي يتيح الفرص وثانياً نحن نتحدث عن الفترة التي كنت أشغل فيها منصب السكرتير الأول وأساعد في تطوير كاراباخ الجبلية. وفي نفس الوقت، كنت أسعى الى تغيير ديموغرافيا السكان هناك. وقد إثارت كاراباخ الجبلية مسألة فتح جامعات هناك. وعندنا كان الجميع يعارضون ذلك. ففكرت بالموضوع وقررت فتح الجامعات بشرط أن تتضمن ثلاثة أقسام: أذرية وروسية وأرمنية. وتم ذلك. وكنا نرسل الأذريين من البلاد المجاورة الى هناك بدلاً من باكو. كما فتحنا أيضاً معملاً كبيراً للحذاء. ولم تكن هناك أي قوى عمالية ناشطة في استيباناكيرد، وكنا نرسل الأذريين من المناطق المجاورة الى هناك. فكنت بذلك وبطرق أخرى أسعى كي يكون عدد الأذريين أكبر في كاراباخ الجبلية، وينقص عدد الأرمن. فكل من كان يعمل في كاراباخ في ذلك الوقت يعلم ذلك جيداً”. (مقطع من مقابلة، “زركالو”، 23/7/2003).

“كنا نعير كاراباخ اهتماماً كبيراً في تلك الفترة لحماية أراضي أذربيجان الكاملة. صحيح أن بعض الهواة كانوا يلومونني لأجل ذلك. وكنت أفعل ذلك أولاً لأنه من الضروري العمل على توطين السكان الأذريين في كاراباخ الجبلية، وثانياً عدم السماح للأرمن بإثارة القضية. (جانب من الخطاب الذي ألقي في مجلس الملة المخصص لقضية كاراباخ الجبلية “باكينسكي رابوتشي”، بتاريخ 42/1/2001).

بسبب الظروف غير المحتملة التي خلقت للأرمن رحل خلال السبعين عاماً مئات الآلاف من الأرمن الى أرمينيا وروسيا وجمهوريات آسيا الوسطى وغيرها.

وهنا نبين إحصاء حول تلك السياسة في أرتساخ.

 

النمو السكاني في إقليم كارباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي في الأعوام 1923-1989

 

عدد السكان

من ضمنهم

ألف شخص

الأرمن

الأذريين

الروس

العام

المجموع

العدد

%

العدد

%

العدد

%

1923

157,8

149,6

94,8

7,7

4,9

0,5

0,3

1926

125,3

111,7

89,1

12,6

10,1

0,6

0,5

1939

150,8

132,8

88,1

14,1

9,3

3,2

2,1

1959

130,4

110,1

84,4

18,0

13,8

1,8

1,4

1970

150,3

121,1

80,6

27,2

18,1

1,3

0,9

1979

162,2

123,1

75,9

37,3

22,9

1,3

0,8

1989

189,1

145,5

76,9

40,6

21,5

1,99

1,0

 

وقد تشكل النمو السكاني في إقليم كاراباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي على النحو التالي:

نسبة السكان الاجمالية          102%

الأرمن                                  82.3%

الأذريين                                484%

الروس                                  260%

 

التطهير العرقي للأرمن

على يد السلطات الأذرية بعد تاريخ 1988

 

في عام 1988 كان نضال الأرمن الشرعي موجهاً ضد سياسة السلطات الأذرية في اضطهاد الأرمن والتي كان استمرارها سيؤول لا محال الى تفريغ أرتساخ من الأرمن بشكل كامل، كما جرى في ناخيتشيفان وأراضي أرمنية أصلية وأراضي عديدة مأهولة بالسكان الأرمن في كاراباخ السهلية.

لم يتأخر رد سلطات أذربيجان، ففي 26 شباط عام 1988 بدأت في سومغاييت مجازر منظمة من قبل الدولة، ونتيجة للأعمال البربرية التي دامت أربعة أيام تم تفريغ المدينة تماماً من سكانها الأرمن الذي كان يبلغ 9000 نسمة تقريباً.

وقد كتب الجنرال أ. ليبيد عن تلك الأحداث في كتابه “ألم من أجل السيادة” (نشر في يريفان عام 1997): ” كانت “سومغاييت” تفيض بسادية القرون الوسطى وشراسة ووحشية غير إنسانية وأحياناً يختلط فيها الحماقة”.

أما القانوني المعروف أ. زاخاروف فقد صرح علناً أمام العالم أن النضال من أجل أرتساخ عادل ولا يمكن إسقاطه تاريخياً: ” لا يمكن لأنصاف العمليات أن تريح الناس، حتى في صداقات الشعوب. إن كان أحد يشك في ذلك حتى أحداث “سومغاييت”، لكن بعد تلك المأساة لا أحد يملك إمكانية أخلاقية بإلزام تبعية إقليم كاراباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي لأذربيجان”.

في 21 تشرين الثاني 1988 بدأت بشكل متزامن في كافة المناطق التي يسكنها الأرمن المجازر الجماعية وعمليات تهجير قسرية. والدليل على أن تلك المجازر كانت منظمة من قبل الدولة هو أن العمليات بدأت في وقت واحد، في نفس اليوم ونفس الساعة ونفذت بسيناريوهات متشابهة في كافة المناطق: ناخيتشيفان وشامخور وخانلار ومينكيتشاور وتاشكيسان وكانتساك وإيميشلي وشيكي وإسماعيلية وزاكاتالا وكيدابيك وكازاخ ومئات المناطق المأهولة الأخرى.

فخلال تلك الأيام، ترك أكثر من 200 ألف أرمني موطنهم التاريخي وقد راح غالبيهم ضحايا لتلك الأعمال الوحشية.

وفي كانون الثاني عام 1990 وصلت موجة الفظائع الى العاصمة باكو. وراح ضحية المجازر وعمليات القهر التي دامت أسبوعاً أعداداً كبيرة من الأرمن، وقد اضطر أكثر من 200 ألف أرمني كانوا يسكنون في المدينة أن يتركوا بيوتهم وممتلكاتهم وقد وجدوا خلاصهم الى حد ما في أرمينيا وروسيا.

وفي عام 1990 تم ترحيل السكان الأرمن قسرياً من هادروت وبيرتاتسور وشاهوميان ومن عشرات القرى في مناطق أخرى بهدف توطينها بالسكان الأذريين.

وفي الأعوام 1988-1990 تم إجلاء أكثر من 400 ألف أرمني من أذربيجان.

 

 

 لمحة عن عدد السكان في أذربيجان

حسب معطيات الاحصاء السكاني لعام 1999

 

من الجدير ذكره أنه حسب معطيات الاحصاء السكاني لعام 1926 فإن عدد الأذريين 1241758 قد ازداد 5.8 مرات حسب معطيات عام 1999، أي أن شعوباً عديدة لم توفر التقويم الذاتي حسب المعطيات الرسمية من حيث الولادات أو أن عددهم نقص عدة مرات. وهناك عدد من الشعوب تم ذكرهم في الاحصاءات الأخيرة (1989 و1999) بأعداد رمزية وذلك لأسباب سياسية.

أول عامل هو السياسة الداخلية: الحذر من تكرار “حركة أرتساخ”، فقد اضطروا منح حق الوجود لعدد من الشعوب “المختفية” برمتها حسب معطيات الاحصاءات السابقة في إحصاء عام 1989 (مثل الأكراد والطاليش والأوكرانيين وغيرهم) . ولكن مع إدراك أن تقليص تلك الأعداد ليست حلاً للمشكلة، فتنازلوا أمام الشعوب ذات الأعداد الضخمة. فمثلاً كان عدد الطاليش صفر في عام 1979 أما في عام 1989 فأصبحوا 21000 وفي عام 1999 أصبحوا 80 ألف تقريباً. 

العامل الثاني مرتبط بالسياسة الخارجية: فقد وقعت جمهورية أذربيجان على مسودة “اتفاقية حماية الأقليات الوطنية” لدى المجلس الأوروبي، ويتوجب عليها تقديم تقارير دورية بخصوص تنفيذ تلك الاتفاقية. وفي عام 2002 قدمت تقريرها الأول حول التركيبة العرقية للسكان في الجدول الآتي:

 

 

الشعب

العدد

النسبة المئوية

        1.  

أذريين

7,205,500

(90,6%)

        2.  

ليزكيين

178,000,

(2,2%)

        3.  

روس

141,700

(1,8%)

        4.  

أرمن (أخذ بعين الاعتبار سكان أرتساخ)

120,700

(1,5%)

        5.  

طاليش

76,800

(1,0%)

        6.  

أفار

50,900

(0,6%)

        7.  

أتراك-ميسخيت

43,400

(0,5%)

        8.  

تتر

30,000

(0,4%)

        9.  

أوكرانيين

29,000

(0,4%)

    10.  

زاخور

15,900

(0,2%)

    11.  

أكراد

13,1 00

(0,2%)

    12.  

جيورجيين

13,100

(0,2%)

    13.  

التات

10,900

(0,13%)

    14.  

يهود

10,900

(0,13%)

    15.  

أوديين

4,200

(0,05%)

    16.  

آخرين

9,500

(0,12%)

 

لو تقصينا من الأرقام المذكورة الروس والأوكرانيين والجيورجيين واليهود (من الخطأ إدراج الأرمن في هذا الجدول لأنهم مواطنون جمهورية كارباخ الجبلية المستقلة)، فيبدو جلياً أن الأقليات الوطنية الأصلية الباقية والتي تشكل 5% كونها محرومة من المدارس الوطنية وإمكانية الحفاظ على الثقافة الخاصة وتطويرها، فهي محكومة بخطر الزوال من التاريخ عاجلاً أم آجلاً. حتى الواجبات التي التزمت بها أذربيجان أمام المنظمات الدولية فلن تضمن استمرار وجودها.

ويخلص الباحث الأذري في علم الأعراق أ. موسابيكوف في كتابه ” بعض الفرسان في وضع الأعراق في أذربيجان الحديثة” الى ما يلي: “باستخلاص النتائج يمكن الاستنتاج (مبتعدين عن الانفصاليين الأرمن في كاراباخ) أن وجود أقليات وطنية عديدة ضمن حدود جمهورية أذربيجان لا يشكل أي خطر أساسي على وحدتها واستقلالها. ورجحت كفة ميزان الأذريين، وازدادت النسبة خلال طيلة القرن الماضي، فنسبة 62.1% لعام 1926 وصلت الى 90% عام 1999.

إن الاستنتاج يشكل محور السياسة الوطنية التي تتبعها أذربيجان: تشكل الأقليات خطراً ممكناً على وحدة واستقلال أذربيجان، ولذلك يجب أن يختفوا. فهذه الفكرة بالذات وكذلك التصريحات المعادية للأرمن التي يقوم بها رئيس أذربيجان والمسؤولين رفيعي المستوى تبين رفضهم للأرمن ورغبتهم بالقتال، وتبرهن بوضوح على أن بقاء كاراباخ في تبعية جمهورية أذربيجان في أي صيغة هو أمر مقرر مسبقاً كخيار لا محال.

 

 

مصير الآثار المعمارية والأوابد التاريخية الأرمنية في أذربيجان

أرتساخ الجبلية والسهلية

 

لقد أغنى الشعب الأرمني خلال قرون طويلة وطنه التاريخي وموطنه الأصلي بالمعالم الثقافية التي لا تحصى. وقد تضررت أرمينيا على التوالي من الأمم الدخيلة التي غزتها ودمرتها وألحقت الأذى بالحضارة الأرمنية وغالباً ما كانت تبطئ وحتى تثبط من تطورها.

وحسب المصادر الأولية، يعتبر القرنان الحادي عشر والثاني عشر فترة عصيبة في تطور الشعب الأرمني وثقافته عندما كانت فترة سيادة الأتراك – السلاجقة.

يكفي أن نذكر أنه في أواخر عام 1170 عند احتلال قلعة “باغابيرت” والزحف الى “سونيك” جعلوا النار تلتهم أكثر من 10 آلاف مخطوط.

ولم توفر أذربيجان أي جهد لنفي الصروح التاريخية والمتعددة الأشكال عن وجه البسيطة وإخفاء آثارها رغبة منها في استملاك الأراضي الأرمنية التي احتلتها خلال العقود الماضية.

وغدت أعداد النصب التذكارية المهدمة تزداد عاماً بعد عام وتتوسع جغرافياً. ولم يغفل أيضاً المعالم التاريخية الموجودة في الأراضي المأهولة بالأرمن مثل المعالم التاريخية في جمهورية كاراباخ الجبلية وأرتساخ الشمالية ومناطق مأهولة بالأرمن على الضفة اليسرى من نهر “كورا”. وكذلك لا يمكن تقليص أهمية الآثار والنصب التذكارية الموجودة في أرتساخ الشمالية (خاصة في كيدابيك وتاشكيسان) والمناطق المتاخمة لجمهورية كاراباخ الجبلية (المحررة حالياً).

كان المؤرخون في أكاديمية العلوم في أذربيجان يحاولون على مدار عقود متتالية (بدءاً من 1960) عبر الأبحاث التي نشرونها إقناع الأوساط العلمية والبرهان على أن آلاف المعالم التاريخية الموجودة في أراضي الدولة التي نشأت بعد خلق جمهورية أذربيجان ليست أرمنية بل هي إرث من الأغفان، الأسلاف المسيحيين من الشعوب التركية-التترية.

ولكن منذ عام 1988، قامت عملية المجازر الواسعة والحانقة بحق النصب التذكارية الأرمنية والتي أشهرت على أنها “أغفانية” بشكل حانق في أذربيجان بفضح سياسة أذربيجان التي تغيرت رؤيتها فعوضاً عن جهودها في استملاك النصب التذكارية الأرمنية فضلت نفيها برمتها.

وبنتيجة ذلك، تعرضت مئات المقابر الأرمنية الغنية بآلاف الصلبان الحجرية والأضرحة والكتابات ذات القيمة التاريخية الكبيرة وكذلك العديد من الأديرة والكنائس الى عمليات هدم واسعة النطاق. 

والسؤال الذي يطرح نفسه: إن كانوا هم من أجيال الأغفان فلماذا يتلفون تاريخهم وحضارتهم؟ الحقيقة هي أن شعب أغفان الذي عاش فقط في المناطق الواقعة بين بحر قزوين ونهر كورا، زال من الخارطة التاريخية في القرن التاسع وليس من أسلاف الأذريين لا عرقياً ولا حضارياً.

وفي نهاية عام 1988، وصلت عملية إتلاف النصب التذكارية الى حد لم يسبق له مثيل. لقد استفاد الأذريون من ظروف الحرب وبدأوا بتدمير الكنائس الأرمنية ليس بالمتفجرات كما كانوا يفعلون بشكل أساسي سابقاً بل عبر طلقات مدفعية حيث لم تتمكن الجدران من مقاومة الانفجارات التي تحدث فجوات عريضة الأقطار. وهكذا، فمثلاً بلمح البصر تم هدم دير يغناسار المسالم قرب قرية كيداشين أثناء احتلال القرية في أيار 1991.

وبين الأعوام 1950-1960 وفي جدران إحدى المدارس على الحد الشرقي الجنوبي من قرية “دزار” تم تلحيم صلبان حجرية وأضرحة وتقريباً 133 قطعة من لوحات حجرية أرمنية مكتوبة نقلت من المقبرة التاريخية والواسعة جداً التي تم تدميرها تماماً ويعود تاريخها بين القرن الثالث عشر والثامن عشر.

– كانت الكنيسة الأم (القرن الثالث عشر) في قرية دزار نصف مهدومة حتى نهاية عام 1950، أما الآن فلا أثر لها على الاطلاق.

– كانت كنيسة القديس سركيس (عام 1274) في قرية دزار قائمة حتى نهاية عام 1950 أما اليوم فهي مدمرة كلياً.

– دير كيداميتشو (عام 1301) تم تدميرها عام 1960، وبنوا بتلك الأحجار عدة بيوت ومبنى مدرسة في قرية دجراك، حيث نجد داخل جدرانها 22 قطعة من لوحة حجرية.

– في عام 1983 تم تفجير كنيسة (القرن الثاني عشر- القرن الثالث عشر) تقع على بعد 2 كم جنوب غرب قرية يغيكنود (غامشلي) في منطقة كارفاجار.

– في الأعوام 1970-1980 تم ترحيل وتكسير كافة الصلبان الحجرية التابعة للمقبرة التي تعود الى القرن الثاني عشر-الثالث عشر وتقع على حد قرية أغايا.

– عام 1983 تم تفجير الكنيسة التي بنيت في القرن الثالث عشر بين قرية أراكيلوتس (أروخلو) في منطقة كاشاطاغ (لاتشين سابقاً) وقرية موفسيساشين (كورد-حجي).

– في الأعوام 1970-1980 تم تسوية الأرض التابعة للمقبرة (القرن الثاني عشر- القرن العشرين) التي تقع على الحد الجنوبي الشرقي من قرية هارار (باراتشان الداخلية) في منطقة كاشاطاغ وفي مكانها قاموا ببناء مجمع لتربية الحيوانات.

– وفي السنوات الأخيرة تم تفجير كنيسة (أوهانا يغتسي) التي تعود للقرون الوسطى وتقع بجوار قلعة كرهام على السلسلة الجبلية سوسان سار تحيط بها الغابات في شمال زانكيلان.

– في عام 1970 تم تدمير الكنيسة (القرن الثاني عشر-الثالث عشر) التابعة لقرية توماس القديم في منطقة جبرائيل، وقد استعملت الأحجار أثناء بناء أدراج مدرسة.

– في منتصف عام 1980 تم تغير شكل كنيسة فامكاسار (القرن السادس-القرن السابع) تحت شعار “إعادة تشييد”، أما الصليب الحجري الوحيد المحتفظ به فقد نقل الى متحف أغدام المفتوح لتقديمه على أساس نصب تذكاري أغفاني.

– تم الحفاظ على كنيسة واحدة من أصل 12 كنيسة (القرن التاسع-القرن الحادي عشر) التي تقع في قرية غالاكيانت في منطقة كيدابيك، وهذه في حالة نصف مدمرة.

– في الأعوام 1986-1987 تم هدم الكنيسة (القرن التاسع-القرن الحادي عشر) التي تقع على بعد 8 كم جنوب قرية بانانتس. أما الأحجار فقد رميت في الوادي.

– في عام 1960 تم تدمير الكنيسة (القرن السادس عشر-القرن السابع عشر) التابعة لقرية تسنزاهال في منطقة باشكيسان من أساسها وبنوا مكانها مدرسة.

– في نهاية عام 1970 تم تدمير الكنيسة التي تقع قرب قرية كيرانتس بحجة إنشاء عامود كهربائي.

– في عام 1970 تم تدمير الكنيسة (القرن السادس عشر-القرن السابع عشر) في قرية كارهاد العليا بحجة استثمار المناجم.

– حتى تحرير شوشي عام 1992 تم تحويل كنيسة المدينة التي تدعى “كنيسة خضراء” مكاناً لشرب المياه المعدنية أما الكنيسة الأم “غازانتشيتسوتس” فقد تحولت الى مرحاض عام.

– خلال بناء سد “سارسانكي” تم تدمير جسرين من القرنين الثاني عشر والثالث عشر وثلاثة أديرة وحوالي 70 صليب حجري وضريح دون تسجيلهم أو تصويرهم، وثم استخدمت الحجارة إما للحاجز أو تركت في قاع السد.

– في عام 1980، وتحت شعار “الترميم” تم تبليط جدران كنيسة القديس سركيس من القرن السابع عشر في مدينة كانتساك “كانتشا”، وبذلك فقدت الكنيسة هويتها الأرمنية، وحالياً تستخدم كقصر للصداقة بين الشعوب.

– وفي السنوات الأخيرة، قاموا بتدمير المقبرة الموجودة في باكو والتي تعود الى القرن الثامن عشر-القرن العشرين، وثم استخدموا الحجارة في بناء أدراج الطريق المؤدية من فندق إنتوريست الى حديقة كيروف.

– تم تهديم دير بارين بيج الموجودة في منطقة شوشي في جمهورية كاراباخ الجبلية بعد 11 شهر من سقوطها بيد الأذريين (تم تخريرها في 17 أيار 1992)، فقد تم تدمير المعبد كلياً أما الكنيسة التي بنيت عام 1658 فدمرت جزئياً.

– في بداية عام 1970 تم تدمير دير القديس ميسارو الذي يقع في منطقة شاماخو.

 

 

حول الأسس القانونية لاستقلال جمهورية كاراباخ الجبلية

 

لم تكن كاراباخ الجبلية في أي وقت من الأوقات تشكل جزءاً من دولة أذربيجان المستقلة لأنه لم تكن لأي دولة ممثالة وجود حتى عام 1918.

كانت أذربيجان التي أنشأت بين الأعوام 1918-1920 تطلب عدا كاراباخ مناطق أرمنية أخرى ولذلك لم تستجيب عصبة الأمم لطلب عضويتها.

وفي تلك الفترة تم ضم كاراباخ الى أذربيجان قسرياً، عندما فقدت الأخيرة استقلالها فانضمت الى الاتحاد السوفيتي. وأعطيت كاراباخ الجبلية من قبل البلاشفة الى أذربيجان لمعاقبة الأرمن الذين لم ينصاعوا لها. وبذلك، انضمام كاراباخ لأذربيجان هو حقيقة سوفيتية توقفت عام 1991 عندما زال الاتحاد السوفيتي من خريطة العالم كما اختفت كاراباخ من خريطة أذربيجان. وتم ذلك كله بصفة شرعية وقانونية.

انفصلت أذربيجان في 30 آب 1991 من الاتحاد السوفيتي مستخدمة حقوقها الدستورية وبذلك استعادت سيادتها في الأعوام 1918-1920، تلك السيادة التي لا تشمل أراضي كاراباخ.

وبعد هذه الأحداث بثلاثة أيام انفصلت جمهورية كارباخ الجبلية من أذربيجان مستخدمة بدورها حقوقها الدستورية حسب القانون السوفيتي “حول أنظمة تحديد شؤون انفصال الجمهورية الاتحادية عن الاتحاد السوفيتي” حيث ينص في الفقرة الثالثة على أنه “يجب على الجمهورية الاتحادية التي تملك جمهوريات الحكم الذاتي ومناطق الحكم الذاتي وأقاليم الحكم الذاتي أن تنظم استفتاءات خاصة بالاستقلال لكل وحدة حكم ذاتي على حدة. يحق للجمهوريات ذات الحكم الذاتي وشعوب وحدات الحكم الذاتي أن تقرر بنفسها مسألة البقاء في تركيبة جمهوريات الاتحاد السوفيتي أو الانفصال عنها والبقاء في تركيبة الجمهورية الاتحادية”. وبالتالي، الأساس القانوني لتأسيس جمهورية كارباخ الجبلية لا يقبل الدحض.

إن الضرورة السياسية لتأسيس جمهورية كاراباخ الجبلية وإعلان استقلالها كانت نتيجة سياسة التمييز التي كانت تنفذ باستمرار بحق المنطقة وغالبية سكانها الأرمن من قبل أذربيجان السوفيتية طوال العقود الماضية. وكذلك نتيجة الردع العسكري والقهر من قبل السلطان في أذربيجان ضد المطالب السلمية لحقوق سكان المنطقة الانسانية وحقوقهم في المواطنة.

وقد تبعتها العدوان الأذري ضد جمهورية كاراباخ الجبلية والذي شمل الحرب وإراقة الدماء والدمار والتهجير والحصار حيث تقع مسؤولية نتائجها على الجانب الذي قام بالعدوان.

 

* نشرت الدراسة ضمن منشورات الهيئة الوطنية الأرمنية – الشرق الأوسط – 2006

Share This