أرشيف الفاتيكان والمرحلة القادمة

ما زال خبر نشر الفاتيكان لأرشيفه السري حول الإبادة الأرمنية يستقطب الأنظار. قبل كل شيء فإن التوقيت يجعلنا بالتأكيد نفكر بالأسباب السياسية المحتملة وممارسة الضغوطات على تركيا في هذه الفترة.

طبعاً إطلاق تأكيدات مطلقة بهذا الاتجاه لا يليق بالمنطق السياسي.

مع ذلك، السؤال يفرض نفسه: لماذا قرر الفاتيكان الآن نشر أرشيفه عن الإبادة الأرمنية في هذه الفترة الزمنية؟

فمواقف الفاتيكان حينها من توسلات البابا ليو الثالث عشر للسلطان عبد الحميد، وتقارير الممثلين الباباويين عن الأحداث، كل هذا سيشكل ضربة قاسية على سياسة تركيا المنكرة.

لكن قبل ذلك، من الضروري تصور التأثير المحتمل لما سينشره الفاتيكان على العالم المسيحي، لطالما أن المجتمعات المسيحية ستقتنع بالكامل بوضع الشعب الأرمني الذي تعرض للإبادة.

صحيح أنه ينبغي الفصل بين القناعة التي ستولد لدى المجتمعات والتأثير الذي سيفرض على قرارات الدول. في الحالة الثانية، فإن حقيقة الأحداث لا تكفي لاتخاذ المواقف وتسمية الأشياء بمسمياتها. لكن بالعودة الى منطق الأسباب السياسية فإن اختيار هذا التوقيت لنشر أرشيف مماثل يمكن أن يوحي بخلق موقف أوروبي موحد لتنفيذ ضغط مهم على تركيا.

في النهاية لجنة الأرشيف في الفاتيكان لم تنطلق من الوعي والأهمية العلمية للأرشيف لكي تتخذ قراراً مماثلاً. ولعل المسؤولين عن الأرشيف سيتسببون بالازعاج بالنسبة للمنكرين.

لقد تحرك الإعلام التركي بهذ الصدد. وتوجهت صحيفة “الوطن” التركية للمسؤول عن الأرشيف في الفاتيكان المونسنيور سيرجيو باكانو لجمع المعلومات.

علماً أن المعلومات الشحيحة المتداولة من الفاتيكان تتميز بوصف وضع الأطفال الأرمن الذين تعرضوا للقتل من قبل تركيا. عدا عن وصف المشاهد المريعة فإن الموضوع المحوري الذي اختاره مسؤول الأرشيف هو الأطفال الأرمن، وهو الذي سيطيح بسياسة الإنكار التركية.

وأمام حقيقة ضمير الانسانية وموجة الاستياء ستتحيّد النظريات التركية التي تدور حول الهجمات المسلحة والضحايا من الطرفين ومساعدة الجيش الروسي والترحيل الجماعي.

إن الإنذار الذي يأتي من مركز العالم الكاثوليكي يمكن أن يكون له معنى كبير حيال الجهود المبذولة لإثبات حقيقة الأبادة وأحقيتها.

الواضح أن أرشيف الفاتيكان سيسرق الأضواء من الباحثين في هذا المجال. وبالنسبة للجانب الأرمني فهذه الحقيقة المهمة ستعيد القناعة بأن مرحلة الوثائق مكتملة وحان الوقت لتركيز الجهود باتجاه قوننة التعويض.

10 تموز 2011

شاهان كانداهاريان

رئيس تحرير جريدة “أزتاك” – بيروت

Share This