من كتاب “حبّة الرمَّان-مائة قصيدة حبّ أرمنيّة”

ناهابيد كوجاك،
ترجمة: مهران ميناسيان

 

عندما قَدِمَ الحبّ إلى الدنيا
جاء وحلّ في قلبي،
ومن قلبي
فاض إلى بلدانٍ كثيرة من العالم.
ثم صَعِد إلى رأسي
فتبوّأ مكانةً من عقلي،
وحين سأل عينيّ دموعاً
انهمرت الدموع دماً إلى القاع.

* * * * *

أنا العين، وأنتِ نورُها يا روحي،
والعين عمياءٌ بلا نورْ.
أنا السمكة، وأنتِ الماء يا روحي،
ولا حياة للسمكة بدون الماءْ.
عندما يُخرجون السمكة من الماء
ويضعونها في ماء آخر فهي تعيش،
أمّا حين يُبعدونني عنكِ
فلا مفرَّ من موتي.

* * * * *

– من الأم التي ولدتكِ ؟
ومن المرضعة التي غذَّتكِ بلبانها ؟
– ولدتك أيلة جبيلة شرود
وغذَّتكِ الشواهين الأنوفة،
ومن صدره سقاكِ القمر المنير
وغذَّتكِ الشمس لبانها،
وكانت الرياح تهزّ سريركِ
بينما تُهَدهدكِ القديسات البتولات بالترانيم لتنامي.

* * * * *

أقول هنيئاً للعاشق الذي
يخطتف معشوقته ويهرب بها،
وحالما يَعْبُر النهر
يفيض الماء ويَهدم المِعبرْ،
وتأتي الظباء والأسماك
لتمحو آثار أقدامِهما،
يأخذها، ويدخل بها الروضة
ثم يقبِّل شفتيها في نور الصباح.

* * * * *

تعالي، أعطيكِ رمَّانة
فافتحي قلبها، واحسبي كم حبَّةً فيها
وامنحيني مقابل كل حبَّةٍ قبلة،
وإن زدتُ على ذلك فهو حرام عليَّ.
– ابعد عن طريقي أيُّها الشقي الأحمق،
خيَّبت ظني وثقتي برزانتك.
تريد مني مقابل كلَّ حبَّة قبلة ؟!
أين كان ؟ وأنّى يكون ذلك ؟

* * * * *

لكِ عينان وحاجبان سوداوان
وجبهة واسعة وخدٌ أحمر،
وبياض أخّاذ ساحر
ونهدان صغيران كشُمَّامتين.
مآلك الفناء، ومصيركِ الموت،
وصدركِ الأبيض ماذا ستفعلين به ؟
مصيره سيكون وليمة للديدان
فلِمَ تحرمينني منه ؟

* * * * *

كان عليَّ أن أكون خُطَّافاً صغيراً
لأبني عشي في منزلكم،
ليفقس بيضي فراخاً
وأزقزق مرحاً، لأشبع من حبّكِ،
ومن الصباح إلى المساء
أتملّى وجهك،
وعندما يحلّ الليل
أتسلَّل إلى صدركِ،
ثم أغفوا من الليل
حتى مطلع الفجر،
وفي الصباح أعاود زقزقتي
في عشي،
وبعد أن تشرق الشمس
أتجوَّل في العالم.

* * * * *

في الضحى كان النسر
يصطاد طريدته بمنقاره الأحمر.
وكان ثمّة حجل ينتصب
مزهوّاً بريش غزير حول عينيه،
قال الحجل للنسر:
– لا يكن صيدك في الضحى
فأنا لست صيداً يصاد في النهار
وإنَّما أصاد في الليل المظلم.

* * * * *

– يا حلوتي … أودّ أن أسرّ لكِ بشيء
لكنَّني أخشى والدكِ.
يمنعني من ذلك كونكم أغنياء
وأنا رجل فقير الحال.
– لا بأس عليك أيُّها الفتى الجريء,
فقل ما تريد قوله.
فكم من غني بات فقيراً، وكم من فتاة ذات ثراء
نامت في أحضان حبيب فقير.

* * * * *

أرفع صوتي لأقول فاسمعي مقالتي:
تباركت الأم التي ولدتكِ،
ألم توصك أمّكِ حين ولدتكِ
ألاّ تحرقي العالم.
فلتمتد النار من السماء
إلى الأرض ولتحرقها
لأنَّها تبعدكِ عنّي
وتحرمني من رؤياكِ.

* * * * *

في الليل كنت نشوان،
وبعض من نعاس يحاول التسلل إلى أجفاني.
أسندت رأسي النشوان على الوسادة
فسرت حبيبتي الحلوة إليَّ،
لامستْ بخدِّها ملامسة رقيقة خدّي
وهي تلومني بعتاب:
ويحك، ألا تخجل ؟
عاشق وتنام ؟

* * * * *

يا صاحبي، كذب الذين قالوا:
لا وجود لغير الحجل البرّي.
بالأمس رأيت حجلاً داجناً
فهنيئاً لمالكه،
حاجباه كانا مرسومين بأناقة
والشهد يقطر من فمه،
حين يضع الميت في حضنه
إذا به حي يرزق.

* * * * *

طاحت الفأس بشجرة العلّيق
وبدأت تحصد أغصانها،
فقالت الأشجار بلسانها:
– ما العمل إذا كانت يد الفأس من أخشابنا ؟

* * * * *

سأقوم من مكاني وأودِّعكم
فظلوا مكانكم بخير يا أصدقاء،
سأترك عندكم حبيبتي وديعة
فصونوها بين الورود،
وإذا ما عدت سالماً من رحلتي
فردّوا الأمانة إلى صاحبها،
أمّا إذا قضيت في غربتي
فاقطفوا الورد واذكروا صاحبه.

* * * * *

كنت غصن درّاق
أنبت في الصخر.
جاؤوا، قطعوني وساروا بي
وغرسوني في حديقة الآخرين،
وصنعوا من السكر شراباً
وسقوني منه.
أيُّها الأخوة، تعالوا أرجعوني إلى مكاني
واسقوني بماء الثلوج.

Share This