حلم بول غيراغوسيان يتحقق بعد وفاته متحفا للفن الحديث بإسمه

عاش الرسام اللبناني العالمي من أصل أرمني بول غيراغوسيان طيلة حياته على أمل أن يكون للبنان متحفاً خاصاً للفن الحديث. وتوفي في عام 1993 عن 67 عاماً من دون أن يتحقق حلمه.

وبعد 18 عاماً على غيابه، تم الإعلان الرسمي عن (متحف بول غيراغوسيان للفن الحديث) في منطقة الجديدة، في ضواحي بيروت الشمالية.

وكان المتحف قد أبصر النور عام 2005 على يد نجل غيراغوسيان، الرسام إيمانويل، إلا أن اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وما تلا ذلك من أحداث أمنية، حال دون افتتاح المتحف رسمياً.

وأخيرا جاء الافتتاح الرسمي في 14 تموز/يوليو، على هامش معرض الشرق الأوسط للفن الحديث الذي احتضنه لبنان في قاعة البيال بين 12 و16 تموز/يوليو والذي حضره أكثر من 500 مدعو من حافظي ومدراء متاحف أجنبية.

ويحتضن المتحف أكثر من 70 لوحة من توقيع غيراغوسيان، تسمح للزوار بمتابعة مسيرة الفنان وتطور رسوماته على مدار السنين.

الكثير من الأعمال يعرض للمرة الأولى، لاسيما لوحة (الوداع) التي رسمها قبل ساعات من وفاته.

غيراغوسيان معروف برسوماته الزيتية وأشخاصه بخطوطها التجريدية والتشكيلية، مع ما تميّز به من خلطة ألوان.

ويقول نجل الرسام الراحل إيمانويل للشرفة “فكرة إنشاء متحف للفن الحديث راودت الجيل الأول من الرسامين الانطباعيين والتعبيريين، من مصطفى فروخ وعمر الانسي ووالدي”.

ويضيف إيمانويل “بعدما لم يلق طلب والدي أي تجاوب، وعدته بإنشاء المتحف، إلى حين أن قدّم أحد أبناء منطقة الجديدة، الدكتور جوزف يزبك، أرضاً لبناء متحف خاص لقاء إيجار رمزي في العام 2002. وبدعم من رئيس بلدية الجديدة أنطوان جبارة أقمنا هنغاراً ضخماً يضم محترفاً مخصصا لتعليم الطلاب على الرسم والنحت، وصالتي عرض وجناحا لترميم اللوحات”.

ويقول المدير الفني لمعرض (الشرق الأوسط للفن الحديث) باسكال أوديل للشرفة “المتحف يشجع على أن تكون هناك مبادرات فردية لتعزيز الفن الحديث، خصوصاً وأن بيروت ستكون موقعاً عالمياً للفن العربي”.

بدوره، يثني رئيس بلدية الجديدة جبارة على جهود نجل غيراغوسيان لإقامة المتحف ويقول “هذا المتحف كان حلماً وحققه إمانويل. فأصبح لنا متحفاً لفنان نعتز باحتضان أعماله”.

أما المدير الفني لمتحف الفن الحديث في اسطنبول، الهولندي ستيفان اكيرمان، فيرى أن المتحف من شأنه أن يسلط الضوء أكثر على الحياة الفنية اللبنانية.

ويقول اكيرمان للشرفة “لم أر في حياتي يوماً فناناً موهوباً كما هو. لقد رمى موهبته لوحات مسكونة بالألم”.

وإذ يؤكد إمانويل أن أعمال والده المعروضة ليست للبيع وأنها من مجموعة العائلة الخاصة التي تضم حوالي 400 لوحة، يقول “رسم والدي ما يزيد عن 5000 لوحة زيتية، بيعت جميعها”.

ولوحات بول غيراغوسيان دخلت المزاد العالمي منذ زمن، ولكنها عرفت رواجاً أكبر مع اهتمام مزادات كريستيز وسوثبي بالفنانين العرب. ولليوم، بيع له في المزادات ما يزيد عن 70 لوحة، احداها وصلت إلى 250 ألف دولار.

بول غيراغوسيان الذي ولد في العام 1926 في كنف عائلة أرمنية هاجرت من أرمينيا إلى فلسطين ومن ثم إلى بيروت عام 1948، بدأ دراسته الفنية في معهد إيطالي في القدس، وتابع دراسته في ايطاليا وفرنسا وأميركا. وحصل على جوائز في بينالي باريس وفلورنسا عامي 1958 و1960.

ووفقا لإيمانويل، كان والده أول رسام في لبنان ينظم معرضاً خاصاً له عام 1948.

ويقول “يومها لم يكن هناك من صالات عرض فنية، فأقام معرضه في مقهى (لاباليت) في ساحة الشهداء، فتحمس اللبنانيون لافتتاح صالات عرض، بعدما كان الرسامون مثل الحلاقين، ينتقلون من بيت إلى آخر لرسم الوجوه والمناظر الطبيعية”.

من جانبها، ترى مانويلا الابنة الصغرى للرسام بول غيراغوسيان في زيارة مدراء المتاحف وصالات العرض الأوروبي للمتحف “مناسبة للوقوف على مجموعة من لوحات والدي تعود لمختلف مراحل مسيرته الفنية، لأنهم في المزادات العالمية لا يشاهدون سوى عدد محدد منها”.

وتتأمل مانويلا آخر لوحة رسمها والدها قبل ساعات من وفاته، وترمز إلى الأمومة، وتقول “رسمها باكراً في ذلك اليوم، وكان فرحاً بها. وقال لنا ’وأخيراً رسمت اللوحة التي أريد’”.

والآن لبنان لديه المتحف الذي لطالما أراده غيراغوسيان.

نهاد طوباليان من بيروت لموقع الشرفة

2011-07-22

Share This