العمود الثامن :خطأ إياد السامرائي القاتل

هل إياد السامرائي متهم أم بريء في حادثة عزل مستشار الأمن الوطني في  البرلمان اليكس واركيس من منصبه؟، والذي اثبت التحقيق فيه أن قرار العزل لم  يكن قانونيا، الواقعة التي جرت في العام الماضي تقول إن رئيس البرلمان  آنذاك إياد السامرائي قرر عزل السيد واريكس عن منصبه لأسباب عنصرية وطائفية  تعلق بانتمائه للمكون الأرمني. السؤال الذي طرحته في بداية المقال سواء كان مهما أو لا،

يجب أن تحسمه تحقيقات يجريها البرلمان، فما نحن بحاجة إليه الآن هو أن نصرخ بأعلى الأصوات مطالبين بضرورة التخلص من ظاهرة السياسيين الطائفيين والعنصريين وكل ما يشبههم في المجتمع العراقي.

المسألة بالنسبة لي ليست شخصية، لأنني لا أعرف السيد إياد السامرائي، ولكنني أؤمن بالدولة المدنية التي لا تحركها الميول الدينية والطائفية، وأؤمن بحق المواطن بممارسة شعائره الدينية ومعتقداته على ألا تؤثر على الآخرين ولا تخرب نسيج اللوحة العراقية الأكثر ألواناً من مسلمين و مسيحيين وأرمن وتركمان وعرب وكرد وصابئة وايزيدية، ولهذا كنت ولا أزال اعتقد أن السلوك الطائفي للبعض من سياسيينا أكثر خطورة من كل العمليات الإرهابية التي تعرض لها العراقيون.

ظاهرة سياسيي الطوائف استفحلت بالمجتمع العراقي في السنوات الأخيرة وبدأت تتفشى في قطاعات عريضة، الجانب الجوهري فيها هو كلما أصبحت طائفيا وعنصريا وهددت وقتلت وهجرت وشردت وصرخت وشتمت واستخدمت كل ما لا صلة له بالقانون يمكنك أن تنجح، والأخطر أن الناس قد تهابك وتخاف منك، هذه الظاهرة انتقلت من السياسيين إلى الشارع وبالعكس، وأصبحنا نرى برلمانيين ووزراء يستخدمون الورقة الطائفية لإقصاء خصومهم، ووصل الأمر إلى حد أن تغلق وزارة بأكملها لمكون طائفي واحد لا لشيء إلا لكون الوزير ينتمي لهذه الطائفة أو تلك.

مرة أخرى لا أتحدث عن الأشخاص، بل عن الظاهرة، وللأسف الشديد اعتقدت ــ مخطئا ــ أن السيد إياد السامرائي بوجه البشوش لا يمكن أن يمارس فعلا طائفيا مقيتا مع شخصية تنتمي لمكون آخر ولكن للأسف ثبت أن الصوت الطائفي هو الأعلى دوما وان كلمات مثل التسامح والمواطنة وكل ما لا صلة له بالقانون، التي ظل يرددها السامرائي ومعه عشرات السياسيين طوال الأعوام الماضية لم تصمد طويلا، أمام طموحات زعماء الطوائف.

لعل ما جرى خلال العام الماضي هو أن بعض السياسيين تجاوز الخطوط الحمر حين شجع جماعات متطرفة تريد أن تطرد المسيحيين من العراق وتجاوز الخطوط الحمر، حين أصر على إرهاب الناس باسم الدين، فيما الدين الإسلامي حفظ للمسيحيين أموالهم وأرواحهم، لقد انكشفت اللعبة وخرجت القوى المتطرفة من مغارتها بتشجيع ودعم من سياسيين نافذين، وتبين أن هناك مخططا اكبر مما نتصور، فضيحة عزل السيد واركيس، فضيحة ليست لإياد السامرائي وحده، وإنما هي فضيحة لكل القوى السياسية التي تتشدق بالديمقراطية والدفاع عن الأقليات، من يطالع الخبر الذي نشرته الوكالات عن قضية مستشار الأمن يكتشف أن لا فرق بين الذي جرى في كنيسة النجاة والذي جرى في البرلمان فالهدف واحد “لا مكان للمسيحيين” قالوها تحت سمع وبصر الأجهزة الحكومية التي صدعت رؤوسنا بشعارات الإخوة والتضامن.

لسوء الحظ فإن متطرفي السياسة يصرون على التصعيد الطائفي، ويعتقدون أن إقصاء الآخر والقضاء عليه أولوية تتجاوز كل أولوية أخرى مهما كانت عاجلة،  أخطأ إياد السامرائي حين اصدر قرار عزل موظف حكومي، وأخطأ الموظف واريكس حين تراجع عن الدعوة القضائية التي رفعها بحق السامرائي بناءً على طلب من رئاسة مجلس النواب الحالي، علينا أن نختلف فيما بيننا على أساس السياسة وليس على أساس الطائفة، وعلينا أن نقيم الناس على أعمالهم وليس معتقداتهم وطوائفهم. نريد سياسيين يعتمدون المنطق والحجة والإقناع، لا سياسيين كل مؤهلاتهم أنهم يقصون الآخرين وكل من يختلف معهم.

نتمنى من مجلس النواب ومن كل العراقيين إغلاق مدرسة سياسيي الطوائف وفتح مدرسة المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية.

علــــي حســين

المدى

23 تموز 2011

Share This