تغطية الصحافة حول موقف تركيا من الأحداث في سوريا (آب 1)

مع توالي الثورة في سورية كثفت الصحافة العربية الكتابات حول موقف تركيا من الأحداث في سورية، ونرد بعضاً منها.

فتحت عنوان “الثورة السورية وبذرة أردوغان الخبيثة” كتب طارق حمو بأنه “منذ اللحظات الأولى لاندلاع المظاهرات في سوريا قلنا بان تركيا لن تكتف بموقف المتفرج ولن تكون محايدة في الصراع بين الشعب والسلطة الغاشمة. ولم تفعل تركيا غير ذلك. تابع مجلس الأمن القومي التركي( MGK) كل تطورات الثورة من خلال (غرفة العمليات الخاصة) التي أنشئها واستلم منها التقارير أول بأول. بعد ذلك جرت اتصالات وزيارات كثيرة بين أنقرة ودمشق. كان رجب طيب أردوغان وفريقه في حزب العدالة والتنمية يراهنون على الحصان الرابح. أياً يكن هذا الحصان، سواء كان الشعب أو السلطة. تركيا التي لها عيون داخل أدق مفاصل النظام السوري، حذرت هذا النظام من التفكير في تشكيل “دولة علوية”، كما كررت أوامرها في ضرورة “عدم الاعتراف بالشعب الكردي دستوريا”، ورفض الاقرار بأي شكل من “اشكال الحكم الذاتي” او “الادارة المحلية الموسعة”.

وبعد ذلك استدعت تركيا قيادات تنظيم (الاخوان المسلمين) وسلمتهم أمر التحضير للمؤتمرات المعارضة. توالت سلسلة المؤتمرات. كان الاخوان هم دائما الراعين و”الجهة المنظمة” وانفقوا كثيرا وبسخاء من أمول الحكومة التركية. الضيوف الكرد تم انتقاؤهم بعناية بعد ضوء أخضر من الاستخبارات. تمت دراسة ملفاتهم بدقة. القاسم المشترك بينهم كان العداء لثورة الشعب الكردي في كردستان الشمالية. هؤلاء قبلوا على أنفسهم ان يجلسوا تحت العلم التركي وان يستمعوا الى دروس “الاخوان” ومن لف لفهم. تم طبعا اقصاء كل الحراك السياسي الكردي. لم ينس أردوغان أن ينعت ولادة (مبادرة الحركة الوطنية الكردية في سوريا) في مدينة قامشلو في 14/04/2011 ب”المؤامرة الكبيرة على سوريا”.

حزب العدالة والتنمية التركي حاول شق الصف الكردي منذ اليوم الأول من الانتفاضة السورية. بدأت أموال العوائل السورية الثرية المنافسة لآل مخلوف وآل شاليش تتدفق على بعض الشخصيات المخربة خارج وداخل البلاد، ووصل من هذه الأموال “جزء الجزء” أو “رأس الابرة” كما يقول المثل الكردي، إلى بعض قيادات التنسيقيات. السماسرة نهبوا القسم الاكبر. تجار الحروب يظهرون في كل أزمة.

بدأت المستفيدون من التنسيقيات باطلاق حملة تشويه ضد الاحزاب السياسية وبشكل عام حزب الاتحاد الديمقراطي(PYD)، عدو تركيا اللدود في سوريا. ويجري كل هذا في غفلة من السوّاد الاعظم من الشباب الكردي الوطني المؤطر ضمن هذه التنسيقيات. هناك من يتاجر باسم هؤلاء ويقبض من ورائهم. وبدأت الدعاوي حول رفع العلم السوري ومنع رفع الرموز الكردية. وتصاعّدت هذه الحملة غير البريئة برفع العلم التركي في وسط قامشلو. وربما تورط الكثير من الطيبين الممتلئين حماسة في الموضوع وانضموا الى الحملة ضد حزب الاتحاد الديمقراطي وبقية الاحزاب السياسية الكردية. وبدأ صوت الخصام والتخوين يعلو، وهذا بالضبط ماتريده الدولة التركية، ومايريده النظام الحاكم في دمشق ايضا.

وتحت عنوان “تركيا تستعيد لغة التصعيد ” في الأخبار وعدد من الصحف كتب أنه ما زالت المواقف الدولية والاقليمية من الأحداث في سوريا تتوالى منذ تصعيد السلطات حملتها العسكرية قبل أيام. ووصف نائب رئيس الوزراء التركي بولنت آرينج الأحداث في حماه بـ«الوحشية»، فيما يضغط مشرّعون أميركيون باتجاه فرض مزيد من العقوبات على سوريا
استعادت تركيا لغة التصعيد الكلامي إزاء الأحداث في سوريا. فبعد يومين من توجيه الرئيس التركي عبد الله غول ووزير الخارجية أحمد داوود أوغلو انتقادات حادة لاختيار السلطات السورية تصعيد حملتها العسكرية بالتزامن مع بداية شهر رمضان، خرج أمس نائب رئيس الوزراء التركي بولنت آرينج ليؤكد أن الهجوم على مدينة حماه السورية عمل «وحشي» لا يمكن التغاضي عنه، وأن مرتكبيه لا يمكن أن يكونوا أصدقاء تركيا.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن آرينج قوله للصحافيين «أقول هذا بالنيابة عني. ما يحصل في حماه ليس سوى وحشية. من ارتكبوا هذه الوحشية لا يمكن أن يكونوا أصدقاءنا. إنهم يرتكبون غلطة كبيرة»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن أن نفهم كيف تُرسل دبابات لمواجهة شعب في هذه الأيام من رمضان». وأضاف «أنا أقول للأسد: أنت تقمع شعبك، ولا الله ولا الشعب يحبان القامعين”.

وبعدما أشار إلى أن «رئيس الوزراء (رجب طيب أردوغان) ووزير الخارجية وحتى الرئيس أجروا محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد»، وأنه «أجريت المحادثات على مستوى الوزارات»، قال «لطالما أبلغنا المسؤولين السوريين أن المشاكل يجب أن تحلّ بوسائل ديموقراطية، وأن الإصلاحات يجب أن تنفّذ، وأنهم غير ذلك سينهارون».
وأضاف «الأحداث الأخيرة تظهر أن الدروس لم تؤخذ من هذه الاقتراحات»، قبل أن يعيد التأكيد أن تركيا تريد «سوريا سلمية»، معرباً عن الأمل بأن يعيش الشعب السوري بسلام وازدهار وحرية، ويجدد الدعوة للسلطات السورية إلى الأخذ في الاعتبار مطالب شعبها وتعزيز الديموقراطية.

في غضون ذلك، دعا أعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي إدارة الرئيس باراك أوباما إلى فرض عقوبات جديدة صارمة على قطاع الطاقة السوري، في إطار سعي واشنطن لزيادة الضغوط على النظام السوري. وقال السناتور الجمهوري، مارك كيرك، وهو يقدم مشروع قانون لاستهداف الشركات التي تستثمر في قطاع الطاقة في سوريا أو تشتري النفط منها أو تبيعها البنزين «ينبغي للولايات المتحدة أن تفرض عقوبات مؤثرة رداً على قتل جنود الجيش المدنيين بأوامر من الرئيس الأسد». وانضم إلى كيرك في تبنّي مشروع القانون السناتور الديموقراطي كريستن جيليبراند والسناتور المستقل جوزف ليبرمان الذي قال إنه حان الوقت للحث على«انتقال ديموقراطي يعكس إرادة الشعب السوري».
وفي السياق، تحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» عن أن الإدارة الأميركية تواجه دعوات متزايدة لتشديد العقوبات على سوريا، لكنّ مسؤولين يرون أنه من دون دعم دولي أوسع، فالخيارات تبقى ضئيلة أمام ادارة باراك أوباما، خصوصاً في ظل استبعاد الخيار العسكري.
وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية إن اقناع المجتمع الدولي تطلب جهداً أكثر مما حصل مع ليبيا، مشيراً إلى أن «النزاع في ليبيا أثّر على تعاطي الإدارة الأميركية مع الموضوع السوري بطرق عدة، ما يشير إلى حدود النفوذ السياسي والقوة العسكرية الأميركية في كلا البلدين”.

وبعدما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن ثقل أميركا أقل في سوريا منه في ليبيا، نظراً إلى كون الخيار العسكري مستبعداً، اضافة الى أن سوريا لا تزال تحظى بدعم جامعة الدول العربية وغيرها من الدول، أشارت «نيويورك تايمز» إلى الشهادة التي أدلى بها السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد أمام مجلس الشيوخ.
ووفقاً للصحيفة، أوضح فورد أن العقوبات ضد المسؤولين السوريين بدأت تثمر، مشيراً إلى أن الادارة الأميركية تناقش مسألة فرض عقوبات اضافية مع الأوروبيين كي يكون لها تأثير مباشر، بما أن العقوبات التي فرضتها أميركا بالكاد تقيد التجارة الأميركية مع سوريا. كذلك شدّد على أهمية الاتصالات للسوريين ونقل أصواتهم في الوقت الذي تُمنع فيه وسائل الإعلام الدولية من الدخول إلى سوريا.

إلى ذلك، أعلن متحدث باسم الخارجية الهولندية أن وزير خارجية هولندا اوري روزنتال سيستدعي قريباً السفير السوري في لاهاي «للتحدث معه في شأن الاستخدام المتواصل للعنف العسكري ضد متظاهرين مسالمين»، من دون تحديد موعد الاستدعاء.

أما موقع المنار فقد نشر مقالة لنضال حمادة الذي كتب تحت عنوان مثير “تفاصيل جديدة حول خطة التدخل العسكري التركي في سورية” حول نشر التقرير الذي انفرد فيه موقع المنار يوم الجمعة 14/06/2011 وتحدث عن خطة تركية لتدخل عسكري محدود في سورية، تلقيت عدة اتصالات من دمشق أكدت لي صحة الخبر وان القيادة السورية لديها علم بهكذا خطة منذ فترة، وأنه سيكون هناك رد من جانبها خلال أيام، بينما أخبرني احد الأصدقاء العائد لتوه من طهران حينها أن إيران أرسلت الجنرال سليماني إلى تركيا حاملا رسالة تحذير قوية من مغبة أي تدخل عسكري تركي أو أجنبي في سورية. وقد جاءت نتيجة التحذير الإيراني ردا سورياً عبر إرسال قوات سورية تابعة للواء الحادي عشر في الجيش العربي السوري إلى الحدود مع تركيا، في رسالة لا يغفل أي مراقب عن معناها وفحواها الاستراتيجي في الظروف الحالية المتوترة للعلاقات السورية التركية.

ولفتني يومها حين عودتي إلى باريس ما قاله لي أكاديمي عربي مقيم في فرنسا عن الدور القطري المركزي في هذه الخطة، كما كان الدور القطري محوريا في خطة التدخل العسكري الأطلسي في ليبيا عبر تغطية الموقف الفرنسي عربيا، فضلا عن تنسيق فرنسي قطري أنتج وعدا فرنسيا للثورات العربية بالاعتراف بدولة فلسطينية بحلول أيلول المقبل في عملية استرضاء بعد المواقف الفرنسية المؤيدة لنظامي بن علي ومبارك أثناء الثورتين التونسية والمصرية.

وهذا الدور القطري أشار إليه لاحقا معارضون سوريون في باريس عبر كلام صريح عن ضغوط قطرية مورست على جماعة الإخوان المسلمين في سورية لحضور اجتماع باريس تحت رعاية الصهيوني برنار هنري ليفي عراب الحرب في ليبيا.

وقد عاد خبر الخطة التركية لتدخل عسكري محدود في سورية إلى الواجهة الإعلامية في أوروبا، غير أن المفاجأة جاءت من الجهة التي نشرت هذا الخبر مع تفاصيل جديدة عن الخطة وعن محورية دور قطر في الحرب الليبية وفي خطط الحرب ضد سورية، حيث جاء الخبر بتاريخ 11 تموز الحالي عبر تقرير مطول نشره موقع الجالية اليهودية في فرنسا المقرب من الليكود الإسرائيلي (جويف.اورغ ) والمعروف بمصادره الإسرائيلية الواسعة الإطلاع.

ومن جهة أخرى كتب بسام القاضي تحت عنوان “أردوغان : حتى في أحلامك سورية لن تكون شأنا داخليا لعثمانيتك البغيضة” أنه يبدو أن أردوغان باشا قد أصيب بجنون العظمة بعد أن صفق له بعض العرب في تمثيلياته المتعلقة ببعض مواقفه من إسرائيل، فصدق فعلا أنه “عثمان بن ارطغرل” آخر–أول سلطان عثماني، وأنه سيعيد احتلال سورية مثلما ما زال يحتل جزءا منها، وأنه يمثل وصيا على بلد دفع ثمن طرد العثمانيين الذين جثموا على صدر بلدنا لخمسمئة سنة أفرغوه فيها من كل طاقة وامتصوا خيره كما تمتص العلقة الدم…

فأردوغان باشا، العثماني الجديد، أطلق مؤخرا جملة من التصريحات التي تخلى فيه عن ورقة التوت التي غطت سابقا حقيقة نظرته لسورية والسوريين بادعاءاته الحرص والقلق على حقوق الإنسان في سورية، فيما جيوشه تغتصب حقوق الإنسان في شرق تركيا، مثلما اغتصبت جيوش أسلافه دماء الأرمن والأشوريين والسريانيين في مجازر ما زال هو شخصيا يدافع عنها، ومثلما اغتصبت دولته حقوق الإنسان في دعمه وإشعاله معارك دامية حصدت الآلاف بين أذربيجان وأرمينيا في حلم لتمديد الدولة العثمانية فتقضم أذربيجان، ومثلما سحقت دولته الشيوعيين اليساريين حتى القتل، ومثلما سحقت سجونه مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين عانوا من تعذيب وصل حد الخوزقة في الماضي….

وفيما لم تتردد حكومته في أن تستخدم جيشها العرمرم لقتل وتشرد في شمال العراق، بل أنها سبق أن دفعته ليقتل ويشرد في شمال سورية أيضا، حرصا على “حقوق الأكراد” في… الآخرة!..

قال أردوغان باشا، بالبذلة السموكن التي لا تليق به: “ما يحدث في سورية يهم تركيا وكأنه شأن داخلي”، ويقصد طبعا: وكأنه شأن داخلي تركي!! فأية وقاحة بلغت بهذا العثماني الجديد؟ لم يتجرأ أحد من عتاة الطامعين بسورية على أن يستخدم هذا التشبيه يوما، لا في الماضي، ولا في أزمة الحاضر، فكيف تمكن من أن يفعل ذلك عثماني جديد يحلم بدولة خلافة يسكن فيها قصور هارون حافلة بالجاريات والأطايب؟!

في الواقع أن ما حدث بسيط وسهل: فالعثماني الجديد صاحب بدلة السموكن تهيأ له أنها فرصة تاريخية الآن ليؤكد أنه دركي جيد في المنطقة، خادم جيد وعبد مطيع للناتو والاتحاد الأوربي، وبالتالي فإن على أسياده أن يفكروا به كقوة حقيقية في المنطقة موازية لإسرائيل، بل ربما أقدر منها على ضبط الرعاع وقيادتهم إلى المراعي الغربية
..

ومع إضافة ثلة من المجرمين الذين يخططون لديمقراطية تسحق نصف سكان سورية النساء تحت تصوراتهم الدينية المريضة، وتعتبر كل من هو ليس على مقاسها المسيحيين مواطنين درجة ثانية سيدفعون جزية بهذه الطريقة أو تلك (الأخوان المسلمون)، ويسنون الأسلحة لذبح كل من لا يطابق تصوراتهم فيكون عبدا لدين ما (اللاديينين مثلا)، ويشيعون قتل النساء باسم الشرف (هو ما دافعوا عنه علنا)، ويشرعون جعلهن حيوانات جنسية منجبة وممتعة لهم (وأيضا دافعوا عنه علنا)، و.. و.. هذه الثلة التي باعت وطنها للعثماني الجديد مقابل أن يسمح لها بعقد مؤتمر تآمرية تحاول من خلالها استجلاب الدبابات الغربية فتنصب كراسي سلطتها على إيقاعها..

ومع حقائق أعلنتها الجيوش الغربية بأن صراعها مع النظام السوري ليس من أجل حقوق الإنسان ولا الديمقراطية، وإنما هي فك علاقته مع إيران، وتخليه عن حزب الله وحماس، وجلوسه مباشرة على طاولة الاستسلام مع إسرائيل بدون شرط أو قيد، وفتح سورية لشركات “بلاك ووتر” التي عرفنا إنسانيتها جيدا عبر العالم خاصة في العراق، وفتح أسواقها على مصراعيها للبنك الدولي الذي بتنا نعرف جيدا أهدافه الحقيقية في تنمية الشعوب…
تبدو اللوحة واضحة تماما: مهازل أردوغان باشا في قضية أسطول الحرية، ثم مهازله اليوم بادعائه البكاء على ضحايا العنف في سورية، ليس لها سوى حقيقة واحدة: “سورية هي شأن داخلي تركي”! هي “ولاية” تركية! هي “سنجقدار” تركي! هي جزء من الامبراطوية العثمانية البغيضة!

فهنيئا لكم أيها الديمقراطيون من ميريلاند إلى استكهولم إلى باريس وبيروت.. هنيئا لكم أيها المجرمون باسم الدين وباسم الديمقراطية وباسم الحرية بيعكم سورية لسلطان جديد مقابل كرسي لن تحصلوا عليه أبدا.. هنيئا لكم تحولكم من تجار شعوب وتجار دماء شعوب..
هنيئا لكم أيتها “النخبة” الفارغة فراغ الطبول وأنتم تصمتون عن ما يجري في بلدكم وحوله، غارقين في تصوراتكم التأملية عن ما بعد التاريخ… وهنيئا للسوريين والسوريات أنهم سيبنون سورية ديمقراطية وحرة وآمنة ومستقرة، بعيدا عن الغيلان التركية والفارسية، الأمريكية والفرنسية، وخاصة بعيدا عن غيلان الدين ووحوشه التي بدأت تسن أسنانها التي ستلتهم أجسادها الخاصة حين تكتشف نهائيا أن سورية ليست للبيع.

وتحت عنوان “علامات استفهام على تركيا” كتب اياد مرهج في صحيفة السفير أننا نحن كمطالبين بالإصلاح نتفق معك حول نوعية المطالب التي يريدها الشعب السوري من حرية ومساواة وعدالة وديموقراطية، ولكن نحن لا نريد أي ديموقراطية مستوردة، لأن تجاربنا القديمة والجديدة علمتنا دروساً بالغة الأهمية، وأنتم سيدي لديكم المعرفة بجميع الديموقراطيات المستوردة ماذا فعلت في العراق على سبيل المثال لا الحصر، وماذا أنتجت من قتل ونهب ودمار وعدم استقرار حتى هذه اللحظة.

الثورات في تونس ومصر واليمن لا توجد فيها مجموعات مسلحة مدعومة بالمال والأسلحة وبالإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، باختصار حرب عالمية غير مسبوقة في تاريخ الأمم، أما البحرين والسعودية وقطر فهناك تعتيم غير مسبوق أيضاً على ما يحدث هناك، والذي يقوم بهذا التعتيم ويديره هم أنفسهم الذين يطالبون سوريا بالتغيير والإصلاح!
لم نجد حتى الآن دولة واحدة تريد الخير لسوريا لوجه الله تعالى فكل دولة تعلن موقفها وفق مصالحها الصغيرة والكبيرة، الداخلية والخارجية، لما يتفق مع تطلعات الحزب الحاكم في كل دولة لذلك سيدي الكريم الموقف التركي عليه علامات استفهام كثيرة.
فصدقية وعدم خداع أحد لا يتمثل بإقامة معسكرات قبل اسبوع من لجوء أي شخص إلى تركيا! ولا تتغير المواقف والتصريحات بين يوم وآخر، حسب نتائج الداخل السوري؟ ولا ينصح بطريقة الأمر! ومن يتبنّ القضايا العادلة لا يستغل أحداث سوريا لإعادة الدفء بالعلاقة مع دولة لا تعرف معنى الحق والعدل! ولا يلغي رحلة مرمرة إلى غزة!
نعم هناك قضايا مشتركة بيننا ومصالح مشتركة بيننا ولكن لم نقرأ في التاريخ أن تركيا أعطت فرصاً تاريخية لأي دولة لا اليوم ولا بالماضي أيام الإمبراطورية العثمانية. ولم نعرف أن تركيا عالجت قضية الأكراد وقضايا أخرى بنثر الورود والأرز فوق الرؤوس؟!
هل تقصد بحلول القوى الكبرى والدولية كالحل العراقي أو الليبي أو السوداني أو اليمني مثلاً؟ فإذا كان الأمر كذلك فلنستعد جميعاً، نحن وأنتم، لدمار شامل وكارثة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأمم. لا أحد في سوريا يريد الظلم والقهر، وآن الأوان أن نعيش بكرامة، ونحن واثقون بأن الإدارة الغربية لن تكون إلا مع الأقوياء فقط، ودليلنا هو عدم تطبيق أي قرار صادر عن الأمم المتحدة على أي دولة قوية.

الفرصة الذهبية التركية والسورية هي التعاون بصدق حقيقي ومساعدة حقيقية والنظر بمنظار الحق والعدل لأن ما بيننا أكثر من علاقة جوار وحدود مشتركة، ويجب علينا أن نعي بحق أنه مهما تقاربت تركيا مع اسرائيل، لن تكون اسرائيل دولة صديقة لتركيا، مهما فعلت، فالذي يبني على الباطل لا يعرف الحق والعدالة، والعاقل من اتعظ بغيره.

وعلى شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية كتب محمد ح. الحاج بعنوان “علاقات الجوار ” الأخوية “. .!! الحكومة التركية بين المصداقية للشعارات والتآمر مع الغرب ضد الجوار ..وقال: كان لافتاً منذ بداية الأحداث في الشام التغير الكبير في نبرة الخطاب التركي الرسمي , خطاب لم تسمعه الحكومة السورية من قيادات الدول الشقيقة أو الحليفة ،.. وتركيا ربما تعتبر نفسها من ضمن هؤلاء , الخطاب التركي الذي استظل يافطة النصائح جعل المراقبين في سوريا ,والكثير من المهتمين يتساءلون : ماذا وراء الأكمة .؟. وكثيرون بدءوا البحث في مواقع نشر الفضائح والأسرار التي يتصيدها اختصاصيون وأخيرا ً ….

تمكنت إدارة جيش سوريا الالكتروني من العثور على نص الاتفاق الموقع بين فرنسا وتركيا و الذي حمل اسم ( اتفاق جوبيه – أر دوغان) و ذلك بعد أن نشرت نسخة منه على موقع فرنسي. يقول الفرنسيون أن الاتفاق يعود بالفائدة على الاتحاد الأوروبي وفرنسا وتركيا , وكان حريا بهم الاعتراف بأنه يخدم بالدرجة الأولى المصالح الصهيونية وذلك جلي في النص والفقرة الثالثة منه.

-يؤكد نص الاتفاق أن فرنسا ساركوزي وجوبيه هي مجرد تابع صغير وأداة في يد محفل الشرق الأعظم , لتحقيق التطلعات الصهيونية ومخططاتها بعيدة المدى في منطقتنا التي يطلقون عليها الشرق الأوسط الجديد أو الكبير , وما المطالبة بموافقة تركيا على إقامة قاعدة أمريكية في منطقة دير الزور إلا إثبات ودليل قطعي على هذا التوجه , والثمن هو السماح لتركيا بوضع يدها على منطقتي حلب وادلب ، مقابل الموافقة على أن تضع بريطانيا وفرنسا أيديهما على ما بقي من الشام (وكأنها أرض سائبة…!

-الآن وبعد افتضاح أمر الاتفاقية , يدرك الشعب السوري أبعاد ما حصل في جسر الشغور وبعض ريف ادلب من مجازر وعمليات تهجير  طوعي تحت الإغراء , وقسري , وأسباب منع عودة المهجرين ’ وربما يبقى الكثير منهم رهائن لأسباب نبينها لاحقاً.

-كادت العملية المخطط لها في الشمال أن تنجح لولا أن تنبهت القيادة لما يحصل , فخططت على جناح السرعة ونفذت عملية مخلب النسر فأغلقت الشريط الحدودي في المنطقة بوجه التسلل قبل مداهمة جسر الشغور والقرى المحيطة , وهذا لم يكن متوقعاً فسقط في قبضة الجيش العديد من الضباط الأتراك والجنود إضافة إلى العملاء المسلحين وربما الإعلاميين من جنسيات مختلفة وقد أسقط في يد القيادة التركية فتغيرت لهجة وزير الخارجية وتجري الاتصالات حثيثة لزيارة دمشق وتسوية المسألة , من هنا نقرأ تأخير عودة من أسموهم لاجئين وربما يبقى بضعة آلاف رهائن لحين انجاز تسوية ، وربما المطلب الأول للحكومة التركية أن تستمر الحكومة السورية على رصانتها فلا تكشف المزيد من المعلومات عن عمليات جسر الشغور ,…. وهكذا بقيت عملية مخلب النسر طي الكتمان إضافة إلى العمليات اللاحقة .

-كم هو مهم لتركيا أن تنضم للاتحاد الأوروبي , وتبيع دمشق في سوق مزاد فرنسي …؟.

-فشلت فرنسا في تعهدها لأر دوغان كي يفوز في الانتخابات الأخيرة بما يمكنه من تعديل الدستور , هل هذا سبب لتغيير دفة السياسة التركية أم هناك أسباب أخرى .؟.

-دمشق التي فتحت الأبواب مشرعة أمام المصالح التركية , اقتصاديا وسياسياً وصولاً إلى أقاصي الخليج , وقد تكون العائدات التركية أكثر بكثير من الوعود الفرنسية …. 45 مليار يورو وعلى دفعات , ونعلم أن الغرب يوجد الذرائع للتنصل من التزاماته ، مع ذلك تبيعها تركيا في سوق المزاد الغربي , على وعد وضع اليد على الشمال السوري وكأنها لم تكتف بما سلبت من أراض في كيليكية وديار بكر واسكندرون , ونذكر أن ذلك حصل بدعم ومباركة الغرب وفرنسا بالذات , هل بلغ التفكير التركي هذا المبلغ من التواضع ليعتقد أن من السهولة وضع اليد على أجزاء من سوريا ، ونسي أن دون ذلك الموت الزؤام وأنهار من الدماء .

-يقول القدماء في قريتنا : عدو جدك ما يودك… نتمنى أن يخرج الأتراك من عدائهم وأطماعهم في أراضينا , على الأقل أن لا يمارسوا عكس ما يجهروا به .

ملحق أزتاك العربي

آب 2011

Share This