الموقف المعارض للأرمن
أمام بروتوكولات التطبيع بين تركيا وأرمينيا

بيروت– التقى رئيس جمهورية أرمينيا سيرج سركيسيان في فندق “حبتور” قيادات الأرمن وزعماءهم ووزراءهم ونوابهم ليشرح لهم بنود البروتوكولات المزمع توقيعها مع تركيا ويستمع الى وجهات نظرهم واقتراحاتهم. إنه اللقاء الرابع بعد سلسلة لقاءات عقدها سركيسيان مع الأرمن في باريس ونيويورك ولوس انجلوس. ولذلك نظمت الأحزاب والمنظمات والهيئات الأرمنية في لبنان اعتصاماً أمام فندق “حبتور” أثناء الاجتماع.

OCT09_Demo_Protocols_Beirutفي البداية، التقى الرئيس سركيسيان الكاثوليكوس أرام الأول كشيشيان، ثم انتقل ليجتمع مع ممثلي الأحزاب الأرمنية الثلاثة، الطاشناق، الهنشاك، والرامغفار، وممثلي الطوائف الأرمنية: الأرثوذكس والكاثوليك والانجيليين، وكذلك ممثلي الجمعيات والمؤسسات الأرمنية في لبنان وسوريا ومصر وايران ودول الخليج.

والجدير ذكره أن اللجنة المركزية لحزب الطاشناق في لبنان أصدرت بياناً سلم للرئيس، تم التأكيد فيه على أنه كان يفترض أخذ آراء الأرمن في المهجر بعين الاعتبار عند التفاوض مع الأتراك. وأن العلاقات الدبلوماسية وفتح الحدود والمصالح المشتركة بين البلدين هي مظاهر طبيعية لا نتحفظ عليها، لكن استمرار تركيا بإنكار الإبادة الارمنية وعدم الاعتراف والاعتذارعلناً وكذلك صرف النظر عن التعويض لملايين الارمن المنتشرين في أنحاء العالم والاعتراف بالحدود الحالية بين الدولتين ليست إلا مؤشراً للتأزم في العلاقات بين ارمينيا وتركيا. كما شدد البيان على النقاط التالية:

-إن تشكيل لجنة مشتركة من المؤرخين يعرقل مسيرة الاعتراف بالابادة الارمنية.

-القبول بمبدأ وحدة الأراضي التركية هو تنازل عن المطالبة بالأراضي الأرمنية المحتلة وإحياء اتفاقية “كارس” المشؤومة.

-القبول باحترام وحدة الاراضي للدول المجاورة يشمل ايضا حدود اذربيجان مما يعني الرضوخ للشروط المسبقة التركية في حسم قضية ناغورني كاراباغ، خصوصاً وأن فتح الحدود من قبل تركيا يشترط وجوب حسم قضية ناغورني كاراباغ.

وفي النهاية أكد البيان أن الأرمن في الشتات مؤمنون بهذا النضال والتوجه إنطلاقاً من قناعتهم بأن الوجود الأرمني في الانتشار هو من تداعيات الابادة الأرمنية وأنه لا يمكن الدخول في أي تفاوض مع تركيا قبل الاعتراف بالابادة والتعويض للأرمن.

 

وفيما يلي بعض الآراء الواردة في الإعلام العربي حول هذا الموضوع:

طالعتنا جريدة “النهار” يوم الأربعاء في 6/10/ 2009 بالعنوان التالي “تحركات شعبية وإقفال اليوم احتجاجاً على البروتوكول مع تركيا، سركيسيان في بيروت اليوم لإقناع قادة الأرمن بجدواه”.

حيث كتب بيار عطاالله: ” اليوم هو يوم حداد وغضب واقفال في برج حمود والمناطق والمدارس والمعاهد الارمنية، والسبب ليس استنكاراً لزيارة مسؤول تركي بل لمناسبة زيارة غير عادية للرئيس الارميني سيرج سركيسيان الى بيروت للقاء ابناء الطوائف الارمنية في لبنان ومحاولة اقناعهم بجدوى المعاهدة الارمينية – التركية التي يفترض ان توقع بالاحرف الاولى في 15 الجاري لـ”تطبيع” العلاقات بينهما. والارمن الذين اعتادوا الاحتشاد ترحيباً بكل قيادي آت من وطنهم الام، ينتظرون الرئيس الارميني هذه المرة بصيحات الغضب والاستهجان، في ما يمثل سابقة تاريخية بين الشعبين اللذين لم يعرفا في تاريخهما المشترك الا الحروب والمجازر التي كان الارمن ضحيتها، وادت الى ما يعرف بـ”الابادة الاولى في القرن العشرين” وطاولت مليوناً ونصف مليون ارمني في انحاء ديار بكر التي يطلق عليها الارمن اسم ارمينيا الغربية ويطالبون بحقوقهم فيها.”

أما عن رأي الزعماء السياسيين الأرمن في لبنان فقد أوردت “النهار” أن “الوزير في حكومة تصريف الاعمال جان اوغاسبيان المعارض للمعاهدة أكد أنه سيشارك في الاجتماع للاستماع الى وجهة نظر الرئيس الارميني كونه من الداعين إلى التعاطي بعقلانية مع ما يجري توصلاً الى حل لهذه المعضلة، مع تشديده على ان المعاهدة تقطع الطريق على كل مطالبة دولية لتركيا للاقرار بمسؤوليتها عن المجازر. ويرى ان الاعتراف بالابادة واستعادة الحقوق او تعويض الضحايا يجب ان يسبقا “تطبيع” العلاقات بين تركيا وارمينيا. وفي كلام الوزير أيضاً ان لا تفريق بين متطرفين ومعتدلين في مسألة الابادة بل الاهم هو تداعيات المعاهدة على الوضع العالمي للقضية الارمينية.

الأمين العام لحزب الطاشناق هوفيك ميخيتاريان هو الآخر من أشد المعارضين للمعاهدة، وهذا موقف طبيعي من حزب استندت كل عقيدته وقضيته الى الدفاع عن القضية الارمنية وتعبئة الرأي العام من اجلها. وهو يلفت في هذا الصدد الى أن ثمة نقاط في المعاهدة تحتاج الى تفسير، منها احالة موضوع المجازر الارمنية على لجان المؤرخين للتحقيق فيها، وفي رأيه ان ذلك يمثل تشكيكاً في كل القضية الارمنية. ثانياً، مسألة التعويضات لأسر الضحايا ومن تبقى منهم، واخيراً ملف ناغورني كاراباخ الخطير جداً من وجهة نظر الارمن والذي يعني التفريط به تنازلاً عن اراضٍ ارمنية.

الخشية واضحة لدى ميخيتاريان من تأثير المعاهدة على الرأي العام العالمي لجهة عرقلة الجهود لانتزاع الاعتراف بالابادة، وهو لا يتردد في اعلان ان حزبه لا يوافق على السياسة الخارجية لدولة ارمينيا، فالطاشناق في نهاية المطاف هم من معارضي الرئيس والسلطة، وهو لذلك يعد بمزيد من التحركات التصعيدية قبل توقيع المعاهدة وبعد توقيعها.”

أما جريدة “السفير” فقد نشرت يوم الأربعاء في 7/10/2009 مقالة لدنيز عطا الله حداد تحت عنوان: “انقسم الأرمن بين حقهم «في التاريخ» وحقهم “في المستقبل” / سركيسيان يستمع إلى أصوات «الدياسبورا» المعترضة. حيث تقول: ” لم يكن الرئيس الارميني سيرج سركيسيان يتوقع استقبالاً حارا من «ابنائه» اللبنانيين ذوي الجذور الارمنية. كان يعرف ان اعتراضهم على المعاهدة ـ البروتوكول المنوي توقيعها مع تركيا لا يقل عن اعتراض سائر «الدياسبورا» الارمنية التي التقاها، سواء في الولايات المتحدة الاميركية او فرنسا او غيرهما. لكنه اختار ان يخاطبهم مباشرة وان يحاورهم في محاولة لاقناعهم.

تواجه «الحقان». حق ارمينيا واهلها المقيمين في تأمين مصالحهم والبحث عن سبل لتحسين مستوى حياتهم وآفاقها الضيقة، و«حق» الاعتراف بمجزرة طالت مليون ونصف المليون ارمني والتعويض على من تهجروا من ارضهم وبيوتهم وناضلوا عقودا في سبيل قضيتهم.

“أيها الرئيس انك تغامر بالشرف الارمني. تاريخنا ليس للبيع”. “ايها الرئيس فاوض الاتراك.. على الاعتراف بالابادة”. هكذا لخصت اللافتات التي رفعت في استقبال الرئيس امام فندق «الحبتور» رأي الارمن اللبنانيين بالمعاهدة. كتب المشاركون في التظاهرة امام الفندق بلغات ثلاث: العربية والانكليزية والارمنية. كتبوا «لا» كبيرة بالارمنية على علم اسود كي لا يخطئ الرئيس والوفد المرافق القراءة. كان هذا هو العلم الوحيد خارج علم ارمينيا المرفوع. فالاحزاب الارمنية، كما الجمعيات والهيئات، حضرت عبر ممثلين عنها تحت علم واحد. هي من اللحظات الجامعة. علت المصلحة الارمنية على الخلافات اللبنانية الضيقة. حلت «ارمينيا اولا» ومطالبها بالارض والسيادة والاعتراف بالابادة.”

وفي النهاية تتساءل الصحفية: ” في الداخل كان موقف الطاشناق شديد التصلب. جاراه في ذلك حزبا «الهنشاك» و«الرامغفار». وحدها «الجمعية الخيرية الارمنية» كانت داعمة لموقف الرئيس الذي تحدث مطولا عن الوضع الانساني والمعيشي الصعب للارمن في بلادهم. لكنها تمنت ان يتم اشراك الارمن المنتشرين في المفاوضات قبل توقيع البروتوكول لانهم المعنيون مباشرة بالمجزرة والتهجير وتبعاتهما فوافق الرئيس على اشراك وفد منهم في اللجنة.

“لا للتطبيع وفتح الحدود”، لافتة انتقلت من يد الى اخرى. اصحابها يؤمنون بها. هؤلاء ارمن لبنانيون او سوريون او عراقيون او ايرانيون. ترى، ما هو رأي الارمن المقيمين في ارمينيا؟ “.

نشرت “الحياة” تحت عنوان ” أرمن لبنان يرفضون البروتوكول مع تركيا” وأفادت “أن زيارة الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان للبنان لشرح مضمون البروتوكول الذي يزمع توقيعه مع تركيا في 10 تشرين الأول (اكتوبر) الجاري، للأرمن اللبنانيين، قوبلت باعتصامات رفضاً لهذا البروتوكول. وعقد سركيسيان الذي غادر لبنان أمس إلى روسيا، سلسلة لقاءات مع الأحزاب الأرمنية الثلاثة: «الطاشناق» و «الهنشاك» و «الرامغفار» وكاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكاثوليكوس آرام الأول كشيشيان وممثلي الطوائف الأرمنية والجمعيات والشخصيات، وسط احتجاج عارم “.

ومن اللافت العنوان “الرئيس الأرميني في بيروت حوار على الطريقة اللبنانيّة” في جريدة “الأخبار” حيث كتب: “استغرق الاجتماع بين الرئيس الأرميني وشخصيات أرمنية لبنانية أكثر من أربع ساعات، من دون التوصّل إلى تسوية في شأن المفاوضات الجارية بين أرمينيا وتركيا. وقد تزامن الاجتماع مع اعتصام أرمنيّ حاشد تخلّلته شعارات قاسية بحق الرئيس الذي يزور لبنان حالياً . حيث شرح أسباب الغضب إذ قال: ” في 31 آب 2009، صدر بيان مشترك عن وزارتَي خارجية أرمينيا وتركيا يعلن اتفاق البلدين على بدء استشارات سياسية بشأن بروتوكولين، أحدهما يتعلق بتطوير العلاقات الثنائية، والآخر بإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.

هذا الأمر لا يثير استياءً كبيراً في أرمينيا لأن الدولة التي نالت استقلالها عام 1993 كانت خاضعة أصلاً للاحتلال الروسي، ولم تتعرض مناطقها بالتالي للتهجير الذي يقول أرمن الشتات إنهم تعرضوا له في مناطق كانت خاضعة للسيطرة العثمانية ولم يتنازل عنها الأتراك لاحقاً كي يشملها الاستقلال الأرميني. وبالتالي، فإن أرمن الشتات يعدّون أنفسهم المعنيين الرئيسيين بأي تطور في العلاقات بين دولتي أرمينيا وتركيا، لأنهم هم الذين دفعوا الثمن الأكبر قتلاً وتهجيراً ومصادرةً للأراضي والحقوق المادية (علماً بأنّ حضور أحزاب الشتات، وخصوصاً الطاشناق، في أرمينيا ما زال في طور الصعود، ويمثّل الطاشناق 8% فقط من مجلس النواب الأرمني. رغم ذلك، تبدو الأحزاب التقليدية مقتنعة بضرورة تحسين العلاقات الأرمينية- التركية، والتعاون لإنجاز مصالحة تاريخية نظراً للانعكاسات الإيجابية لمصالحة كهذه على القاطنين في أرمينيا. لكن الأحزاب نفسها ترى أن بروتوكول تطوير العلاقات الثنائية، الذي يزور الرئيس الأرميني لبنان لإقناع أرمن الشتات بإيجابياته، يتضمن إجحافاً كبيراً بحق الدولة الأرمينية لا يمكن السكوت عنه”.

وختم قائلاً “: وبعيداً من الشعارات والمآسي الكبرى، تلوح قطبة سياسية مخفية: الرئيس الأرميني يعتقد أن البروتوكولين فرصة لتحرير أرمينيا اقتصادياً من قبضة الشتات الذي تسيطر عليه الأحزاب التقليدية، ولفرض أمر واقع يجعل من القضية المركزية للأحزاب التقليدية جزءاً من الماضي. أما الأحزاب التقليدية، فتجدها فرصة لاستنهاض الناس وجمعهم تحت راية القضية لتعزيز الحيثية في الشتات وفي أرمينيا نفسها”.

.ومن جهة أخرى، أوردت “روسيا اليوم” في 7/10/2009 تحت عنوان: “من لبنان يجمعون على رفض المعاهدة الارمنية التركية” وأشارت الى أنه “عبر الأرمن اللبنانيون عن موقفهم بهذه التظاهرة، التي نددت بالاتفاقية، واعلنوا أن يوم الثلاثاء هو حزن وغضب. كما تم اغلاق المحلات في جميع المناطق التي يقطنها الأرمن في لبنان، وابرزها برج حمود. وأن لقاءات سركيسيان فشلت في ان تحظى بمباركة ارمن لبنان، فالاعتراف بالمجازر التركية بحق الارمن لا يقبل المساومة ، علما ان ارمن لبنان تعود جذورهم الى الناجين من المجازر التي قام بها الاتراك في ديار بكر وامانوس وغيرها من المناطق في ارمينيا، وهم بؤكدون عدم استعدادهم للمساومة على ما تعرض له اجدادهم، وتبرئة انقرة من هذا الملف الدموي.”

وتناقلت الصحف العربية الخبر بمزيد من التعليقات والصور . فقد أوردت “القبس” الكويتية تحت عنوان: “استقبلوا الرئيس سركيسيان في بيروت بالاحتجاجات ، أرمن لبنان غاضبون من التقارب بين يريفان وأنقرة”.

وختمت المقالة بالأسطر التالية : ” واسفرت المجازر وعمليات الترحيل القسري للارمن خلال الحرب العالمية الاولى مطلع القرن العشرين، عن مقتل نحو مليون ونصف مليون شخص على يد الجيش العثماني بحسب يريفان، فيما تصر انقرة على ان عدد القتلى تراوح بين 300 الف و500 الف.

وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قد أفادت أنه ” استقبل آلاف المتظاهرين الأرمن الرئيس الارمني سيرج سركيسيان بغضب في بيروت الثلاثاء حاملين اللافتات المنددة بسياسته، والمنددة بالتقارب القائم حاليا بين ارمينيا وتركيا والذي يمهد الطريق امام اقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين. وحمل المتظاهرون من رجال ونساء واطفال لافتات كتب عليها “لا للمشروع” و”دم الارمن ليس للبيع” وتجمعوا امام الفندق الذي يقيم فيه الرئيس الارمني قرب بيروت”.

كما أفاد الخبر أن “صدامات محدودة حصلت بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب وتعرض بعض المتظاهرين للضرب بالهراوات لمنعهم من الاقتراب من الفندق. ووقع عدد كبير من الارمن في لبنان على عريضة تعارض تطبيع العلاقات مع تركيا الذي يتم بنظرهم على حساب دماء ضحايا المجازر التي ارتكبها الجيش العثماني بحق الارمن مطلع القرن العشرين”.

Share This