قصيدتان من الشعر الأرمني

تأليف: ماروش

ت.نزار خليلي

شاعرة أرمنية من سورية نشأت ودرست في سورية في المدارس الأرمنية وحصلت على الشهادة الثانوية السورية ثم على إجازة في الأدب الإنكليزي من جامعة حلب وأكملت دراستها وحصلت على شهادة الدكتوراه في الأدب الأرمني من جامعة أرمينية. لها عدة دواوين شعر تتسم كل قصائدها فيها بسمة فلسفية عميقة.‏

من ديوانها الذي يحمل عنوان: “أطرح كلماتي الفجة في الحفلة التنكرية”‏

* ـ حفلة تنكرية‏

في البدء كانت حفلة الأقنعة‏

التي ولدت الاعتذار‏

الذي ولد الكلمة‏

فطارت الكلمة من قناع إلى قناع‏

وحاولت العثور على عيون في المحاجر‏

وعلى نظرات في العيون‏

لكنها تدحرجت مطعونة‏

ووقعت على تلافيف اللسان‏

وعلقت‏

وما كادت تحرر نفسها‏

حتى وقعت جريحة محطمة‏

على أكف في قفازات‏

وجبلت الأكف الكلمة‏

وعجنتها وشكلتها‏

وصنعت منها قناعاً جديداً‏

ونسيت الكلمة دورها‏

نسيت وظيفتها واسمها وهدفها‏

وتحولت هي الأخرى‏

إلى قناع سجين‏

في الحفلة التنكرية.‏

10 ـ7ـ 1969‏

* ـ تقويم سنوي بلا تاريخ‏

عندما يرقص السلاح على نغم الدم‏

والبسمات المتأنقة‏

تتبادل التهاني بحرارة‏

عسكري في الثالثة عشرة من عمره‏

لا يعرف لماذا يقاتل‏

ما في جيوبك لعب مكسورة أو دوامة،‏

وما عندك أيام معينة للدرس والعطلة،‏

وما عندك بابانوئيل،‏

عندك قناع أسود وحسب وضعوه أمام روحك.‏

ما عندك حكاية تهدهد نومك فلقد ضاعت الحكايات‏

حين حشرت الألغام في الأشجار.‏

كل ما عندك هو م 16 زينوا أخمصه،‏

لتكون بطولات قومك مقرونة باسمك حسب العادة.‏

ما عندك من تلعب معه فرفيق لعبك الوحيد هو الموت،‏

يضرب مستخفياً دائماً،‏

“أنا ألعب في الغابة حين لا يكون الذئب هنا..”‏

لكنني لعبت حين كان هناك وطرحت سؤالا:‏

” ـ ذئب، ذئب، يا ذئب أين أنت؟…”‏

فبان منتشيا بأكل الوجوه‏

الشاحبة والأعضاء المقطعة.‏

***‏

“ـ أرسلت لي أمي فاكهة،‏

لم آكلها.‏

هم أكلوها وسخروا من أمي.‏

أردت أن أبكي، طلبت إذناً للتبول.‏

ـ لا تبتعد فأنت تعلم ما قد يحصل.‏

كنت أريد أن أبكي، لكنني أحمل سلاحا‏

أخمصه قصير، نشروه‏

كي يلائم طولي.‏

توجد ألغام.‏

ـ لا… لا.. تبتعد…‏

كنت أريد أن أبكي، ماذا أفعل بالألغام؟‏

سخروا من أمي.‏

ما كنت محصوراً للتبول.‏

ليتني كنت رامبو.‏

واحد من رفاقي أيضاً كان يريد أن يكون رامبو.‏

كانوا قد عرضوا لنا فيلمه.‏

ذهب إلى التبول فكسروا ساقيه،‏

لو حصل لي ذلك أنا أيضاً، فسأعود إلى أمي.‏

أياد خفية، أخذت منك كل شيء،‏

حتى أمك. فلقد أنسوك لذة الحلم بها،‏

فنسيت مع ألمك الجاف عبق صدرها الذي يفوح حليبا،‏

وتشردت بلا سمة ولا اسم.‏

وما زال يطوف في فكرك خيال أسود.‏

أنت تؤمن أنك بساعديك الضعيفين‏

تستطيع أن تحمي ترابك، أو تشتري ترابا بدمك.‏

أما أولئك الذين دفعوك إلى اللعبة،‏

فلا يؤمنون.‏

***‏

سوف تذهب‏

سوف تذهب إلى السماوات من حيث أتيت‏

سوف تذهب والظلمة في عينيك لا تفهم لماذا أتيت.‏

سوف تذهب‏

بجسم نحيل يختزن فلسفة دقيقة الصور‏

ويوماً بعد يوم بدلاً من إيمانك‏

سوف تحتضن الفراغ المميت.‏

سوف تذهب وتبرد تحت التراب‏

لكي يكون خبز الآخرين أكثر سخونة‏

سوف تذهب لتحشر في حفرة ضيقة‏

لكي يكون مكان الآخرين أكثر وساعةً‏

سوف تذهب والشوق إلى أمك في عينيك‏

لكي تكون ابتسامات أمهاتهم أكثر عرضاً‏

ولسوف تذهب وتملأ بجسمك‏

حفرة نتنة كبيرة‏

تموز 1990‏

Share This