انكشفت تركيا: لا يمكن التظاهر بالموالاة لاسرائيل وفلسطين في آن معاً

Sassounian_01يقدم قادة تركيا الحاليون بلادهم بأقنعة مختلفة مثل الأوروبي والشرق أوسطي والعلماني والمناصر للعربي والاسرائيلي، وهم يلعبون لعبة السياسة المحنكة لأسلافهم العثمانيين.

ويبدو في الآونة الأخيرة أن نهاية إحدى تلك الأحجيات التركية قد اقتربت.

فقد استفاق المسؤولون الاسرائيليون بعد سبات ووجدوا أن الحليف الاستراتيجي القديم هو عدو أكثر من الأعداء العرب أنفسم.

وقد كان القادة الأتراك يقومون بنعت الاسرئيليين بأسماء غير لائقة ويتهمونهم بارتكاب جرائم وإبادة. والغريب أن اسرائيل لم تظهر سخطها.

العرض الأخير للعداء التركي كان بإقصاء اسرائيل من المناورات العسكرية، والتي قوبلت بانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية وايطاليا وبولونيا. وبخطوة تثير الاسرائيليين أعلنت تركيا إجراء مناورات مشتركة مع الخصم الرئيس سوريا.

وأعلن رجب طيب أردوغان أنه منع اسرائيل من تلك المناورات نزولاً عند رغبة الجمهور التركي. وأشار البعض أن السبب يعود الى أن الطائرات المشاركة في المناورات قد شاركت في الهجوم على غزة بداية هذا العام.

إنها المرة الأولى التي يقف فيها الجيش التركي الى جانب الحكومة المدنية لاتخاذ موقف ضد اسرائيل.

وتأزم الوضع أكثر عندما عرضت قناة حكومية تركية مشاهد قتل أطفال فلسطينيين من قبل جنود اسرائيليين، مما أزعج اسرائيل.

وردّ وزير الخارجية ليبرمان على ذلك، بأن استدعى سفير اسرائيل في تركيا، واتهم تركيا بإثارة التحريض ضد اسرائيل…

رفض رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو قطعياً لعب أي دور وسيط لتركيا في المفاوضات المستقبلية مع سوريا.

وقال مسؤول رفيع المستوى لصحيفة “هاارتس” أنه يمكن أن تكون الروابط الاستراتيجية لاسرائيل مع تركيا قد “انتهت”. بينما أوردت “جيروزالم بوست” مقتطفات من أقوال مسؤولين اسرائيليين أنه “يتم الآن إعادة النظر في بيع أسلحة متطورة لتركيا”.

وفي الأيام الماضية، تتالت الدعوات الموجهة للرأي العام الاسرائيلي من أجل مقاطعة الأماكن السياحية التركية… حيث سجل عدد المصطافين الاسرائيليين في تركيا انخفاضاً بنسبة 47% منذ شهر كانون الثاني، حسب مجلة “تايمز”.

وأعلن اتحاد المقاهي الاسرائيلية أنهم لن يقدموا القهوة التركية لزبائنهم. وفي سابقة لها، أعلن وزراء اسرائيليين أنهم سيرفضون دعوة حضور احتفالات سفارة تركيا بمناسبة العيد الوطني.

وساند تلك الفكرة العديد من الاسرائيليين المستائين، بأن تعترف اسرائيل بالإبادة الأرمنية تعويضاً عن ذلك.

وقد ذكر رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية “بيسا” “يفريم إنبار” الأتراك بأنهم ما زالوا “بحاجة نفوذ اسرائيل في واشنطن لمنع تمرير قرار يعلن أن قتل الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى هو إبادة”.

وفي خطوة غير مسبقة، قامت حركة طلابية اسرائيلية بتنظيم مظاهرة احتجاجية أمام سفارة تركيا في تل أبيب. حيث قام الطلاب بعرض صور دموية لضحايا الإبادة الأرمنية ووزعوا كتباً للمارة حول الابادة، كما رفعوا لافتات تدعو تركيا للاعتراف رسمياً بالإبادة الأرمنية.

ومن أجل أن تكفر اسرائيل عن ذنبها القديم في الوقوف الى جانب الأتراك الناكرين، ينبغي على اسرائيل أن تؤكد الإبادة الأرمنية رسمياً وتساهم في إقناع بلدان أخرى للاعتراف بها. كما ينبغي على اسرائيل أن تسمح بإقامة نصب تذكاري لشهداء الإبادة الأرمنية في إحدى الأماكن المركزية وتزيل من العقبات التي وضعتها منذ زمن أمام عرض أفلام وثائقية في التلفزيون حول هذا الموضوع.

من المؤكد أن من مصلحة اسرائيل أن تؤازر ضحايا الابادة بدلاً من مؤازرة مرتكبيها.

وبدلاً من أن تحافظ على تحالف غير مقدس مع تركيا، يجب على اسرائيل أن تحث على توافق حل سلمي مع الفلسطينيين بشكل جدي و أن تعيش بسلام مع جيرانها العرب، وبذلك تتحاشى حاجة حصد أفضال نظام تركيا الناكر.

هاروت صاصونيان
رئيس تحرير جريدة “كايفورنيا كورييه”

Share This