سحر الشرق في لوحات الفنان هاغوبيان

ليندا عثمان

عزف على دائرة الشرق يستعيد بها التشكيلي الارمني هاروتيون هاغوبيان سحر الشرق واصوله في مجموعة من الاعمال التشكيلية التي تقدم للمتلقي حكاية الشرق القديم بعذوبته وجمالياته ونقائه، يستعيد الفنان مساحات العمارة والخيول والموسيقى النابضة برومانسية ايام زمان، ويقدم توليفة غنائية من الالوان السيريالية الباحثة في سهول وحكايات الواقع والخيال الباحث عن لغة الجمال.

تميزت أعمال الفنان الأرمني هاروتيون هاغوبيان بسحر الدهشة والغرابة يأخذ من الشرق خصوصيته، ومن الأسطورة والملحمية موضوعه, ومن السيريالية الأسلوب الخاص بالفنان والذي يندرج في سياق الفن التصويرى والهندسي والكولاج.

أكثر من ثلاثين لوحة بالزيت ومواد متنوعة يعرضها هاغوبيان في صالة زمان في بيروت تنوعت مواضيعها بين الحيوان والحصان والفارس، وحمار الوحش كذلك رسم الكلاب والحمار، اضافة الى الثور ووحيد القرن والنعامة، وطائر اللقلاق، مالك الحزين، وغير ذلك من الحيوانات، اضافة الى رسم الوتريات والعود والكمان والناي وحتى الطبيعة الصامتة والرجال والنساء.
لوحات هاغوبيان تحمل السحر وانفعالات الموسيقى وشفافيتها وصخبها، فيها كل الحنين الى الصخب الكلاسيكي في الماضي، كما تمتاز بطقوسية شاعرية لطقوس شاعرية تأخذ من التشكيل الأرمني تاريخية الابداع وأهمية المكان الحقيقي التي تؤكد دور عصر النهضة في ترسيخ الفن بعيداً عن الاستنساخ.

يقول “هاروتيون” القادم من أرمينيا، ان أسلوبه في تأليف اللوحة يقوم على العديد من المعادلات.
فكل مسطح تصويرى عنده هو مشروع نص سردي بصري، تتماسك عناصره, لتؤلف حدثاً دراسياً يوحي بوجود مغالطة مستساغة في تآلف الأشياء، بحيث تضحى علاقة القوي داخل اللوحة علامة استفهام حول المعاني الباطنية لربط مفاصل التاريخ الانساني بهذه الصيغة أو بتلك التي ستبدو شبحية في بعض الأحيان.

وتنقسم اللوحة الى قسمين أساسيين سالب وموجب. ربما يتشكل الجزء السالب بتلك الضربات الارتجالية السريعة والتي قد تصل أحياناً الى حدود الغاء الحالة التصويرية, لكن القسم الموجب والواضح والمتين من حيث صياغته التصويرية يجيء من داخل الذاكرة النهضوية للصورة، “الفارس”، درع الحصان، الباب الروماني الطراز، ملابس النسوة، أو حتى بعض الملائكة، ولقد أتاح هذا التقسيم المباشر للوحة، قيام معادلة نفسية أو ميزان نفسي لدى المتلقي، استطاع بموجبه قبول اللوحة والتعامل معها بقدر من الاتفاق الثقافي.
واخيراً يقول استعمل كثافات لونية في العديد من المناطق الحساسة في لوحته, لأنه أراد أن يقدم عبر هذه الكثافة اعلاناً بحداثة التأليف, والانتماء في بنية النص، الى المغامرة التشكيلية الحديثة, وهي تلك التي تدفع الى تقميش الأعمال بشتي العناصر الأدائية دون الالتفاف الى وحدة المادة التأليفية التي كانت قاعدة من قواعد بناء اللوحة في العصور السابقة.
هناك قدر من السيريالية المبسطة، فالفنان بقدر ما طالع فنون عصر النهضة واستوعبها داخلياً. ارتاح الى السيريالية وانحاز الى المبسط منها، كذلك اللغة التعبيرية والتي هي الغلاف النهائي أو التقميش الأخير للوحة، تجيء عنده متزامنة مع البناء الهندسي العام، كأرضية نظام (بصري يوحي بالعمق أو عمارة ذات مواصفات باروكية ومفردات ذات هندسة بصرية واضحة للغاية.

www.al-seyassah.com

Share This