عيد استقلال لبنان في ظروف محلية وإقليمية متأزمة

independence day 65 - parade

مرة أخرى يحتفل لبنان بالذكرى الـ 68 لاستقلاله في ظروف متأزمة، وقد زاد على الظروف المحلية الصعبة تعقيدات إقليمية ذات علاقة غير مباشرة.

يأخذ “الربيع العربي” المعمم في السياسة الدولية شكل العواصف الشتائية ويضرب أحياناً المحاصيل مثل البَرَد الربيعي.

بعيداً عن هذه النظريات في الأحوال الجوية، ينبغي الإشارة الى أنه بات صراع التوسع في دوائر النفوذ والمطامع الجديدة لامبراطوريات غير معلنة تتكشف بوضوح في التلقائية الشعبية وأبعد منها.

ولكن يجري كل شيء وفق مطالب احترام حقوق الانسان، وشعارات الديموقراطية، ونشر مخططات لتقسيمات جديدة.

أما الى متى يمكن الحديث عن حصاد المحصول الربيعي في ظل هذه الاضطرابات، فيبقى ذلك مشكوك به!.

يتعلق الأمر بالتحريض الخارجي والتدخل المباشر والمساعدات العسكرية. وطالما أن أي تحرك مبني على أرضية محلية والشعب يملك نقطة انطلاق، وأن التحرك الشعبي مبني على مطالب داخلية، فبكل بساطة يجب احترام وجهات النظر وعقيدة التحرك وحتى مطالب تغيير النظام.

تأثر بلدنا لبنان من تحوله الى ساحة للصراع لدوائر النفوذ، وتحمّل عبء النتائج غير المباشرة لتصادم مصالح الدول الكبرى حيث دفع لبنان كثيراً ثمن انزلاقه في صراعات الآخرين.

وقد شهدت الساحة السياسية في لبنان هزات وتوترات وأقطاب لا نهائية، وتكرار للأوضاع المشلولة لنظام الدولة، في حين تعرضت الطبقة العامة في غالبيتها لصعوبات اجتماعية واقتصادية.

أما داخلياً، فظل التعايش اللبناني بين الطوائف والأطياف في حدود النظريات، ودخل في بعض الأحيان ساحة التصادمات. ويظهر الآن أن الأحداث المستمرة في الساحة اللبنانية انتقلت الى المستوى الاقليمي.

في هذه المرة، الساحات السياسية والاجتماعية اللبنانية مستقرة نسبياً. هذا لا يعني أن الخطر بعيد عن بلاد الأرز، وأن الوضع لن ينفجر في اللحظة الأخيرة. من الواضح أن المراكز الخارجية لديها أولويات سياسية أخرى في هذه الأيام، وأن التوجهات لإثارتها بعيدة عن الجانب اللبناني.

فالمشكلة إذاً تكمن في الالتفاف حول الدولة وفي تعزيز الوعي اللبناني الداخلي، وفي خلق إدراك لبناني موحد للحفاظ على خصائص وحقوق الطوائف، والالتفاف حول رموز البلد.

إن غياب نهج الوعي يخلق على الفور أرضية خصبة لدخول المصالح الخارجية والانزلاق الى سياسية تنفيذ مخططات الآخرين.

هذا ما يدفع الى تساؤلات كبيرة حول مبادئ السيادة والاستقلال التي ينبغي الحفاظ عليها كقيم عليا من قبل الدول والشعوب على حد سواء.

ينبغي على لبنان الاحتفال بذكرى استقلاله ضمن هذه الاعتبارات المحلية والاقليمية.

افتتاحية جريدة “أزتاك” الأرمنية

22 تشرين الثاني 2011

Share This