تحالفات جديدة على حساب شراكة قديمة

أدركت تركيا مفاتيح اللعبة في منطقة الشرق الأوسط، ولعبت دور الوساطة بين الأطراف المتنازعة لتتبوأ الدور القيادي في المنطقة.

حيث شهدت تركيا جملة من الأحداث المتسارعة في الشهر الماضي تقع في بوتقة خرق وتجاوز الاعتراضات على عضويتها في الاتحاد الأوروبي. حيث سارعت لتوقيع اتفاق تاريخي مع أرمينيا. وبعد أيام قليلة، ومن أجل تحقيق التكامل التام مع سوريا، عقدت الاجتماع الوزراي الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي المشترك بين سوريا وتركيا. ثم سارعت الى تأمين اتفاق مع العراقيين من خلال توقيع عدد كبير من الاتفاقيات.

بل والأكثر من ذلك، وعلى منوال “المصالحة السياسية”، قام أردوغان بزيارة ذات مسعى إصلاحي الى طهران إحدى زوايا المثلث المستقبلي المتجه نحو شرق أوسط جديد يؤمن توازن العلاقات الدولية في المنطقة من وجهة نظر تلك الدول.

تقارب يسعى لتمكين تركيا من تنفيذ استراتيجيتها في الشرق الأوسط. ولكن الثمن هو تراجع تركيا من حليفتها الاستراتيجية والعسكرية، اسرائيل.

أما عن التعليقات على التحول التركي باتجاه الشرق وباتجاه العرب والاسلام في آن معاً فهي متفاوتة . فالبعض يرى أن تركيا تحاول ايجاد الحلول في المنطقة وأنها تلعب دوراً ايجابياً بين العراق وسوريا، وبين اسرائيل وسوريا .. على اعتبار أنها تنقل رسائل معينة وتقوم بدور الوساطة، حيث طورت هذا الدور لتطرح تركيا اليوم موضوع التطبيع.

لكن البعض الآخر يتذكر سفربرلك، ويتخوف من النيوعثمانية ويرى أن تركيا تلعب على عاطفة الشعوب العربية وأن تلك الوساطة لا تنفع ولن تفعل شيئاً. حيث أن التحالف المرتقب ايران-سوريا-تركيا-العراق يهدف فقط حزب العمال الكردستاني ومسألة الارهاب.

لندع المخاوف الداخلية من تلك التحالفات، ونرى موقف الشريك القديم.

على الرغم من تطمينات وزير الخارجية التركي داوود أوغلو بأنه يجب أَلاَّ يقلق أحد فيما يتعلَّق بتطوّر العلاقات بين تركيا وسوريا حين قال: “فهي لا تعتبر بديلاً للعلاقات مع أي دولة أخرى..”. إلا أن تركيا لم تأخذ شراكتها مع اسرائيل بعين الاعتبار في معمعة التصالح. فقد بدأت اسرائيل تقلق من سياسة تركيا مع دول الجوار. وجاءت الصفعة الكبرى حينما قررت تركيا إلغاء مشاركة السلاح الجوي الاسرائيلي في المناورات العسكرية في تركيا على اعتبار أنها شاركت في جرائم ارتكبت بحق الفلسطينيين الأبرياء. ثم راحت الى أبعد من ذلك، لتقرر إقامة مناورات مشتركة مع سوريا.

ومن جهة أخرى، تحولت الأنظار الى موضوع المسلسل التلفزيوني التركي حول العدوان الاسرائيلي الذي أثار ضجة كبيرة واحتجت عليه اسرائيل.

ومع تراكمات أخرى، فتح باب التوتر بين تركيا واسرائيل بعد فتح باب الصداقة والحدود مع بلاد عربية وإسلامية. وهنا اضطرت اسرائيل لفتح ملفات من تاريخ تركيا مثل ملف الإبادة الأرمنية كورقة ضغط لتتراجع عن موقفها.

وأمام تحالفات جديدة وقوة اقليمية جديدة مثل ايران-تركيا-سوريا، من المتضرر من فض الشراكة؟ تركيا أم اسرائيل؟ وهل انتهى دور الوسيط النزيه؟

كل ما سبق يجعل تركيا تقف أمام اختبارين صعبين: الأول مع الحليف الاستراتيجي اسرائيل، رغم أن توقعات المحللين تشير الى عدم وجود أي تحسن في العلاقات بين البلدين. والثاني مع شريكها الرئيس أذربيجان، مما يضطر تركيا للتفكير بمثلث تركيا-أرمينيا-أذربيجان.

ملحق أزتاك العربي
تشرين الثاني  2009

Share This