طلعت قبل هتلر ولا شرعية توأمة المدن

ينبغي ألا تمر تصريحات رئيس الوزراء التركي المتهورة أمام السلطة التشريعية لبلاده مرور الكرام دون انتباه.

لقد وصلت الحرب الاعلامية-السياسية ضد السلطات السورية التي تشنها تركيا الى ذروتها عندما وصف رئيس الوزراء التركي رئيس سوريا بالقائد الذي يخاف من شعبه وقارنه بهتلر وتشاوتشيسكو.

طبعاً يبدو قائد العثمانية الجديدة هنا جارحاً جداً. من منطلق المصطلحات التي استخدمها في حديثه يمكن التحدث عن قائد يخاف من تاريخه ومقارنة هيتلر وتشاوتشيسكو بطلعت وجمال مع الحفاظ على عقلانية الزمن. لا يملك رئيس الوزراء التركي الحق التاريخي ولا الأخلاقي لإعطاء دروساً مماثلة.

تبقى الورقة الكردية العامل الأساسي في توتر العلاقات التركية-السورية، وتغيير واسع في التقارب من خلال تهديدات تركية والاعلان عن مخططات لإقامة مناطق عازلة في سورية، وتشديد العقوبات، وطلب التنحي.

ومن المثير جداً ما قام به رئيس الوزراء التركي بهدف الظهور بالتسامح حيال الأكراد عندما طلب الاعتذار رسمياً من أكراد محافظة (ديرسيم) بخصوص عمليات القتل التي نفذها أسلافه، بينما تستمر العقوبات والقتل والاعتقالات والملاحقات على كافة الأراضي التركية ضد السكان الأكراد.

وهنا لم يقترح رئيس الوزراء التركي إقامة لجنة للمؤرخين من الأتراك والأكراد لدراسة حقيقة الأحداث التاريخية لكي تصل الى نتيجة. بل اعترف قطعياً وبشكل مفاجئ بمجازر ديرسيم وأبدى استعداده للاعتذار….

إن محاسبة فترة تاريخية معينة تتطلب منطلقات سياسية بحتة، وتتوضع ضمن عمليات حل أو توتر قضايا المنطقة. يبدو أن حرب الحملة الاعلامية التركية ضد سوريا ستستمر بدفع جديد، بينما تستمر سياسة كسب تعاطف الدول العربية الأخرى وسياسة تعزيز أرض خصبة في الأوساط السياسية بنفس الوتيرة.

وفي هذا الاطار علينا رؤية القرار اللبناني التركي المشترك لإعلان توأمة بين المدينتين: بيروت واسطنبول. في حين رؤية القرار ضمن إطار العلاقات بين البلدين والاتفاقيات الموقعة بينهما يمكن أن يكون مقبولاً أكثر من الاطار الأول الذي يحمل طابعاً رمزياً أكثر. ولا يوجد أي تفسير لخطوات مماثلة تعزز صداقات رمزية إضافية، خاصة وأن بيروت هي أيضاً رمز لمجازر تركية نفذت ضد الشعب اللبناني.

فالخطوة هي رمزية وليست قانونية-سياسية. وإلا كان من السخافة إضافة استنبول على شبكة توأمة المدن يريفان-بيروت، حيث أن القادة السياسيين يستمرون في حصار (البلد التوأم) ولا توجد علاقات طبيعية بينهما…

ينبغي على الجانب اللبناني وبالأخص على بلدية بيروت استخلاص هذه الحسابات.

إن هذه الخطوة شئنا أم أبينا هي صيغة لإنكار لبناني في تجاوز فترة زمنية مهمة من تاريخ لبنان.

إن كان أردوغان ينكر الإبادة التي اقترفها طلعت وجمال، فإنه ينبغي على لبنان ألا تتجاهل مغزى نصب الشهداء في العاصمة.

جريدة “أزتاك” الأرمنية

25 تشرين الثاني 2011

aztag-RED_top_01

Share This