لقاء الرئيسين سليمان وسركيسيان والاتفاقيات الموقعة

بدعوة من رئيس جمهورية أرمينيا سيرج سركيسيان قام الرئيس اللبناني ميشيل سيلمان وعقيلته السيدة وفاء والوفد الرسمي المرافق بزيارة رسمية الى أرمينيا.

وعند وصول الرئيس والوفد المرافق الى القصر الرئاسي في يريفان، كان في استقبالهما الرئيس سركيسيان وعقيلته السيدة ريتا.

وفور وصولهما اقيمت مراسم الاستقبال الرسمي في الباحة الخارجية للقصر، حيث عزفت الموسيقى النشيدين اللبناني والارميني واستعرض الرئيسان ثلة من حرس الشرف، قبل ان يصافح الرئيس سليمان اعضاء الوفد الارميني الرفيع المستوى الذي اصطف للترحيب به.

وبعد مراسم الاستقبال، عقد الرئيسان اللبناني والارميني قمة ثنائية في القاعة الذهبية للقصر، استعرضا خلالها العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، اضافة الى الاوضاع التي تشهدها المنطقة ومواضيع ذات اهتمام مشترك.

وفي ختام القمة الثنائية، قلد الرئيس سليمان نظيره الارميني وسام الاستحقاق اللبناني من الرتبة الاستثنائية، فيما قلد الرئيس سركيسيان الرئيس اللبناني وسام الشرف، وهو من ارفع الاوسمة الارمينية.

اللقاء الموسع وتوقيع الاتفاقات


واثر انتهاء القمة الثنائية، عقد لقاء موسع ضم الرئيسين سليمان وسركيسيان واعضاء الوفدين اللبناني والارميني.

وانتقل الجميع الى القاعة الكبرى في القصر الرئاسي الارميني حيث تم توقيع اتفاقات تعاون بين البلدين شملت المجالات السياحية والاقتصادية والبيئية، هي:


– اتفاق برنامج تنفيذي حول التعاون الثقافي للاعوام 2012-2013-2014  وقعه عن الجانب اللبناني وزير التربية حسان دياب.

– مذكرة تفاهم للتعاون في المجال البيئي وقعه عن الجانب اللبناني وزير الخارجية عدنان منصور.
– اتفاق حول التعاون في مجالات التربية البدنية والرياضة والسياسة الشبابية وقعه عن الجانب اللبناني الوزير عدنان منصور.

– اتفاق تنفيذي حول الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة وقعه عن الجانب اللبناني وزير الصناعة فريج صابونجيان.

– بروتوكول تعاون في مجالات المواصفات والمقاييس وقعه عن الجانب اللبناني وزير الصناعة فريج صابونجيان.

– مذكرة تفاهم بين وزارتي الصناعة اللبنانية والاقتصاد الارمينية وقعه عن الجانب اللبناني وزير الصناعة فريج صابونجيان.

– برنامج تنفيذي حول التعاون السياحي وقعه عن الجانب اللبناني وزير السياحة فادي عبود.

مؤتمر صحافي مشترك

ثم، عقد الرئيسان اللبناني والارميني مؤتمراً صحافياً مشتركاً بدأه الرئيس سليمان بكلمة جاء فيها:

“أجريت محادثات معمّقة ومفيدة مع فخامة الرئيس سيرج سركيسيان تناولت سبل توطيد علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين بلدينا وشعبينا في مختلف الميادين؛ إضافةً لاستعراض تطوّر الأوضاع في الساحتين الإقليميّة والدوليّة.

ساد المحادثات جوّ من التفاهم والودّ تعزّزه العلاقة الإنسانيّة المميّزة التي تربط الشعبين اللبناني والأرميني منذ أقدم العصور.

شكرت الرئيس سركيسيان على تأييد أرمينيا الدائم للبنان ولقضاياه المحقّة، وبخاصة سعينا لضمان تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 بجميع مندرجاته بمواجهة الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيليّة المتمادية ضدّ سيادة لبنان وحرمة أراضيه.
واثناء مناقشة هذا الموضوع، تلقينا بأسف شديد خبر التفجير الذي تعرضت له صباح اليوم دورية فرنسية من عداد قوات اليونيفيل في لبنان، والذي ادى الى سقوط عدد من الجرحى الذين نتمنى لهم الشفاء العاجل. وتوافقنا على انه لا ينبغي مطلقاً ان تؤدي مثل هذه الاعمال الى تعطيل عملية السلام او تدفع قوات الطوارىء الدولية في الجنوب الى الانسحاب والسماح لقوى الارهاب معاودة عملها في عواصم العالم. وستعمل القوى الامنية اللبنانية بتضافر جهودها لالقاء القبض على المرتكبين ومعاقبتهم والحؤول دون تكرار ذلك في المستقبل.

وقد أعربت للرئيس سركيسيان عن اعتزازنا بالمساهمة الجوهريّة للبنانيين المتحدّرين من أصل أرميني في الحياة السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة للبنان بفضل مهاراتهم والقيم التي نشأووا عليها، ونظراً لما يسمح به ويساعد عليه النظام اللبناني القائم على الميثاقيّة والتوافق والمشاركة المتكافئة لجميع الطوائف في إدارة الشأن العام في إطار من الديمقراطيّة والحريّة.

تمّ التأكيد على أهميّة العمل على تعزيز ثقافة الحوار والعيش المشترك في مواجهة كافة أشكال التطرّف والعنصريّة والعنف، وعلى ضرورة التعاون والتنسيق على الصعيدين الثنائي والدولي من أجل مواجهة خطر الإرهاب.

تطرّقت المحادثات إلى التطوّرات والأحداث الجارية في العالم العربي وما يمكن أن تؤدّي إليه من تحوّلات تاريخيّة، مع التشديد على أهميّة الخيارات التي تسمح بالانتقال نحو أنظمة ديمقراطيّة منفتحة على الحداثة وتحترم حقوق جميع المواطنين، بعيداً عن أيّ تمييز أو عنف.

كما تمّ التأكيد على ضرورة استمرار المساعي الهادفة لإيجاد حلّ عادل ودائم لقضيّة الشرق الأوسط، وجوهرها قضيّة فلسطين، على قاعدة قرارات الشرعيّة الدوليّة ومرجعيّة مؤتمر مدريد والمبادرة العربيّة للسلام بجميع مندرجاتها، بما يحفظ حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم ولا يسمح بأيّ شكلٍ من أشكال التوطين.

أكدت للرئيس سركيسيان، وأنتم تحتفلون بالذكرى العشرين للاستقلال، وقوف لبنان إلى جانب أرمينيا في سعيها لتدعيم بنيان دولتها، على قاعدة حقّها في الاستقلال والسيادة والتقدّم؛ وأعربت له عن حرص لبنان على أهميّة تغليب فرص الاستقرار والسلام والتنمية في أرمينيا وإيجاد حلول دبلوماسيّة وسلميّة للمشاكل التي ما زالت تعيق تطبيع العلاقة مع بعض دول الجوار، وبخاصةً تسوية النزاع القائم في إقليم ناغورني – كاراباخ، كي تصبح منطقتكم فعلاً جسر تواصل بين الحضارات، كما يتمنى الرئيس سركيسيان، لا خطّاً فاصلاً بينها.
تمّ التوقيع على بروتوكولات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذيّة في مجالات التعاون الاقتصادي والرياضي والتربوي والثقافي والبيئي والسياحي.

كما تمّ التأكيد على الرغبة المشتركة في إيجاد آليّات عمليّة لتطبيق الاتفاقيات القائمة بين البلدين وتوسيع آفاق التعاون بينهما في مختلف المجالات، وتبادل الزيارات، سعياً لتحقيق تعاون متواصل وطويل الأمد يحمل منفعة مشتركة ويأخذ مصالح الطرفين بعين الاعتبار.
شكرت الرئيس سركيسيان على الحفاوة المميّزة التي خصّنا بها طيلة إقامتنا في أرمينيا والتي تعكس عمق الروابط التي تجمع بلدينا، ووجهت إليه دعوة للقيام بزيارة رسميّة إلى لبنان في أقرب فرصة ممكنة.

وتحدث الرئيس سركيسيان فقال: “ان ارمينيا والشعب الارميني يكنان مشاعر الاحترام تجاه لبنان والشعب اللبناني، وعلاقاتهما حارة دائماً. لقد تمكنا معاً من الصمود في وجه الاعداء بجهود مشتركة، وسنواصل العمل لتحسين علاقاتنا.

ان الشعب الارميني لن ينسى اطلاقاً استضافة لبنان وتأمينه الملجأ اللازم للشعب الارميني الذي هاجر بعد المجزرة التي استهدفته، ولذلك فإن لبنان له دور خاص بالنسبة الى ارمينيا التي ترتبط وتسعى الى اقامة علاقات مع العالم العربي.
واشرنا بارتياح الى كون العلاقات السياسية بيننا على مستوى عال جداً في ضوء تبادل الزيارات، واننا نثمن الموقف اللبناني الثابت تجاه ارمينيا. واعربت عن استعدادنا لتعميق التعاون والتعاون في المجالات كافة.

واليوم اضيفت سبعة اتفاقات الى الاتفاقات الـ30 الموقعة بين بلدينا، وهي تعنى بتنظيم العلاقات الاقتصادية، علماً ان لبنان يحتل المرتبة الخامسة في مجال الاستثمار في ارمينيا. ونعمل على الوصول في العلاقات الاقتصادية الى المستوى المنشود، في حين ان العلاقات السياسية بين البلدين مهمة وجيدة.

واوضح ان التعاون اللبناني الارميني قائم في المحافل الدولية في القضايا التي تهم البلدين والاوضاع في المنطقة والعالم.”

ويذكر أن رئيس جمهورية أرمينيا سيرج سركسيان صرح في المؤتمر الصحفي المشترك بأن الشعب الأرمني يعرب عن شكره للبنان الصديق الذي اعترف على صعيد البرلمان بمجزرة الأرمن. وأعرب عن الشكر أيضاً للحكومة اللبنانية والطبقة الحاكمة في البلاد لمساندتها الأرمن في لبنان في إقامة نشاطاتهم المكرسة لمجزرة الأرمن في بيروت في نيسان من كل سنة.

وقال الرئيس سليمان بدوره “نحن فخورون باللبنانيين من أصل أرمني الذين ساهموا بصورة كبيرة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في لبنان”.

اسئلة الصحافيين

وسئل الرئيس سليمان هل ان التفجير الذي استهدف القوات الفرنسية هو لدفعها الى الانسحاب من قوات اليونيفيل؟

فأجاب: ان هدف الاعتداء على القوات الفرنسية هو جعلها تنسحب من لبنان ويعطل فرص السلام، ولكنني اعتقد ان فرنسا التي بذلت تضحيات كبيرة في سبيل لبنان وفي سبيل السلم في العالم لن ترضخ لهذه الاعمال الارهابية. كما ان المجتمع الدولي لن يسمح بعودة الارهاب والعمل في عواصم العالم الكبرى كما فعل سابقاً. ومن جهتنا سنبذل الجهد اللازم حتى نلقي القبض على المرتكبين ونعاقبهم ونمنع حصول اي حوادث مماثلة مستقبلاً. وان الشعب اللبناني بكامله ممتن لجهود القوات العاملة في عداد اليونيفيل وخاصة القوات الفرنسية، ويتمنى للجرحى الشفاء العاجل.

وسئل الرئيس سليمان ايضاً عن مسألة التعاون بين البلدين لا سيما في اطار منظمة التعاون الاسلامي، علماً ان اذربيجان تبذل جهودها لإضافة الطابع الديني على قضية ناغورني كاراباخ لإقناع الدول الاسلامية ان المسألة دينية. فما هو موقف لبنان؟

اجاب الرئيس سليمان: ناقشنا هذه القضية مع الرئيس سركيسيان، وموقفنا واضح من هذه القضية. وقد عملنا دائماً للحؤول دون اصدار اي ادانة بحق ارمينيا في موضوع هذا الاقليم المتنازع عليه. ونحن نتمنى حل هذه القضية وفق الشرعية الدولية، ووفق ارادة حق الشعوب في تقرير مصيرها، كما آمل ان تعمل الدول المنضمة الى مجموعة مينسك ورجال الدين المسيحيين والمسلمين على حل هذه القضية. وعلى الدول الكبرى القادرة، ان تعمل على حل بؤر التوتر في العالم على غرار القضية الفلسطينية واقليم ناغورني كاراباخ حتى يعم السلام العالم اجمع، بحيث تحل قضية الارهاب التي اصبحت قضية خطيرة في كل العالم.

كما سئل الرئيس سركيسيان عن الخانة التي يضع فيها زيارة لبنان كونه بلد صغير ولكنه فاعل على الساحة الدولية، والى اي حدود تطمح ارمينيا للوصول في العلاقات بين البلدين.
فأجاب الرئيس الارميني: نعتبر التعاون بين بلدينا مهماً ويفيد في كثير من المسائل حيث يمكننا العمل سوياً. وان التعاون بين بلدينا على الصعيد الدولي يساعد في حل الكثير من المسائل ونستطيع افادة بعضنا البعض.

وبما اننا مجتمعين صغيرين وفي ظل نظام العولمة، اعتقد ان على المجتمع الدولي ان يضمن امن بلدينا، مع التأكيد على وجوب القيام بحفظ امن البلدين بقوانا الذاتية.
وبعد انتهاء المؤتمر الصحافي، غادر الرئيس سليمان والوفد الرسمي المرافق القصر الرئاسي عائدين الى مقر الاقامة.

مصادر أرمينية ولبنانية

Share This